أسباب عزوف التوكيلات الملاحية عن استغلال مبادرة تخزين البضائع بالمستودعات الخارجية

رغم إطلاقها نهاية أغسطس الماضى

أسباب عزوف التوكيلات الملاحية عن استغلال مبادرة تخزين البضائع بالمستودعات الخارجية
السيد فؤاد

السيد فؤاد

7:47 ص, الأحد, 20 نوفمبر 22

كشف عدد من العاملين بنشاط النقل البحري، عن أسباب عزوف شركات الاستيراد والتوكيلات الملاحية عن المشاركة فى مبادرة مصلحة الجمارك بخروج البضائع خارج الموانئ المصرية، وتخزينها بالساحات والمستودعات الخارجية.

يأتى ذلك على خلفية عدم مشاركة العديد من أصحاب الشأن من المستوردين والتوكيلات الملاحية على سحب البضائع من الموانئ وتخزينها بالخارج، بالرغم من صدور تعليمات تعمل على تسهيل هذا الإجراء، وتخفيف الأعباء عن البضائع نتيجة تحملها غرامات الأرضيات والتخزين بالموانئ.

وفى هذا الصدد أشار عبدالعال علي، رئيس لجنة الجمارك شعبة خدمات النقل الدولى، بغرفة تجارة الإسكندرية، إلى أن عدم وجود إقبال على المبادرة يرجع إلى صعوبة موافقة الشاحن أو ما يعرف بـ«صاحب البضائع» بخروجها من الميناء دون أن يحصل على مستحقاته كاملة.

وأضاف أن التوكيل الملاحى يُعد ممثلًا لصاحب الشأن الخارجي، ولا يمكن أن يقوم السماح بخروج البضائع من الميناء دون إذن مسبق من صاحبها، مشيرًا إلى أن التوكيل الملاحى يقوم بإصدار إذن التسليم لمستخلصى الجمارك، وسحب البضائع بعد أن يتم دفع كافة المستحقات الخاصة بالبضائع، سواء مقابلها أو الرسوم المستحقة عليها.

وتابع « على» أن الأسابيع الأخيرة شهدت عدة قرارات من قبل وزارة المالية والبنك المركزى أدت إلى انفراجة جزئية، فى البضائع المكدسة بالموانئ.

ولفت إلى أن أهم تلك القرارات كان إعفاء البضائع التى تقل قيمتها عن 500 ألف دولار من نظام الاعتماد المستندي، وهذه النوعية من البضائع تصل إلى قرابة %90 من الواردات المصرية التى كانت مكدسة بالميناء.

وأشار « على » إلى أن القرارات التى صدرت كانت تتعلق بالإفراج عن البضائع الواردة بغرض الاستخدام الشخصى دون شرط تقديم نموذج 4، موضحًا أن كافة مستلزمات الإنتاج الخاصة بالمصانع تأتى ضمن هذا النوع من البضائع، كما تمثل تلك النوعية من البضائع جزءا من حجم التكدس بالموانئ، وتم البدء فى سحب معظمها خلال الأيام الأخيرة.

بدوره أشار محمد العرجاوي، نقيب المستخلصين الجمركيين بالإسكندرية، وعضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إلى أن خروج البضائع من الموانئ وتخزينها فى مستودعات خارجية من شأنه تخفيف الرسوم التى يتم دفعها من قبل صاحب الشأن أو المستورد على البضائع من رسوم أرضيات وتخزين، والتى تعد مرتفعة للغاية داخل الموانئ مقارنة بالمستودعات الخارجية.

وأضاف أن منظومة الجمارك قامت بمخاطبة كل من التوكيلات الملاحية وأصحاب الشأن، بينما القرار يتركز فى الشاحن الخارجى وهو «صاحب البضاعة»، والذى يرفض خروج البضائع من الميناء طالما لم يتقاض حقه.

وأشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تخفيف التكدس بالموانئ بعد القرارات الأخيرة، إلا أن هناك بعض الشركات قامت برفع رسومها بعد تحرك أسعار الصرف للعملات الأجنبية مقابل الدولار، مثل الشركة الصينية للحاويات بميناء الإسكندرية، متوقعًا أن تقوم شركات أخرى مماثلة بنفس الإجراء.

