عقد معهد تدريب الموانئالتابع للأكاديمية العربية والعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، ورشة عمل مؤخرا، بعنوان مستقبل نشاط النقل البحري، والذي شارك فيها عدد من العاملين وخبراء النقل البحري.
وفي هذا الصدد أشار الدكتور أكرم سليمان عميد معهد تدريب الموانئ، خلال ورقة بحثية بعنوان: ” تنافسية قناة السويس “، إلى أن وجود ممرات ملاحية منافسة لقناة السويس ليس بجديد، بالرغم من إثبات القناة بأنه من الصعب تنافسيتها في عبور البضائع على مر السنوات.
وأضاف أن المنافسة فى الأساس تتركز في التكلفة الخاصة بعبور البضائع، بالإضافة إلى عنصر الزمن المستغرق في وقت العبور واختصار زمن الرحلة، وهى مميزات في قناة السويس كأهم الممرات الملاحية.
وأضاف “سليمان” أن المنافسة تعد أمرا إيجابيا، حيث تؤدي إلى الاتجاه للتطوير والتحديث، وهو ما يتم حاليا بقناة السويس، بالرغم من كون القناة لا تزال الطريق الآمن والأسرع والأقل تكلفة بين أي ممرات ملاحية منافسة لها.
وأوضح عميد معهد تدريب الموانئ خلال ورقته البحثية، أنه بالمقارنة بين رحلة سفينة قادمة من منطقة جنوب شرق آسيا وفي اتجاهها إلى روتردام بهولندا، فيكون أمامها طريقان الأول طريق قناة السويس، والثاني طريق رأس الرجاء الصالح، موضحا أن الطريق الثاني أطول بنحو 35% لو أن تلك السفينة قادمة من اليابان، و30% أطول لو قادمة من الصين، و26% لو قادمة من سنغافورة، وهو ما يؤثر على التكلفة بكثير وبالتالي سعر البضائع المنقولة.
وتابع أنه مع تعميق المدخل الجنوبي لقناة السويس، بالإضافة إلى التعميق الدوري الذي تقوم به بطول الممر الملاحي لها سيعمل على زيادة تنافسية قناة السويس، وجذب المزيد من السفن من جميع الأنواع، سواء كانت سفن البترول أو الصب السائل، بالرغم من أن القناة يمكنها حاليا مرور جميع سفن الحاويات، إلا أنه مع التطوير يتزايد جميع أنواع السفن وبالتالي إيرادات القناة سنويا.
وبالنسبة لطريق بحر الشمال والمعروف بالطريق الأحمر، أشار”أكرم سليمان” الى أنه في حالة عبور السفينة من اليابان إلى روتردام بهولندا، فإن هذا الطريق أقل من طريق قناة السويس بـ30% ، لو قادم من الصين يكون أقل من طريق قناة السويس بـ10% ، وفي حالة خروجها من سنغافورة سيكون استخدام قناة السويس أطول بنسبة 15%.
وأوضح أن الأهم هنا ليس طول الطريق الملاحي فقط ولكن الاستمرارية، مشيرا إلى أن قناة السويس منذ يونيو 1975 لم تتوقف إلا خلال فترة جنوج السفينة إيفرجيفن في مارس الماضي، لكن بحر الشمال لا يمكن المرور به طوال العام، حيث يعاني من الغلق لمدة 8 أشهر، وهو ما يبعده عن المنافسة مع قناة السويس.
وعن طريق الحرير الذي تقوم الصين بإحيائه، فإنه يصب في صالح هيئة قناة السويس، حيث إنه جزأ كبير من التجارة الصينية ستمر عبر قناة السويس، بالإضافة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، واتجاه الدول لنقل مناطق التصنيع من منطقة جنوب شرق آسيا إلى مناطق أقرب إلى المناطق الاستهلاكية، خاصة أوروبا والولايات المتحدة، فتكون هناك فرصة كبيرة لجذب خطوط إنتاج كثيرة، وهو هدف لطريق الحرير الصيني.
ولفت الدكتور أكرم سليمان عميد معهد تدريب الموانئ إلى أن حفر قناة السويس الجديدة تم في عام واحد عبر شركات أجنبية، إلا أن تطوير المدخل الجنوب للقناة سيتم عبر المعدات المصرية بالكامل وهو ما سيؤدي الى زيادة 10 كيلو جديدة بعد قناة السويس الجديدة التي كانت عند الكيلو 122 ، لتصل قناة السويس الجديدة 82 كيلو بدلا من 72 كيلو فقط.
