تباينت آراء عدد من خبراء النقل البحرى حول مدى جاذبية ميناء العين السخنة لاستقبال تجارة الترانزيت الفترة القادمة، فى ضوء توجه وزارة النقل لإنشاء عدة أرصفة وضخ استثمارات لجذب تلك التجارة.
وشدد البعض على أن ميناء السخنة يحقق ميزة عن أغلب الموانئ الأخرى لخدمة تجارة مصر الخارجية، خاصة أنه الأقرب لمنطقة القاهرة الكبرى والمناطق الصناعية بها، مثل العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر، علاوة على وجود ربط بين الميناء والموانئ الجافة بتلك المناطق.
وأوضحوا أن حجم الاستثمارات التى يتم ضخها فى ميناء السخنة والأرصفة الجديدة التى يتم تشييدها قد تكون لها دور مستقبلى فى حال نمو الحركة التجارية لبعض الدول مثل جيبوتى أو السودان خلال الفترة القادمة، والتى قد تساعد على نمو حركة تجارة الترانزيت، إلا أنه خلال الوقت الراهن وحتى الخمس سنوات المقبلة لا توجد حركة تجارة ترانزيت كبيرة فى تلك المنطقة، خاصة أن العديد من الدول بالمنطقة لديها اقتصاد ضعيف مقارنة باقتصاديات الصين وأوروبا.
من جانبه، أشار اللواء محفوظ طه، النائب السابق لرئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس للمنطقة الجنوبية، رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر سابقًا، إلى أن هناك عددًا من المعايير لاختيار الخطوط الملاحية للميناء الذى سيتم من خلاله تنفيذ خدمات الترانزيت، إذ لا بد أن يكون موقع المحطة البحرية محوريا.
وأضاف من أهم تلك الأسس التى يقيس بها الخط ميزة ميناء عن أخرى، حجم التجارة المتبادلة بالمنطقة التى مثل منطقة شرق البحر المتوسط، أو منطقة شمال البحر الأحمر، وما طبيعة تلك التجارة، وما إن كانت تجارة ثابتة أو موسمية، بمعنى أن تنتعش فى وقت الحاصلات الزراعية الشتوية فقط، أم نشطة طوال العام.
ولفت «طه» إلى أن قيمة البضائع المنقولة فى المنطقة، وكذا حجم التجارة الخارجية المتداولة بالميناء «صادرات وواردات»، من أهم العناصر، خاصة أن السفينة طالما تتردد على الميناء لشحن وتفريغ البضائع، فحتما ستقوم بنقل تجارة ترانزيت فى نفس الوقت توفير للرحلات ودخول العديد من الموانئ.
وأشار «طه» إلى ضرورة حساب الحاويات المترددة بالمنطقة وحجم التبادل التجارى المتوقع والمستقبلي، إلى جانب تحديد نسب معدلات النمو الاقتصادي، والذى ستتبعه زيادته فى التجارة والحاويات، وكذلك القوى الاقتصادية والشرائية، فقد تكون دول قريبة من الميناء ولديها قوى شرائية مثل السعودية، لكن ليست قوى صناعية، بمعنى أنها تعتمد على استيراد مواد خام وتقوم بتصدير منتجات تامة الصنع.
من جانبه، قال محمد كامل، الباحث فى شئون النقل البحرى، إن الموانئ البحرية يمكن تقسيمها إلى نوعين وجميعها موجودة فى مصر، الأول: الموانئ المتخصصة التى تعمل فى نشاط واحد، مثل ميناء سيدى كرير، والذى يعمل فى مجال البترول الخام، والثاني: متعدد المجال ومنها الإسكندرية ودمياط والذى يتم فيه تداول جميع انواع البضائع.
وأشار إلى أن الموانئ بعضها يصلح لنشاط الترانزيت والآخر يصلح لتداول تجارة مصر الخارجية، مثل الإسكندرية وميناء العين السخنة، واللذين يستطيعان العمل لخدمة حركة تداول تجارة مصر الخارجية من حيث الصادر والوارد.
وأكد أن ميناءى دمياط وشرق بورسعيد فى مصر هما المؤهلان للعمل فى مجال تجارة الترانزيت، إذ تقوم باختيارهما معظم الخطوط والتوكيلات الملاحية لوقف سفنها للتفريغ والتداول.
ولفت الباحث فى شئون النقل البحرى، إلى أن الخطوط الملاحية العالمية عند اختيار موانئ لممارسة نشاط الترانزيت للرسو والتراكى عليها، فإن ذلك يكون وفقاً لمعايير، أبرزها ألا يحدث انحراف فى مسار الرحلة البحرية للسفينة أثناء عملية الأبحار، بمعنى أن الموانئ الواقعة على نفس مسار السفن لديها فرصة أكبر فى هذا النشاط، خاصة دمياط وشرق وغرب بورسعيد.
