حددت شركة كلاركسون بلاتوه المتخصصة فى أعمال الوكالة الملاحية، عددا من التغيرات والمشاكل التى واجهت نشاط الصب الجاف خلال الفترة الأخيرة.
وأشارت الشركة فى دراسة تفصيلية أعدتها وناقشتها فى اجتماع ضم قيادات السوق الملاحية الفترة الماضية، إلى وجود تأثيرات على سوق الشحن بضائع الصب الجاف، بداية من انتشار فيروس كورونا وتداعيات الأزمة، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية، وزيادة حجم الطلب على الصب الجاف، علاوة على استمرار الاضطرابات اللوجستية، مرورا بالنقص من المعروض نتيجة حظر بعض الدول لتصدير منتجاتها، نهاية بارتفاع أسعار السلع خاصة الحبوب بكافة أنواعها.
وأوضحت الدراسة التى حصلت «المال» على نسخة منها، أنه رغم الارتفاعات فى أسعار السلع، إلا أن حجم التجارة البحرية لا يزال فى حالة نمو مدفوعة بتحفيز من الحكومات لمواجهة التراجع فى نمو الناتج المحلى الإجمالى عالميا، وفى نفس الوقت هناك تغيرات فى الطلب على البضائع المنقولة بحراً فى بعض البلدان نتيجة إعادة ضبط الطرق التجارية ومواءمتها مع الجغرافيا السياسية.
وأوضحت الدراسة التى ناقشتها هنرييت فان نيكيرك عضو مجلس الإدارة ورئيس تحليل سوق البضائع السائبة الجافة فى كلاركسونز بلاتو، إلى أنه لا تزال إمدادات الأسطول ضيقة مع هجرة صناعة الشحن خلال فترة التحول للنقل الأخضر وتقليل الانبعاثات الناتجة منها.
وأكدت على أن تلك القيود تعمل على استمرار أسعار الشحن عند مستويات مرتفعة، والذى يتزامن مع فترات ذروة وفتوحات موسمية.
وأشارت إلى أن الصراع فى أوكرانيا وما تلاه من استجابة دولية أثر بشكل واسع النطاق على أسواق الشحن، وهو ما أدى إلى تعليق العديد من الموانئ التجارية للعمل، إضافة إلى عرقلة نقل خام الحديد والحبوب والصفقات من الصب الجاف خاصة الشحنات الصغيرة.
وتوقع تقرير الشركة أن يشهد العرض من الحبوب تقلصاً خلال الفترة المقبلة، وهو ما يعمل على استمرار ارتفاع الأسعار مع وجود منافسة من العديد من دول العالم.
ولفتت إلى أن المعروض من الحبوب خلال العام المالى 2021 – 2022 وصل إلى 237.5 مليون طن، وذلك مقابل 228 مليون طن خلال 2022 – 2023.
وتوزع بين عدد من الدول والتى تشمل الولايات المتحدة، والأرجنتين، والبرازيل، ودول الاتحاد الأوروبى، وروسيا، وأوكرانيا، وعددا من الدول تساهم بكميات ضئيلة.
توقعات بصعود قيمة الفحم نتيجة توقف إمدادات الغاز
وأوضحت الدراسة أن السوق شهدت مؤخرا تخلصا تدريجيا من الشحنات الروسية وتعطيل التجارة المختلفة، لاسيما تجارة الفحم، موضحة أن توقعات الطلب على الفحم لا تزال قوية، نتيجة زيادة أسعار الغاز المرتفعة عالميا بعد وقف تصديره من روسيا إلى مختلف الأسواق الأوروبية.
واستطردت، أن إمدادات الفحم مع تم ذكره، غير قادرة على التعامل بشكل كاف مع الفجوة الظاهرة حاليا بسبب نقص الإمدادات الروسية، حيث سيكون مجرد إعادة توجيه الصفقات، كما تواجه تحديًا بسبب عدم كفاية البنية التحتية والشركاء التجاريين الكبيرين.
وتوقعت دراسة شركة كلاركسون أن تواجه إمدادات الحبوب والمحاصيل الأوكرانية خلال موسم 2022 – 2023 من الحاصلات الزراعية التى تدخل فى صناعة الغذاء أزمة، وهو ما يزيد من معدلات التضخم عالميا، إضافة إلى إثارة المخاوف من أزمة فى الغذاء.
وأشارت إلى أن الأزمات ستؤدى إلى عدم التوازن بين الغذاء الباهظ الثمن والوقود المرتفع سعره أيضا، مما سيكون له تأثير على الحبوب المنقولة بحرا.
كما أن الأزمة «الروسية – الأوكرانية» أدت إلى الاندفاع لتأمين بعض السلع وإعادة توجيهها بشكل غير منظم، وكانت التجارة داعمة لأسعار الشحن.
وكشفت عن أن أوكرانيا صدرت 125 مليون طن فى عام 2021 خاصة من الأقماح والتى تعد من أهم السلع الاستراتيجية.
ولفتت إلى أن مصر من الدول المهمة فى عملية التجارة البحرية، إذ تصل حجم الواردات المصرية سنويا، إلى نحو 50 مليون طن، موزعة بين 12 مليون طن من القمح، و12، و10 ملايين طن من الذرة، ونحو 4 ملايين طن من فول الصويا و10 ملايين طن مدخلات الحديد، فضلا عن 2.5 مليون طن من المنتجات الخشبية، و 5 ملايين من الفحم.
