يعكف بنك «HSBC – مصر» على تعزيز الاستثمار فى تطوير مركزه الإقليمى بالقاهرة، الخاص بتوفير الدعم والمنتجات المختلفة لعملاء الخدمات التجارية حول العالم.
وقال شاكر الزرايقي، الرئيس المحلى لتمويل التجارة العالمية والذمم المالية لدى بنك «HSBC مصر» – فى حوار مع «المال» – يمكننا هذا الاستثمار من وضع معيار أعلى لخدمة العملاء ودمج أحدث الوسائل الرقمية فى المزيد من عملياتنا حتى نتمكن من دعم عملائنا ومساعدتهم على تحقيق طموحاتهم فى النمو بهذه المنطقة المزدهرة.
مصر ثانى أكبر سوق فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا من حيث الخدمات التجارية
وأكد أن مصر تعد ثانى أكبر سوق فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا (MENAT) بالنسبة إلى بنك HSBC من حيث الخدمات التجارية، لافتا إلى أن التمويل التجارى مجال ذو ميزة تنافسية واضحة بالنسبة لبنك HSBC مما دفعه لمواصلة الاستثمار فى تعزيز إمكاناته وتسريع برامجه الرقمية وتوسيع قدراته التكنولوجية لدعم العملاء.
وكشف عن قيام مصرفه بتسهيل حوالى 740 مليار دولار من عمليات التبادل التجارية فى جميع أنحاء العالم بشكل سنوى مستفيداً من الانتشار الجغرافى الواسع لوحداته الذى يغطى حوالى %90 من حجم عمليات التجارة العالمية وتدفقات رأس المال.. وإلى نص الحوار.
المال : بداية كيف تأثرت عمليات التمويل التجارى بجائحة كورونا.. يرجى التوضيح بذكر بعض الأرقام التى تدل على ذلك؟
الزرايقى : تسببت جائحة (كوفيد-19) فى واحدة من أسرع وأعمق الصدمات الاقتصادية على مدى التاريخ، فلقد كان التأثير على السلع والخدمات والبنية التحتية الداعمة للتجارة غير مسبوق، وفى أبريل 2020 توقعت منظمة التجارة العالمية أن ينخفض حجم المعاملات التجارية العالمية بنسبة تتراوح بين 13 و %32
وكبقية دول العالم، فإن الاقتصاد المصرى لم يكن بمنأى عن تأثير هذه الجائحة – إذ يتوقع الخبراء الاقتصاديون لدى بنك HSBC أن نمو الناتج المحلى الإجمالى لمصر سيكون بنسبة %2.4 فى عام 2020، فى حين أن توقعاتهم بالنسبة للاقتصاد العالمى فهى الانكماش بنسبة %4.1
وعلى الرغم من ذلك، دخلت مصر فى مرحلة التباطؤ الاقتصادى من موقع قوة – إذ نما ناتجها المحلى الإجمالى بنسبة %5.6 فى عام 2019، مما جعلها فى المرتبة الثالثة بعد الصين والهند من بين الاقتصادات الناشئة، ويسير الاقتصاد المصرى على الطريق الصحيح ليكون الأفضل أداءً فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا هذا العام، مع نمو إضافى بنسبة %2.5 فى عام 2021، وفقاً للخبراء الاقتصاديين لدى بنك HSBC.
أتوقع انتعاشا قويا للاقتصاد بدعم من مشروعات الطاقة والعقارات والبنية التحتية
وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن ينتعش الاقتصاد المصرى مع استمرار وجود عدد من نقاط القوة الهيكلية، بما فى ذلك مشروعات الطاقة واسعة النطاق، ومشروعات التطوير العقارية، والطاقة والمرافق الخدمية، إلى جانب القدرة الاستهلاكية لسكان مصر الذى يصل إلى 100 مليون نسمة.
ومن خلال موقعها الإستراتيجى ومواردها البشرية ذات المهارات القوية، تلعب مصر دوراً مهماً فى دفع عجلة الانتعاش الاقتصادي، ونظراً للدور الذى لعبته الاضطرابات التجارية خلال جائحة (كوفيد -19) فى إعادة إحياء الحاجة لإعادة التفكير فى شبكات التوريد لا سيما عبر الدول المجاورة، يمكن لمصر بالتأكيد أن تلعب دوراً رئيسياً كبديل موثوق للاقتصادات المحيطة.
