تستهدف وزارة النقل استخدام جزء من مشروع الخط الأول من شبكة القطار السريع، من العين السخنة وحتى العلمين الجديدة، ثم مرسى مطروح بطول 660 كيلومترًا، فى نقل البضائع مرورا بعدد من المناطق الصناعية، وميناءى الإسكندرية والدخيلة.
وأكد عدد من من خبراء النقل، أهمية المشروع فى تنشيط العملية التجارية داخل السوق المصرية من ناحية، بالإضافة إلى تنشيط تجارة الترانزيت بالموانئ المصرية من ناحية أخرى، بشرط «تسهيل» الإجراءات، خاصة الجمركية.
فى البداية، أشار الدكتور أحمد الشامى خبير اقتصاديات النقل، إلى أن منطقة العين السخنة موقع صناعى يحتوى على العديد من الصادرات، ولكنها تُعانى من أزمة عدم انتظام خطوط النقل بها، مما يُجبر المُصدر على اللجوء لنقل البضائع إلى دمياط،أو بورسعيد أو الإسكندرية، وبالتالى فوجود مشروع ضخم لنقل البضائع بشكل مباشر وآمن يجعل من العين السخنة منطقة اقتصادية هامة.
وأضاف أن الخط السككى المتواجد حاليا غير منتظم وكان ينقل ما يقرب من 50 حاوية يوميا، والذى يُعادل إنتاج مصنع واحد فى اليوم، آملاً أن يُعزز القطار الكهربائى السريع آلية رفع معدل نقل البضائع، لتحقيق معدل أعلى لحركة التصدير بما يوازى نجاح قناة السويس.
ولفت إلى أن آليات نجاح مشروع القطار الكهربائى السريع بخط العين السخنة – العلمين، مرتبطة باحتياج السوق لخط نقل منتظم بتلك المناطق،لافتا إلى ضرورة اختيار نوعية البضائع لتحقيق أقصى استفادة من المنظومة، والتى ستؤدى فى النهاية لتغطية الاحتياجات المطلوبة.
أما على صعيد توقعات حجم البضائع، فأكد «الشامى» أن حجم الطب مبدئيا لن يُحقق الاستفادة القصوى، مرُجعا ذلك لوجود أزمة راهنة فى الاستيراد والخامات ومستلزمات التشغيل، وكذلك ارتفاع العُملة، فى حين أن الخطوط الإنتاجية أيضا لم تعمل بالطاقة القصوى، مؤكدا أن الوضع الراهن لم يستمر كثيراً، قائلاً :«مجرد أن نبدأ فى دوران الإنتاج سنُحقق فرصا تصديرية مرتفعة”.
واعتبر عملية نقل البضائع من خلال القطار الكهربائى السريع لن يكون منافسا للشاحنات والسفن العاملة فى الموانئ العربية والمحلية، لأنه يُغطى جزءا من منظومة النقل بمصر، ومكمل لوسائط النقل المُتعدد، فى حين أن هناك شاحنات منتظمة بعملها ومستمرة بصفة دائمة ولديها نوعية محددة من البضائع ستنقلها.
وتابع :” من الممكن أن يتم الاستعاضة – نوعا ما – عن النقل بالشاحنات والاتجاه لنقل البضائع من خلال القطار، حال ارتفاع أسعار الوقود والخدمة المُقدمة، وبالتالى استهلاك الطرق والبنية التحتية”.
وطلب بفصل عربات الركاب عن القطار التجاري، لاستيعاب أكبر قدر من البضائع لتحقيق زيادة التداول، مشيرا إلى أنه من الممكن جمع الركاب والبضائع بقطار متصل لحين دراسة حركة السوق، ومن ثم فصل الركاب بقطار خفيف مصمم لنقل الركاب فقط.
وتتكون شبكة القطار من 3 خطوط: الأول تم توقيع عقده فى سبتمبر 2021 يمتد مساره من العين السخنة وحتى العلمين الجديدة ثم مرسى مطروح بطول 660 كم، وتصميمات سرعة تشغيلية للقطارات تبلغ 230 كم/ساعة، والإقليمية بسرعة 160 كم/ساعة، وجرارات البضائع 120 كم/ ساعة، و10 محطات للقطار السريع، و12 محطة إقليمية.
ويمتد الخط الثانى من الشبكة الجديدة، الذى وقعت عقوده بنهاية مايو الماضي، بطول 1100 كيلومتر من القاهرة الكبرى مرورا بمحافظات الصعيد حتى أبو سمبل بالقرب من الحدود الجنوبية، والأخير بطول 215 كيلومترا، ويمر بمحافظات الأقصر وسفاجا والغردقة على البحر الأحمر.
من جانبها، أشارت الدكتورة أميرة شوقى عضو مجلس إدارة شعبة خدمات النقل الدولي، إلى أن النقل من خلال القطار الجديد سيعمل على تقليل حركة التزاحم، وتراجع الحوادث، إضافة إلى خفض التكلفة بين المُصدر والمشتري.
