تسعى وزارة النقل لفتح آفاق الاستثمار أمام القطاع الخاص في نشاط النقل النهري، وذلك عبر عدة لقاءات أجرتها الوزارة مؤخرًا مع العديد من المستثمرين في مختلف الجنسيات.
وكان قد أشار وزير النقل الفريق كامل الوزير، إلى أن هناك اهتمامًا من قبل الدولة المصرية بتعظيم الاستفادة من قطاع النقل النهري في مجال نقل الأفراد والبضائع، مؤكدًا التطلع للتعاون المشترك في هذا المجال، خاصة في تطوير منظومة النقل الأخضر، ومنها النقل النهري المستدام الصديق للبيئة، عبر دعوة الشركات الأجنبية للاستثمار في هذا القطاع الواعد، بما يتماشى مع جهود الدولة في تطوير مجرى نهر النيل وأعمال التكريك وإنشاء الموانئ النهرية.
وحول هذا التوجه، أشار الدكتور مصطفي صابر رئيس وحدة النقل النهري بمركز بحوث النقل بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إلى أن الاستثمار في مجال النقل النهري يواجه العديد من التحديات، حيث يجد المستثمر أمامه العديد من العقبات، منها اختيار الموقع المناسب لانشاء ميناء نهري ثم سلسلة لا تنتهي من الإجراءات والموافقات من العديد من الجهات المختلفة، مثل وزارة الري والبيئة والنقل والدفاع وغيرها من الموافقات التي تحتاج الى سنوات عديدة لاستيفائها.
ويضيف أنه من بين الإجراءات أيضًا الإجراءات الخاصة بالوحدات النهرية وتراخيصها وتأهيل العمالة ومعدات التداول، وأيضًا دراسة خط سير الوحدات وطبيعة البضائع المنقولة وطبيعة المجرى الملاحي في مسار الرحلة ودراسة عدد الكباري والأهوسة وساعات عملها وإبعادها والأعماق على مدار العام، وما إلى غير ذلك من أعمال تؤدي إلى عدم تشجيع الاستثمار في مجال النقل النهري.
وتابع رئيس وحدة النقل النهري بمركز البحوث، أنه بالرغم من كل التحديات السابقة، فإن النقل النهري يتمتع بالعديد من الفرص التى ممكن أن تجعله من أهم وسائل النقل في مصر.
وذكر أنه من بين تلك الفرص أن النقل النهري يرتبط بشكل مباشر بمينائين من أهم الموانئ المصرية وهما ميناء الإسكندرية وميناء دمياط، مما يوفر امكانية النقل المباشر من الوحدات البحرية إلى النهرية وتوفير مصاريف استخدام وسائل نقل وسيطة بين البحر والنهر، بإلاضافة إلى عدم استخدام أرصفة الميناء وما يلزمها من رسوم.
وتابع أنه يربط نهر النيل بين ١٥ محافظة تقع على النهر وذات كثافة سكانية عالية مما يزيد من الاستهلاك، وبالتالي الزيادة في الاحتياج لكافة وسائل النقل.
وأشار إلى أن النقل النهري هو الوسيلة الأكثر حفاظا على البيئة والأرخص من حيث التكلفة حيث أن صناعة النقل النهري متوفرة محليا من حيث الورش والخامات والعمالة وما الى ذلك من مكونات.
كما أن أغلب مناطق الانتاج ومناطق الاستهلاك تقع على نهر النيل سواء كانت منتجات زراعية او صناعية او مواد خام تعدينية، بينما تمتلك مصر خبرات متميزة في مجال قيادة الوحدات النهرية، موضحا أنه على الرغم من ضعف الامكانيات المتاحة حاليًا من حيث حالة الوحدات وحالة المجرى الملاحي إلا ان النقل النهري هو الأقل في نسبة الحوادث السنوية.
ولفت إلى أن النقل النهري يحتاج إلى العمل بالتوازي في كل المحاور ويجب ألا يتم التعامل مع كل تحدٍ بشكل مستقل.
فمثلا اذا قامت الدولة بتوفير مواقع جديدة لانشاء موانئ نهرية فلن يتقدم أحد لاستغلالها دون أن يتم تسهيل اجراءات التراخيص والموافقات، أو أن يتم تحديد مدة زمنية مناسبة لحق الاستغلال بما يتماشى مع العائد المتوقع، كما أنه لا يتم تعميق المجرى الملاحي دون تحديده.