وأوضح أن ميناءى دمياط وشرق بورسعيد بالتحديد فقط فى كل الموانئ المصرية اللذان يتميزان بهذه الميزة، ولا ينجم عن الوصول إليهما انحراف فى مسار الرحلة البحرية.
واعتبر «كامل» أن ميناء العين السخنة فرص استقباله لتجارة الترانزيت منخفضة إلى حد ما، نتيجة خريطة الموانئ المحيطة به وجاهزيتها وحركة بعض البضائع لبعض الأسواق، رغم كونه ميناء متميزًا فى أعمال استقبال حركة تجارة مصر الخارجية.
ولفت إلى أن ميناء العقبة يحصل على البضائع الترانزيت من ميناء جدة، فضلاً عن أن هناك محطات بحرية أخرى فى المنطقة لديها بعض أنشطة تجارة الترانزيت ومنها: «ميناءا عدن، والملك عبد الله فى السعودية.
وأشار «كامل» إلى أنه على افتراض حدوث مشكلات ببعض تلك الموانئ بها فإن قدرة ميناء العين السخنة على جذب هذا النشاط لن تكون كبيرة، نتيجة وجود موانئ فى جنوب البحر الأحمر أكثر تنافسية لجذب نشاط الترانزيت نتيجة موقعها الجغرافى قبل الوصول إلى ميناء السخنة.
وتابع: وبالتالى فى حال وجود مشكلات فى ميناء عدن نتيجة عدم استقرار الوضع فى اليمن، فإن ميناء جدة فى السعودية أقرب مسافة وفى حال تعذر استخدامه بعد ذلك يمكن استخدام ميناء الملك عبد الله.
ولفت «كامل» إلى أنه نتيجة وجود هذه الموانئ فلن تكون هناك فرص كبيرة للسفن إفراغ الحاويات فى ميناء العين السخنة، حيث إنها ستكون قد قامت بإفراغ حمولتها فى أى من هذه الموانئ فى حال قدومها من الجنوب باتجاه الشمال حتى تصل العين السخنة، وبالتالى فلم تجد حاويات يتم تفريغها.
وأشار «كامل» إلى أنه على الجانب الآخر من البحر الأحمر، يوجد ميناءان آخران وهما جيبوتي، وتقوم بتشغيله شركة موانئ دبي، ومومباسا فى كينيا وهو وكلاهما يقع فى الجنوب قبل الوصول الى ميناء العين السخنة على الجانب الآخر ما يجعل فرص جذب نشاط تجارة الترانزيت للميناء فى هذا الحالة ليست كبيرة.
واعتبر أنه نتيجة تلك الأسباب فإن ميناء السخنة لن يكون مفضلًا بالنسبة للسفن التى تأتى من الشمال أو الجنوب إلا اذا كانت مستهدفة شحن أو تفريغ جزء من تجارة مصر الخارجية كون الميناء يحقق ميزة عن أغلب الموانئ الأخرى كونه الأقرب إلى القاهرة والعاشر من رمضان والسادس من أكتوبر.
واعتبر «كامل» أن الخطوط الملاحية تختار ميناءى دمياط وشرق بورسعيد بالتحديد، حتى لو أنهما يستحوذ على نسبة من تجارة مصر الخارجية كونهما يصلحان لنشاط تجارة الترانزيت.
وتنفذ وزارة النقل أعمال تطوير ميناء السخنة لتحويل ميناء محورى بما يزيد حصة مصر من السوق العالمية لتجارة الترانزيت وذلك ضمن خطة الحكومة لتحويل مصر لمركز عالمى للتجارة واللوجستيات.
وتتضمن أعمال التطوير الجارية بالميناء، إنشاء 4 أحواض جديدة و18 كيلومتر أرصفة بحرية بعمق 18 مترًا، وإنشاء ساحات تداول مساحة 9.6 مليون متر مربع، ومناطق تجارية ولوجستية بمساحة 5.3 كم 2 تخدمها شبكة من خطوط السكك الحديدية بطول 33 كم متصلة القطار الكهربائى السريع السخنة/ العلمين /مرسى مطروح/الفيوم، إضافة لطريق شريانى بطول 17 كم 6 حارات ليربط بين الأرصفة والميناء ككل، ليسهم فى عدم وجود أى تكدسات مستقبلاً داخل الميناء، إلى جانب إنشاء حواجز أمواج بطول 3270 مترا.
