للمرة الثالثة على التوالى، طرحت الهيئة العامة للنقل النهرى على المستثمرين إنشاء ميناء نهرى فى محافظة سوهاج، والمعروف بميناء المنشأة.
وقال مصدر مسئول فى وزارة النقل إن الطرح يهدف إلى تأجير المشروع لمدة 15 عاما بنظام حق الانتفاع والذى يقع على مساحة 50.7 ألف متر مربع، بهدف إنشاء وإدارة وتشغيل واستغلال الميناء، وفقا لأحكام القانون 182 لسنة 2018.
وحددت الهيئة العامة للنقل النهرى “ التابعة لوزارة النقل “ بداية أغسطس المقبل موعدا لجلسة المزايدات بين الشركات المتقدمة للمشروع .
وأوضح المصدر أن المشروع يأتى ضمن مخطط الهيئة لتشغيل عدد من الموانئ فى الوجهين البحرى والقبلى، حيث يضم الأخير موانئ قنا، سوهاج، وأسيوط ، لتشجيع نقل البضائع من خلال نهر النيل من الصعيد وإلى شمال الوادى ذهابا وعودة، بهدف تخفيض تكلفة النقل وتقليل التكدس على الطرق.
وحسب بيانات «النقل» فإن ميناء سوهاج النهرى، يقع على محاور مرورية وطرق مهمة، أهمها طريق سوهاج – سفاجا، ويقع أيضًا بالقرب من محطة سكة حديد المنشاة بمحافظة سوهاج، وتبلغ مساحة الميناء 11 فدانًا بواجهة 250 م، على نهر النيل، وبعمق 250 م، وتبلغ طاقته التخزينية 255 ألف طن، وطاقة التداول السنوية 6.6 مليون طن.
كانت هيئة النقل النهرى قامت خلال الأعوام الثلاثة الماضية باسترداد أرض ميناء سوهاج النهرى «ميناء المنشاة» بعدما كانت معتدى عليها من الأهالى، وطرحت الهيئة المشروع خلال مارس الماضى، إلا أنه تم إلغاء المشروع لعدم تقدم أحد من المستثمرين .
و تقوم إستراتيجية وزارة النقل على زيادة حجم المنقول من 4 ملايين طن إلى 10 ملايين فى فترة زمنية قصيرة المدى عبر المسارات الملاحية المختلفة لنهر النيل، من خلال تطوير الأهوسة الحالية وإنشاء أخرى جديدة لرفع معدل التداول، وربط المراكز الاستهلاكية، وسرعة وصول السلع الإستراتيجية لجهات الاستخدام وتخفيض تكلفة النقل؛ وإنشاء موانئ نهرية وأماكن لوجستية.
من جهته أشار محمد كامل الباحث فى اقتصاديات النقل إلى أن مشروع ميناء المنشأة النهرى من أهم الموانئ فى السوق المحلية، مشيرا إلى تميزه من حيث المساحة التى تقع على قرابة 12 فدانا من ناحية، بالإضافة إلى زيادة الغاطس فى النيل فى تلك المنطقة التى تزيد عن 3 أمتار فى حين تحتاج الصنادل النهرية إلى مترين فقط ، بالإضافة إلى وجود العديد من البضائع بمنطقة سوهاج سواء من الحاصلات الزراعية أو المواد الخام .
وأضاف أن عزوف المستثمرين عن المشروع خلال السنوات الماضية يأتى لعدة أسباب، مشيرا إلى أن أهمها صعوبة الحصول على التراخيص الخاصة لتشغيل الميناء، حيث تحتاج تلك التراخيص إلى قرابة 10 سنوات على أقل تقدير، حيث يحتاج تشغيل الميناء إلى موافقات العديد من الجهات، منها وزارة الموارد المائية، والدفاع ، والصحة والنقل ، بالإضافة إلى طول زمن الرحلة من الميناء إلى منطقة القاهرة الكبرى أو الإسكندرية أو دمياط، حيث يوجد قرابة 4 أهوسة تواجه الصنادل النهرية، بما يعنى أن رحلة البارج قد تستغرق أسبوعا وهى فترة طويلة للغاية مقارنة بالنقل البرى .
وطالب بضرورة توفير وزارة النقل للتراخيص الخاصة بالميناء من ناحية، علاوة على زيادة فترة الإنتفاع، خاصة أن العائد على رأس المال هو الذى يتم على أساسه حساب دخول الشركة للمشروع من عدمه، موضحا أن الاستثمارات التى سيتم ضخها تزيد عن 400 مليون جنيه، فى حين أن فترة حق الإنتفاع تصل إلى 15 عاما فقط، وهى فترة قصيرة للغاية بالنسبة للعائد على رأس المال.
يشار إلى أن «النقل» أعدت فى الفترة الماضية دراسة تفصيلية عن مشكلات النقل النهرى، كشفت عن مساهمة 6 عوامل رئيسية فى تراجع دوره من بينها تخلى الدولة تدريجيًّا عن الدعم المباشر لهذه الخدمة، وغياب دورها التنسيقى فى تخصيص حصص من المنقولات موزعة بين وسائل النقل المختلفة، بالإضافة إلى خروج الشركات الحكومية من عباءة الوزارات التخصصية إلى وزارة قطاع الأعمال العام أو الاستثمار.
