تستعد هيئة الموانئ البرية والجافة بوزارة النقل، بدء تشغيل أول ميناء جاف فى مدينة 6 أكتوبر خلال أبريل المقبل، على مساحة 100 فدان، وقطعة أخرى 300 فدان كمنطقة لوجيستية، وبتكلفة استثمارية تصل إلى 100 مليون، دبرها تحالف شركات السويدى إليكتريك – دى بى شينكر، الذى سيتولى إدارة وتشغيل الميناء لمدة 30 عامًا.
وبالتوازى مع عمل ميناء أكتوبر، تستعد وحدة المشاركة مع القطاع الخاص التابعة لوزارة المالية، طرح مناقصة أمام 3 تحالفات، تم تأهيلها خلال الفترة الماضية للمنافسة على إنشاء وتشغيل ميناء جاف ومركز لوجستى على مساحة 250 فدانًا بمدينة العاشر من رمضان.
وسيتم أيضًا خلال الفترة المقبلة، تولى تحالف شركات «سبيشيال، ومجموعة مدكور، وأوشن إكسبريس، ودار ماك، والقابضة للصوامع، وشركة كا دورا الأوكرانية»، بالعمل فى ميناءى دمياط والسادات الجاف، بتكلفة متوقعة للمشروعين تصل إلى 1.4 مليار جنيه، موزعة بواقع 200 مليون للأول، و1.2 مليار لـ«السادات».
«المال» استطلعت فى تقريرها آراء عدد من المتخصصين فى قطاع اللوجستيات لمعرفة العوائد المتوقعة لتلك المشروعات، ومدى تكاملها مع النقل البحرى، وهل تنفيذها بشكل متسارع سيكون له تأثيرات سلبية من عدمه.
إلى ذلك، قال مصدر مطلع، إن هيئة الموانئ البرية والجافة، استطاعت إنهاء %90 من خطتها، بالتزامن مع خطة استراتيجية الحكومة لتحويل مصر إلى مركز لوجستى على الخريطة العالمية، لافتًا إلى أنه سيتم بداية أبريل المقبل بدء التشغيل التجريبى لميناء 6 أكتوبر الجافة.
وأشار إلى أن الموانى الجافة، ستخفف الضغط على المستورد والمستهلك، لتجنب دفع الغرامات على ثمن البضاعة نتيجة تأخر خروجها من الموانئ، ونفس الأمر للمصدر والذى سيجد أماكن مجهزة لاستقبال منتجة وتنفيذ كل الإجراءات عليه لشحنها للخارج بسهولة.
محمد على: طريقة اختيار المسئول عن الإدارة تضمن النجاح والتنافسية
فى البداية، قال الدكتور محمد على، خبير اللوجستيات ومستشار وزير النقل السابق، إن وتيرة العمل التى تنفذ بها الموانئ الجافة رائعة، لاسيما أن مصر تأخرت كثيرا فى تنفيذ مثل هذه المشروعات الواعدة والتى ستلعب دورا كبيرا فى خدمة النقل البحرى.
وأضاف أن تنفيذ موانئ برية ومواقع لوجستية بالتوازى مع التوسعات التى تجريها الدولة فى أرصفة للنقل البحرى، ستكون عاملا رئيسيا للحد من تكدس البضائع، ومن تجنب هيئات الموانئ دفع غرامات، والتى عادة تكون كبيرة لصالح الخطوط الملاحية.
وأكد أن فكرة الاعتماد على تنفيذ وادارة المشروعات، عبر تحالفات تضم كيانات خارجية بالتأكيد سيكون عامل نجاح رئيسيا، فضلًا عن نقل الخبرات والتجارب للسوق المصرية، ومن ثم زيادة الفائدة القدرة التنافسية على المستوى طويل الأجل.
ووفقًا للمعلن، فإن ميناء 6 أكتوبر سيكون مركزًا لإعادة توزيع البضائع القادمة من الموانئ لصالح محافظات القاهرة الكبرى والمحافظات المجاورة، ويختلف الأمر فى ميناء السادات الذى يشمل إنشاء 60 صومعة ومنطقة جمركية، ومنطقة لصهاريج الزيتون والصناعات التكاملية، فضلا عن منطقة لوجستية.
فى نفس الوقت، أكد اللواء إبراهيم يوسف، مستشار وزير النقل الأسبق لشئون النقل البحرى، إن السنوات السابقة كانت الموانئ البحرية تعانى التكدس وارتفاع حجم السفن المتراكمة بالأرصفة، نتيجة استغراق وقت طويل للإفراج عنها وخروجها من وإلى وجهتها النهائية.
وتابع: خلال تلك الفترة كانت تتطلب مشروعات جديدة للحد من تكدس البضائع، ومن ثم كان لا بد من إقامة مواقع لوجستية وموانئ جافة لاستيعاب الزائد من الحمولات أرصفة الموانئ البحرية.
وأوضح أن الفترة الأخيرة لم يعد هناك تكدس فى الموانئ البحرية، ومن ثم فإن إنشاء موانئ جافة فى الوقت الراهن بهذا الكم يعد فائضًا عن الحاجة.
ولفت مستشار وزير النقل الأسبق، إلى أن طاقات محطات الحاويات على سبيل المثال بالموانئ تزيد على 13 مليون حاوية، بينما ما يتم تداوله سنويًا لا يتخطى 7 ملايين حاوية سنويا، وبالتالى الموانئ الجافة أصبحت منافسة وليست مكملة لأنشطة الموانئ البحرية.
