أكد خبراء مصرفيون أن هناك بدائل تمويلية أخرى أمام الشركات لتعويض ارتفاع تكلفة الإقراض بعد وقف مبادرة الـ %8 على القطاعات الصناعية منها زيادة رأس المال، أو جذب رءوس أموال، أو الحصول على تسهيلات من الموردين سواء المحليين أو الدوليين.
وأضافوا – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن اهتمام الدولة بالصناعة لا يعتمد فقط على أدوات السياسة النقدية مثل سعر الفائدة، وإنما منوط بها السياسة المالية، مشيرين إلى أن الدعم يمكن أن يكون فى صور متعددة غير سعر الفائدة أهمها الإعفاءات والمحفزات الضريبية.
وأشاروا إلى أن البنوك بعد هذا الإلغاء لا تستطيع أن تقدم أى منتجات تمويلية بفائدة مدعمة بدون موافقة مجلس الوزراء.
كان رئيس مجلس الوزراء أصدر منذ أيام قرارًا بنقل دعم 5 مبادرات ذات فائدة منخفضة من البنك المركزى المصرى إلى 3 جهات حكومية، وهى وزارتى المالية، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وصندوق دعم السياحة والآثار.
ويوم 21 نوفمبر الحالى أخطر البنك المركزى البنوك بالتوقف عن منح تمويل أو استخدام جديد، فى إطار مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد %8 على أن يتم سداد رصيد المستخدم، فى إطار المبادرة تدريجيا وفقا لآجال التسهيلات الائتمانية المتاحة.
بدرة: إلغاء القرار يرفع تكلفة الإنتاج ويفاقم التضخم
وقال محمد بدرة، الخبير المصرفى، إن البنوك ليس دورها تعويض الشركات بعد إلغاء مبادرة القطاع الخاص %8 وتحمل تكلفة دعم الفائدة، مشيرا إلى أنها تعمل على توظيف أموال المودعين والحفاظ على حقوق المساهمين بالشكل الملائم ، وليس من ضمن مسئولياتها تعويض الشركات الصناعية عن زيادة تكلفة الإقراض.
وأضاف – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن وزارة المالية هى المنوط بها دعم قطاعات الصناعة وتعويضهم عن الارتفاعات التى تحدث فى سعر الفائدة، مشيرا إلى أن البنوك كلها على قدم وساق لن يجد العميل بنكا أرخص أو أعلى، بل تعمل جميعا بنفس الوتيرة وتكلفة الإقراض مرتفعة على الجميع، لذا لا يوجد بديل لدى العميل.
وأوضح «بدرة» أن إلغاء المبادرة يمكن أن يؤثرعلى زيادة تكلفة الإنتاج، وامتداد تأثيره للتضخم، مشيرا إلى أن لجنة السياسة النقدية تراقب التضخم فى كل جلسة، وأن التأثير لن يمتد على الصادرات نظرا لأن التعامل بالعملة الأجنبية ولدى مصر صندوق لدعم الصادرات المستقل ولم يتم إلغاؤه.
وأكد أن إلغاء المبادرة تسبب فى تلافى خسائر لميزانية البنك المركزى والتى وصلت لـ 100 مليار جنيه فى السابق، ومن يتحملها وزارة المالية، لذا كان من شروط صندوق النقد أن تتحمل الدعم وزارة المالية مباشرة.
وذكر أن وجود أكثر من سعر فائدة فى السوق يخلق حالة من التشتيت، لنظام التسعير، لذا فمن المفيد وضع سعر فائدة موحد، مشيرا إلى أن الدعم يمكن أن يكون فى صور إعفاءات ضريبية أو رسوم وغيرها.
عبد المنعم: تأثير محدود على الصادرات
وقال محمد عبد المنعم، الخبير المصرفى، إن تكلفة الاقتراض جزء من التكاليف للنشاط الصناعى، والتى تتحدد وفقا لدرجة اعتماد كل شركة على التمويل، مشيرا إلى أن هناك بدائل تمويلية أخرى للشركات، مثل زيادة رأس المال للشركات المدرجة بالبورصة، أوالتى لديها القدرة على جذب رءوس أموال، أو اللجوء للحصول على تسهيلات من الموردين سواء المحليين أو الدوليين.
وأضاف – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن ارتفاع أسعارالفوائد علاقته عكسية مع الطلب على الائتمان، مؤكدا أنه سينعكس فى انخفاض الطلب للحصول على تسهيلات جديدة أو زيادة التسهيلات القائمة من قبل الشركات.
وأوضح أن تأثير إلغاء مبادرة القطاع الصناعى سوف يكون محدودا على الصادرات، فى ضوء وجود محفز آخر لها، وهو انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية.