ولفت إلى النقل النهري يحتاج إلى وضع خطة واضحة للتطوير ومحددة بمدد زمنية عاجلة ومتوسطة وطويلة المدى، وفي حالة الشراكة مع الدول الأجنبية أو الاستثمار المحلي على مستوى المشروعات العملاقة المتكاملة في ظل الرغبة الحالية لتطوير منظومة النقل النهري، فيجب أن يتم توفير عددا من العناصر.
وأشار إلى أن تلك العناصر تتمثل في أن تكون البداية من ان تتولى وزارة النقل مسئولية اصدار كافة التراخيص والموافقات اللازمة من خلال خدمة الشباك الواحد، بحيث لا يتعامل المستثمر إلا مع جهة واحدة وهي وزارة النقل التي تقوم بدورها بالتنسيق مع كافة الوزارت والجهات الأخرى وذلك لتفادي الروتين المعتاد، مشيدا بقرارات الوزارة الأخيرة في هذا الشأن.
ووافق مجلس الوزراء على مشروع قانون إعادة تنظيم الهيئة العامة للنقل النهرى؛ حيث تهدف الهيئة إلى تنمية الاقتصاد القومي، عن طريق رفع كفاءة مرفق النقل المائى بالمياه الداخلية وتطويره، بما يُحقق استغلاله على الوجه الأمثل، وفق أسس فنية واقتصادية سليمة تكفل أداء دوره فى التنمية القومية.
وينص مشروع القانون على أن تحل الهيئة العامة للنقل النهرى، محل إدارات الملاحة الداخلية المختصة بالمحافظات، فى إصدار التراخيص الملاحية للوحدات النهرية غير الآلية، والعائمات الثابتة، والذهبيات، وأطقم العاملين عليها، وخطوط التزام المعديات، بالتنسيق مع الوزارات والجهات ذات الصلة، كما تحل الهيئة كذلك محل قطاع تطوير وحماية نهر النيل بوزارة الموارد المائية والرى، فى تحديد المراسى بكافة أنواعها، والموانئ، وإصدار الترخيص بإنشائها وتشغيلها وإدارتها، ووضع القواعد الخاصة باستخدامها، والرسو عليها.
وتابع ” صابر ” أنه من بين العناصر أيضا دراسة امكانية توفير عقود بمدد زمنية محددة لنقل بضائع محددة مثل المواد البترولية والحجر الجيري والقمح والرخام وذلك حتى يوفر للمستثمر الضمان المناسب لبناء وحدات نهرية جديدة وفقا لطبيعة المنقول وتجهيز الموانئ بمعدات التداول المناسبة وما الى غير ذلك من تجهيزات.
وأوضح ضرورة وضع جدول زمني منتظم ومحدد لإجراء أعمال التكريك والتطهير لكامل المجرى الملاحي مع تحديد حد أدنى للعمق وتحديد المجرى الملاحي الآمن بالعلامات المناسبة، بالاضافة إلى تحديد مواعيد مناسبة لعمل الأهوسة ودراسة امكانية عملها على مدار اليوم بالتنسيق مع قائدي الوحدات النهرية او الربط بتقنية تحديد المواقع.
وطالب بدراسة اعادة تشغيل الموانئ النهرية المتوقفة عن العمل والموجودة حاليا على طول النهر مثل موانئ الاسمنت والحديد والصلب والصوامع وما إلى غير ذلك من موانئ متخصصة وإمكانية طرحها للاستثمار.
كما أكد على أهمية وضع مواصفات محددة لتصميم الوحدات النهرية وخاصة وحدات نقل المواد البترولية ضمن كود مصري موحد لتصميم كافة العائمات النهرية وذلك حتى يتضح للمستثمر الطاقة الاستيعابية للعائمات وبالتالي اجراء دراسات الجدوى اللازمة.
وأشار إلى أن العديد من الخطوات التي يمكن تنفيذها وفقا لجدول زمني محدد مثل انشاء مناطق لوچستية ومناطق تبادلية مع وسائل النقل الأخري وما إلى غير ذلك من مشروعات والتي يمكن ان يتم دراستها وطرحها للتنفيذ بالشكل الذي يجعل النقل النهري جاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية.