أكد عدد من العاملين فى نشاط النقل البحرى على ضرورة عمل دراسات قبل البدء فى زيادة الأسطول التجارى المصرى من السفن خلال الفترة المقبلة، ضمن عدد من الإجراءات التى تتم فى هذا الشأن، من قبل الهيئات التابعة لوزارة النقل خاصة هيئة السلامة البحرية وقطاع النقل البحرى.
وأشار خبراء النقل البحرى إلى أن الفترة الراهنة شهدت ارتفاعات فى أسعار النوالين البحرية، وهو الأمر الذى قد يكون سببا فى فتح شهية الشركات المصرية لزيادة عدد السفن المصرية، خاصة فى ظل توقعات باستمرار ارتفاع تلك النوالين خلال العام الجارى، وصعوبة رجوع النوالين عما كانت عليه قبل تداعيات كورونا.
من جانبه، أشار اللواء بحرى محفوظ طه رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر ومستشار وزير النقل لشئون النقل البحرى السابق، إلى أن مصر فى حاجة إلى زيادة حجم الأسطول الخاص بها، وذلك لأسباب إستراتيجية أكثر منها اقتصادية، مشيرا إلى أن وجود أسطول مصرى لا يقتصر فقط على توجه البضائع المصرية إلى أفريقيا كما تردد خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف أنه يجب عمل دراسات تشمل قياس السوق المصرية ومدى احتياجها لمثل هذا النوع من الاستثمار، موضحا أنه لا يجب أن تكون السفن المصرية مقتصرة فقط على نقل البضائع المصرية، إلى مناطق أخرى، وهو ما يؤدى إلى عدم وجود اقتصاديات تشغيل للأسطول الوطنى.
ولفت إلى أنه فى حالة وجود أسطول مصرى يجب أن يتم توظيفه فى العمل وفقا للمعايير الدولية، منها طرق تسعير الخدمات التى سيقدمها وحجم البضائع التى قد ينقلها، فضلا عن الاعتماد على أسواق يتم استيراد منها للسوق المصرية، والعكس لتحقيق الجدوى الاقتصادية الكاملة من بناء أسطول سفن مصرى.
ودلل على ذلك بأن معظم السفن المصرية العاملة فى نقل الأقماح من دول البحر الأسود أو أوروبا والولايات المتحدة، أو أمريكا الجنوبية، وتقصر عملها على السوق المحلية، وتعود مرة أخرى لتلك المناطق فارغة، وذلك سيكون سبب رئيسى فى تكبد خسائر على المدى الطويل، مؤكدا صعوبة دعم الصناعات والواردات المصرية على حساب التشغيل الاقتصادى للسفن التى ارتفعت قيمتها الإيجارية لأسعار غير مسبوقة منذ سنوات.
محفوظ طه: الوقت غير مناسب للشراء ويمكن الاكتفاء بالإيجار
ولفت الخبير البحرى، إلى أن التوقيت الحالى ليس مناسبا لاتخاذ قرار فى شراء السفن لأنها أصبحت مرتفعة جدا، نتيجة ارتفاع النوالين قرابة %750 عما كانت عليه قبل جائحة كورونا، بالإضافة إلى أن السفن القديمة التى تعمل بالفعل تشهد ارتفاعات غير مسبوقة فى أسعارها.
وأشار إلى أن الخطوط الملاحية العالمية تقوم حاليا بتسريع عمليات استلام السفن الجديدة من الترسانات العالمية، لتستفيد من ارتفاع أسعار النوالين، وهو الأمر المتوقع أن يعمل على انخفاض حدة ارتفاع أسعار النوالين خلال الفترة المقبلة، ومع الانخفاض المرتقب تقوم تلك الخطوط بقرار خروج بعض سفنها من العمل للتقادم.
وتابع إنه يجب أن تجرى دراسات لتقوم بتحديد نوعية السفن التى من المفترض شرائها، وأعمارها، والمناطق التى ستعمل بها، وطرق الشراء، سواء بالتأجير التمويلى أو التملك عبر التمويل المصرفى، علاوة على تحديد أسباب عزوف العديد من الشركات لعدم رفع العلم المصرى.
ورجح تطبيق عمليات التأجير أولا، بحيث يتم شراء سفن ثم تأجيرها لشركات متخصصة فى الإدارة، وفى حالة نجاح هذا السيناريو يتم التوسع فيما بعد حتى يكون المشروع له جدوى اقتصادية على المدى الطويل.
