لقي قرار محافظة الإسكندرية بتطوير شارع فؤاد ردود فعل واسعة بالمحافظة، حيث رحب عدد من رواد الشارع، فيما تحفظ البعض الآخر على القرار .
من جانب محمود التهامي ” أحد رواد الشارع ” أشار إلى أن الشارع يعد من أقدم شارع بالمحافظة وتم بنائه على طرازات مختلفة، مطالبا بعدم تغيير الطراز الذي تم انشاء الشارع عليه، خاصة أن هناك تخوف من تشوه الذوق الخاص بالشارع.
وطالب بضرورة المحافظة على هوية الشارع الذي لا يزال أهم شوارع المدينة تاريخيا، ولاحتوائه على العديد من الأماكن التاريخية القديمة.
فيما أشار المهندس ايهاب زكريا عضو مجلس الشيوخ بالإسكندرية، ونائب رئيس شركة قصر السلام للاستثمار العقاري، إلى أن التراث العمراني هو احد عناصر التنمية المستدامة للمستوطنات البشرية و يتم الاعتماد عليه في التنمية السياحية بصفة خاصة، موضحا أن الاسكندرية لها شخصية كوزموبوليتانية مزجت ثقافات الشرق و الغرب منذ تأسيسها لتكون عاصمة لامبراطورية تحكم العالم في عهد الاسكندر الاكبر و كانت بها اكبر مركز اشعاع ثقافي و اكاديمي في العالم القديم و هي مكتبة الاسكندرية ايضا .
وأضاف أن المدينة احتوت على فنار الاسكندرية احد عجائب الدنيا السبع، مشيرا إلى أن لتلك الاسباب فالاسكندرية لها هوية متفردة حيث تضم مزيج بين الفن الشرقي و الغربي و تتباين عن باقي المدن المصرية و تتفاعل بدرجة مباشرة الي حوض البحر المتوسط طبقا فمنذ قرن مضي كانت نسبة سكانها الاوربيين اكبر من المصريين .
ولفت زكريا الى أنه في نطاق مجتمع البحث العلمي برزت قضايا سياسات التنمية الشاملة للارتقاء بالنطاقات التراثية و هي تعتمد علي منهجين رئيسين، الأول الحفاظ كمدخل للارتقاء بالنطاقات التراثية وهو المدخل التقليدي في الشرق الاوسط ولكنه اقل اعتمادا علي مناهج الابداع و لكنه قد ينتج تراثا منعزلا عن المجتمع و بالطبع فإن تجربة ترميم القصور والمساجد والكنائس و المعابد هي تجارب نمطية و هناك تجربة حديثة اكثر تعقيدا هي مشروع تطوير القاهرة الخديوية في مرحلتها الثانية، التي تشمل توحيد واجهات المحال التجارية وإزالة التعديات ودراسة حركة المرور ومسارات المشاه والعجلات.
والثاني عبارة عن اعادة استخدام التراث و اعادة توظيفه كمحور للحفاظ و مدخل للارتقاء و هو شائع في اوربا و يعتمد علي الابداع و لكنه يجب ان يكون قائم علي ابحاث و دراسات حتي لا يكون تدميرا للهوية، و يجب ان يعتمد علي مشاركة اطراف المصلحة ( المجتمع) لاعادة انتاج عمران متفاعل و لعل من النماذج القليلة في مصر هو قصر الاميرة سميحة كامل بالزمالك ليكون مكتبة القاهرة الكبري فكان لها اثر ثقافي تنويري متفاعل مع المجتمع المحلي.
وأكد أهمية أن تعود الاسكندرية كمنارة الثقافة و الابداع كما كانت علي مر العصور، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال فان تصميم مكتبة الاسكندرية الحديثة يعد أحد المشروعات التي تم تمويلها عبر منظمة اليونسكو تستهدف ابراز هوية الاسكندرية العريقة و حقق للمدينة ارتقاء عمراني حقق تنمية سياحية ثقافية ملموسه و اصبحت المكتبة واجهة لمصر علي العالم من خلال الابداع الثقافي و الفكري.