وأشار إلى أن اهتمام الدولة بالصناعة لا يعتمد فقط على أدوات السياسة النقدية مثل سعر الفائدة، ولكن هناك اهتمام منصب على السياسة المالية، وأهمها الإعفاءات والمحفزات الضريبية، التى يمكن أن تستخدمها الدولة؛ لتشجيع الصناعة وكذلك التيسيرات الخاصة بالتراخيص.
وقال إن دور البنوك التجارية هو توفير التمويل اللازم للأنشطة المختلفة، وأهمها الأنشطة الصناعية، للاتساق مع سياسة الدولة وذلك فى إطار السياسة الائتمانية لكل بنك، مشيرا إلى اتجاه بعض البنوك لتخفيض بعض العمولات؛ لتعويض جزء من الزيادة فى أسعار الفوائد خاصة للعملاء التى تعمل فى قطاعات حيوية.
واستبعد قيام البنك المركزى بتبنى مبادرات أخرى، لتعويض سعر الفائدة، مشيرا إلى أنه من الممكن تبنى «المركزى» مبادرات لتشجيع الشمول المالى وكذا التكنولوجيا المالية «الفينتك».
الدماطى: البنوك لا تستطيع التحرك فى أى فائدة مدعمة بدون موافقة «الوزراء»
واتفقت معه سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، مؤكدة أنه لايمكن للبنك المركزى أن يطرح مبادرات أخرى بفائدة مدعمة، مشيرة إلى أن التدعيم سيكون من خلال وزارة المالية بعد عمل دراسة وأخذ موافقة من رئاسة الوزراء.
وأوضحت أن البنوك بعد الإلغاء لا تستطيع التحرك فى أى فائدة مدعمة بدون موافقة مجلس الوزراء، مشيرة إلى أن وزارة المالية هى المنوط بها توفير التكلفة ومصدر الدعم، مؤكدة أنه ليس واردا أن تتحرك البنوك فى ذلك الاتجاه، وإذا حدث سيكون من خلال طلب مسبق من وزارة الصناعة للمالية لوضع مبادرة لدعم الصناعة.
كان الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أصدر قرارا برقم 4151 يحظر على أى جهة أو هيئة بما فى ذلك البنك المركزى المصرى صياغة أو طرح مبادرات تمويلية منخفضة العائد أو تعديل أى مبادرة تمويلية قائمة يكون لها تكلفة على الخزانة العامة بشكل مباشر أو غير مباشر منظور أو محتمل إلا بموافقة مجلس الوزراء، وبعد العرض من وزير المالية.
وأكدت «الدماطى» أن تراجع الإقراض مع زيادة سعر الفائدة، طبيعى فى ظل المشكلات التى تواجهها كل دول العالم وليس مصر فقط، مشيرة إلى أنه يرتفع بشكل كبير، وقد يمس قطاع التجزئة والتصدير، مشيرة إلى أن تشجيع التصدير مهم جدا فى الفترة الحالية، لذا فإن جميع المنشآت المصدرة سوف تكون قادرة على زيادة الإقراض.
ولفتت إلى أن لدى مصر زيادة فى التصدير، لذا يجب أن يتم دراسة الأمر جيدا قبل معرفة هل يتأثر الإقراض بعد إلغاء المبادرة أم لا؟.
وأضافت «الدماطى» – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن سعر الفائدة سيكون مرتفعا، على جميع القطاعات، نظرا لأنها تستخدم كأداة لكبح جماح التضخم، وبالتالى زيادة الفائدة تؤثر على التكلفة التمويلية الخاصة للمنتجين، مما يؤدى إلى تباطؤ اقتصادى.
وأوضحت أن ارتفاع التضخم ليس نتيجة مباشرة لزيادة سعر الفائدة، مشيرة إلى أن التأثير يكون على المدى البعيد، وفى حال كان التأثير قصير المدى فإن التكلفة التمويلية سوف ترتفع على المنتج والمصنع، وأى قطاع من القطاعات الإنتاجية.
وتابعت إنه فى حال رفع الأسعارعلى المستهلك، لن يستطيع البيع بنفس الكمية، نظرا لأن القوة الشرائية، تعانى من أزمة بسبب ارتفاع وانخفاض الجنيه أمام الدولار.
وشددت على أنه من المهم أن يدرس المنتجون لأى درجة، يمكن أن يرفعوا تكاليفهم، نتيجة لرفع الفائدة، مشيرة إلى أنها ليست مشكلته الوحيدة بل يوجد لديه مشكلات متعلقة بمدخلات الإنتاج وتوفيرالمادة الخام.