رئيس «السلامة البحرية»: صدور تشريع جديد يشتمل على حوافز وتسهيلات للعمل قريبا
من جانبه، أشار اللواء حسين الجزايرلى رئيس هيئة السلامة البحرية، إلى أن الهيئة انتهت من إعداد تشريع جديد خاص بالأسطول البحرى، ومن أهم المقترحات أن يتم رفع السفينة لعلمين وهو ما يعرف بالأزدواجية مع الالتزام بالشروط والضوابط المنظمة لذلك، وكذا تسهيل إجراءات تأجير سفينة مصرية لفترة معينة مع إصدار شروط جديدة بهذا الشأن.
وأضاف أن التشريع الجديد يتم من خلاله تشجيع ملاك السفن على رفع العلم المصرى، ويضم العديد من الحوافز ويقضى على جميع المعوقات التى تقف أمام زيادة الأسطول المصرى، مع منح مصر مزايا تنافسية فى ظل قيام دول العالم الأخرى بالعديد من التسهيلات.
وتابع إنه تم الانتهاء من هذا التشريع وتم التقدم بالتشريع إلى قطاع النقل البحرى، ويتم تنقيحه حاليا من قبل لجنة مشتركة تجتمع 3 أيام أسبوعيا.
ولفت إلى أنه جار مراجعة الرسوم الخاصة بعمليات تسجيل السفن، موضحا أن هناك بعض الرسوم لم يتم تحريكها منذ 1980 وتصل لبعض السفن إلى 20 جنيها سنويا.
وقام قطاع النقل البحرى مؤخرا بتعديل التشريعات المنظمة لتملك وتشغيل السفن، والتى بدورها تعمل على اختصار إجراءات البيع لمالك أجنبى، كما يتم النظر إلى آليات جديدة فى عمليات التسجيل، كما تم تشكيل لجنة مشتركة من قبل قطاع النقل البحرى وهيئة السلامة البحرية، والتى تبحث جميع المطالب الخاصة بالسوق الملاحية بخصوص تنمية الأسطول البحرى، خاصة أنه تم عقد العديد من الندوات فى هذا الشأن خلال السنوات السابقة.
وأشار محمد إبراهيم الخبير البحرى إلى أهمية أن يكون هناك أسطول نقل بحرى مصرى، لكن لابد قبل العمل على توفير هذا الأسطول أن يتم إزالة معوقات العمل بشكل عام.
محمد إبراهيم: تخوف البنوك من توفير التمويل عقبة كبرى
وتابع: «منذ 7 سنوات قام قطاع النقل البحرى بالإسكندرية بعمل حوار مجتمعى مع غرف الملاحة المصرية لبحث أسباب عزوف المستثمرين عن الدخول فى هذا النشاط، والتى كان على رأسها شرط موافقة الوزير على بيع سفينة ترفع العلم المصرى، بالاضافة إلى تخوف البنوك المصرية من الدخول فى تمويل أصول السفن، علاوة على الرسوم المبالغ فيها من عملية تسجيل السفن بالشهر العقارى».
وأكد«ابراهيم» أن قطاع النقل البحرى وعد أكثر من مرة بصدور تعديلات جديدة على القوانين والقرارات المنظمة لعملية تملك وتشغيل السفن المصرية، إلا أن ذلك لم يحدث على أرض الواقع، بل أصبح الأمر صعب فى هذا الإطار حاليا بعد قيام الخطوط الملاحية باحتكار السوق الملاحية العالمية.
وأوضح أن الخطوط الملاحية الضخمة اشترت مؤخرا العديد من الشركات الصغيرة، أو الدخول فى تحالفات مع بعضها البعض، حتى يمكنها التحكم فى أسعار النوالين، مشيرا إلى أن السوق حاليا أصبحت من الصعوبة المنافسة بها، خاصة أنه لا يوجد لدينا الكوادر القادرة على المنافسة مع الخطوط العملاقة فى جميع الأنشطة وليست خطوط الحاويات فقط.
وعن نقل السلع والبضائع المصرية إلى مناطق بعينها عبر سفن مصرية، أشار إلى أن هذا الأمر ليس له منظور اقتصادى، فالسوق العالمية حاليا تتجه نحو سفن مثلا فى نشاط الحاويات تفوق الـ24 ألف حاوية، فى حين لا توجد سفينة مصرية تزيد حمولتها عن 3 آلاف حاوية، كما أن البضائع المصرية المتداولة عبر الموانئ المصرية لا تتخطى %1.