مصاعب تواجه صفقة بين العراق و«توتال» بـ27 مليار دولار

خفَّضت الحكومة العراقية مستويات الإنتاج المستهدفة مراراً مع رحيل الشركات العالمية

مصاعب تواجه صفقة بين العراق و«توتال» بـ27 مليار دولار
أيمن عزام

أيمن عزام

8:19 م, الأثنين, 14 فبراير 22

تعثرت صفقة بين العراق و “توتال” الفرنسية بقيمة 27 مليار دولار، حيث كان يأمل العراق أن يعيد إتمام هذه الصفقة مع شركات النفط العالمية الكبرى للبلاد وسط خلافات على شروط ألغتها الحكومة الجديدة في البلاد.

ويواجه العراق صعوبات في جذب استثمارات كبيرة جديدة لقطاع الطاقة منذ أن وقَّع مجموعة من الصفقات في مرحلة ما بعد الغزو الأمريكي منذ أكثر من عشرة أعوام.

وخفَّضت الحكومة مستويات الإنتاج المستهدفة مرارا مع رحيل الشركات العالمية التي أبرمت هذه الاتفاقات بسبب ضعف العائد من عقود المشاركة في الإنتاج.

ووافقت “توتال” العام الماضي على الاستثمار في أربعة مشروعات للنفط والغاز والطاقة المتجددة في منطقة البصرة في جنوب البلاد على مدى 25 عاما، ووقَّعت وزارة البترول العراقية الاتفاق في سبتمبر 2021 بعد زيارة قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعراق.

صفقة بين العراق وتوتال

و كشفت ثلاثة مصادر عراقية من وزارة البترول ومن القطاع، أنَّ الوزارة لم تحصل على الموافقات على التفاصيل المالية للصفقة من جميع الإدارات الحكومية المطلوب موافقتها، وغرقت في خلافات منذ ذلك الحين.

وبعد الانتخابات البرلمانية تحتاج الصفقة الآن لموافقة الحكومة الجديدة، بما في ذلك وزير البترول، ووزير المالية؛ إذ لن يتوليا منصبيهما قبل مارس على الأقل، وقالت وزارة البترول العراقية، إنَّها تتوقَّع استكمال الصفقة مع “توتال إنرجيز” بعد ذلك.

و قالت “توتال إنرجيز”، إنَّها تحرز تقدما نحو إتمام الصفقة، لكنَّها أضافت: “الاتفاق يخضع لشروط يتعين على الطرفين الوفاء بها”.

وأثارت الشروط التي لم يعلن عنها أو تنشر من قبل مخاوف ساسة عراقيين، وقالت مصادر على صلة وثيقة بالصفقة، إنَّها شروط غير مسبوقة بالنسبة للعراق.

وكتبت مجموعة من النواب الشيعة لوزارة البترول خطاباً في يناير اطَّلعت “رويترز” على نسخة منه، يطالبون بالاطلاع على تفاصيل الصفقة، ويسألون عن سبب توقيعها دون إجراءات تضمن المنافسة والشفافية، ويمكن للبرلمان أن يجبر الوزارة على إعادة النظر في الصفقة أو إلغائها.

10 مليارات دولار

و تقول المصادر، إنَّه بموجب مسودة الشروط؛ تعوّل “توتال” على الحصول على 10 مليارات دولار من الاستثمار الأولي لتمويل المشروع الأوسع نطاقاً عن طريق بيع النفط من حقل أرطاوي النفطي، وهو أحد المشروعات الأربعة في الاتفاق الأشمل.

ويضخ حقل أرطاوي بالفعل 85 ألف برميل يومياً، وبدلاً من أن تحصل “توتال” على حصتها منها؛ تذهب العائدات إلى خزانة الدولة.

وذكرت مصادر من قطاع النفط العراقي منخرطة في المفاوضات أنَّه من المقرر أن تحصل “توتال” على 40% من مبيعات حقل أرطاوي، وهذه نسبة أعلى بكثير من بين 10 و15% مما كان المستثمرون يحصلون عليها في مشروعات سابقة من خلال عقود الخدمة التقنية العراقية التي تعوض الشركات الأجنبية عن رأس المال، وتكاليف الإنتاج، وتدفع رسماً ثابتا بالنفط الخام، وكلما زادت نسبة المشاركة في الإيرادات؛ زادت سرعة دفع مستحقات المستثمرين، وقلَّت المخاطر.

حوافز تنافسية

و يقول مسئولون بوزارة البترول، إنَّ العراق يحتاج كي يكون أكثر تنافسية مع دول أخرى منتجة للنفط لجذب مستثمرين كبار مثل: “توتال”، مضيفين: “نحتاج لتقديم حوافز أكبر”.

ولدى شركة “توتال” أيضاً تخوفات تتعلق بالصفقة؛ إذ كانت الشركة الفرنسية قد رفضت مشاركة شركة النفط الوطنية العراقية لها في المشروع، وهذا من أسباب تعطل الصفقة وفقاً لمصدرين.

ولم تعلن الحكومة الجديدة في العراق والبرلمان بعد الوضع القانوني الكامل لشركة النفط الوطنية العراقية، التي أعيد تشكيلها كي تضاهي “أرامكو” السعودية، مما يشكل خطراً بالنسبة لـ”توتال”.

نمت طاقة العراق الإنتاجية من ثلاثة ملايين إلى خمسة ملايين برميل يومياً في السنوات الأخيرة، لكن خروج شركات نفط كبرى مثل: “إكسون موبيل”، و”شل” من عدة مشروعات بسبب ضعف العائد يعني أنَّ النمو المستقبلي غير مضمون.

معايير بيئية واجتماعية

تراجعت أنشطة التنمية كذلك نتيجة التنامي في تركيز المستثمرين على المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، واستهدف العراق ذات مرة أن يصبح منافساً لمنتجين عالميين مثل السعودية التي تنتج 12 مليون برميل يومياً، أي أكثر من عشر الطلب العالمي.

وإلى جانب حقل أرطاوي؛ تشمل الصفقة مع “توتال” منشأة للطاقة الشمسية تنتج 1 غيغا وات من الكهرباء، ومنشأة تنتج 600 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً، ومشروعاً بتكلفة 3 مليارات دولار لإمدادات مياه البحر، وهو مشروع مهم لزيادة إنتاج النفط في جنوب العراق.

وتعطل المشروع الأخير كذلك؛ فقد قررت وزارة البترول العراقية في أغسطس من العام الماضي أنَّها تريد من مقاولي الإنشاءات دفع تكلفة المشروع على عكس اتفاق سابق تحددت فيه قائمة مصغَّرة من الشركات التي يمكنها التنفيذ بأموال حكومية، وقالت المصادر، إنَّ المشروع ما زال يجمع عطاءات للتمويل.