الرغبة فى استغلال الأصول تدفع الشركات العقارية نحو آليات التمويل الثانوية

بعد تزايد إصدارات سندات التوريق والصكوك

الرغبة فى استغلال الأصول تدفع الشركات العقارية نحو آليات التمويل الثانوية
سارة لطفي

سارة لطفي

6:14 ص, الأثنين, 4 أبريل 22

تواصل السوق العقارية مواجهة التحديات المالية والإنشائية التى تمر بها كتبعات لقرارات اقتصادية عدة بالابتكار فى كل الآليات، وهذه المرة من خلال التمويل، فالفترة الماضية شهدت لجوء عدة شركات تطوير عقارى للاستفادة من آليات تمويل السوق الثانوية، ومنها سندات التوريق أو الصكوك وقطع الشيكات مع البنوك، إلى جانب دراسة أى آليات أخرى مشابهة لضمان تعزيز السيولة ورأس المال العامل.

وفى ظل ارتفاع تكلفة الاقتراض من المؤسسات المصرفية، وزيادة ضمانتها ومتطلباتها لتمويل المشروعات العقارية لشركات التطوير، علاوة على خوفها المتزايد تجاه قطاع العقارات، بدأت آليات تمويلية جديدة ذات شروط ومخاطر أقل تعصف بالسوق المحلية، بديلًا عن المؤسسات المصرفية، وطول مدة استصدار قراراتها.

«المال» تواصلت مع مجموعة من مسئولى شركات التطوير العقارى للتعرف على أسباب تلك الظاهرة ومردوها الإيجابى على الشركات.

ووفقًا لبيان الهيئة العامة للرقابة المالية، فقد بلغت قيمة إصدارات سندات التوريق حوالى 20 مليار جنيه بنهاية العام الماضى 2021، وهناك رؤية طموح من الهيئة بشأن الارتفاع المطرد لتلك القيمة خلال العام الحالى.

وشهدت السوق العقارية فى الفترة الأخيرة تحول مجموعة من المطورين من اللجوء للبنوك المصرفية، لاستصدار سندات التوريق، والصكوك التمويلية، لدعم باكورة مشروعاتهم واستكمالها على نحو مستمر، فى ظل الوتيرة العمرانية المتسارعة، ومنها بالم هيلز للتعمير، مصر إيطاليا العقارية وغيرها من الشركات.

ويعرف التوريق بأنه عملية يقوم فيها المصدر بتصميم مجموعة من الأدوات المالية القابلة للتسويق، ويتم ذلك إما عن طريق دمج وإما جمع أصول مالية متعددة فى مجموعة واحدة، وفقًا لتعريف مركز دعم وإتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.

ونستشهد على ذلك من إصدار شركة «مصر إيطاليا العقارية»، سندات توريق تقدر بقيمة 794 مليون جنيه، ضمن برنامج إصدار سندات يقدر بقيمة 2.5 مليار جنيه، لتصبح أول شركة عقارية غير مدرجة بالبورصة تصدر سندات توريق.

وفى هذا الإطار، أكد محمد العسال، أن نمو محفظة الشركة يرتبط بشكل وثيق بالشراكة الممتدة مع المجموعة المالية هيرميس، علمًا بأن الهدف الرئيسى لها يتمثل فى تعظيم قيمة طويلة الأجل لجميع الأطراف ذات العلاقة.

واختتم «العسال» أن هذا الإصدار سينعكس بشكل إيجابى على البيانات المالية للشركة، وسيسهم فى التزامنا تجاه عملائنا لتسليم الوحدات فى موعدها.

بداية، قال ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، إن معظم المطورين بدأوا التفكير فى تنويع محافظهم التمويلية، لتجنب المخاطر، وتعزيز سيولة الشركة فى السوق.

وتابع «عمارة»، أن عملية إصدار سندات التوريق تتطلب توافر شروط معينة، منها ضرورة تمتع الشركة بملاءة مالية قوية، إضافة إلى وجود سجل تاريخى حافل بالنجاحات وسابقة أعمال ممتازة تدعم عملية الإصدار، علاوة على تسليم الشركة حوالى %30 من وحداتها.