المال: من وجهة نظركم، ما الذى يعوق نمو العمليات التجارية بين مصر والعالم الخارجى؟
الزرايقى : من أجل جنى الفوائد من النمو التجاري، سيتعين على دول المنطقة التركيز على تعزيز التعاون العالمى والبنية التحتية المتعلقة بالتجارة والاستدامة والتكنولوجيا.
ولقد كانت الحكومة المصرية، بدعم من البنك المركزي، نشطة للغاية فى قيادة هذه التوجهات كجزء من تعزيز مكانة مصر كمركز تجارى رئيسى على المستوى العالمى.
كما يوجد هناك ارتباط واضح بين تطوير البنية التحتية ونمو التجارة، فالاستثمار فى البنية التحتية أمر مهم بشكل خاص من أجل تحقيق النمو والتطور من حيث تطوير وإلحاق الاقتصادات الأقل تطوراً والمناطق الأقل نموا لدول المنطقة على وجه التحديد، إلى الاقتصاد العالمي.
كذلك كانت الحكومة المصرية نشطةً للغاية من هذه الناحية حيث رأينا العديد من مشروعات البنية التحتية الضخمة لتعزيز الاتصال مع العالم من خلال إنشاء عدد من المطارات الجديدة والطرق والموانئ والسكك الحديدية وبرامج البنية التحتية للطاقة.
ولقد كان التطور التكنولوجى محركاً رئيسياً للتجارة من حيث خفض التكاليف التجارية وفتح فرص جديدة وخلق منتجات جديدة تقود شبكات القيمة العالمية.
كما أن خفض التكاليف التجارية المدفوع بالتكنولوجيا سيلعب دوراً حاسماً فى تمكين الخدمات من تعزيز النمو التجارى.
المال : كيف أثرت جائحة( كوفيد-19) على طريقة مزاولة الأعمال التجارية؟
الزرايقى : لا تزال عمليات التحول جارية بالفعل، حيث إن ما يصل إلى %41 من الشركات تخطط لتحويل إجراء تنفيذ واعتماد الوثائق غير الورقية إلى التقنيات الرقمية، وذلك وفقاً لتقرير HSBC Navigator الأخير الذى شمل 2600 من كبار المسئولين التنفيذيين فى 14 بلداً.
وتتطلع الدول والشركات أيضاً إلى تعزيز سيطرتها على شبكات التوريد الخاصة بها لضمان قدرتها على مواجهة أى أزمات مستقبلية مشابهة من موقع قوة أكبر.
على الشركات أن تعمل لتحقيق التنويع والتحول الرقمى والتكامل لسلاسل التوريد الخاصة بها
ونظراً لكون 2 من أصل كل 3 شركات تسعى إلى تعزيز سيطرتها بشكل أكبر على شبكات التوريد الخاصة بها، فهى تركز بشكل أكبر على تعزيز مرونة الموردين، وعلى نطاق أوسع، تقوم الشركات بإعادة النظر فى هيكلية شبكات التوريد الخاصة بهم بمجملها – وتواصل العمل بشكل مختلف على تحقيق التنويع والتحول الرقمى والتكامل.
ولقد كانت حكومات ومؤسسات منطقة الشرق الأوسط استباقية فى اتخاذ الإجراءات اللازمة والمناسبة لضمان استمرارية عمل العالم الافتراضى بشكل قوى وثابت حتى فى ظل الإغلاق الفعلى الأسواق خلال الجائحة.
ومما لا شك فيه أن الاستثمار فى تطوير البنية التحتية التكنولوجية سيكون أمراً حيوياً مع تسارع توجه دول العالم إلى التحول الرقمى.
وعلى سبيل المثال، عبّر ما يزيد قليلاً عن ثلث الشركات التى شملها استطلاع HSBC إنهم يتوقعون أن يكون العمل عن بُعد هو التوجه الطبيعى الجديد فى العامين المقبلين.
الحكومة قطعت شوطا كبيرا فى تعزيز التجارة والاستدامة والتكنولوجية
المال: ما هى عوامل السوق الأكبر تأثيراً على التجارة وتمويل الصادرات فى الوقت الحالى؟
الزرايقى: يعتمد مسار الانتعاش الاقتصادى على التوترات التجارية العالمية، وعدم القدرة على التنبؤ بانتشار جائحة (كوفيد19-) وكذلك نتائج مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويتمثل أحد الموضوعات الرئيسية المطروحة للنقاش بين الشركات المصرية فى كيفية إعادة البناء بشكل أفضل عما كانت عليه قبل جائحة (كوفيد19-) ولقد أدى ذلك إلى قيام العديد من هذه الشركات ببدء التفكير على المستوى العالمى مقابل المستوى المحلى خاصةً فى كيفية تمكنهم من أن يصبحوا جزءاً من إعادة التوازن لشبكات التوريد الدولية. ومما لا شك فيه أن الشركات المصرية الكبيرة والصغيرة على حد سواء لديها دور لتلعبه فى دورة الانتعاش العالمى من خلال إعادة تصميم أعمالها لتكون أكثر استدامة، ولجعل سلاسل التوريد الخاصة بها أكثر استدامة بيئيًا.