وأشار إلى أن المشروع كان موجود بالفعل وكان متوقعا أن يتم تنفيذه في يناير من العام المقبل، إلا أنه بعد وصول المعدات الجديدة التابعة للقناة، وحادث إيفرجيفن أدى الى التفكير في البدء الفوري بالمشروع، إضافة الى تعميق القناة من الكيلو 132 وحتى 162 من مدخل القناة الجنوب للقناة مع زيادة العرض، وهو ما يعطي مرونة كبيرة لحركة السفن بالقناة وزيادتها في نفس الوقت.
وتوقع أن يؤدي هذا التطوير لاستمرار قناة السويس في استيعاب مرور 100% من أسطول سفن الحاويات، وبالنسبة للبترول كانت تستوعب قناة السويس 60% من الأسطول العالمي، ليستوعب بعد التطوير 75% من السفن بزيادة 15%، كما أن الصب الجاف سيمر 100% من سفنه بعد التطوير بعد أن كانت 91%.
وأشاد بالتطوير الذي يلحق حاليا بعدد من الموانئ التابعة لقناة السويس، وخاصة ما يتم بميناءي السخنة، والعريش، إلى جانب المشروعات بالموانئ التابعة، مطالبا بضرورة تأهيل الشباب خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع المشروعات الجديدة التي تتم على أرض الواقع بتلك المنطقة.
من جانبه أشار الدكتور أحمد أمين مساعد وزير النقل الأسبق، وعميد مركز بحوث النقل السابق، إلى أن هناك طرقا منافسة لقناة السويس، إلا أن قناة السويس لا تزال الأرخص والأكثر أمانا حتى الآن.
وأوضح أن بحر الشمال الذي يعد أهم الطرق المنافسة، إلا أنه يعاني من عدم استمراريته طوال العام من ناحية، إلا أنه أيضا يعاني من عمق محدود للغاية من ناحية أخرى بما يجعله ليس آمان في عملية الإبحار.
وطالب ” أمين ” بضرورة اهتمام قناة السويس خلال الفترة المقبلة بالخدمات اللوجستية للسفن، بما يعظم عائداتها خلال الفترة المقبلة.
وفي سياق متصل أشار الدكتور هشام هلال مساعد عميد معهد الدراسات البحرية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إلى وجود تأثير طويل المدى لفيروس كورونا على قطاع النقل البحري ” وذلك خلال ورقة بحثية بعنوان تأثير فيروس كورونا على النقل البحري “.
وأشار إلى صعوبة التنبؤ خلال الفترة المقبلة بأوضاع النقل البحري العالمي، لافتا إلى أن أهم الصعوبات التي بدأت في الظهور غلق بعض الموانئ، بالإضافة إلى توقف كثير من المصانع خاصة بأوروبا والاعتماد الرئيسي على بضائع جنوب شرق آسيا والصين ، وهو ما أدى الى زيادة أسعار النوالين بشكل غير مسبوق.
وأضاف ” هلال ” الى وجود تكدس بالعديد من الموانئ العالمية، سواء من الصادر أو الوارد خاصة الموانئ الأوروبية والصينية.
وأوضح مساعد عميد معهد الدراسات البحرية بالأكاديمية العربية، أن البحارة يعانون خلال أزمة كورونا من تنفيذ وإجراءات الرفت والتعيين “وهي تغيير البحارة على السفن” والتي تأتي وسط إجراءات احترازية مشددة، حتى أن بعض الدول مثل تركيا رفضت تطبيق تلك الإجراءات لديها، وبسبب ذلك وجود بحارة على السفن لتظل قرابة 14 شهرا عليها.
وتابع أن الفترة الأخيرة شهدت مشكلات كبيرة بين أصحاب الشأن ” أصحاب البضائع ” والناقلين حول توقيت وصول البضائع وتكلفة النقل بسبب تداعيات فيروس كورونا.
أما الدكتور سامح فرحات مساعد عميد معهد الدراسات البحرية بالأكاديمية العربية فأشار في ورقة بحثية إلى انبعاثات السفن خلال الفترة المقبلة، موضحا أن تلك القضية تعد من أهم الأمور التي يتم مناقشتها حاليا بالمنظمة البحرية العالمية.
وأشار إلى أن الكربون المنبعث من السفن العالمية لا يمثل سوى 2.7% من حجم الانبعاثات من المصادر الأخرى كالمصانع والتي تشكل 24% والسيارات المختلفة عالميا والتي نتزيد عن 15% ، ومحطات الكهرباء والتي تزيد عن 30%.
وتابع أن أكثر السفن التي ينبعث منها الحاويات، ثم سفن الصب ثم سفن البترول والغاز العالمية.
ولفت سامح فرحات إلى أن الاتجاه حاليا ينصب في الاعتماد على سفن الغاز والذي يقل بصورة كبيرة من انبعاثات السفن عالميا، بالإضافة رخص سعره كوقود للسفن، مطالبا بامكانية الاستفادة من هذا الاتجاه في إنشاء محطات تموين السفن بالسوق المصرية.