أرجع عدد من خبراء النقل البحري قرار خط CMA- CGM الفرنسي، ثالث على خط على مستوى العالم في نقل الحاويات، لتحويل بعض سفنه التي تعمل على خط أسيا – أوربا لتكون عبر رأس الرجاء الصالح كبديل للممر الملاحي لقناة السويس، على أنها لأسباب بينها أزمة كورونا وتاثيره على النقل البحري.
وجاء قرار الخط الفرنسي بالرغم من التخفيضات الأخيرة التي منحتها هيئة قناة السويس لخطوط الحاويات العالمية التي تشكل العميل الأكبر للهيئة بين الخطوط الملاحية المتنوعة العابرة لديها، خلال الأسبوع الماضي.
وأوضح الخط أنه سيسلك طريق الساحل الغربي لافريقيا متجها من أسبانيا وذلك كبديل لعبوره لممر قناة السويس، ثم يعبر من المحيط الهندي وبعدها الى السوق الأسيوي .
الدوران حول افريقيا يوفر 250 ألف دولار في الرحلة
ويعد الخط الذي تسلكه سفن الخط الملاحي الفرنسي أكثر طولا عن العبور عبر قناة السويس بحوالي 3000 ميل بحري، ولمدة تزيد عن 3 اسابيع، وهو ما يحمل كل سفينة قرابة 250 ألف دولار إضافية، إلا أن رسوم العبور عبر قناة السويس تكلف كل سفينة من 400 – 500 ألف دولار.
وأعلنت هيئة قناة السويس خلال الأيام الأخيرة خصما وصل الى خصم 45-65 % على فاتورة كل سفينة حاويات تتجه للساحل الشرقي الامريكي قادمة من أسيا، و6% للسفن العابرة الى أوربا.
انهيار أسعار البترول أهم الأسباب
وفي هذا الصدد أشار أسامة عدلي المدير التجاري لشركة وكالة الخليج، أن هذا الإجراء يأتي بسبب الإنهيار الكبير الذي حدث في أسعار ، وخاصة البترول وهو ما جعل كثيرا من الخطوط تعيد النظر في أليات التشغيل وتسلك ممرات ملاحية عالمية أقل تكلفة، مقارنة برسوم هيئة قناة السويس.
وأوضح أن الخط الفرنسي يعد من الخطوط الثلاثة الكبار على مستوى العالم في نشاط الحاويات بعد ميرسك الدنماركي، وmsc الأوربي، وهو بذلك ما يجعل كثيرا من الخطوط تفكر في نفس الاسلوب لتحمل المنافسة التي يمكن أن يكون الأهم فيها هو الخط الفرنسي.
مطالب بإعادة النظر في الحوافز الممنوحة
وتابع أن هيئة قناة السويس كان عليها إعادة النظر في الحوافز التي يمكن أن تمنحها للخطوط الملاحية العالمية في أول أيام الأزمة، خاصة أن الهيئة أعلنت مؤخرا عن ثبات معدلات مرور السفن ، وهو كلام صحيح ، إلا أن معظم السفن التي تمر حاليا عبر قناة السويس كانت من خلال تعاقدات سابقة بقرابة 5 -6 أشهر قبل الأزمة الراهنة.
تخوفات من قيام خطوط ملاحية أخرى بنفس الإجراء
من جهته أوضح محمد كامل، خبير اقتصاديات النقل الدولي، أن الخطوة التي أعلنها الخط الفرنسي قد تلحقها خطوط أخرى خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك توفيرا للنفقات التي تقوم الخطوط الملاحية العالمية بتحملها خلال الفترة الراهنة.
وأشار إلى أن سعر البترول كان العامل الأهم في اتخاذ تلك الخطوة، رغم التخفيض الذي قامت به هيئة القناة مؤخرا، إلا أن التخفيض الذي تم لم يكن بنفس الإنخفاض الذي حدث في أسعار البترول بما يجعل من الخطوط البديلة منافسا أكبر لقناة السويس.
