تسعى الحكومة خلال الفترة الحالية لتعظيم عملية التبادل التجارى بين الدول العربية، خاصة مع الأردن والعراق، عبر تنفيذ خط تجارى عربى لنقل وعبور البضائع من مصر، إلى الأردن والعراق مرورًا بالدول الأوروبية، والعكس.
كان الفريق كامل الوزير، أعلن خلال افتتاح مشروع تحيا مصر للمحطات متعددة الأغراض فى ميناء الإسكندرية الأسبوع قبل الماضى، عن توقيع بروتوكول مع العراق والأردن لتنفيذ خط التجارة العربى لنقل البضائع من الأردن والعراق ودول الخليج إلى مختلف دول العالم، خاصة أمريكا وأوروبا.
واستطلعت “المال”، مع عدد من المتخصصين والعاملين فى مجال النقل البحرى وأنشطته المتعددة فكرة تنفيذ الخط مع تقييم التجربة، والمتوقع أن ترى النور قريبا.
بداية؛ أشار خالد السيد، الرئيس التنفيذى لشركة إم كى دى لوجستيك، إلى أن المشروع سيكون له مردود كبير على السوق الملاحية والتجارية المصرية حال تنفيذه فعليا، لا سيما أن وزارة النقل تستهدف أن تكون الموانئ المصرية مركزا لتجارة الترانزيت للدول العربية.
وأضاف لـ”المال”، أن السلطات المصرية اتفقت مع كل من الأردن والعراق على تسهيل الإجراءات للدخول والخروج بالنسبة للشاحنات، وتم تفعيل تلك الاتفاقيات خلال الأشهر الأخيرة، خاصة إمكانية دخول الشاحنات العراقية إلى الأراضى المصرية فارغة لتعود محملة بالبضائع.
وطالب “ السيد “ بحل عدد من المشكلات قبل تنفيذ تلك البروتوكولات على أرض الواقع، ومنها قيام جهاز تنظيم النقل البرى بتوفير دورات تدريبية لفئة كبيرة من العاملين فى قطاع النقل البحرى والبرى بشكل عام، خاصة أن هناك منافسة مع العديد من الدول فى هذا المجال.
وتابع: إن نحو %90 من السائقين المصريين لا يجيدون اللغة الأجنبية، وضعف المستوى المهنى فى معرفة العلامات المرورية بالدول العربية والأجنبية، فى حين أن السوق المصرية بها أسطول نقل برى ضخم ويوازى الأسواق الأجنبية من حيث الكفاءة.
واقترح ضرورة تنظيم مدرسة لسائقى النقل الثقيل بالتعاون بين وزارة النقل عبر جهاز تنظيم النقل، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، بمشاركة المجالس التصديرية لمعرفة الأسواق المستهدفة، لاسيما أن الخطة تستهدف ربط دول عربية خاصة الخليج والأردن والعراق بأوروبا.
كان وزير النقل، أعلن أن عملية نقل البضائع ستتم عبر السكك الحديدية إلى منطقة العقبة، ليتم نقلها من العقبة إلى طابا ونويبع عبر شركة الجسر العربى المملوكة للدول الثلاث خلال العبارات، ثم التحرك الصادرات الأردنية إلى أمريكا وكل دول أوروبا.
من جانبه، قال الدكتور حمدى برغوت، خبير النقل الدولى وممثل مصر الأسبق لتطوير النقل لدول الكوميسا، إن مشروع تنفيذ خط ربط جديد بين مصر والأردن والعراق يتطلب دراسات حول حجم المنقول من البضائع سنويا مقابل تكلفة تعدد مناولة تلك البضائع.
وأوضح أن المشروع هدفه تفعيل خدمة النقل متعدد الوسائط، وتتطلب السماح للبضائع بالمرور دون كشف جمركى وإجراءات ميسرة بشكل عام، مشيرا إلى تلك البضائع تتطلب استخدام مستند نقل واحد ووجود مقدم خدمات النقل متعدد الوسائط عضو المنظمة الدولية للنقل متعدد الوسائط IMMTA، بجانب دراسة رسوم الموانئ بشكل جيد.
وقالت الدكتور منى نور الدين، أستاذ النقل البحرى بجامعة الأزهر، إن المشروع يقوم على سعى مصر بالتنسيق مع دول الأردن والعراق وبعض دول الخليج لعبور تجارة تلك الدول بريا عبر الدول الآسيوية ذات الحدود المشتركة، وصولا إلى ميناء العقبة الأردنى والذى يربطه خط ملاحى بين الأردن وميناءى طابا ونويبع فى مصر على رأس خليج العقبة التى يتقاسمها حدود أربع دول وهى مصر وفلسطين والأردن والسعودية.
