أعد فريق بحثى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى جامعة القاهرة، دراسة حول تحليل آثار فيروس كورونا على الاقتصاد المصري والسياسات المقترحة للتعامل مع تداعياتها.
يأتي ذلك فى إطار مبادرة جامعة القاهرة لدعم البحث العلمى للمساهمة فى إيجاد حلول لحل هذه الأزمة غير المسبوقة خلال العقود الأخيرة بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد.
وانقسمت الدراسة التى تم إعدادها من خلال قسم الاقتصاد ، إلى 6 أجزاء.
يهتم الجزء الأول ، بالوضع الصحي من حيث تفسير سلوك ونمط انتشار فيروس كورونا فى مصر الحالي والمتوقع وشكل منحنى انتشار الفيروس الوبائى، ثم مدى جاهزية القطاع الصحي المصري فى ظل مواجهه الفيروس، وذلك لأن أي أثر اقتصادي يتوقف على الحالة الصحية والقدرة على الاحتواء.
وناقش الجزء الثاني تقدير تداعيات الفيروس على المستوى الكلي للاقتصاد ومعدلات النمو المتوقعة والأثر على أهم المتغيرات الاقتصادية الكلية ومنها التضخم وسعر الصرف ومعدل البطالة في القطاع الرسمي وغير الرسمي وعجز الموازنة.
وعرض الجزء الثالث لتحليل أهم القطاعات التى تزامن تأثرها مع بداية الأزمة مباشرة وهم قطاع السياحة والطيران وقطاع التعليم.
وتناول الجزء الرابع للقطاعات الداعمة وتتمثل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقطاع المالي.
وناقش الجزء الخامس القطاعات الإنتاجية الأساسية مثل الزراعة والصناعة التحويلية.
أما الجزء السادس فعرض أهم النتائج والسياسات المقترحة للاحتواء والخروج الحذر من إجراءات التحوط والوصول لمرحلة التعافي، في خمس محاور أساسية بما يساعد على سرعة التعافي ودفع هيكل الإنتاج وبرامج الحماية الاجتماعية اللازمة لاحتواء الأزمة لأكثر الفئات تضرراً واستكمال خطة التنمية المستدامة.
وأشرف على الدراسة ، الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، والدكتور محمود السيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والدكتورة نجوى سمك رئيس قسم الاقتصاد.
الخشت: الوضع العالمى وصل إلى حالة غير مسبوقة فى التاريخ الحديث
وأشار الدكتور محمد الخشت، إلى أن الوضع العالمى وصل إلى حالة غير مسبوقة في التاريخ الحديث؛ حيث أصبح أكبر تحد أمام البشرية كلها وأمام وطننا، هو تحد للموت الأسود، وتحد لسير عجلة الإنتاج، وتحد للانكماش والركود الاقتصادي، وتحد لحرب نفسية من أعداء الوطن والبشرية.
وأوضح الخشت، أن كثيرا من الدول فشلت في مواجهة هذا الفيروس، سياسيا وطبيا، وفشل بعضها أخلاقيا، حيث في الوقت الذي تستولى فيه بعض الدول على المستلزمات الطبية المخصصة لدول أخرى، فإن مصر تقف بشجاعة مع الدول الأكثر تضررا وتقدم لها يد العون؛ فهذه أخلاق المصريين.
مصر اتخذت إجراءات غير مسبوقة للتخفيف من التداعيات الاقتصادية
وأكد رئيس جامعة القاهرة أنه لا شك أن انتشار فيروس كورونا في العالم، قد تسبب في حدوث اضطراب كبير في الاقتصاد والأسواق المالية على مستوى العالم، ولذا حاولت مصر التخفيف من التداعيات الاقتصادية، واتخذت إجراءات غير مسبوقة لمكافحة الجائحة بهدف إنقاذ الأرواح وحماية المجتمع والاقتصاد.
واستكمل الخشت: حيث أعلن الرئيس تخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة آثار فيروس كورونا لتغطية إجراءات الحماية والسلامة الصحية، بالإضافة الى مساندة الفئات والجهات المتضررة، وهو ما يمثل حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالى بالاعتماد على بيانات 2018/2019.
وأشاد الدكتور الخشت، بالاجراءات التى اتخذها البنك المركزي ،والتى اتسمت بالسرعة والديناميكية للتجاوب مع الأزمة العالمية، في مجال السياسات النقدية والاقتصادية، وطبقا لظروف مصر و خصوصيتها.
ولفت الي تقديم البنك المركزي ، دعما شاملا للشركات وللمستثمرين الصغار والعاملين خلال أزمة كورونا، كما قام باحتواء الضغوط التضخمية وحقق نجاحا شهدت به المؤسسات الدولية.
