من تراب الطريق (1262)

رجائى عطية

8:24 ص, الأربعاء, 16 فبراير 22

رجائى عطية

رجائى عطية

8:24 ص, الأربعاء, 16 فبراير 22

محمد فريد الزعيم النبيل الشهيد (6)

استأنف شهيد الوطنية سعيه، فحضر مؤتمر السلام الذى عقد فى عاصمة هولندا فى أغسطس 1913، وحضره معه بعض أقطاب الحزب الوطنى، وتحدث فيه عن شئون مصر وحركتها الوطنية وتطلعها إلى حقها فى الاستقلال.

وإذ عاد من هولندا إلى جنيف، فقد لبى دعوة «جمعية أبى الهول» التى كان يرأسها الدكتور يحيى أحمد الدرديرى، وأقامت له الجمعية حفل تكريم فى آخر ديسمبر 1913.

وفى لندن، اشترك الوطنى المجاهد فى مؤتمر الأجناس المضطهدة المعقود فى فبراير 1914، واستثمر حضوره فى بسط القضية الوطنية المصرية، فكعادته انصبت خطبته على الأحوال فى مصر وقانون الصحافة فيها، ووجوب تحريرها من ربقة قانون المطبوعات، ونجح فى دفع المؤتمر إلى تضمين توصياته إرسال برقيتين إلى الخديو وإلى الجمعية التشريعية بإلغاء قانون المطبوعات والقوانين الاستثنائية والعفو عن المحكوم عليهم بمقتضاها.

ومن لندن، انتقل محمد بك فريد إلى ليون، ليساهم وبعض المحامين منهم الأستاذ عزيز ميرهم المحامى وعضو مجلس الشيوخ فيما بعد، فى احتفالية ضخمة أقيمت 29 مايو 1914، وحضرها فيمن حضروا من كبار المسئولين الفرنسيين الأستاذ «لامبير» ناظر مدرسة الحقوق الخديوية السابق فى مصر، والأستاذ بكلية الحقوق بليون. يقول لهم محمد فريد بيانا لبدء اليقظة المصرية: «لا تظنوا أن أبا الهول نائم.. كلا فإنه ينام بإحدى عينيه، وينظر بالأخرى إلى الأمم الفاتحة التى توالت على مصر، وذهبت كأمس الدابر !!».

ومن ليون إلى مؤتمر الشبيبة الذى اختير محمد فريد رئيسـا له، والمعقــود فى جنيــف فى 25 يوليو 1914، وألقى فيه خطبة عن تاريخ الحركـة الوطنية المصرية، وكـذا المحامـى السكندرى الأستاذ عبد العزيز خضر.

مصر للمصريين وموقفه فى تركيا.

يذكر الكُتَّاب، للأستاذ أحمد لطفى السيد أستاذ الجيل، دعوته أن تكون «مصر للمصريين» والتصقت به هذه الدعوة حتى صارت تنسب إليه، ولكن الإنصاف يقتضى الإشارة إلى شركاء فى هذه الدعوة.. وكان الأستاذ محمد بك فريد من السباقين إلى اعتناق أن تكون مصر للمصريين، وحيال الترك أيضا، وتبنى هذه الدعوة فى اجتماع الوطنيين المصريين بجنيف فى ديسمبر 1915، وفى خطبته أعلن أن مطالبته هى بالاستقلال التام عن كل من انجلترا وتركيا، وعرَّضه ذلك لجفاء وشكوك الأتراك، وبسبب ذلك لاقى حال وجوده بالآستانة فى فبراير 1916 لاقى عنتا وتضييقا من السلطات التركية ومن طلعت بك (باشا) وزير الداخلية، ويروى أحمد شفيق باشا فى مذكراته (3/ 364 – 368) ما صادفـه محمد بك فريد من عنت فى الآستانة واللقاء الجاف الذى دار بينه وبين طلعت بك (باشا)، كما يروى الرافعى (محمد فريد 392/ 393) ثبات وصلابة محمد بك فريد وموقفه المشرف فى هذا اللقاء ومصادرته على التحقيق الذى أرادوا إجراءه معه!

يُعقّب عباس العقاد على ذلك (رجال عرفتهم كتاب الهلال) فيقول إن محمد فريد: «قد غادر وطنه والعداء بينه وبين الخديو عباس على أشد ما يكون العداء، وقد علم وهو فى الآستانة أن العسكريين من رجال الدولة (العثمانية) يقصدون بالحملة على مصر فى أثناء الحرب العالمية الأولى أن يغيروا نظام الحكم فى البلاد المصرية ويتعرضوا لحقوقها وعرشها.. علم هذا وهو فى قبضة أيديهم، ولعله فى حاجة ماسة إلى كل معونة منهم، ولا ملاذ له من غضبهم فى مصر، لأنها موصدة أمامه، ولا فى أوروبا لأنها تضطرب بأهوال الحرب فى كل بقعة من بقاعها، فلم يحفل بشىء مما يصيبه من جراء غضبهم، وراح يعلنهم باستنكاره لخطتهم واحتجاجه عليهم، وعلق فى عروة كسائه شعار «مصر للمصريين» وقد كان أبغض شعار إلى القائمين بالأمر فى الآستانة يومذاك»!

www. ragai2009.com

[email protected]