وأضافت أن المنطقة العربية ما زالت تفتقر إلى زيادة حركة التجارة البينية، وإن كانت بالفعل بدأت تتزايد تدريجيا فى العشر سنوات الأخيرة، لتصل إلى 112.5 مليار دولار بنسبة %17.5 خلال 2021.
واستكملت منى نور الدين أن حركة التجارة بين مصر والدول العربية تزايدت ليبلغ 19.3 مليار دولار عام 2022 ويرجع ذلك إلى تطوير منظومة النقل فى مصر بكل أنماطها وتطوير الموانئ البحرية ووجود خطوط ملاحية تربط بين الموانئ العربية.
وأشارت إلى أنه فى ظل رؤية مصر لأن تكون مركزا لوجيستيا عالميا، كان لا بد من أن يلقى هذا الهدف بظلاله على حركة تجارة الترانزيت لتكون الموانئ المحلية حلقة الوصل بين الدول العربية الآسيوية فى الخليج العربى.
وقالت إنه يتطلب تفعيل اتفاقيات النقل متعدد الوسائط بالمنطقة واختيار أقصر الطرق والتكامل بين منظومة النقل البحرى مع النقل عبر الطرق والسكك الحديدية، وبالتالى تتزايد حركة التجارة العربية إلى دول أوروبا ودول أمريكا والقضاء على الإرهاب على الحدود البرية الفاصلة بين الدول.
من جانبه، قال مصطفى كامل، خبير نقل بحرى ومدير توكيل ملاحى سابق، إن المشروع يتطلب مزيدا من توضيح حجم تجارة تلك الدول التى يمكن أن يتم تصديرها إلى أوروبا وأمريكا.
وأوضح أن النقل بالعبارات يتم بحجم بضائع متواضع، لأن العبارات لا يمكن أن تنقل سوى حاويات وحسب طاقة الحمولة التى لا تزيد على 200 حاوية فى جميع الأحوال.
وقال إن المشروع يتطلب أسطول نقل بريا قويا، لكن فى الوقت نفسه هناك تخوفات ومخاطر تحيط بحركة الشاحنات وتتطلب درجات عالية من التأمين.
واتفق مع كلامه الدكتور أحمد الشامى، خبير النقل واللوجستيات، لافتًا إلى أن التعاون بين دول الخليج العربى وأوروبا يعتمد على نقل البترول فى الأساس.
وتابع أن التعاون قائم بالفعل بين مصر ودولتى الأردن والعراق من خلال شركة الجسر العربى، والتى أنشئت من عشرات السنين مستهدفة نقل التجارة البينية بين الخليج ومصر، بجانب أن هناك تعاونا آخر بين موانئ الخليج عن طريق الميناء السعودى ضبا وميناء سفاجا البحرى.
من جانبه، أشار خالد قناوى أمين عام نقابة النقل البرى بالقاهرة، إلى أن وزارة النقل سعت لزيادة حركة التجارة من السوق المحلية إلى المنطقة العربية المحيطة، مستغلة توافر عدد كبير من الموانئ المصرية فى مواقع استراتيجية تسهل من الاستيراد والتصدير.
وذكر أن الأزمة تتمثل فى توقيع اكثر من بروتوكول لتنمية تجارة الترانزيت لكن هذه الاتفاقيات “ورقية فقط”، لم تنفذ بشكل فعلى وعملى على أرض الواقع.
وتابع على سبيل المثال، أن هناك بروتوكولا موقعا مع الجانب الإيطالى لإنشاء خط رورو لنقل الحاصلات الزراعية من ميناء الإسكندرية إلى إيطاليا ثم إلى باقى دول أوروبا، وآخر موقع مع دول أفريقية لتنشيط التجارة على خط الإسكندرية – كيب تاون عبر النقل النهرى والبحرى.
وأوضح أنه من بين تلك التحديات، صعوبة نقل كل البضائع إلى العقبة ومن العقبة عبر السكة الحديد إلى نويبع، لافتًا إلى أنه لا توجد خطوط سكة حديد فى تلك المنطقة والتى تنتهى بالسويس فقط، وهو ما يعنى أنه سيتم نقل البضائع عبر شاحنات إلى العقبة، ثم عبر شركة الجسر العربى إلى السويس.
وأشار “قناوى” إلى أن مشروع الربط العربى يمكن أن يعمل على تنشيط النقل الثقيل المصرى فى حالة استغلال إمكانياته، خاصة أن هناك تراجعا فى النقل بين مصر والسودان، بعدما كان يستحوذ هذا النشاط على %40 من شاحنات النقل الثقيل المصرية لتصل حاليا إلى %10 فقط، وهى الشاحنات التى تنقل المعونات والسلع الاساسية فقط، بينما فى الناحية الأخرى تقوم الشاحنات الأردنية والعراقية لنقل واردات الخليج ودول الأردن والعراق من مصر إلى تلك الدول، مقابل دفع 300 دولار، بهدف زيادة حصيلة موارد هذا النشاط.