تدرس مصر ممثلة فى وزارة النقل وضع قانون متخصص للنقل متعدد الوسائط، بناءً على دراسة رسمية بإدارة التخطيط بالوزارة .
صرح بذلك الدكتور محمد على إبراهيم مستشار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، مشيرا إلى أنه تقدم بدراسة للوزارة بخصوص النقل متعدد الوسائط، لتنفيذه بالسوق المصرية.
جاء ذلك خلال فاعليات الصالون البحرى الذى عُقد مؤخرا بميناء الإسكندرية، بحضور قيادات هيئة الميناء وغرفة ملاحة الإسكندرية، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، والجمعية العربية للملاحة.
وأشار إلى أن الفترة الأخيرة قامت مصر بمشروعات غير مسبوقة فى القطاع اللوجستى بدءا من الموانئ البحرية، أو الطرق الجديدة وتنفيذ مشروع قومى للسكة الحديد يتم من خلالها إنشاء قطارات سريعة تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط سواء لنقل البضائع أو الركاب، بالإضافة إلى تنفيذ مخطط للموانئ الجافة واللوجستية فى السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان.
وأضاف أن جميع العناصر والمقومات الخاصة بالنقل متعدد الوسائط موجودة بالفعل بالسوق المحلية، إلا أنه يبقى الإطار التشريعى الخاص بها .
وأكد أنه تقدم بدراسة لوزارة النقل عن منظومة النقل متعدد الوسائط، والتى أوصت بتنفيذ قانون للنقل متعدد الوسائط، يقوم بتنظيم هذا النشاط بالسوق المحلية، مشددا على أن إدارة التخطيط بالوزارة تعكف على إعداد مشروع قانون للنقل متعدد الوسائط، بناء على تلك الدارسة.
ولفت إلى أن النقل متعدد الوسائط بدأ من السبعينات مع ظهور الحاويات، والتى عملت على تسهيل عمليات الشحن والتفريغ، وإمكانية نقلها عبر أكثر من وسيلة، وبأوزان ومقاسات محددة على السفن بما أدى إلى مزيد من التحكم فى نقل التجارة العالمية.
وأشار إلى أن النقل متعدد الوسائط بمفهومه الحديث يشمل وثيقة نقل واحدة يتم استخدامها خلال عملية النقل من المصدر إلى المستورد، رغم اختلاف وسيلة النقل.
وتابع إن منظمة «الفياتا» العالمية وضعت تعريفا للنقل متعدد الوسائط، عبر وظيفة مرحلى البضائع، واعتبرته الشخص الذى يقوم بإصدار وثيقة النقل متعدد الوسائط سواء تم نقلها بحرا أو جوا أو برا.
ولفت إلى أنه شارك فى وضع قانون للنقل متعدد الوسائط فى بعض الدول العربية خاصة تونس والأردن، والتى تم تنفيذها مؤخرا على أرض الواقع فى الدولتين، موضحا أنه يشترط القانون وجود عقد نقل واحد لنقل البضاعة، والتى يتم نقلها عبر أكثر من وسيلة نقل، وبين أكثر من دولة، بينما اشترط نفس القانون فى الاتحاد الأوروبى وجود عقد نقل واحد فى نقل البضاعة من المصدر إلى المستورد رغم نقلها عبر أكثر من وسيلة.
وأكد أن الدول العربية قامت بتطبيق اتفاقيات فيما بينها تعرف باتفاقية النقل متعدد الوسائط للبضائع، وتقوم بتعريفه على أنه نقل البضاعة بين دولتين عربيتين أو أكثر باستخدام وسلتين للنقل أو أكثر.
كما وضعت الأمم المتحدة قانون للنقل متعدد الوسائط، وتم تطبيقه فى عدد من الدول، وينص على أنه نقل البضائع بين دولتين باستخدام وسيلتين للنقل على الأقل بوثيقة نقل واحدة.
وأشار «إبراهيم» إلى أنه مع تطبيق هذا التعريف يلزم تغيرات كبيرة فى التأمين على البضاعة، خاصة أن التأمين بحرا يختلف عن التأمين الجوى أو البرى بصورة كبيرة، ويلزم وجود نظام تأمينى متخصص للنقل متعدد الوسائط يتم من خلاله التعويض اللازم فى حالة تلف أو تعرض البضاعة للضياع .
وأوضح أنه من خلال نقل البضائع من دولة إلى أخرى يتضح عبر النموذج الذى أعده بالدراسة أن البضاعة تمر عبر أكثر من وسيلة حتى تصل إلى المستهلك، حيث يتم نقلها بريا من المصنع إلى الميناء البحرى، ثم يتم نقلها عبر سفينة بحرا، ثم يتم نقلها إما برا أو عبر السكة الحديد أو النقل النهرى، لتصل إلى المستورد النهائى.
ويتم عبر هذه العملية عدد من العقود المنفصلة فى كل مرحلة، أما النقل متعدد الوسائط فيشمل وجود عقد موحد لكل العمليات، وهو ما يوفر كثيرا من تكلفة الشحن والتفريغ.
وأشار إلى أن جوهر النقل متعدد الوسائط يتركز فى نظام مادى للنقل، ويحكمه نظام قانونى خاص يستند على اتفاقية الأمم المتحدة للنقل متعدد الوسائط، علاوة على دعمه بالخدمات اللوجستية وسلاسل الإمداد حتى يمكنه من أداء وظيفته المثلى.