وتوقع ارتفاعات جديدة فى أسعار السلع نتيجة ارتفاع سعر الصرف، إذ كان يتم تقييم البضائع على سعر 19.5 جنيه، لتصل إلى قرابة 24.2 جنيه، بالإضافة إلى القيمة المضافة والأرباح التجارية، مع زيادة عمليات الاستيراد بعد إلغاء نظام الاعتماد المستندى نهائيا خلال الفترة المقبلة.

من جانبه أشار محمود عبدالرحمن، الخبير الملاحي، إلى أن مصلحة الجمارك قامت بتعديل الضوابط الخاصة بسحب التوكيلات الملاحية البضائع من الميناء عن طريق التوكيلات الملاحية، وذلك بسبب عدم نجاح المبادرة حتى الآن.

وأشار إلى أن الهدف وراء التعديل لتلك الضوابط هو عدم تقدم التوكيلات الملاحية للحصول على الاشتراك بالمبادرة، بالرغم من صدورها من قبل وزارة المالية ومصلحة الجمارك.

وأوضح أن الجمارك رغم تعهدها بأنه لن يتم التصرف فى البضاعة أو الإفراج عنها ما لم يصدر إذن التسليم نهائيا أو موافقة التوكيل الملاحي، إلا أن صاحب الشأن والتوكيل الملاحى لن يستجيب لتلك المبادرة بسبب أن المستودعات الخارجية المخصصة لاستقبال البضائع منخفضة، وتتمثل فى مخازن شركة المستودعات العامة فقط «التابعة للشركة القابضة للنقل البحرى»، بينما كافة المخازن الأخرى تختص بالفوارغ فقط «الحاويات الفارغة» أو إصلاح الحاويات.

وتوقع زيادة الرسوم والتكاليف التى ستضاف على البضائع بالموانئ نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، خاصة أن معظم شركات الحاويات تتعامل بالدولار أو ما يقابله بالجنيه المصرى.

من جهته، أشار هانى عبد الرشيد، وكيل خط التاروس الإيطالي، إلى أن أسباب عدم خروج البضائع خارج الموانئ إلى الإيداعات الخارجية تتمثل فى ارتفاع تكلفة الإجراءات التى تتم على البضائع، والتى قد تصل إلى نفس الإجراءات المتبعة فى الإفراج عن البضائع، وبالتالى تواجه المبادرة عزوفا من قبل التوكيلات وأصحاب الشأن عنها.

وتابع: الاجراءات فى حد ذاتها معقدة لخروج البضائع من الموانئ، وتستغرق وقتا أطول، وبالتالى لم يقبل عليها أصحاب الشأن على أمل أن يتم حدوث انفراجة من الأسباب التى كانت تؤدى إلى تكدس البضائع بالموانئ مثل صعوبة تدبير الدولار.

وِأشار «عبدالرشيد» إلى أن الإيداعات الخارجية تتمثل فى إيداعات للحاويات المشتركة (ال سى ال)، ومعظم الإيداعات المرخصة الخارجية تتمثل فى هذا النشاط وتصل إلى 4 شركات، ويتم محاسبة العميل بها بالمتر وليس بالحاوية، خاصة أن الحاوية يتم اشتراك أكثر من مستورد فى حاوية واحدة.

أما المخازن المخصصة لتخزين الحاويات الكاملة فى معظمها مخصصة للفوارغ فقط، والبعض الآخر غير مرخص، وبالتالى لا توجد فراغات يمكنها استقبال كافة الشحنات التى تدخل للموانئ المصرية.

وأكد أن العامل الرابع يتمثل فى صعوبة تأمين تخزين الحاويات بالإيداعات الخارجية، فى ظل ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، وبالتالى أصبحت البضائع باهظة الثمن، ومن الصعب أن يغامر المستورد أو التوكيل بتخزين البضائع خارج الموانئ فى الوقت الراهن.

وأكد أن الفترة الأخيرة شهدت حملة ممنهجة على التوكيلات الملاحية حول تحصيلها للغرامات على البضائع، وهو ما دعا مصلحة الجمارك إلى البدء فى تنفيذ تلك المبادرة.

وقال «عبدالرشيد» إلى أن تلك الغرامات تنقسم إلى غرامات يتم تحصيلها من قبل التوكيل الملاحى للخط الملاحى «صاحب الحاوية» نتيجة تأخير الإفراج عن البضائع تفريغها، فى الوقت الذى منح فيه الخط مدة سماح، إلا أنه بسبب صعوبة تدبير الدولار والإجراءات الجمركية المختلفة أدت إلى تأخير هذا الإجراء، وبالتالى يتم تحصيل تلك الغرامات.

