رغم موافقة مجلس النواب فى أغسطس 2020 على انضمام مصر للاتفاقية الجمركية المتعلقة بالنقل الدولى للبضائع «TIR» لكنه لم يتم الاستفادة منها حتى الآن، خاصة أنها تضم فى عضويتها حوالى 70 دولة من أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا والأمريكتين.
وأكد خبراء النقل الدولي، أن مصر انضمت للاتفاقية مؤخرًا، وتم حل معظم المشكلات التى كانت تعوق الاستفادة منها، موضحين أن تنفيذ الاتفاقية على أرض الواقع سيرفع من موارد الشركات العاملة بسوق النقل الدولية، وزيادة موارد خزانة الدولة.
وتعد اتفاقية النقل البرى الدولى «TIR» معاهدة متعددة الأطراف، تتبنى نظام عبور جمركى دولى مع أقصى قدر من التسهيلات لنقل البضائع، فى المركبات أو الحاويات المختومة، من مكتب المغادرة إلى الآخر دون الحاجة إلى عمليات تفتيش واسعة النطاق ومستهلكة للوقت، مع توفير الأمن والضمانات اللازمة للسلطات الجمركية فى الوقت نفسه.
أكد المهندس مدحت القاضى، رئيس شعبة خدمات النقل الدولى واللوجستيات بالغرفة التجارية بالإسكندرية، استمرار التفاوض مع مصلحة الجمارك لتطبيق الآليات الخاصة بتفعيل اتفاقية «TIR» على أرض الواقع، بعد صدور الموافقة على انضمام مصر مؤخرًا إلى الاتفاقية رسميًا.
وأضاف أن التفاوض يشمل الوصول مع مصلحة الجمارك على قبول ضمان اتفاقية «TIR»، وذلك كضمان موحد لكل المنقولات تحت الترانزيت المباشر، مثل المعمول به فى أوروبا وكل الدول الأعضاء بالاتفاقية.
وأوضح أنه بالتعاون مع كلية النقل الدولى واللوجستيات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، تم بدء التسجيل بدورة الحصول على الشهادة الاحترافية لسائقى النقل البرى «IRU» والتى تقدم من قبل الاتحاد الدولى للنقل البرى بسويسرا.
وتستهدف الدورة عددًا من المواد، على رأسها هيكل السيارة والتكنولوجيا، وفك وتركيب توصيلات الشاحنات وتأمين الحمولات، والقيادة العقلانية والدفاعية، واللوائح والتطبيقات وخدمة العملاء، مشيرًا إلى أن الشعبة تستهدف تطوير القطاع فى عدد من المجالات التى تصب فى صالح قطاع النقل الدولى.
وأكد «القاضى» ضرورة التوصل إلى حل لمنظومة ضمانات العبور المعمول بها بموجب الدفاتر المدفوعة مقدمًا بإصدار تعليمات دفتر النقل البرى الدولي، والتى لم يتم إنهاؤها حتى الآن لعدم الوصول إلى اتفاق مع مصلحة الجمارك، قائلًا: «نتوقع التوصل إلى صيغة لإنهاء هذا الأمر مع مصلحة الجمارك قبل نهاية العام».
وأشار الدكتور محمد إبراهيم كامل، الخبير فى نشاط النقل الدولي، إلى أن الاتفاقية خضعت لعدد من التعديلات مؤخرًا وذلك منذ عام 2006، بهدف تحقيق التوازن بين الحقوق والضمانات الواجبة لكل الأطراف المشاركة فى عملية النقل البرى للبضائع عبر الدول التى تمر بها، ومتطلبات تطبيق الاتفاقية وإيجابياتها وتدابيرها لحماية مصالح السلطات الجمركية فى الدول العابرة.
وأضاف أن من أهم أسباب عدم الاستفادة منها حتى الآن، أن قيمة الرسوم والضرائب القابلة للفقدان أعلى من القيمة التى تقررها الاتفاقية التى تصل إلى 50 ألف دولار عن الشحنة، وبحد أقصى 200 ألف فى حالة شاحنات نقل التبغ الدخان، والكحول، وبالتالى يمكن أن تضيع على الإدارة الجمركية حقوقًا كان يمكن أن تحصل عليها فى الحالات التى لا تخضع للاتفاقية.
وأوضح «كامل» أن مشكلة تأمين الرسوم الجمركية وغيرها، لها العديد من البدائل والتغلب عليها، خاصة أن هناك تجربة تبناها الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية والاتحاد الدولى للنقل على الطرق IRU بجنيف -الجهة القائمة على تنفيذ الاتفاقية- على مستوى العالم فى عام 2013.
وتضمنت الآلية وقتها، تولى اتحاد الغرف التجارية عملية الضامن لتطبيق الاتفاقية فى مصر، سواء كان هذا قيمة البضائع الكلية، أو تغطية الجزء الإضافى عن الحد الأعلى الذى تشمله الاتفاقية.
ولفت إلى أن مجتمع الأعمال اقترح مؤخرًا استحداث مهنة جديدة بمسى «متعهد الترانزيت»، يتمثل دوره فى القيام الضامن التى يمكن أن تقبلها سلطات الجمارك وتتعاقد معها، لكن هذا الأمر لم يتقبله البعض نظرا لخطورته المادية والقانونية.
وتابع «كامل» أن هناك حزمة أخرى من المشكلات، وهى أن منظومة النقل البرى للبضائع فى مصر ليست فى أحسن أحوالها، ويسيطر عليها عدد من متعهدى النقل، ويتحكمون فى كميات ونوعيات البضائع.
وأكد أن هذا التحدى يمكن التغلب عليه عبر تنظيم القطاع من خلال المنظمات المهنية، وجمعيات النقل وشعب خدمات النقل الدولي، عبر وضع مواثيق تضمن حدًا أدنى من جودة الأعمال غيرها من الإجراءات فى سبيل النهوض بالمجال.
ولفت إلى أن المشروع القومى للطرق الجارى استكماله حاليًا، ذلل كثيرًا من العقبات، أهمها عدم كفاية استراحات مركبات النقل الثقيل وعدم توزيعها على الطرق بطريقة فنية تتيح سير الشاحنات بأمان، لضمان سلامة البضائع المنقولة.
من جانبه، أشار خالد قناوي، أمين عام جمعية النقل البري، إلى أن ارتفاع تكلفة التشغيل نتيجة عدم تطبيق خطط أعمال الصيانة الدورية، والتشغيل الموسمى العشوائى لوسائل النقل، يعد من أهم المعوقات التى يجب حلها عند الرغبة فى تنفيذ الاتفاقية والاستفادة منها بشكل أكبر، خاصة أن غالبية الرحلات المنقولة بريًا تصاحبها عودة الشاحنة فارغة، وهذا لا يحقق وفورات فى التشغيل.
وأضاف أن إنشاء جهاز تنظيم النقل الداخلى للركاب والبضائع الذى صدر مؤخرًا، عليه مهمة القضاء على ظاهرة التشغيل الموسمى والعشوائى لوسائل النقل، ووضع منظومة وخطط جيدة لإدارة عملية نقل البضائع سواء داخليا أو العابر.
ولفت «قناوى» إلى أن من ضمن التحديات أيضًا تراجع مستوى أعمال الحفاظ على ترتيبات وحمل البضائع على وسائل النقل وفقا للاشتراطات الدولية، وهذا أمر لا بد أن يوضع فى الاعتبار.