وتابع إن المفاهيم الأساسية للنقل متعدد الوسائط بأنه يسهل تدفق البضائع من المصدر إلى الهدف، كما ظهر مفهوم النقل من الباب إلى الباب وبالتالى ظهرت مفاهيم جديدة مرتبطة بالنقل متعدد الوسائط، وأهمها أن يكون هناك مسئول عن الشحنة يسمى بـ«متعهد النقل» وهو من يقوم بتنظيم عمليات النقل من الباب إلى الباب، بالإضافة إلى أنه من يصدر البوليصة بنفسه أو عن طريق الغير مقابل أجر.
كما يتطلب منظومة النقل متعدد الوسائط توفير أسطول نقل حديث ومتطور ومطابق للمواصفات الدولية ويفى بمتطلبات السلامة والحفاظ على البيئة، وبما يلبى حاجة التجارة وحركة البضائع، والذى يتكون من سفن حاويات وصب جاف وصب سائل، وشاحنات ومقطورات، وعربات سكة حديد، وطائرات.
ولفت إلى أن النقل متعدد الوسائط يعمل على تسهيل تدفق البضائع من المصدر إلى الهدف، ويتم ذلك من خلال اختصار رأس الرحلة، وخفض تكلفة الرحلة، وتقديم خدمة عالية الجودة.
وطالب بضرورة انضمام مصر إلى اتفاقيات دولية بخصوص النقل والتجارة بما يضمن سهولة حركة البضائع بلا عوائق عبر الحدود، وإلا فقد النقل متعدد الوسائط الغرض منه.
وأكد أنه حتى يتحقق مفهوم النقل متعدد الوسائط فلابد من تصميم وسائل النقل يسمح بسهولة الجمع بين أكثر من وسيلة لنقل البضائع، وهو ما يطبق حاليا فقط فى السفن متعددة الأغراض، أو السفن «الرورو» والتى تعتمد على دخول الشاحنات محملة بالبضاعة، ثم يتم تفريغها مباشرة من السفينة إلى الطرق فى بلد آخر بعد وصولها، وهو ما حدث عندما تم تطبيق اتفاق بين مصر وتركيا منذ 10 سنوات .
ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبى قام مؤخرا بتصميم سفن بها قضبان سكة حديد، حيث يمكنها استقبال القطارات داخلها .
وتابع إن أهمية النقل متعدد الوسائط أنه يعمل على رخص الواردات، وبالتالى وجود رفاهية للمستهلك، وتقليل تكلفة الصادرات بما يزيد من تنافسيتها، علاوة على تقليل تكلفة الصادرات مما يعمل على خفض عبء ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة.
وأشار إلى أن هناك محاولات من قبل عدد من الجهات على رأسها إسرائيل لربط بين البحر الأحمر والمتوسط من خلال موانيها على البحرين من خلال النقل بالسكة الحديد، لتهديد الطريق الملاحى لقناة السويس.
وأشار إلى أن إسرائيل تحاول تنفيذ النقل متعدد الوسائط عبرها، من خلال مشروع يربط موانيها الواقعة على البحر الأحمر بالبحر المتوسط، حيث أعلنت أكثر من مرة أنه سيكون منافسا لقناة السويس.
وتابع الخبير اللوجستى، أنه من الصعب منافسة هذا المشروع لقناة السويس، خاصة مع ظهور سفن جديدة تقوم بنقل قرابة 24 ألف حاوية، وبالتالى لنقل حمولة تلك السفينة فقط نحتاج إلى 240 قطارا فى حالة أن يتم نقل 100 حاوية عبر القطار الواحد.
من جانبه، أشار الربان طارق شاهين رئيس هيئة ميناء الإسكندرية، إلى أن الهيئة لديها خطط لتطبيق مفهوم النقل متعدد الوسائط بها خلال الفترة المقبلة، من خلال زيادة المنقول من وإلى الميناء عبر السكة الحديد.
و أضاف :«كما بدأت فى تنفيذ خطة كبيرة لتطوير شبكة السكة الحديد بها بالتعاون مع الهيئة العامة للسكة الحديد، بالإضافة إلى تطوير هويس المالح، وإنشاء ميناء نهرى بالمنطقة اللوجستية الجديدة التى تقع على مساحة 273 فدانا».
وتابع رئيس الهيئة إن الميناء قام بإنشاء محورين مروريين الأول يربط ميناء الإسكندرية بالطريق الدولى الساحلى والآخر لربط ميناء الدخيلة بنفس الطريق، علاوة على تطوير كوبرى 27 بالقبارى، لافتا إلى أنه يتم حاليا التخطيط لإنشاء محور رابع خلال الفترة المقبلة، لمنع أى تكدس للشاحنات بالميناء.
وأكد «شاهين» أنه من المقرر أن يتم خلال العامين المقبلين تنفيذ مشروعات جديدة ضخمة سواء بميناء الإسكندرية أو بالدخيلة، بالإضافة إلى إنشاء ميناء المكس الجديد بتكلفة 12 مليار جنيه، لتكون موانئ الإسكندرية الأهم بمنطقة حوض البحر المتوسط، بالإضافة إلى كونه ميناء ذكى لوجستى أخضر عبر تلك المشروعات الجديدة.