وأوضح أنه فى حالة تفريغ الحاوية واستعادتها مرة أخرى للخط الملاحى وتشغيلها مرة أخرى يكون الربح من وراء تشغيلها ضعف الغرامات المحصلة، وبالتالى من مصلحة التوكيل الملاحى عدم تحصيل غرامات، واستعادة الحاوية للخط الملاحى.

أما الشق الثانى من الغرامات فيتمثل فى الأرضيات التى يتم تحصيلها من محطات الحاويات، والتى فى معظمها شركات محلية تابعة لوزارة النقل، أو شركات أجنبية تساهم فيها الجهات الحكومية، ويمكن إعفاء أصحاب الشأن من تلك الغرامات، وتشجيع الاستيراد أو تخفيض أسعار السلع.

وكانت قد أصدرت مصلحة الجمارك منشور إجراءات رقم 19 لسنة 2022 والذى يأتى بشأن تعديل المنشور رقم 15 لسنة 2022 والخاص بالسماح بسحب الحاويات من الميناء قبل إصدار إذن التسليم من التوكيلات الملاحية إلى المستودعات الخارجية.

ونص المنشور الجديد على تعديل المادة الأولى من المنشور رقم 15 لسنة 2022 والصادر فى سبتمبر الماضي، لتضمن أنه فى حالة الرسائل الواردة من الخارج ولم يصدر لها إذن تسليم، يتم اتباع عدد من الإجراءات وهى أن يتقدم صاحب الشأن أو وكيله بطلب للتوكيل الملاحى ليقوم التوكيل الملاحى بنقل الرسالة إلى الإيداعات الخارجية المرخص بها جمركيًّا وفقًا للإجراءات الجمركية المعتادة للتخزين بموجب طلب إرسال (شهادة ترانزیت) وطلب تخزين باسم التوكيل الملاحى وعلى مسئوليته، وذلك دون الإخلال بمسئولية مالك البضاعة ووفقًا للضمانات المقبولة جمركيا.

كما يكون للمستورد طلب نقل البضاعة من داخل الموانئ الجمركية إلى المستودعات أو الموانئ الجافة بدون إذن تسلیم بعد موافقة التوكيل الملاحي، وعلى مسئولية المستورد وكذلك نفقته، كما لا يتم اتخاذ أى إجراء على البضائع المنقولة إلى الإيداعات الخارجية بالإفراج النهائى عنها إلا بعد إصدار إذن التسليم لصاحب البضاعة.

وخلال 18 أكتوبر الماضي، أكد اللواء بحرى محمد عبدالعزيز برايا، نائب رئيس الهيئة الاقتصادية العامة لقناة السويس، أنه ورد للهيئة خلال 10 أكتوبر خطاب من قبل وزير المالية الدكتور محمد معيط بشأن قيام الهيئة بمخاطبة التوكيلات الملاحية وشركات تداول الحاويات «الشركات الخازنة» وكافة الجهات المعنية وحثهم على الإسراع فى تنفيذ التعليمات الصادرة، وتقديم التيسيرات المطلوبة من أجل سرعة نقل الشحنات المتواجدة بالموانئ إلى المستودعات المقامة خارج الموانئ، وفقًا للقواعد والإجراءات المقررة تجنبًا لزيادة التكدس داخل الموانئ، وخفض تكلفة الغرامات على المستوردين والمستثمرين.

وفى هذا الصدد، أكد اللواء رضا إسماعيل، رئيس قطاع النقل البحري، أن المبادرة تأتى لتخفيف تكدس الموانئ، وزيادة الفترة المسموح بها لمختلف السلع والبضائع قبل أن يتم تحويلها إلى بضائع مهمل لتكون 4 أشهر بالنسبة للبضائع سريعة التلف، أو 6 أشهر للبضائع التقليدية.

ولفت إلى الاتجاه نحو تقليل الغرامات التى يتم فرضها على البضائع المنتظرة داخل الموانئ، خاصة أن المعاملات البنكية كانت السبب الرئيسى فى عملية التأخير، فى حين أن معظم الموانئ لديها طاقات استيعابية لتخزين البضائع، إلا أن المستوردين يفضلون التخزين خارج الميناء بسبب قلة رسوم التخزين خارج الدائرة الجمركية.