أيمن عزام
قال خبراء إن اقتراب اليوان الصينى من الانضمام الى سلة عملات الاحتياط العالمية بجانب الدولار واليورو يبشر باستعادة استقرار الاقتصاد العالمى.
وأشاروا الى ان المستثمرين والحكومات استفادوا من تراجع الفائدة على الدولار مما دفعهم لاقتراض المزيد من عملة أكبر اقتصاد فى العالم خلال العقد الاول من القرن الواحد والعشرين.
واشتكت الصين من تزايد الاعتماد على الدولار مما دفعها فى عام 2009 للمطالبة بتقليص الاعتماد على الدولار وإنشاء عملة للاحتياطيات السيادية العالمية، ولأن الاقتراح لم تتم الاستجابة له فقد دشنت الصين حملة لإدراج اليوان ضمن وحدة حقوق السحب الخاصة التى تصدر عن صندوق النقد الدولى.
وتعد وحدة حقوق السحب الخاصة عبارة عن نوع من الحساب الذى يتيح للدول الأعضاء فى صندوق النقد الدولى السحب على المكشوف والتحويل الى الدولار واليورو والجنيه الإسترلينى والين.
وقال الصندوق يوم الجمعة الماضى إن اليوان استوفى الاشتراطات اللازمة لإدراجه ضمن هذه الوحدة.
وقال ستيفن جين، الخبير الاقتصادى السابق فى صندوق النقد الدولى والمؤسس المشارك فى شركة اس ال جى ماكرو بارتنرز فى لندن، إن هيمنة الدولار على النظام المالي- النقدى العالمى هو وضع غير مستقر وغير قابل للاستمرار.
وكشف أحدث مسح لبنك التسويات الدولية عن مشاركة الدولار فى نسبة %87 من تعاملات الصرف الأجنبى، مضيفا ان البنك فى بيان له عام 2013 أنه لم تظهر حتى الآن عملة قادرة على منافسة الدولار الأمريكى ومنازعته مكانته كعملة عالمية، بينما أكد أن اليورو قد هبطت قيمته عقب اندلاع أزمة الديون الأوروبية.
وتعد الصين مؤهلة لتقديم عملة تستطيع لعب دور مكمل للدولار، إذ إنها تعد ثانى اكبر اقتصاد فى العالم، وتفرض حاليا قيودا على اجتذاب وإخراج الأموال من الصين وعلى كمية الأموال التى يستطيع المستثمرون الأجانب شراءها، وهو ما يعنى أن الدور الذى سيلعبه اليوان سيكون محدودا.
وحصول اليوان بشكل رسمى على وضعية عملة الاحتياطى لا يزال يتطلب موافقة المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى، على أن يتم التنفيذ فى اواخر عام 2016.
وقام جاكوب جى. ليو وزير الخزانة الأمريكى بإبلاغ نائب رئيس الوزراء الصينى وانج يانج اثناء حضور اجتماعات مجموعة العشرين أن الولايات المتحدة تنوى دعم إدراج اليوان ضمن وحدة حقوق السحب الخاصة طالما ظل اليوان يستوفى معايير صندوق النقد الدولى.
ويتوقع بنك جى بى مورجان تشيس أن الخطوة الأخيرة ستدفع البنوك المركزية العالمية وصناديق الثروة السيادية لضخ نحو 350 مليار دولار فى سوق السندات الصينية خلال السنوات الخمس المقبلة، وتظل هذه الكمية قليلة مقارنة بقيمة سندات الخزانة التى تحتفظ بها الصين والتى تقدر بنحو 1.27 تريليون دولار.
وقالت الوكالة إن اليوان حقق إنجازا كبيرا بإدراجه ضمن وحدة حقوق السحب الخاصة، لكن تحوله ليصبح عملة عالمية قادرة على التمويل والاستثمار بجانب اليورو والدولار سيحتاج لبعض الوقت، لأن الصين تواجه انتقادات بشأن عدم الالتزام بحكم القانون فى ظل خضوع نظامها القضائى لإشراف الحزب الشيوعى.
وأضاف جين “تحتاج الصين لتطوير والإفصاح عن قوة ناعمة، حتى يتسنى لها اقناع العالم بحيازة اصولها وعملتها، ويتم قياس هذا بالإعجاب العام وبثقة المستثمرين العالميين فى الصين، وهو أمر يصعب بناؤه وابرازه.
ولحقت اضرار بمصداقية الجهات الرقابية الصينية عندما تدخلت بسلسلة من التدابير الاستثنائية عندما انهارت الأسهم فى الصين الصيف الماضى.
وتلقت الأسواق المالية مفاجأة اخرى عندما تراجعت قيمة اليوان فى اغسطس الماضى، لتقترب الصين من تحديد سعر صرف عملتها اعتمادا على قوى السوق، وعندما ارتفعت الضغوط البيعية تدخلت الصين لرفع قيمة اليوان، مما أدى لتخفيض قيمة الاحتياطيات الأجنبية المتاحة لديها.
واتجهت الصين لتطبيق اصلاحات شملت فتح أسواقها المالية وتخفيض دور الدولة فى تحديد اسعار الإقراض والعائد على إيداعات المدخرين.
وقاد الرئيس الصينى اكس جنبنج ورئيس الوزراء لى كيجيانج خطة خمسية تستهدف تنفيذ تعهد بزيادة دور القوى السوقية فى الاقتصاد الصينى.
وقال دانيل روزن، الشريك لدى شركة روديوم جروب الاقتصادية البحثية “تتوقف مساهمة اليوان فى الاستقرار الاقتصادى العالمى سواء بتعزيزه أو الإضرار به على الاستقرار الاقتصادى الصينى فى الداخل، واذا استمرت الصين فى تطبيق الاصلاحات خلال الأشهر الـ24 المقبلة، بما فى ذلك اقرار اصلاحات تطال المشروعات التى تطلقها الدولة وفتح البلاد أمام الواردات والاستثمارات الخارجية فتصبح توقعات اضطلاع اليوان بدور ايجابى اكثر قبولا.
وتسعى الصين حاليًا لإطلاق مبادرات اخرى لتعزيز دور عملتها على الساحة العالمية عن طريق إنشاء بنك الاستثمار فى البنية التحتية الآسيوية وطريق الحرير الذى يعزز الارتباط بدول وسط وجنوب شرق آسيا.
وتتوقع جيان تشانج الخبيرة الاقتصادية لدى بنك باركليز فى هونج كونج أن إدراج اليوان ضمن وحدة حقوق السحب الخاصة ستزيد من استخدام العملة فى ابرام المعاملات التجارية والمالية عالميًا على المدى المتوسط. وقال شين جيانجونج الخبير الاقتصادى لدى بنك ميتسو سيكيورتز آسيا فى هونج كونج إن صعود اليوان واستخدامه كعملة عالمية سيسهم فى تحويل النظام النقدى العالمى الى نظام متعدد الاقطاب.
وكانت عملات الأسواق الناشئة قد انهارت عام 2013 عندما قرر بنك الاحتياط الفيدرالى إنهاء التيسير الكمى، ومن المتوقع ان تلحق اضرارا مماثلة بهذه العملات فى الوقت الراهن حال اتخاذ البنك قرارا برفع أسعار الفائدة.