وأضافت أن المُصدر جزء أساسى من تنمية الدول، خاصة أنه يقوم باستيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج والماكينات، وبالتالى توفير التكلفة، مما يُحقق ميزة تنافسية لمنتجات السوق المحلية.
وأكدت أن توفير الوقت والتكلفة من أهم العناصر لمعدل دوران رأس المال، والمشروع سيكون له أثر إيجابى كبير على القطاع الخاص.
وتوقعت ضآلة حجم الطلب فى بداية عمل القطار السريع، لحين إعلان الحوافز التى سيتم منحها للعملاء، وإتاحة وسائل نقل مكملة للتوصيل من الباب إلى الباب.
وتستهدف وزارة النقل، الانتهاء من خط القطار السريع فى مساره الأول خلال عام 2025، حسب التعاقد مع التحالف المنفذ للمشروع، والذى يضم أوراسكوم والمقاولون العرب وسيمنس الألمانية، بالإضافة إلى توقيع تعاقد التشغيل مع شركة سكك حديد ألمانيا – دويتشه بان – على تشغيل وإدارة شبكة القطار الكهربائى السريع بخطوطه الثلاثة، لفترة 15 عاما قابلة للتجديد.
ووفقا للمعلن، فإن المشغل الألمانى ملزم بإضافة نشاط البضائع ضمن عملية التشغيل حيث من المقرر أن يكون النقل بواقع 10 آلاف طن يوميا، وعدد ركاب يومى للقطارات السريعة عام 2025 قرابة 35 ألف راكب يوميا، القطارات الإقليمية 180 ألف راكب يوميا.
وخلال عام 2027 تصل طاقة القطارات السريعة 40 ألف راكب، و215 ألف راكب يوما بالنسبة للقطارات الإقليمية، لترتفع فى عام 2030 إلى 48 ألف راكب يوميا للقطارات السريعة و260 ألف راكب يوميا للقطارات الإقليمية.
بدوره، أشار هانى عبدالرشيد رئيس شركة “تاروس ميد إيجيبت” وكيل خط التاروس الإيطالى، إلى أن المشروع يعد بمثابة شريان جديد بمصر، على منوال مجرى قناة السويس، إلا أنه سيكون هناك عدد من الضوابط ولابد من تنفيذها حتى تتحقق الخطة المستهدفة.
وأشار إلى أنه من أهم تلك الإجراءات، تغيير السياسات الإجرائية التى تتبعها الجمارك المصرية مع تجارة الترانزيت، لافتا إلى أن التجارة والبضائع التى سيتم حملها على هذا الخط ستكون بالأساس قادمة من شرق آسيا عبر ميناء السخنة، ليتم نقلها إلى ميناء الإسكندرية أو الدخيلة، وهو إجراء من الصعب تنفيذه فى ظل الضوابط والإجراءات الجمركية المتبعة فى هذا الشأن حاليا.
وأكد أنه فى حال تعديل الإجراءات الجمركية، يمكن أن تصبح مصر من خلال مشروعات توسعة الموانئ التى نفذتها الوزارة، والمشروع القومى للطرق، والخط السككى السريع، منطقة تجارية عالمية محورية فى عملية التجارة مثل سنغافورة أو منطقة جبل علي.
وأشار «عبدالرشيد» إلى أن هناك خدمات يتم تنفيذها بين ميناء الإسكندرية والسخنة، إلا أنها تعانى من الإجراءات الجمركية المعقدة.
وقال إن قانون الجمارك واللائحة التنفيذية له أفردت أبوابا متخصصة لتنظيم عملية نقل الترانزيت، إلا أنه لم يتم تنفيذها على أرض الواقع، موضحا أنه لابد من معاملة خاصة للتجارة تجارة العابرة والبضائع المارة من قناة السويس.
بدوره، أكد أحد مستشارى وزير النقل ورئيس هيئة موانئ البحر الأحمر سابقا، أنه قبل الشروع فى تنفيذ قرار نقل البضائع من السخنة إلى العلمين، أو الإسكندرية، فلابد من إجراء دراسة من خلال استطلاع رأى مع السوقين الملاحية والتجارية.
وأشار إلى أن الكميات التى وضعتها الجهات المعنية لتنفيذ المشروع وفق الدراسات الأولية، تعد متدنية للغاية والتى وصلت إلى 10 آلاف طن يوميا، موضحا أن السفن التى تستقبلها الموانئ المصرية حاليا أصبحت تتخطى 70 ألف طن، لذا لابد من زيادة الحجم المستهدف لتكون الرحلة اقتصادية بالنسبة للقطار الواحد.
ورهن نجاح عملية نقل البضائع بمشروع القطار السريع بوجود محطات متخصصة «موانئ جافة » مع مرور الخط بكل المناطق الصناعية حتى يتمكن من نقل أكثر من 100 ألف طن يوميا.
وأوضح أن المشروع سيجد إقبالا من أصحاب البضائع فى حالة تنفيذ العقوبات التى يتم فرضها على الوزن الزائد على الشاحنات.
◗ شوقى: توفير الوقت وانخفاض التكلفة عاملان محفزان للقطاع الخاص