وأكدت على أن الصادرات المصرية سنويا، تصل إلى نحو 15.3 مليون طن مترى، موزعة بين 9 ملايين طن مترى أسمنت، و4 ملايين أسمدة، و1.6 مليون حديد و11 مليوناً منتجات أخرى متنوعة.
وتوقعت أن تسعى مصر لزيادة شحنات القمح من موردين بديلين عن روسيا وأوكرانيا، لافتة إلى أن معظم المصادر الأخرى فى أماكن أبعد وربما يتم تغيير نوع السفينة المستخدمة فى عملية النقل.
وأوضحت أنه من قراءة المشهد حاليا فإن بدائل مصر من واردات الحبوب ستكون، الولايات المتحدة، وكندا، واستراليا، والأرجنتين، والهند، والتى تبعد جميعها عن روسيا وأوكرانيا ودول البحر الأسود، وذلك فى ظل العرض المحدود الذى يعمل على ابقاء السعر مرتفعًا، حيث تتنافس البلدان على الشراء.
ارتفاع الأسعار يشكل تحدياً فى اختيار الأسواق البديلة لتوريد الحبوب لمصر %82
وذكرت أن أسعار نوالين الشحن ارتفعت خلال الربع الأول من العام الجارى بنسبة %82 مقارنة بنفس الفترة فى عام 2015.
وأشارت إلى أن أسطول الصب الجاف من فئة بنامكس شهد نموا بنسبة %3.5 فى عام 2021، فيما تباطأ إلى %3.3 فى عام 2022، ومتوقع أن يرتفع إلى %3.7 فى عام 2023 ، وذلك بالتزامن مع 59 سفينة قيد الطلب فى عام 2024.
أما السفن سوبر بنماكس – 40 ألف – 66 ألف طن من الوزن الساكن- فقد تباطؤ نمو الأسطول من %3.3 فى عام 2021، و %3.3 فى عام 2022 ثم إلى %2.7 فى عام 2023، مع وجود 64 سفينة قيد الطلب فى عام 2024.
أما بالنسبة للسفن التى تصل من -40-10 ألف طن ساكن- فشهدت تباطؤ نمو الأسطول من %2.0 فى عام 2021 و %1.5 فى عام 2022 و %1.2 فى عام 2023 ، مع وجود 21 سفينة تحت الطلب لعام 2024.
وأدت زيادة عمليات التسليم مقابل الانخفاض فى نمو الطلب فى النصف الثانى من عام 2022 إلى زيادة الضغط على الأسعار، وفقا لدراسة شركة كلاركسون.
وأشارت الدراسة إلى أن تركيبة واردات مصر من الحبوب تغيرت خلال السنوات الخمس الماضية، مشيرة إلى أن روسيا كانت المورد الرئيسى من الربع الأول من عام 2017 وحتى الربع الأول والرابع من العام قبل الماضى 2020 لتنخفض تلك الكميات لصالح مناطق أخرى خاصة رومانيا وأوكرانيا.
ولفتت إلى أن السفن القديمة العاملة فى نشاط الشحن البحرى فى نقل الصب ستحاول التكيف خلال الفترة المقبلة والعمل دون الالتزام بشروط تخفيض الانبعاثات، خاصة مع عدم وجود عقوبات حتى الآن.
كما أنه سيكون هناك صعوبة فى الامتثال لتلك التعليمات بحلول عام 2026، والتى سيتم فرض عقوبات وقتها على السفن التى لم تلتزم بشروط الجهات العالمية الصادرة فى هذا الشأن.
من جانبه، علق أحمد شوقى رئيس لجنة الشحن والتفريغ بغرفة ملاحة الإسكندرية، على أن الفترة الأخيرة شهدت قفزات غير مسبوقة فى أسعار الصب الجاف، سواء القمح أو الذرة أو الفحم، نتيجة ارتفاع الطلب على البضائع من ناحية، فضلا عن أن الحرب الحرب الروسية الأوكرانية كانت سببا رئيسيا فى زيادة الأسعار.
وأضاف أن الشهر الماضى شهد استقرارا ملحوظا فى سوق الصب الجاف النظيف من القمح والذرة وفول الصويا، إذ انخفض السعر قرابة 100 دولار للطن ليصل القمح تقريبا من 350 – 380 دولاراً فى المتوسط، بعد أن كان قد ارتفع الى 480 دولاراً بعد وجود انفراجة نسبية فى الإفراج عن السفن التى كانت محملة بموانئ دول الحرب، بالاضافة إلى بحث المستوردين الى أسواق بديلة.
وأشار الى أن وزارة التموين طرحت مناقصات لتوريد كميات من القمح رغم استمرار موسم الحصاد، تحسبا لارتفاع وتيرة الحرب الروسية الأوكرانية، ودخول دول أخرى ضمن الحرب خاصة من بعض دول الاتحاد الأوروبى.
من جهته، أكد أسامة عدلى المدير التجارى لشركة وكالة الخليج، أنه من المتوقع هدوءا نسبيا فى أسعار الحبوب، إلا أنه توقع ارتفاع الإجمالى فى حالة الاعتماد على أسواق أخرى بديلة لأنها ستكون بعيدة نسبيا مثل الأرجنتين والبرازيل والمكسيك والهند، مقارنة بسوق روسيا وأوكرانيا، والتى يتم الاستيراد منها قرابة %42 من احتياجات مصر من الحبوب.
وأرجع ارتفاع الأسعار التى تلقتها هيئة السلع التموينية مؤخرا لتوريدات شهر يوليو وأغسطس إلى الارتفاع فى النوالين المتوقع فى استيراد تلك الكميات، خاصة أنه تم طرح تلك المناقصات تسليم على ظهر المركب.