وأعلنت محافظة الإسكندرية عن بدء مشروع لتطوير شارع فؤاد و صرحت د. جاكلين عازر نائب المحافظ انه سيتم توحيد “أشكال و ألوان” العقارات بالشارع كما أضافت أن شارع فؤاد واحد من “أعرق و أقدم” شوارع المدينة.
وحسب مصادر تاريخية فقد اختار الإسكندر الأكبر موقع بين شاطئ قرية راقودة و جزيرة فاروس أمامها لبناء مدينة جديدة عام 332 قبل الميلاد و عهد بذلك الي المهندس دينوقراطيس الذي ردم البحر ليصل بين الشاطئ و الجزيرة، ثم قام بتخطيط المدينة التي حملت اسم الاسكندر على أساس شارعين رئيسيين يتقاطعان معا امتد أحدهم من الشرق إلى الغرب و يحده من الشرق بوابة كانوب ( التي تصل المدينة بقرية كانوبس أو أبو قير حالياً) و من الغرب باب سدرة و أطلق عليه اسم شارع “كانوبك ” و هو المعروف اليوم بإسم شارع “فؤاد” و امتد الثاني من الشمال إلى الجنوب يحده من الشمال بوابة القمر و من الجنوب بوابة الشمس و أطلق عليه اسم شارع “سوما ” و هو المعروف اليوم باسم شارع “النبي دانيال”.
وذكرت المصادر أن شارع فؤاد يضم العشرات من المواقع الأثرية و التاريخية و المعمارية التي تمثل مراحل تاريخ مصر المختلفة بما تضمه من مباني أثرية و قصور يرجع بعضها الي أكثر من 100 عام ، بالاضافة الي متاحف و مساجد و كنائس و نوادي و دور سينما و مسارح و محلات و عشرات من المواقع الأخرى منذ أن كانت الاسكندرية العاصمة الحضارية للعالم أجمع لستة قرون و عاصمة البلاد لمدة ألف عام و حتى وصول عمرو بن العاص عام 642.
وخلال 16 مايو الجاري أعلن حى وسط الإسكندرية، البدء فى تطوير شارع فؤاد، وذلك فى إطار مبادرة تجميل مدينة الإسكندرية وإعادة رونقها الحضارى والتاريخى التى أطلقها اللواء محمد الشريف “تحت شعار عروس البحر من تاني” ومشروع الهوية البصرية بمحافظة الإسكندرية، تحت إشراف الدكتورة جاكلين عازر نائب السيد المحافظ.
وعقد حى وسط الإسكندرية اليوم اجتماعا تنسيقيا بديوان عام حى وسط اعقبه معاينة ميدانية للشارع على الطبيعة بحضور عزة سعد رئيس حى وسط، الدكتور المهندس محمد ابو شوشة استشارى كلية الهندسة، والمهندسة شيرين مصطفى مدير إدارة التنسيق الحضارى بمحافظة الإسكندرية.
تم خلال الاجتماع استعراض ومناقشة النماذج التى أعدها المهندسون الاستشاريين الخاصة بالتطويرات المقترح تنفيذها،كما تم النزول ميدانيا للشارع بحضور مديرى إدارات: الهندسية،الطرق،والمتابعة بحى وسط، ويأتى ذلك فى إطار تنفيذ وتفعيل مشروع الهوية البصرية بمحافظة الإسكندرية وجارى العمل.
وكلف اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، الدكتورة جاكلين عازر نائب المحافظ، بعقد اجتماع للتنسيق من أجل بدء مشروع تطوير شارع فؤاد، وتوحيد أشكال وألوان واجهات العقارات واللافتات الإعلانية وأشكال الإضاءة وكافة النواحى الجمالية بالشارع، بما يتسق مع النسق الحضارى والمعمارى لشارع فؤاد ولما يمثله من مكانة حضارة عريقة.