لا تزال أصداء تعديل وزارة النقل للقرارين «488» لسنة 2015 و«800» لسنة 2016 الخاصة بمقابل الانتفاع بالموانئ البحرية والنقل البحرى على السوق الملاحية مستمرة.
وقال محمد كامل، الباحث فى شئون النقل الدولى، فى دراسة أجراها عن القرارين وتأثيرهما على قطاع النقل البحرى، إن وزارة النقل برئاسة الفريق كامل الوزير استطاعت اتخاذ تلك الخطوة التى لم يتخذها 3 وزراء نقل سابقين، بالرغم من المطالب المتكررة من السوق الملاحية بضرورة إجراء التعديل.
وأضاف «كامل» أن القرارين «488» و«800» كانا قد تم إصدارهما بصيغة أضرت بالمجتمع الملاحى المصرى، وأثرت سلبا على علاقاته الدولية، وكان من أبرز آثارها هروب الخطوط الملاحية التى كانت تتردد سفنها على الموانئ المصرية إلى موانئ أخرى منافسة.
وتابع أن كثيرًا من المسئولين كانوا قد تقابلوا مباشرةً مع مسئولى تلك الخطوط الملاحية، وحصلوا على وعود بعودتها للموانئ المصرية، وهو ما لم يحدث على مدار عامين.
محمد كامل: ضرورة تحليل الخدمات لوضع أساس علمى لمقابلها
وكشف أن المجتمع الملاحى خلال عامى 2014 و2015 تقدم إلى الحكومة بطلب تعديل القرارين «520» و«521» لسنة 2003، وهما القرارين اللذين تم تعديلهما بموجب القرارين «488» و«800»، بما يضمن حق الدولة فى تعديل الرسوم والإجراءات وحقوق المتعاملين، إذ كانت تلك القرارات مجحفة، وأهدرت حقوق المتعاملين، لحين تمت الاستجابة والتعديل لهما من قبل وزير النقل الحالى.
وأشارت الدراسة إلى أن صياغة القرارات تتم من قبل فقهاء موجودين فى دواوين الدولة، مؤكدًا أنه لا بد من اللجوء إليهم، لضمان انضباط النصوص والأحكام، لافتًا إلى أنه نتيجةً لعدم مراعاة هذه القاعدة فى الصياغات تتعرض الأحكام لفقدان دستوريتها بالطعن عليها أمام المحاكم المختصة.
ولفت «كامل» إلى أنه على سبيل المثال فإن المادة الخامسة من القرار «416» تضمنت إلغاء كل ما يخالف أحكام هذا القرار»، مشيرًا إلى أن هذه صيغة مطلقة كان لابد من إحكامها وضبطها، لأن القاعدة التشريعية تؤكد أن القرار يُعدل ويَلغى قرار والقانون يعدل ويلغى قانون، وتساءل: هل يمكن أن يلغى هذا القرار حكم مادة تخالف ما ورد فيه؟
وطالب بضرورة وضع دراسة قبل إصدار القرار على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال يشار فى القرار«416» لسنة 2019 إلى أن القرار« 488» لسنة 2015 كان قد صدر بشأن لائحة مقابل الخدمات التى تؤدى للسفن فى الموانئ البحرية المصرية، ومقابل الانتفاع بالمهمات والمنشآت الثابتة والعائمة لهيئات الموانئ البحرية وهيئة السلامة، ومقابل الخدمات الإلكترونية المقدمة من هيئات الموانئ البحرية للمتعاملين.
وتساءل: هل تم إجراء دراسة من أى جهة رسمية فى مصر خلال العشر سنوات الماضية على الأقل لتحليل الخدمات التى تؤدى للسفن فى الموانئ البحرية المصرية، وتضع أساسًا علميًّا لمقابل تلك الخدمات؟
وأكد أن أهمية هذا الاستفسار يعود إلى أن مقابل الخدمات التى تؤدى فى الموانئ البحرية المصرية أصبح يعانى تشوهًا حقيقيًّا، كما أن القرارات التى تصدر بتعديل مقابل تلك الخدمات تكون دون أساس علمى، فتهدر حقوق بعض الأطراف، وتتسبب فى آثار سلبية.
البنك الدولى لديه نماذج لتسعير خدمات المرافق والمشروعات العامة
وأشار كامل إلى أن البنك الدولى لديه نماذج لتسعير خدمات المرافق والمشروعات العامة، تتحدد فيها أسس استرشادية، والتى من بينها مبدأ (Cost Blues) ومن الطبيعى أنه طالما لم تدرس طبيعة الخدمات فلم تدرس تكلفة الخدمات، ومن ثم فلم يتم تسعير مقابل تلك الخدمات على أسس دقيقة.
وأوضحت الدارسة أن ما يسرى من قول على مقابل الخدمات فى الموانئ يسرى على مقابل الانتفاع بالمهمات والمنشآت، مشيرةً إلى أن معايير المحاسبة الدولية تتضمن معيار شهير يُشير إلى تهالك الأصول الذى يقاس على أساس عدد ساعات التشغيل.
وأكدت على أنه وفق هذا المعيار من المفترض أن تقل قيمة الأصل وكفاءته فى التشغيل مع الزمن على أثر تكوين مخصصات للإهلاك، أما الوضع الراهن فمع مرور الزمن تزاد مقابلات الانتفاع بتلك المهمات والمنشآت العائمة والثابتة.
تقديم خدمات إلكترونية فى الموانئ المصرية أصبح أمرًا حتميًّا
وأوضح «كامل»، أن تقديم خدمات إلكترونية فى الموانئ المصرية أصبح أمرًا حتميًّا لمسايرة معايير التشغيل الدولية، وهى خدمات من المتصور ألا تُحصل عنها هيئات الموانئ مقابلاً، وإلا كانت البنوك حصلت على مقابل للنظم الإلكترونية لديها.
وأشار إلى أن حصول كل جهة على مقابل لكل خدمات إلكترونية تقدمها أمر لا يحدث كثيرًا، وتابع: حتى إذا قررت هيئة الموانئ جدلاً تحصيل مقابل عن الخدمات الإلكترونية فهل هى على المستوى ومقبولة ومتطورة وتوفى بالغرض لكى يحق لها تحصيل مقابل لها.
وقال: «القرار الصادر 468 لسنة 2018 والذى عرف بـ«الحوافز فى الموانئ البحرية المصرية» لا ندرى ملابسات صدوره، وكلما سألنا مسئولًا فى الموانئ البحرية على أن يطبق ما ورد فيه من حوافز لم يفعل لسبب ما».
ولفت إلى أن أفضل ما فعله القرار رقم «416» لسنة 2019 أنه قرر فى المادة الخامسة منه إلغاء القرار رقم «468» لسنة 2018.
وتساءلت الدراسة عن الأساس الذى تقرر وفقا له وقف العمل بأحكام المادة الثانية من القرار «488» لسنة 2015، ولماذا تم الإيقاف لمدة ثلاث سنوات، وما هو المتوقع ومصير تلك المادة بعد ثلاث سنوات هل من المفترض أن تعود للسريان؟
واختتم «كامل» أنه وفقًا لتلك التساؤلات فإن القرار «416» لسنة 2019 يقدم مسكنات مؤقتة وليست حلولًا جذرية لمشكلات ظهرت على أثر صدور القرار «488» لسنة 2015، متابعًا أنه كما وجدت الأدوات الفعالة لإلغاء القرار «468» لسنة 2018، كنا نأمل أن يصدر قرار وزارى جديد يلغى ما قبله من قرارات ويرسى أسسًا جديدة فعالة.