انتقد عدد من العاملين فى نشاط مرحلى البضائع «freight forwarder» – قيام الخطوط الملاحية بالتعامل بصفة مباشرة مع أصحاب البضائع، أو تأسيس كيانات تقوم بدور مرحلى البضائع تضمن وصول طلبات العميل بداية من شحنها بالخارج مرورا بوصولها للموانئ ثم تسليمها للمحطة النهائية.
ويُعرف “مرحل البضائع” بأنه الشخص المسئول عن البضاعة لحين صرفها، وهو حلقة وصل بين صاحب البضاعة والخطوط الملاحية وأصحاب السفن، إلا أنه مع ظهور وسائل الاتصال الحديثة انخفضت الحاجة إليه كوسيط.
وأشار العاملون فى القطاع إلى أن هذا الاتجاه بدأ خلال السنوات الأخيرة على استحياء، إلا أنه زاد بصورة كبيرة عقب تنفيذ نظام التسجيل المسبق للشحنات، واستحواذ الخطوط على بعض الكيانات لاستكمال خدمة سلاسل الإمداد.
وقال أيمن الشيخ رئيس شعبة خدمات النقل الدولى بغرفة تجارة القاهرة، إن خط الميرسك العالمى نفذ ذلك، وقام بالتعامل مباشرة مع شركات الاستيراد والتصدير.
ولفت إلى أن السوق الملاحية بدأت فى رصد قيام الخطوط الملاحية بالتضييق على وكلاء الشحن والمستوردين بعد تنفيذ نظام التسجيل المسبق، عبر تحمل المستورد ووكيل الشحن كل المسئوليات بداية من شحن البضاعة حتى وصولها للجمارك والإفراج عنها أو رجوعها مرة أخرى.
وتابع:« خط ميرسك الذى يعد الثالث على مستوى العالم فى نشاط الحاويات، أصدر خطابا لوكلائه، تضمن توقيع الشاحن للبضائع أن يكون مسئولًا عن تعويضه باعتباره «ناقلا»، وعدم تحمله كخط أى مسئولية بخصوص تكلفة ومصاريف بيع الشحنة أو التخلص منها.
وأوضح أن خطوة “ميرسك” تأتى بعد ارتفاع أسعار النوالين، وتجنب تحمله تكلفة إضافية، لاسيما وأن تكلفة نقل حاوية 40 قدما من الصين إلى الإسكندرية تخطت 15 ألف دولار.
من جانبه، أكد عبد العال على رئيس لجنة الجمارك والضرائب فى شعبة خدمات النقل الدولى بالإسكندرية، أنه من الصعوبة إلغاء نشاط وكلاء الشحن من منظومة التجارة العالمية، خاصة وأن لديهم أدوار ضخمة، من الصعب أن يقوم بها الخط مع العملاء أو أن يتعامل المستورد مع الخطوط مباشرة.
وأشار إلى أنه رغم أهمية وكلاء الشحن، فإنها مهنة تعرضت للعديد من المشكلات، مدللاً بذلك عدم إدراج تعريف وكيل الشحن فى قانون مصلحة الجمارك ولائحته التنفيذية، رغم تعامل موظف المصلحة مع المالك لبوليصة الشحن.
وتابع:« من يملك بوليصة الشحن فهو المالك الفعلى للبضائع، وبالتالى من السهل أن يقوم الخط الملاحى بإنشاء شركة تعمل فى نشاط التخليص الجمركى وتكون وكيلاً له وبذلك سيتم الاستغناء عن مرحلى البضائع».
وأصدرت شعبة خدمات النقل الدولى بالغرفة التجارية تقريرا عن خطوات خط ميرسك فى تقليل فرص عمل شركات الشحن، متوقعة فى تقريرها اعلان الخط التعامل مع الشاحنين مباشرة، لاسيما وأنه وفر منصة تسمح بحجز من البضائع من الباب للباب.
إلى ذلك، قال الدكتور محمد صلاح خبير اللوجستيات وسلاسل الإمداد، والمحاضر بكلية الشرق الأوسط بعمان، إن السوق الملاحية دائما ما تتميز بالمنافسة وفى نفس الوقت هناك ممارسات احتكارية، بجانب استحواذ الخطوط الكبيرة على الصغيرة منها.
وتابع:« الخطوط الملاحية وعلى رأسها “ميرسك” ،”إيفر جرين” و”أم أس سي”، تسعى إلى تقديم خدمة متكاملة للعميل من خلال الشباك الواحد، تتضمن نقل الشحنات من الباب إلى الباب، بدءا من نقطة استلام البضائع فى الدولة المصدرة لها مرورا بإجراءات توصيلها للمستورد فى دولة أخرى عبر شركاتها التابعة، وبذلك تكون استولت على جزء أصيل من عمل «مرحلى البضائع» .
