لاقى الاتفاق الذى وقعته الإمارات مؤخرا مع إسرائيل بخصوص استخدام خط أنابيب إيلات – عسقلان والذى يربط بين إيلات بالبحر الأحمر بعسقلان على البحر المتوسط، لنقل النفط الإماراتى إلى أوروبا، ردودا فعل واسعة حول تأثير هذا الاتفاق على مستقبل هذا النشاط على هيئة قناة السويس.
وأشار خبراء النقل البحرى إلى أن هذه ليست المرة الأولى التى يظهر فيها تأثير من محاور مرورية عالمية على قناة السويس، سواء محاور فى منطقة الشرق الأوسط أو عالمية يكون هدفها الحصول على حصة من حجم المنقول عبر قناة السويس.
ويهدف الاتفاق الإماراتى – الإسرائيلى إلى إنشاء جسر برى لنقل النفط يوفر الوقت والوقود مقارنة بالنقل عبر قناة السويس، كما أنه يمكن نقل النفط من الإمارات وحتى ميناء إيلات، إما عبر ناقلة للنفط عبر البحر الأحمر، أو عبر خط أنابيب يمتد داخل الأراضى السعودية، كما أنه لم يتضح حتى الآن تكلفة كلا الخيارين، وما إذا كانت السعودية ستوافق على هذا المقترح من الأصل.
وفى هذا السياق، قال جورج صفوت، المتحدث الرسمى لهيئة قناة السويس، إن القناة تملك من الآليات والبرامج والسياسات التسويقية ما يؤهلها للحفاظ على ميزتها التنافسية وريادتها وحصتها السوقية من التجارة الدولية، لكونها أقصر ممر ملاحى يربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، والاكثر أمانا، وتعد أهم حلقات سلاسل الأمداد العالمية، نظرا لموقعها الجغرافي.
وأوضح أن إدارة التخطيط والبحوث التابعة لهيئة قناة السويس تدرس المتغيرات الدولية وكافة الممرات الملاحية وطرق التجارة المنافسة لقناة السويس على مدار الساعة، من خلال خبراتها المتراكمة وكوادرها عالية الجاهزية.
القناة: نمتلك الآليات والسياسات التسويقية تؤهلنا للحفاظ على حصتها السوقية أمام الطرق المنافسة
وقال «صفوت « إن حصة قناة السويس السوقية من التجارة الدولية المنقولة بحرا تبلغ نسبتها نحو %9 حيث تنقل نحو %24.5 من إجمالى حركة تجارة الحاويات عالميا، و %100 من إجمالى تجارة الحاويات المنقولة بحرا بين آسيا وأوروبا، مشيرا إلى أن هيئة القناة تقوم بتقييم ودراسة كافة الطرق المنافسة على الساحة الدولية بمنتهى الجدية، دون تقليل لأى ممر تجارى أو ملاحي، مشيرا إلى أن هيئة القناة تتخذ من التنافسية دافعا للارتقاء بالمجرى الملاحى وتطويره وتعزيز ريادته وتحسين خدماته الملاحية بأحدث وسائل التقنية المتطورة.
وأوضح أن قناة السويس تشهد تحسنا تدريجيا فى حركة التجارة المارة بها منذ يونيو الماضي، حيث سجلت فى أحدث بياناتها عبور 1538 سفينة خلال سبتمبر الماضي، محملة بنحو 95.8 مليون طن، وعائدات بلغت 470.7 مليون دولار، مشيرا إلى أن الهيئة تعمل حاليا من خلال خطتها2020/2023 على تنويع مصادر الدخل والاستفادة المثلى من أصولها وشركاتها التابعة ضمن التوجه العام بتعظيم أصول الدولة وفتح أسواق خارجية خاصة فى أفريقيا.
من جانبه، أشار اللواء إبراهيم يوسف الخبير البحرى أن هذا الاتفاق لم يجر تنفيذه على أرض الواقع، إلا أنه فى حالة دخوله التنفيذ وفى حالة دخول السعودية لتكون ضمن الاتفاق فسيكون له تأثير على قناة السويس.