تراجع الطلب جعل من السهل الدوران حول أفريقيا
وأكد كامل أنه بجانب أنهيار أسعار البترول، كان انخفاض معدل الطلب العالمي على البضائع حيث لم يعد هناك ضرورة ملحة لوصول البضائع في الوقت المحدد، وبالتالي أي زيادة في الوقت لتصل إلى 3 أسابيع لم تعد مهمة بالنسبة للعملاء من المصدرين والمستوردين.
ولفت إلى أن السنوات الأخيرة كانت التحالفات العالمية بين الخطوط الملاحية العالمية تقوم بنفس الإجراء، وهو ما يمكن أن يحدث مع الأزمة الراهنة من قيام خطوط أخرى بنفس الإجراء، بما يعمل على ضرورة قيام هيئة قناة السويس بمنح حوافز أكثر لتلك الخطوط، وليس مجرد تعديل في التعريفة الخاصة بالقناة، حيث يمكن أن يتم إلغاء تلك الحوافز مع زوال الأزمة، ومنحها مع عودتها مرة أخرى.
وكانت بعض الخطوط الملاحية قامت بالإجراء ذاته مع انهيار أسعار البترول في أواخر عام 2015 خاصة السفن العابرة من الساحل الشرقي الامريكي إلى أسيا، وقامت هيئة قناة السويس بمنح خصومات أكبر وقتها.
يذكر أن هيئة قناة السويس أعلنت مطلع أبريل الجاري عن تخفيضات لناقلات الغاز الطبيعي المسال، واستحداث حوافز وتخفيضات جديدة لبعض ناقلات الغاز البترولي وسفن الحاويات في رحلاتها البحرية عبر القناة، لمدة 3 شهور.
وقال الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس إن التخفيضات الجديدة تسري على ناقلات الغاز الطبيعي المسال، بتعديل نسبة التخفيض الممنوح لها من ٢٥ % إلى ٣٠ % من رسوم العبور العادية، ومنح ناقلات الغاز الطبيعي المُسال المحملة أو الفارغة العاملة بين الخليج الأمريكي وبعض المناطق بقارة آسيا.
وأضاف أن التخفيضات الجديدة تستهدف ايضا سفن الحاويات القادمة من موانيء شمال غرب أوروبا مضافاً إليها ميناء طنجة حتى ميناء ALGECIRAS والمتجهة مباشرة إلى ميناء PORT KLANG وما شرقه من موانيء جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى منح تخفيضاً وقدره 6% من رسوم العبور العادية.
وتابع أنه تم منح ناقلات الغاز البترولي المُسال (المحملة أو الفارغة) العاملة بين موانيء الخليج الأمريكي والهند وما شرقها تخفيضات تتراوح من 24% إلى 75.
وكان المتحدث الرسمي لهيئة قناه السويس جورج صفوت، علق على القرار قائلا: إن هناك سفينة واحدة أبحرت تابعة للخط الفرنسي عبر رأس الرجاء الصالح، وذلك قبل الإعلان عن التخفيضات الجديدة بمنح سفن الحاويات القادمة من غرب أوروبا الى الشرق الاقصي نسبه الـ 6% والتي تم الإعلان عنها خلال مطلع أبريل الجاري، بينما أبحرت السفينة التابعة للخط في 31 مارس الماضي.
قناة السويس تؤكد : من المبكر الحكم على الإجراء
وأضاف أن الوقت لا يزال مبكرا للحكم على خدمات الخط، خاصة أن ما عبر من خلال الخط البديل هي سفينة واحده، مشيرا إلى أن هيئة قناة السويس برئاسة الفريق أسامة ربيع على اتصال مباشر مع إدارات الخطوط الملاحية للوقوف على طلباتهم وتحقيق المصلحة المشتركة بين الهيئة وعملائها.