وبحسب تقرير صندوق النقد الدولى الصادر بعنوان «التنمية والتمويل» فى عام 2008، أن التوريق بدأ السبعينيات، عندما تم تجميع الرهون العقارية من قبل الوكالات المدعومة من الحكومة الأمريكية.

كما أضاف “عمارة”، أن التوريق أصبح ظاهرة عامة، دلالة على انتشاره وزيادة الوعى به فى الفترات الأخيرة، خاصة فى ظل وجود أزمة لدى المطور فى تمويل مشروعاته المختلفة لطول مدد السداد التى تطرح بها المشروعات، لافتًا إلى أنه سيستمر لفترة طويلة فى المستقبل.

وبحسب تقرير مركز دعم واتخاذ القرار، تساعد عملية التوريق على خلق سيولة فى الأسواق، إذ تمكن مستثمرى التجزئة من شراء حصص فى أدوات مالية تكون عادة غير متاحة لهم.

وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد أيضًا توجهًا لافتًا نحو إصدارات الصكوك، لتميزه بنماذج من الشريعة الإسلامية.

وعقد «عمارة» مقارنة بين إصدار الصكوك والسندات، قائلًا: “إن الصكوك والسندات لهما نفس الهدف ألا وهو التمويل، ويكمن الاختلاف فى درجة المخاطر والشروط المطلوبة وسعر الفائدة، أى التكلفة”.

والصكوك هى أوراق مالية تثبت حق ملكية فى أصل معين، وظهرت كبديل إسلامى للسندات لتمول الأصول التى تتوافق مع الشريعة الإسلامية، عكس السندات.

وأضاف «عمارة»، أن الصكوك ليس لها سعر فائدة محدد، بفعل قواعد الشريعة الإسلامية، وتتمتع بدرجة مخاطر أعلى، إذ إنه من الممكن أن يتحمل المستثمر خسارة، فلا يوجد لحامليها ضمان رأسمالى، ولكن تمتاز بمرونة شروطها، وسهولة إصدارها، فيما تحدد سندات التوريق سعر فائدة معين، ومخاطرها محدودة، ولكن تتطلب مواصفات قد تكون غير متوافرة عند بعض الشركات العقارية فى بداية دخولهم القطاع”.

وتابع أن أهم ما يميز سندات التوريق، هو إمكانية الحصول على تمويلات تقدر بمبالغ كبيرة، إذ تمنح حوالى 250 مليون جنيه كحد أدنى، علاوة على طول مدد سداده.

وأفاد بأنه يتم حاليًا مناقشة إتاحة الكيانات والجهات العامة والخاصة من خلال تدفقاتها المستقبلية، مؤكدًا أن ذلك سيعمل على تعزيز قيم وحجم الإصدارات من سندات التوريق وضم شريحة أكبر من سوق المال.

وأشار “عمارة” إلى أن عملية الاقتراض من المؤسسات المصرفية أصبحت شاقة للغاية فى ضوء ما تفرضه البنوك من ضوابط وقواعد تعيق بشكل كبير عملية الحصول على تمويلات بمبالغ كبيرة، بجانب عدم تفضيلها تمويل المشروعات العقارية، واصفة ذلك بأنها مشروعات عالية المخاطر.

وأوضح أن الحصص التمويلية المخصصة للقطاع العقارى فى البنوك ضئيلة بالنسبة لحجم المشروعات والشركات الناشئة بالسوق، ما يؤدى لوضع شروط متكلفة فى اختيار الكيانات العقارية.

وعلى صعيد متصل، كانت شركة بالم هيلز للتعمير أعلنت فى ديسمبر الماضى عن إتمام عملية إصدار سندات توريق جديدة بالتعاون مع «ثروة كابيتال»، بقيمة إجمالية قدرها 1.05 مليار جنيه، بالمشاركة مع 4 بنوك، هى «الأهلى المصرى»، «مصر»، «التجارى الدولى»، «الأهلى المتحد»، إضافة إلى شركة مصر كابيتال التابعة لبنك مصر.