والموانئ الجافة هدفها توفير مساحات بديلة أرصفة الموانئ البحرية، ما يسهم فى سرعة التفريغ والتحرك دون انتظار أو تكاليف غرامات إضافية، والقضاء على زمن الانتظار، وهو ما سينعكس على السلع النهائية وانخفاض سعرها، ما يعمل على خلق ميزة تنافسية للمنتج المصرى بين المستوردين والمصدرين بالداخل أو بالخارج، لاسيما أن الميناء الجاف يعتبر منطقة وصول وتحرك للبضائع، فعند استيراد بضائع يتم الكشف عليها من خلال جميع جهات العرض الرقابة على الصادرات والواردات، والحجر الزراعى، والحجر الصحى، وجهات العرض الأخرى.
ويتم بعدها إنهاء جميع الإجراءات داخل هذا الميناء الجاف، ثم التوجه إلى الميناء البحرى، ليتم تحميل البضائع على المركب وتغادر دون أى إجراءات أخرى داخل الميناء البحرى، ما يسهم فى تخفيف العديد من الغرامات التى تقدر بملايين الدولارات على المستورد التى يتم وضعها فى نهاية المطاف على عاتق المستهلك.
محمد كامل: فرصة ذهبية أمام المصدرين يجب استغلالها
وأشار محمد كامل، الخبير فى النقل الدولى، إلى أن وظيفة الموانئ الجافة والبرية تتركز فى تجميع وإعادة توزيع البضائع مرة أخرى، لذلك يكون اختيارها فى العادة بالقرب من المناطق الصناعية، كما قامت بذلك وزارة النقل باختيار موانئ العاشر من رمضان، والسادس من أكتوبر، وبرج العرب، وميناء بدر الجاف، وميناء جاف وحيد وهو دمياط.
وأضاف أن الحاجة لمثل هذه المشروعات ينتج عن زيادة حجم البضائع، موضحًا أن العلاقة أصبحت طفيفة بين الموانئ البحرية والجافة، لأكثر من سبب أهمها أن «البحرية» أصبح بها مشروعات ضخمة وساحات تخزينية جديدة كبيرة للغاية من ناحية، علاوة على إنشاء القطاع الخاص لساحات ضخمة أيضًا، وأصبحت معظم الشركات تفضل التخزين بتلك الساحات أكثر من التخزين داخل الموانئ بسبب الرسوم المرتفعة.
وتوقع انخفاض العائد على الاستثمار بالموانئ الجافة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن البضائع التى يتم استيرادها أو تصديرها تعد ثابتة إلى حد كبير، ولا تتم زيادتها بصورة كبيرة خلال السنوات السابقة.
وأشار إلى أنه منذ سنوات طويلة كانت تنوى وزارة النقل إنشاء موانئ جافة ببرج العرب لخدمة إقليم القاهرة الكبرى، فى حين يتم حاليًا إنشاء العديد من الموانئ الجافة دفعة واحدة وبصورة غير مسبوقة.
وكانت هيئة الموانئ البرية وضعت خطة الفترة الماضية لتنفيذ 10 مشروعات، منها المشروعات المذكورة سابقا، إضافة إلى انشاء منطقة لوجستية على مساحة 238 فدانًا فى قسطل، إلى جانب إنشاء ميناء جاف فى الطور على مساحة 100 فدان، وآخر فى سوهاج الجديدة على 44 فدانًا، وآخر فى دمياط الجديدة على مساحة 15 فدانًا، وميناء جاف فى منطقة برج العرب، على مساحة 90 فدانًا.
فى سياق متصل، أكد محمود عبدالرحمن الخبير الملاحى، صعوبة نجاح تجربة الموانئ الجافة خلال الفترة الراهنة، مشيرًا إلى أن المنافذ الرئيسية للبضائع هى الموانئ البحرية، وزادت فيها الساحات التخزينية بشكل كبير.
ولفت إلى أن هيئات الموانئ البحرية خفضت أسعار إيجارات ساحات التخزين، فعلى سبيل المثال ميناء الإسكندرية أصبح المترو يتراوح من 60 – 70 جنيها، بعد أن كان يتخطى 100 جنيه، ومن المتوقع انخفاضه مع الساحات الجديدة.
وأشار إلى أن معظم الموانئ الجافة المقترح تنفيذها فى إقليم القاهرة الكبرى يستهدف القيام بعدة أدوار منها تجميع الحاويات الفارغة، فى حين يعانى نشاط النقل البحرى من عدم وجودها من الأساس، وهناك اتجاه من قبل الخطوط الملاحية العالمية إيقاف عمليات تحويل الحاويات الفارغة من الشحنات القادمة إلى السوق المحلية.
وتابع أن وزارة الصناعة والتجارة لديها خطط وتوجهات بارتفاع الصادرات المصرية، فى حين أن معظم الصادرات تتركز فى الحاصلات الزراعية، مشيرًا إلى أن نمو حاجة الموانئ الجافة مرتبط بزيادة التصنيع.
وقال الدكتور حمدى برغوت، خبير النقل البحرى واللوجستيات، إنه يتوقع نجاح حزمة مشروعات الموانئ الجافة بسبب واحد، وهو تولى القطاع الخاص الإدارة والتشغيل، لأنه أجدر فى التخطيط والمسؤولية عن الجهات الحكومية.
وأضاف لـ«المال»، لا بد أن يوضع للميناء الجاف استراتيجية محكمة لآليات العمل المستقبلى وتشمل الخدمات المقدمة، مصحوبة بتطبيق أفضل البرامج التكنولوجية سواء فى تخزين البضائع أو خروجها، أو طريقة عرص الخدمة نفسها لجذب أكبر عدد ممكن من العملاء.
وأوضح «برغوت»، أن وجود الموانئ قرب مناطق صناعية أحد عوامل النجاح، لأنه سيمكن من عملية الشحن والتفريغ والتخزين والتخليص الجمركى لبضائع المصنعين، فضلًا عن أنه سيوفر فرص عمل سواء داخل أسواره أو بالقرب منه.