وقال إن الحكومة اتخذ حزمة من الإجراءات الاحتوائية بشكل استباقي لدعم الاقتصاد على كل المستويات والقطاعات لاسيما القطاع العائلي وقطاع الأعمال العام والخاص، وقدمت حزمة تسهيلات لتيسير عمليات الإنتاج وعمليات استيراد السلع الغذائية.
بالإضافة إلي إعطاء دفعة نقدية واقتصادية للاعتماد على زيادة الإنتاج المحلي، وكانت فرصة حقيقية لإثبات قوة عملية الإنتاج عندنا وفرصة لتطويرها.
وأضاف الدكتور الخشت، أن الجهاز المصرفى تمتع الجهاز بمعدلات سيولة متوازنة ومتغيرة، وعلى مستوى خفض أسعار العائد الأساسية تم التعامل في ضوء عدة عوامل تنسجم مع تحقيق معدل التضخم المستهدف واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.
ونوه إلي أن ذلك يؤكد قدرة البنك المركزي على تنوع القرارات حسب تغير الظروف وحسب سلوك المستهلكين والظروف المحلية والدولية.
واشار إلي أن قيام المركزي باتخاذ خطوة وضع حد للدفع النقدي، له فوائد عديدة منها، الخوف من مخاطر الازدحام مما يسبب العدوى، وعدم تخزين البضائع وسحبها من الأسواق، وحتى لا يتم تحويل الأموال من البنوك وحركة الاقتصاد الرسمي إلى الاقتصاد غير الرسمي وأوعية أخرى غير رسمية تضر بالاقتصاد، وحتى يتم قطع الطريق على أعداء الوطن للإضرار بحركة اقتصادنا.
رئيس الجامعة: مصر والعالم أمام نفق صعب يجب الاستعداد له
ورأي الدكتور الخشت، أن العالم ومصر أمام نفق صعب جدا، وسوف يتم تجاوزه ، ويجب علينا أن نستعد لمواجهة المرحلة الثالثة ومواجهة السيناريو الأسوأ الذي نرجو ألا يحدث.
وقال الخشت، نحن نعي تماما جدية الوضع الذي تمر به بلدنا حاليا ألا وهو استمرار انتشار فيروس كورونا، لكن الجميع يبذلون كل الجهود لإيقاف سرعة انتشاره والتعامل مع تداعياتها.
وأوضح إن فيروس كورونا ، يمثل الموت الأسود، وأصبحت البشرية تقاوم عدوا لا تراه، عدوا يطور من طريقة عمله وخططه، فلا أحد من البشرية يعلم تطعيما للفيروس ولا يوجد له مصل أو لقاح حتى الآن.
كورونا يغير خارطة العالم سياسيا واقتصاديا وعلميا وأخلاقيا
وشدد رئيس جامعة القاهرة على أن البشرية لن تعود إلى ما كانت عليه قبل ظهور هذا الفيروس، حيث ستتغير خريطة العالم سياسيا وعلميا واقتصاديا وأخلاقيا، لأنه اختبار حقيقى يتعرض له الجميع.
وأضاف أن نتعامل معه بكل جدية؛ حيث إن وباء كورونا هو أخطر ما يهدد البشرية منذ عقود، وعلينا تغيير نمط حياتنا من أجل الحفاظ عليها، وأن نتحلى بالتعقل والانضباط، والالتزام بكل التحذيرات دون تهاون وإلا فالثمن سوف يكون غاليا.
وأشار إلى أن الأيام المقبلة هى الأخطر وعلينا التنبه الكامل أننا أمام خيار نعمة الحياة أو الموت الأسود.
وقدم رئيس جامعة القاهرة التحية للفريق البحثي المتميز، ، مؤكدا دعمه منذ اللحظة الأولى، على الرغم من كل المشاغل التى تفرضها الظروف في إدارة أزمة متعددة الجوانب على مستوى الإجراءات الاحترازية، والعملية التعليمية، والمستشفيات الجامعية، وقطاع المدن الجامعية واستقبال المصريين العائدين من الخارج، وأيضا على مستوى المشروعات البحثية المتنوعة في كافة المجالات.
وأكد استمرار الدعم خاصة أن الاقتصاد هو العامل الأبرز في حركة التاريخ واستقرار ونمو الدول والحضارات، وهو المحور القائد في إدارة أية أزمة.
وكانت كلية الاقتصاد قد أقامت ندوة أون لاين للإعلان عن نتائج البحث بقيادة د. نجوى سمك رئيس القسم وتحت إشراف أ.د. محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة ود. محمود السعيد عميد الكلية.
وشارك فى الندوة نخبة من الخبراء في الاقتصاد ومنهم د. محمود محي الدين مبعوث الأمم المتحدة لأجندة التمويل 2030 ومحمد فريد رئيس البورصة المصرية وهاني توفيق الخبير الاقتصادي وعدد من الأساتذة والخبراء.