وعبر ياسين منصور، رئيس مجلس إدارة بالم هيلز، عن سعادته بالإغلاق الناجح للإصدار السابع من سندات التوريق، ليرتفع حجم ما أصدرته من سندات إلى 6.2 مليار جنيه خلال منذ إطلاق برنامج التوريق فى عام 2006.

وقال «منصور» إن برنامج توريق الوحدات السكنية ساهم -منذ انطلاقه فى 2016– فى تسريع وتيرة التشييد والبناء بمشروعات الشركة، بما أدى إلى التسليم المبكر للعملاء فى كل المشروعات تقريبًا.

آسر حمدى: ضغوط قرب التسليمات وارتفاع أسعار مواد البناء تقود توقعات تزايد عمليات التوريق حتى 2023

وفى ذات السياق ، أوضح آسر حمدى، الرئيس التنفيذى لقطاع الضيافة فى شركة عامر جروب القابضة، أن إصدار سندات التوريق حل مناسب، فى ظل الفترة الراهنة المتزامنة مع ارتفاع تكلفة القروض من المؤسسات المصرفية.

وتابع «حمدى»، إن المطورين فى الفترة الراهنة بحاجة إلى أموال نقدية لتمويل المشروعات، والوصول لنسب إنجاز عالية، خاصة فى ظل توجيهات وضوابط الدولة فى الفترة الأخيرة.

وأضاف أن سندات التوريق تمتاز بأنها منخفضة المخاطر، وفوائدها قليلة، متطلبات أقل مقارنة بالتمويلات البنكية.

ولفت «حمدى» إلى أن آلية التمويل العقارى ما زالت أفضل الآليات التمويلية فى السوق، فوظيفة المطور تكمن فى تنمية قطعة الأرض، وليس تمويل العميل بغرض شراء الوحدات.

وأفاد أنه حتى الآن لم يتضح القانون الخاص بالتمويل العقارى، ما يعوق عملية الحصول عليه كتمويل.

وأوضح أن الاتجاه نحو إصدار سندات التوريق سيستمر حتى عام 2023، وأرجع ذلك لوجود ضغط على المطورين العقاريين، فقد حان وقت مواعيد التسليمات، إلى جانب ضغوطات ارتفاع أسعار مواد البناء، والموجة التضخمية العالمية.

جون سعد: تروج للقطاع وتقنع مقتنصى الأوراق المالية بالاستثمار المباشر فيه

وقال جون سعد، خبير الاستثمار العقارى، إن القطاع مر بعدة مراحل شهدت تحديات سواء بتوقف الإنشاءات جراء أزمة تفشى فيروس كورونا أو ارتفاع تكلفة البناء، نتيجة صعود سابق فى أسعار الخامات، بما أدى لظهور أزمات وفجوات تمويلية لدى الشركات.

وتابع أن الظاهرة السابقة دفعت الشركات للبحث فى دفاترها وجعبتها عن أى أصول يمكن الاستفادة منها فى الحصول على سيولة، وهو ما ظهر بشكل لافت فى الإصدارات المتتالية لسندات التوريق بالسوق المحلية.

وأفاد بأن التمويلات التقليدية من البنوك باتت مكلفة للشركات، فى طل ارتفاع أسعار الفائدة بجانب تزايد مخاطر القطاع، بما قد يؤدى لاحجام البنوك عن التمويل؛ أما آلية التمويل عبر المساهمين الرئيسيين فقد تراجعت لضعف ملاءتهم المالية.

ورأى أن سندات التوريق والصكوك تتسم بوجود مستثمرين ماليين يرغبون فى اقتنائها، وهو ما يمثل ترويجًا للقطاع عبر احتمالية اهتمام هذه الشريحة بالاستثمار المباشر فى العقارات.

وأشار إلى تزايد أهمية دور المدير المالى ومدير التمويلات فى الشركات العقارية لرغبة المساهمين فى دراسة مختلف الآليات التمويلية ومنها التأجير التمويلى على سبيل المثال والذى بدأ يظهر بقوة فى تمويل إنشاء المشروعات العقارية والتنموية المختلفة.