أما أسامة عدلي، مسئول شركة وكالة الخليج، فأشار إلى أن الاتفاق سيكون منافسا بقوة لهيئة قناة السويس، والتى لا تمر منها كافة الناقلات المحملة بالبترول والغاز بسبب الغاطس الخاص بالقناة.
وأشار إلى ضرورة مراجعة تعريفة القناة من آن لآخر بخصوص ناقلات النفط والغاز حتى يتم القضاء على أى منافسات فى مهدها، كما حدث خلال السنوات الماضية، لافتا إلى أنه خلال العقد الماضى كانت هناك محاولات من هذا النوع من المنافسات لقناة السويس.
يذكر أن خط الأنابيب المزمع تشغيله تم إنشاؤه فى الستينيات، وتبلغ سعته نحو 600 ألف برميل يوميا، وبسعة تخزينية تبلغ نحو 23 مليون برميل، وقد جرى إنشاؤه فى أواخر الستينيات بواسطة إسرائيل وإيران، وعندما اندلعت الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979، توقف استخدام الخط كقناة رسمية لشحن النفط الإيراني.
من جانبه، أشار المهندس وائل قدور، الخبير الملاحي، إن الجسر البرى الإسرائيلى المزعم إقامته مع دول الخليج، سيكون له تأثيرات سلبى على قناة السويس، والمنطقة الاقتصادية لمحور القناة، طبقا لما أعلنته الإمارات عن خط ملاحى منتظم من الإمارات إلى ميناء حيفا الإسرائيلى لنقل الحاويات ومنه إلى أمريكا عبر الخط الـzim الإسرائيلي.
كما تم الإعلان عن شراكة مع نفس الخط للخدمات اللوجيستية ونقل البترول الإماراتى عن طريق خط إيلات – عسقلان، وتشغيل موانئ دبى لميناء حيفا ما يقرب من 25 عاما، على أن يكون حيفا بوابة دول الخليج لأوروبا عن طريق الجسر البري.
وأوضح «قدور» أن تلك المعيطات ستؤثر سلبا على منطقة قناة السويس خلال السنوات المقبلة بعد اكتمال تلك المشروعات والشراكات، مضيفا أن الاهتمام بمشروعات محور قناة السويس، وعلاج كافة المعوقات التى تقف أمام الاستثمارات هو طوق النجاة، بجانب جذب الدول الكبرى على سبيل المثال الصين، ومنحها دورا رئيسيا فى المحور لتضخ استثماراتها لدعم المنطقة تجاريا ولوجيستيا لخدمة السفن العابرة بالقناة.
والمشروع الجديد عبارة عن خط سكك حديدية لربط البحر المتوسط بمنطقة الخليج ويقوم على محورين رئيسين، وصول الجسر برى للأردن كمركز نقل إقليمى وستقوم شبكة سكة حديدية إقليمية لنقل البضائع والمسافرين بين الولايات المتحدة والبحر المتوسط فى الغرب والمملكة العربية السعودية ودول الخليج فى الشرق، وهو ما سيعزز النشاط فى الموانئ الإسرائيلية وتحفز اقتصادها.
أما المحور الثانى فيقوم من خلال قطار من حيفا إلى بيتشان والذى يعتمد على الطريق التاريخى لسكة حديد الحجاز وتمت إعادة افتتاحه فى 2016 وسيتم تمديد الخط إلى الحدود مع الأردن إلى معبر الأردن الشيخ حسين حتى معبر جنين الفلسطينى لاستخدام الخط فى إدارة البضائع ونقلها للمنطقة كلها مع إنتاج قيمة مضافة ومساهمة كبيرة فى اقتصاد المملكة السعودية معتمد على تطوير قطاعات تصدير جديدة فى السعودية والخليج والعراق.