حيث إنهم يستفيدون من موقع مصر الإستراتيجى وعمق المهارات والخبرات المتاحة فيها، وكذلك من خلال الاستفادة من الاتفاقيات التجارية لتعزيز التجارة الدولية.
المال: ما حجم محفظة التمويل التجارى لبنك HSBC على مستوى العالم ؟ وما هى إمكانات HSBC العالمية وما حجمها؟
الزرايقى : لطالما كان دعم التجارة الدولية وتعزيزها فى صميم نموذج أعمال HSBC منذ تأسيس البنك فى عام 1865 ونعتقد أن العالم المتصل دولياً – حيث يمكن أن تتدفق السلع والخدمات ورءوس الأموال والموارد البشرية والأفكار بشكل فعال عبر الحدود – يساعد على تحقيق المزيد من الازدهار والأمن والاستقرار بشكل أكبر.
ومما لا شك فيه أن التجارة ستكون محركاً رئيسياً لعملائنا لتجاوز التأثير السلبى لجائحة (كوفيد-19) على المستوى الاقتصادي، ونعتقد أن اعتماد وسائل التجارة المفتوحة والعادلة يمكن أن يسهم فى تعزيز الناتج المحلى الإجمالى العالمى بما يصل إلى 10 تريليونات دولار سنوياً بحلول عام 2025.
المجموعة العالمية تتولى تسهيل 740 مليار دولار من عمليات التبادل سنويا
ويقوم بنك HSBC بتسهيل حوالى 740 مليار دولار من عمليات التبادل التجارية فى جميع أنحاء العالم بشكل سنوى وذلك من خلال انتشارنا الجغرافى الواسع الذى يغطى حوالى %90 من حجم عمليات التجارة العالمية وتدفقات رأس المال.
ويقوم بنك HSBC بتوفير الدعم لعملاء الخدمات التجارية حول العالم من خلال فرق الخبراء المحليين المتخصصين ومراكز الخدمة الخارجية المتخصصة الموجودة فى نقاط إستراتيجية حول العالم، والتى يوجد أحدها فى مدينة القاهرة. ونحن نعمل حالياً على توفير خدماتنا للعملاء فى منطقة الشرق الأوسط، ونقوم كذلك بالاستثمار فى تطوير مركز القاهرة لتوسيع نطاق الخدمات والدعم المقدم إلى عملاء الخدمات التجارية فى المواقع العالمية الأخرى. وسيمكننا هذا الاستثمار من وضع معيار أعلى لخدمة العملاء ودمج أحدث الوسائل الرقمية فى المزيد من عملياتنا حتى نتمكن من دعم عملائنا ومساعدتهم على تحقيق طموحاتهم فى النمو فى هذه المنطقة المزدهرة.
المال: كيف يمكن للشركات المصرية الاستفادة من إمكانات HSBC العالمية وحجمها؟
الزرايقى: تقع مصر على مفترق الطرق بين كل من أفريقيا وآسيا وأوروبا، وهى بالتالى تتمتع بموقع إستراتيجى يمكنها من تسهيل حركة التجارة الدولية، ولطالما كانت قناة السويس ممراً رئيسياً يساعد فى تسهيل تداول وحركة السلع والبضائع إلى جميع أنحاء العالم، مع ما يقرب من %25 من إجمالى حركة الشحن بالحاويات على مستوى العالم، وكذلك كل تجارة الحاويات المنقولة بحراً بين آسيا وأوروبا التى تمر عبر مصر.
وبالاستفادة من موقعها، يمكن لمصر أن تلعب دوراً رئيسياً فى مستقبل التجارة، وتشمل نقاط القوة التى تتمتع بها مصر سوقها المحلية الكبيرة وقاعدتها الاقتصادية المتنوعة واتفاقياتها التجارية القوية التى تدعم الممرات التجارية الرئيسية مع الشرق الأوسط و أوروبا وأفريقيا وآسيا والأمريكتين.
