أثار قرار مصلحة الجمارك بعدم التجديد للشركات والجهات الحاصلة على تراخيص بإقامة المستودعات والمخازن داخل الموانئ المصرية، حالة من الجدل داخل السوق الملاحية والتجاري، بين مؤيد للقرار ومعارض له.
الجمارك: يهدف إلى تحويلها لنقاط عبور.. وليست مواقع للاحتفاظ
ورأى الفريق المؤيد للقرار أنه يصب فى صالح تحويل المحطات البحرية المصرية إلى موانئ عالمية والتى تقوم على أساس أنها نقاط عبور وليس أماكن للتخزين، فيما حذر الفريق الآخر من عواقب القرار والذى تم وصفه بأنه إهدار لموارد هيئات الموانئ، خاصة أنها تعتمد على رسوم التخزين كأحد العناصر المهمة فى حصيلة الإيرادات.
بداية، أشار اللواء على الحايس، نائب رئيس هيئة ميناء الإسكندرية السابق، إلى أن مصلحة الجمارك تستهدف من القرار التحويل إلى نظام التخزين المؤقت، والذى يحدد فترة زمنية لبقاء البضائع داخل الميناء، إضافة إلى منح الترخيص بالانتفاع بالأرض لفترة بسيطة، والتجديد يكون أيضًا بفترات مناسبة.
وأشار إلى أن القرار له بالطبع تأثيرات على الشركات الضخمة، منها كيانات العاملة فى المستودعات المصرية، والتى يصعب عملها على نظام التخزين المؤقت باعتباره العمل الأساسى لوجودها بالميناء.
ولفت إلى أن هناك بضائع يتم سحبها مباشرة إلى المخازن والايداعات الخارجية، موضحًا أن تلك الإيداعات لا تتحمل كل البضائع الواردة فى حالة تطبيق نظام التخزين المؤقت، إضافة إلى أنه ستكون له تداعيات بصورة كبيرة على إيرادات الموانئ، والتى تقوم بتحصيل مقابل التراخيص ومقابل الانتفاع للأراضى والساحات، سواء على الأرضيات أو المدة المحددة، مشيرًا إلى ضرورة تنسيق بين مصلحة الجمارك والموانئ المصرية قبل تفعيل القرار.
وأوضح «الحايس» إلى أن قاعدة الموانئ أنها نقاط عبور وليست تخزين عبارة صحيحة، لكن المنوط بهذا الشأن هى هيئات الموانئ وليست مصلحة الجمارك منفردة، خاصة أن الهيئات أنفقت الملايين لضم ساحات تخزينية جديدة لها مؤخرًا.
وتوقع عدم تحقيق القرار الهدف الذى صدر لأجله، خاصة أن هناك إيداعات جمركية ضخمة بميناء الدخيلة مخازن الغلال، وأنفق عليها استثمارات ضخمة، مشيرًا إلى أنه مع تنفيذ القرار ستكون هناك خسائر فادحة للطرفين سواء الشركات أو الموانئ.
وقال المهندس أحمد مصطفى نائب رئيس منظمة الفياتا العالمية، إن قانون الجمارك لسنة 1963 لفت إلى تعريف المستودع الخاص والمستودع العام، ولم يحدد أماكن وجودها، لذا كان يتم إنشاء هذه النوعية من الأنشطة داخل أو خارج الميناء، ويخزن به البضائع غير خالصة الضريبة الجمركية.
وأوضح أن قانون الجمارك الجديد رقم 203 لسنة 2021 استحدث تعريف المخازن الجمركية المؤقتة، ونص على أن تلك المخازن تكون داخل الموانئ، إضافة إلى أن أنه أجاز إنشاء مخازن تقوم باستقبال البضائع الواردة أو الصادرة، وليس للوارد فقط كما كان فى القانون القديم، إذ يمكن لصاحب الصادر الذى لم يقوم بقيد البضائع جمركيًا بالتخزين داخل تلك المخازن.
وأكد أن المخازن الجمركية المؤقتة لم يحدد لها فترة زمنية لوجود البضائع داخلها، إلا أنه يراعى مدة المهمل التى لا تزيد على شهر داخل الميناء، فى حين أن الإيداع العام خارج الميناء يكون 9 أشهر، ويجوز مدها بموافقة من الوزير أو من يفوضه، وهذا الفرق الجوهرى بين الإيداع المؤقت داخل وخارج الميناء.
ولفت إلى أن الإيداعات العامة يجوز فيها عمل بعض التعديلات على البضائع مثل أعمال التعبئة والتغليف أو الصرف الجزئى للبضائع، أما المخازن المؤقتة فليست لها تلك المزايا.
وأوضح أن التأثير الأكثر سيكون على الإيداعات والمخازن داخل الموانئ فقط، والمستهدف تحويل الموانئ لأماكن عبور وليست أماكن للتخزين، مشيرًا إلى أن هذا كلام نظرى أكثر منه عمليا، خاصة أن معظم الموانئ العالمية تقوم باستغلال الأماكن داخل الموانئ بقدر الإمكان.
نائب رئيس منظمة الفياتا: ضرورة تمتع «المؤقتة» بمزايا القيمة المضافة على البضائع
وأشار نائب رئيس منظمة الفياتا العالمية، إلى أن ضرورة إضافة بعض المزايا المستودعات العامة إلى المخازن المؤقتة، خاصة أن هناك العديد من البضائع يتم استيرادها ويجرى عليها قيمة مضافة، ثم يعاد تصديرها مرة أخرى.