وَأضاف أن وضع «مرحلى البضائع» فى غاية الصعوبة خاصة وأن الخطوط بدأت تستحوذ على عملائهم، مما يتطلب من هذه الكيانات تطوير أعمالها بما يخلق قيمة مضافة لخدماتها اللوجستية.
وتوقع أن تشهد سوق الشحن البحرى «فلترة» لمرحلى البضائع، بجانب عمل اندماجات لبعضهم، للقدرة على البقاء، لاسيما بعد استحواذ الخطوط على عدد كبير منها.
وذكر حسام الديب، رئيس مجلس إدارة شركة “ستار شاين” للشحن والخدمات اللوجستية، أن الخطوط الملاحية أنشأت شركات تابعة لها لتكون وكيل شحن، لأن قانون الملاحة للمنظمة العالمية البحرية يمنعها من القيام بدور الوكلاء أو مرحلى البضائع.
وأسس الخط الملاحى ” “MSC مؤخرا شركة “MEDLOG” لخدمات النقل الداخلى والخدمات اللوجستية بجانب استحواذ شركة “ميرسك” صاحبة أعلى خط ملاحى فى نقل الحاويات على مستوى العالم، على” LF Logistics “، وهى شركة لوجستية مقرها هونج كونج ، تتمتع بخدمات متميزة فى منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وأوضح “الديب” أن الخطوط أسست شركات لوجستية لمنح مزايا للعملاء، لافتا إلى أنه تمت مناقشة الموضوع فى الغرفة الملاحية بالإسكندرية، وقدم بعض وكلاء الشحن شكوى فى هذا الصدد.
وأشار إلى صعوبة إثبات قيام الخطوط بدورمرحلى البضائع، لأن منفذ الخدمة كيانات تابعة وليس الخط نفسه .
من جانبه، أكد هيثم أباظة مدير المخازن الجمركية لشركة “راية لوجستيكس”أن الخطوط الملاحية لا تكتفى بتأسيس شركات شحن، ولكنها استحوذت على كيانات قائمة بالفعل، ويرجع ذلك لاستثماراتها الضخمة.
وتابع:« توسع الخطوط فى الأنشطة وتأسيس شركات تابعة لها، يستهدف فى المقام الأول زيادة العوائد المحققة، لاسيما وأن عوائد نقل مركب واحدة من دولة لأخرى حالياً تكون فى حدود 200 مليون دولار وتعتبره عائدا قليلا»، ومن ثم وجدت أن استثمارات مهدرة قبل عملية الشحن البحرى وبعد توصيل البضائع بالميناء .
وأضاف أن هناك خدمات لوجستية فى بلد المستورد والمصدر تمثل 90 % من إجمالى العوائد، بسبب أن النقل البحرى مجرد جزء بسيط من العملية، و لذلك قررت الخطوط اقتحام سلسلة الإمداد بدءا من تحميل البضاعة حتى توصيلها للعميل.
وقال إن ما يحدث حاليا بمثابة «فلترة» للسوق وسينتج عنها بقاء العملاء الكبار التى تستهدفهم الخطوط، بينما العملاء المتوسطين والصغار ستبقى مع شركات مرحلى البضائع.
وطالب الشركات الصغيرة والأفراد بتطوير أنفسهم، حتى لا يضطروا للخروج من السوق الملاحية، لاسيما وأن التحول الرقمى يسير بسرعة كبيرة، ولابد من تقديم خدمات جديدة للعملاء وعلى رأسها وضع خطط لسلسلة الإمداد لمصنع العميل.
وأشارعادل لمعى رئيس غرفة ملاحة بورسعيد إلى أن هناك العديد من الصفقات التى عقدتها الخطوط الملاحية الضخمة خلال الفترة الأخيرة لتزيد من توسعاتها، وهو ما يقلل من حجم الفرص المتاحة أمام مختلف الشركات.
وألمح إلى أن الوفورات المالية التى حققتها الخطوط خلال السنوات الأخيرة ستعمل على زيادة تلك الصفقات خلال العام الجارى، وتنعكس تلك الصفقات بالخسائر للشركات الصغيرة من مرحلى البضائع ووكلاء الشحن، حتى أصبح هناك سيطرة على شبكة اللوجستيات، ليقوم أكبر 3 خطوط على مستوى العالم بشراء طائرات فى الشحن الجوى تتكامل مع خدماتها البحرية التى تقدمها.