ويتمتع بنك HSBC بالقدرة على ربط رواد الأعمال ذوى التوجهات الدولية بالفرص العالمية، بما فى ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة والشركات الأجنبية. وبعبارة أخرى، نحن قادرون على جلب العالم لنضعه فى متناول عملائنا فى مصر.
إن العمل الرائد الذى قمنا به لدعم المشروعات بالعاصمة الإدارية الجديدة بالقاهرة يعتبر مثالاً رائعاً على كيفية عمل نموذجنا من الناحية العملية، فلقد جمعنا خبرتنا المحلية فى مجال التمويل التجارى مع شبكتنا العالمية للعمل على ربط عدد من الشركات الصينية الكبيرة للمقاولات لتنفيذ مجموعة من المشروعات المهمة بالعاصمة الجديدة، وتقدر تكلفة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة بين 45 و 58 مليار دولار ، وبمجرد اكتماله، سيكون مشابهاً من حيث الحجم لسنغافورة، ونظراً لكون مصر ممراً تجارياً سريع النمو بالنسبة للصين على المستوى العالمي، فإننا متحمسون بشكل كبير جداً بشأن الفرصة للمساعدة فى تنفيذ مشروعات مبادرة الحزام والطريق فى مصر.
المال : كم عدد العملاء الذين يتم خدمتهم من خلال قطاع التمويل التجاري؟ وهل تخططون لتوسيع نطاق عملياتكم التجارية فى مصر؟ وكيف تطورت هذه العمليات خلال الفترة الماضية ؟
الزرايقى: تعتبر مصر ثانى أكبر سوق فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا (MENAT) بالنسبة إلى بنك HSBC من حيث الخدمات التجارية، ويعتبر التمويل التجارى مجالاً ذو ميزة تنافسية واضحة بالنسبة لبنك HSBC كما نواصل الاستثمار فى تعزيز إمكاناتنا وتسريع برامجنا الرقمية وتوسيع قدراتنا التكنولوجية لدعم عملائنا.
ولقد شرع بنك HSBC فى العمل على عملية تحول في أعمال التجارة، وعلى تعزيز قدرتنا على الاستجابة لاحتياجات العملاء المتطورة وتوظيف وسائل التحول الرقمى الرائدة فى جميع مجالات الأعمال، ونحن نقوم بذلك من خلال إدخال تقنيات جديدة، وإعادة تصميم تجارب عملائنا ومنصاتنا الأساسية، وإننا واثقون من مستقبل التجارة، وسنواصل الاستثمار على نطاق واسع لتقديم المزيد من التقنيات الحديثة التى تهدف إلى تقليل التدخل البشرى المباشر وتسريع وقت تنفيذ الإجراءات والمعاملات لدينا وكذلك تعزيز الكفاءات وخفض التكاليف وتحسين تجربة عملائنا.
ولطالما كان بنك HSBC مصر أيضاً فى طليعة المؤسسات المالية السباقة لتقديم الدعم والمساعدة إلى العملاء فى رحلة تحولهم إلى المنصات الرقمية، حيث قام البنك بإطلاق تطبيق HSBCnet للهاتف المحمول الحائز على الجوائز فى يونيو للعملاء من الشركات، إذ يقدم التطبيق الحلول من خلال نافذة واحدة لتلبية الاحتياجات المصرفية العالمية للعملاء.
ويدمج تطبيق HSBCnet للهاتف المحمول أحدث أدوات التمويل التجارى المتوفرة لدى بنك HSBC، مثل التفويض التجارى وتعقب المعاملات التجارية، ومن الخدمات المهمة الأخرى التى يقدمها HSBC هى خدمة الحساب التجارى الرقمى المفتوح Digital Trade Open Account، والتى تتيح للعملاء إمكانية إرسال معاملات الحسابات المفتوحة عبر الإنترنت، مما يمكّنهم من إصدار النموذج 4 بشكل فعّال، وإن تحويل المعاملات الورقية إلى التقنيات الرقمية سيسهم فى توفير 140000 ورقة وما يصل إلى ثلاث ساعات فى المتوسط من زمن إنجاز كل معاملة.
وأخيراً، ستستمر الطاقة الاستيعابية لمركز التجارة الخاص بنا فى القاهرة بالارتفاع بينما تتجه مصر لأن تصبح مركزاً تجارياً للخبرة ذا أهمية متزايدة.