الحايس: كيانات المستودعات العامة على رأس قائمة المتضررين
وأوضح أهم الكيانات المتضررة من القرار هى شركات المستودعات المصرية، التى ستفقد العديد من المزايا، خاصة أن كل مستودعاتها داخل الميناء.
وطالبت مصلحة الجمارك فى قرارها الذى صدر منتصف مارس الماضي، بقيام الجهات والشركات بتوفيق أوضاعها طبقًا لنظام المخازن الجمركية المؤقتة خلال مهلة 3 أشهر من تاريخ انقضاء مدة ترخيصها.
وأكد أحمد شوقي، رئيس لجنة الشحن والتفريغ بغرفة ملاحة الاسكندرية، أن القرار يهدد استثمارات ضخمة تم صرفها خلال السنوات الماضية، وحصلت على تراخيص من هيئات الموانئ، خاصة مستودعات الحبوب بمينائى الدخيلة، دمياط.
وأوضح أن القرار يعد اتجاها لإلغاء التخزين داخل الميناء، بحيث يتم التحول من الترخيص لفترات طويلة قد تصل إلى 10 سنوات إلى الترخيص لفترة مؤقتة لا تتخطى سنة واحدة، وذلك يعنى إنهاء العمل بالتخزين فى المحطات البحرية فى أى فترة، مشيرًا إلى أن البنية التحتية للبدائل عن التخزين داخل الميناء والاعتماد على السحب المباشر من الموانئ لا يمكن تنفيذه على أرض الواقع.
وأكد أن معدل التفريغ الذى تقوم به شركات الشحن والتفريغ بميناء الدخيلة مثلًا تصل إلى 11 ألف طن يوميًا، فيما يحتاج كل ألف طن إلى 20 شاحنة، ما يعنى أن المعدل اليوم لشركة واحدة من 200 – 220 شاحنة، وفى حالة عمل كل أرصفة الحبوب بميناء الدخيلة فقط تحتاج إلى 1500 شاحنة يوميًا، بخلاف عمل ميناء الإسكندرية وأبو قير ليصل عدد الشاحنات التى تتردد على الطرق من الإسكندرية فقط إلى قرابة 3000 شاحنة وعندما تعود فارغة مرة أخرى يكون عددها 6000 شاحنة، وهو معدل يعصب تنفيذه.
ولفت إلى أن هيئة الميناء تقوم بتحقيق إيرادات تزيد قيمتها على 4 مليارات جنيه سنويًا، %40 منها جراء أعمال التخزين، وذلك يعنى فقدان جزء كبير من إيرادات الموانئ شبه الثابتة سنويًا.
وأوضح أن الساحات التخزينية فقط بميناء الدخيلة تصل إلى 2.4 مليون طن، ولا يوجد مخازن خارجية يمكنها استيعاب تلك الكميات.
أما هانى عبدالرشيد رئيس شركة يونى فريت «وكيل خط التاروس الإيطالي» فكان مؤيدًا للقرار، موضحًا أنه سيعمل على وضع الموانئ المصرية على قائمة الموانئ العالمية، والتى فى معظمها لا تسمح بتحويل الموانئ إلى مناطق تخزين، بل تكون نقاط عبور فقط.
وأضاف أن القرار من شأنه تقليل الضغط على الميناء وتسهيل الإجراءات الجمركية، إضافة إلى تخفيف الضغط على بوابات الميناء، وهو ما يسمح تنافسية الصادرات المصرية، خاصة أن الصادرات تعانى زيادة الإجراءات نتيجة ازدحام الميناء بالواردات، والتى معظمها يتم تخزينها داخل الميناء.
عبدالرشيد: يساعد فى زيادة حركة نشاط الترانزيت بالمحطات البحرية.. ولدينا الإمكانيات لمنافسة «جبل على»
ولفت إلى أن القرار من شأنه زيادة حركة الترانزيت بالموانئ المصرية، خاصة أن المشروعات الجديدة فى الموانئ ومحطات الحاويات، لم تقابلها حركة ترانزيت، فلن تأتى بالهدف الذى تم إنشاؤها من أجله.
وطالب «عبدالرشيد» بضرورة أن يشمل القرار ساحات المستودعات والحاويات، والتى تعد متكدسة بسبب تخزين البضائع بها، خاصة الوارد وهو ما سيؤدى إلى مساعدة الصادرات المصرية بشكل كبير.
وتابع أن محطات الحاويات الجديدة التى يتم إنشاؤها ليست فقط لاستقبال الوارد، ولكن لا بد من استيعاب مصر حصة حاكمة من الترانزيت واستغلال موقعها.
وذكر أن موقع مصر من المجرى الملاحى لقناة السويس والسوق الأوروبى والآسيوى والأفريقي، يؤهلها لتكون على غرار ميناء «جبل علي»، وهذا الأمر لن يحدث فى ظل المنظومة الحالية سواء الجمركية أو الاجرائية. وأكد أن هيئات الموانئ والجمارك تتساءل من الحين للآخر عن أسباب عدم زيادة نشاط الترانزيت بالمحطات البحرية المصرية، والسبب الرئيسى فى ذلك يتمثل فى الإجراءات المتبعة، خاصة الجمركية، الأعمال التخزينية، التى معوقة لـ«الترانزيت» فى الوقت الحالى