ويستهدف التطوير تحويل ميناء السخنة ميناء محورى، يزيد حصة مصر من السوق العالمية لتجارة الترانزيت، إضافة إلى خدمة الصادرات المصرية والمساعدة فى فتح أسواق جديدة لها، عبر تشغيل خدمات ملاحية مباشرة، وزيادة القدرة على منافسة الدول ذات المنتجات والصناعات المثيلة عن طريق تطوير حلول متكاملة للنقل والتداول بين محطات الحاويات البحرية ومحطات السكك الحديدية وخدمات النقل متعدد الوسائط.
من جانبه، اعتبر عبد الرحمن العوا، رئيس شركة نيو مارين للملاحة، أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس هى الأنسب لجذب نشاط تجارة الترانزيت بدلاً من ميناء العين السخنة.
وأضاف «العوا» أن ذلك يرجع إلى أن المنطقة الاقتصادية بحكم موقعها المتميز ستكون عامل جذب نشاط الترانزيت، كونها تتوسط العديد من الموانئ والأسواق، فضلًا على كونها مملوكة لمصر بشكل كامل، وبالتالى فإن العائد منها سيكون أفضل للدولة.
وأوضح «العوا» أن العمل على تهيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لنشاط تجارة الترانزيت يساعد لاحقاً فى جذب الاستثمارات الصناعية للمنطقة، بهدف التصنيع والتصدير، ما سينشط الحركة الصناعية بعد ذلك .
بدوره، قال كريم سلامة، خبير النقل البحري، عضو مجلس إدارة غرفة ملاحة الإسكندرية، إن حجم تجارة الترانزيت فى البحر الأحمر، ضعيف بشكل عام مقارنة بحجم تجارة الترانزيت وحجم الحاويات الموجودة فى البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف أن هناك تجارة ترانزيت بشكل كبير بمنطقة البحر الأحمر توجد فى المملكة السعودية عبر ميناء جدة، إذ يتم بعد ذلك توزيع هذه التجارة إلى دول فى الخليج العربي، لافتًا إلى أن بعض حاويات الترانزيت يتم نقلها من ميناء جدة الى بعض الدول المحيطة عبر النقل البرى وليس باستخدام سفن الروافد.
وأشار «سلامة» إلى أن حجم حركة الترانزيت فى البحر الأبيض تحديدا فى منطقة شرق المتوسط يبلغ نحو 40 مليون حاوية سنوياً، فى حين إجمالى حجم حركة الترانزيت فى البحر الأحمر لا تتعدى 3 ملايين حاوية، لافتًا إلى أن منطقة شرق البحر المتوسط تشمل مالطا واليونان وتركيا سوريا واسرائيل وشرق ليبيا.
وأوضح أنه بالمقارنة بحجم حركة حاويات الترانزيت بمنطقة غرب البحر المتوسط فهى لا تختلف كثيراً، حيث إنها تقترب هى الأخرى من نحو 40 مليون حاوية سنوياً، والإحصائيات وفقا أهم شركات الاستشارات العالمية تحدد أن إجمالى حركة الترانزيت فى البحر المتوسط ستصل إلى نحو من 80 مليون حاوية بحلول عام 2025.
واعتبر «سلامة» أن حجم الاستثمارات التى يتم ضخها فى ميناء السخنة والأرصفة الجديدة التى يتم بناؤها قد تكون لها دور مستقبلى فى حال نمو بعض الدول مثل جيبوتى أو السودان فى الفترة القادمة، قد تساعد على نمو حركة تجارة ترانزيت كبيرة، إلا أنه خلال الوقت الراهن وحتى الخمس سنوات القادمة فلا توجد حركة تجارة ترانزيت كبيرة هناك.
وأشار الخبير فى النقل البحرى إلى أن فكرة تجارة الترانزيت تقوم على أن تداولها من الشرق إلى الغرب ومن الغرب الى الشرق، لافتًا إلى أن هناك دولًا فى المنطقة ضعيفة اقتصاديًا مقارنة بأوروبا والصين.
وأشار إلى أن السفينة التى تمر من قناة السويس لا تستطيع أن تقوم بتفريغ حاوياتها فى كل ميناء وإنما يتم اختيار ميناء واحد ليتم خلاله تفريغ الحاويات الخاصة بالبحرين الأبيض والأسود، ثم بعد ذلك المحيط الأطلنطى.
وأشار إلى أن حجم الترانزيت فى حوض ميناء العين السخنة القديم التى تديره موانئ دبى حاليا لا يزيد على %2 نتيجة ضعف حركته فى البحر الأحمر.