ومعروف أن وزارة النقل تعتزم استغلال عدد من الموانئ النهرية عبر القطاع الخاص، وتضم ميناء قنا النهرى، والذى يحتوى على 3 أرصفة وعلى مساحة تصل إلى 14.8 فدان وبطاقة تخزينية تصل إلى نحو 250 ألف طن، وميناء الأكراد غرب بمحافظة أسيوط، ويتضمن نحو 6 أرصفة وعلى مساحة تصل إلى 10.25 فدان وبطاقة تخزينية نحو 174 ألف طن ، ويقع ميناء المنشأة بسوهاج على مساحة تصل إلى 11 فدانا.
وكانت لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب كشفت فى تقريرها بشأن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنة المالية 2021/ 2022، عن اهتمامها بتطوير أداء الهيئة العامة لـ النقل النهرى، وإتخاذ إجراءات فعالة من أجل جعل نهر النيل ممرًا ملاحيًا يُعتمد عليه بشكل كبير فى نقل الركاب والبضائع.
واقترحت خطة العام المالى 2021/ 2022، والتى اعتمدها مجلس النواب، تخصيص اعتمادات قدرها نحو 568.5 مليون جنيه للهيئة العامة للنقل النهرى ، وتتضمن تنفيذ عدد من المشروعات أهمها رفع كفاءة ميناء حلفا النهرى بالسودان، وتطهير وتطوير الوحدات النهرية على طول المجرى الملاحى بنهر النيل (القاهرة / أسوان، القناطر الخيرية، سيناء دمياط، ترعة الإسماعيلية من الكيلو صفر حتى الكيلو 120، ترعة النوبارية من الكيلو صفر حتى الكيلو 82 الرياح البحيرى ) ، والبدء فى تنفيذ عملية حماية جسور ترعة النوبارية بأماكن متفرقة من الكيلو 70 حتى الكيلو 72 .
جدير بالذكر أن وزارة النقل متمثلة فى هيئة النقل النهرى راهنت عام 2017 على القطاع الخاص لزيادة نصيب نقل البضائع عبر نهر النيل ليصل تدريجيا إلى نحو %4 من حجم المنقولات بحلول عام 2030، رغم تدهور البنية الأساسية للنقل النهرى.
واقترح الدكتور مصطفى صابر رئيس وحدة النقل النهرى بمركز بحوث النقل، ضرورة النظر قبل طرح مشروعات نهرية فى السوق المحلية، إلى المزايا التى يمكن أن يحصل عليها المستثمر فى حالة دخوله فى إنشاء وإستغلال ميناء نهرى تابع للهيئة، أو الحصول على قطعة أرض على النيل مباشرة وإستغلالها وترخيصها كميناء نهرى.
وأوضح أن أهم عوامل جذب المستثمرين أن يكون الميناء جاهزا للتشغيل مباشرة من ناحية، مع فترة إستغلال تتناسب مع الإستثمارات التى سيتم ضخها بالمشروع ، بالإضافة إلى حصول الميناء النهرى التابع لوزارة النقل أو هيئة النقل النهرى على كافة التراخيص الخاصة بالتشغيل والتى لا تزال أهم معوق أمام تشغيل موانئ نهرية بالسوق المحلية.
وذكر «صابر» أن مصر بها ما يقرب من 50 ميناءً نهريا، إلا أن ما يعمل منهم فقط خلال الأربعة سنوات الماضية 39 ميناء فقط، وهناك العديد من الموانئ النهرية متوقفة حاليا عن العمل مثل موانئ القومية للأسمنت وأسمنت طرة والنصر للحراريات بجنوب القاهرة وموانئ الحديد والصلب والألومنيوم النهرى بمنطقة المتراس بالإسكندرية وغيرها من موانئ فى العديد من المحافظات بجمهورية مصر العربية.
ولفت إلى أنه لتطوير دور النقل النهرى فى نقل البضائع، يجب عمل دراسة شاملة لكافة الموانئ النهرية وتحديد المتوقف منها عن العمل وطاقاتها الإستيعابية وتجهيزاتها وغيرها، ودراسة كيفية الإستفادة منها عن طريق طرحها بنظام حق الإنتفاع، وذلك قبل التفكير فى طرح مواقع تصلح لإنشاء موانئ نهرية على القطاع الخاص، حيث تتميز هذه الموانئ المتوقفة عن العمل ببنية تحتية جيدة ومواقع متميزة.
وأشار إلى أن الوحدات النهرية تعتمد عند التحميل من ميناء الإسكندرية على التوجه مباشرة إلى الوحدات البحرية والتراكى بجوارها ونقل البضائع مباشرة من الوحدة النهرية إلى الوحدة البحرية أو العكس، وهو ما يطيل من زمن الشحن والتفريغ، كما تتوقف نوعيات البضائع المنقولة على نوعيات البضائع التى تنقل بميناء الإسكندرية فقط وليس الإسكندرية والدخيلة، وحيث أن ميناء الدخيلة لا يرتبط بالنقل النهرى فقد أثر ذلك على قيام النقل النهرى بنقل كميات ونوعيات محددة فقط من البضائع.
والحل الأمثل لزيادة البضائع المنقولة من ميناء الإسكندرية هو إنشاء رصيف نهرى بميناء الإسكندرية يعمل على تجميع البضائع وخاصة المتوفرة بميناء الدخيلة وذلك تمهيدا لنقلها نهريا، ومن هذه البضائع الفحم الحجرى الذى يتم نقله من الإسكندرية إلى التبين ليتم تحويله إلى فحم كوك ثم يعاد نقلة من التبين للإسكندرية للتصدير للخارج.