محفوظ طه: ناقلات البترول وسفن الحاويات الأكثر تأثرا.. والموانئ المصرية لن تتضرر
من جانبه، قال محفوظ طه، نائب رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس السابق، إن إسرائيل تتجه لإنشاء خط برى من الأردن للسعودية ومنه لدول الخليج لنقل التجارة مما يزيد المخاوف نحو تقلص حجم البضاعة العابرة لقناة السويس، خاصة أن التأثير لن يكون فى عدد السفن لكن فيما تحمله السفن من حاويات التى تصل إلى 7 ملايين من الشمال لشرق آسيا و16 مليون من الجنوب.
ونفى تأثر حجم أعمال الخط المصرى «سوميد» الممتد من السخنة بالبحر الأحمر لميناء الحمرا بالبحر المتوسط الذى ينقل 5.5 مليون برميل يوميا تمثل نسبة %10 من الإنتاج العالمى المحمول بأى مسارات بديله يتم إنشاؤها بالمنطقة بفضل السياسات التسويقية المرنة التى تتبعها الهيئة وإصدارها حزم من التخفيضات فى الرسوم ترتبط بخط سير الخط الملاحى ونوع البضائع المنقولة، بالإضافة إلى التطور المستمر فى القناه ودقة التحليل الاقتصادى لشبكة النقل الدولى والتجارة المحمولة بحرا، خاصة أن خط الأنابيب إيلات – عسقلان موجود بالفعل منذ عام 57 بواقع خطين واحد منهما للمنتجات البترولية والآخر للمواد الخام.
وحول تأثير الاتفاقية على الموانئ المحلية قال طه: لا يوجد تهديد عليها، لأن البضاعة الواردة للموانئ المصرية إما بضاعة عامة (صادر ووارد) أو بضائع ترانزيت وميناء شرق بورسعيد الوحيد الذى يعمل فى نشاط الترانزيت ويواجه منافسة شرسة مع اليونان بعد قيام الجانب الصينى عام 2009 بالرحيل لليونان.
من جانبه، أكد الدكتور محمد على، المستشار الأسبق لوزير النقل، أن تنفيذ محطات حاويات فى حيفا وأشدود هى الحلقة الأخطر فى ملف التطبيع الاقتصادى بين الإمارات والبحرين وإسرائيل الذى تدعمه بخط أنابيب بين إيلات وعسقلان وخط سكة حديد يربط بين إيلات وأشدود وخط سكة مع الأردن والسعودية وهو مايجعل البضائع ترد من الخليج العربى لتدخل مباشرة على إيلات ومنها إلى أشدود وحيفا بعد تطويرهما وزيادة طاقتهم الاستيعابية لتصبح 1.2 مليون حاوية.
ولفت إلى أن التأثيرات السلبية لا تقتصر فقط على قناة السويس أو خط «سوميد» لكنها تطال بعض الموانئ البترولية بدول الخليج لأن البترول يتم تصديره منها وعندما يتم استبداله بخط أنابيب ستفقد تلك الموانئ عوائدها.
وكشف المستشار الأسبق لوزير النقل لللوجستيات عن عدة آليات للحفاظ على معدلات عبور السفن والحاويات بقناة السويس منها انتهاج سياسة تسعيرية مخفضة للسفن والناقلات العابرة للقناة خاصة أن خط أنابيب إيلات عسقلان يتكلف استثمارات ضخمة، وبالتالى يمكن النزول بالأسعار فى قناة السويس كحل عاجل وجاذب، بالإضافة إلى عقد شراكات مع دول الشمال المصدرة للبترول لدول شرق آسيا مثل أمريكا ودول بحر الشمال.
ويرى على أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تعد حائط صد لكل الأزمات التى تواجه القناة حيث يمكنها أن تخلق طلبا إضافيا على قناة السويس وترفع من حمولات السفن وأعدادها وتقدم قيمة مضافة للسلع وخدمات عابرة وأخرى لخدمة التجارة والصناعة، لافتا إلى أن تكلفة رسوم مرور الحاوية الواحدة فى القناة من 90 إلى 100 دولار ويمكن أن ترفعها القيمة المضافة إلى 3500 دولار للحاوية.