أظهرت بيانات وأرقام «OICA» تمكن المغرب، أكبر منتج للسيارات فى المنطقة العربية، من تصنيع ما يقرب من 10 أضعاف مصر بنهاية العام الماضى، مما يشير إلى تزايد الفجوة بين البلدين فيما يتعلق بالإنتاج الكمى من المركبات.
وأشارت «OICA» إلى أن المغرب صنعت العام الماضى 248 ألفًا و430 سيارة، مقارنة مع حجم إنتاج مصر والذى بلغ 23 ألفًا و754 مركبة، وتسببت جائحة كورونا فى تراجع إنتاج المغرب من السيارات بنهاية 2020 بنسبة تصل إلى %38 فى المقابل ارتفعت مصر بنسبة %28.4 عن معدلات 2019.
وأكد عدد من خبراء صناعة السيارات فى مصر أن تفوق المغرب فى صناعة السيارات يعود إلى اعتمادها على التصدير، وليس السوق المحلية فقط كما هو الحال فى مصر، كما أن السوق المحلية تفتقر إلى وجود شراكات مع المصنعين العالميين، باستثناء مصنعى جنرال موتورز، ونيسان إيجيبت بمدينة السادس من أكتوبر، والموجهين أيضًا إلى السوق المحلية.
حسين مصطفى:المصانع المحلية تعمل بنحو «20 -«%30 من طاقتها المحلية
فى البداية، شكك اللواء حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات، فى دقة البيانات الصادرة عن الرابطة العالمية لصناعة السيارات حول إنتاج مصر السنوى من المركبات، مؤكدًا أن مصر تنتج ما يقرب من 90 ألفًا من كافة أنواع السيارات سواء ملاكى أوتجارى سنويًا.
وأوضح أن السبب وراء عدم دقة تلك البيانات هو توقف رابطة مصنعى السيارات المصرية عن دفع قيمة الاشتراك السنوى لمنظمة «OICA» منذ قرابة 4 سنوات، مما أدى إلى اعتماد الأخيرة على تقديرات جزافية حول حجم الإنتاج السنوى فى مصر من المركبات بكافة أنواعها.
وأكد أن إنتاج المغرب من السيارات يزيد بمقدار مرتين ونصف عن إنتاج مصر، موضحًا أن غالبية إنتاج المغرب يتجه إلى التصدير، على عكس تصنيع مصر الذى يستهدف السوق المحلية فقط.
وتابع : «كى تتمكن مصر من تحقيق طفرة فى إنتاجها على غرار المغرب لابد من تسويق طرازاتها المحلية الصنع فى الأسواق الخارجية، عبر عقد شراكات مع الشركات الأم العالمية كى تتحول مصر إلى مركز إقليمى لتصدير السيارات، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية بين مصر والدول الأفريقية والعربية بتصدير المركبات إليها.
وأشار إلى أن قانون الاستثمار منح العديد من الامتيازات الضريبية والجمركية لدعم قطاع الصناعة فى مصر خلال الفترة المقبلة، وعلى رأسها صناعة السيارات، والتى تعد من أهم قطارات التنمية حاليًا.
وأضاف أن مصر حققت طفرة فى الصناعات المعذية والمكونات على مدار السنوات العشر الماضية مما يؤهلها لبدء عمليات تصنيع حقيقة حاليًا، تكون مؤهلة لفتح أسواق لها فى الخارج.
وأوضح أن اعتماد مصانع السيارات فى مصر على السوق المحلية تسبب فى ضعف حجم الإنتاج السنوى والذى قدره ما بين %20 إلى %30 من الطاقة الإنتاجية الفعلية، مؤكدًا استحواذ 3 مصانع على النسبة الأكبر من إنتاج المركبات فى مصر وهى جنرال موتورز، وغبور أوتو، ونيسان إيجيبت.
وتابع : «ضعف الإنتاج السنوى من السيارات يعود فى الأساس إلى اعتماد تلك المصانع على السوق المحلية مع ضعف فرص التصدير، كما أن تطبيق عدد من الاتفاقيات التجارية مثل أغادير واتفاقية الشراكة الأوروبية، والمنطقة الحرة التركية تسبب فى تحول شريحة كبيرة من المستهلكين الراغبين فى الشراء من السيارات المحلية الصنع إلى السيارات المستوردة بالكامل مع التقارب السعرى بينهما».
وحدد «مصطفى» عددا من الخطوات بهدف تكرار تجربة صناعة السيارات فى المغرب والتى من بينها عقد شراكات مع كبرى مصنعى المركبات فى العالم بغرض التصدير، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية تطبيق المواصفات الفنية القياسية المتعارف عليها عالميًا بصورة رسمية على السيارات المنتجة فى مصر.
تجدر الإشارة إلى أن مصانع السيارات ملزمة حاليًا بتطبيق 10 مواصفات فنية فقط من أصل 130 مواصفة عالمية، وحتى تتمكن مصر من تصدير مركباتها للخارج خاصة الملاكى يجب إلزام المصنعين المحليين بتطبيق 50 مواصفة على الأقل.
عمرو سليمان: يجب إعفاء المكونات المشاركة فى تجميع المركبات بعد «زيرو جمارك»
فى سياق متصل، قال عمرو حسن سليمان، رئيس مجلس إدارة شركة الأمل لتجميع وتصنيع السيارات، منتج كل من «لادا» و«بى واى دى» وميكروباص «كينج لونج» إن صناعة السيارات فى مصر تواجه منافسة شديدة منذ تطبيق اتفاقية أغادير، مرورًا باتفاقية الشراكة الأوروبية، والمنطقة الحرة التركية.
وأكد أن تطبيق تلك الاتفاقيات تسبب فى تراجع أسعار العديد من المركبات مثل «رينو» وغيرها من الموديلات الأوروبية أو المستوردة من المغرب وتركيا، مثل «لوجان» و«تويوتا كورولا»، مما أثر على قدرة الطرازات المجمعة محليًا على المنافسة فى الداخل، كما أن تحديات التصدير للخارج تسبب فى إحجام العديد من الصناع عن خوض التجربة، مطالبًا بتطبيق قاعدة المعاملة بالمثل مع صعوبة تصدير مركبات إلى المغرب.
وجدد المطالبة بضرورة إعفاء مكونات السيارات المشاركة فى تجميع المركبات فى مصر من كافة الرسوم الجمركية، على غرار السيارات الأوروبية والتركية «زيرو جمارك» حتى تتمكن من منافسة المركات المعفاة من الجمارك، خاصة بعد أن تراجعت أسعارها جراء تطبيق الإعفاء الجمركى عليها بداية من عامى 2019، و2020، مع العلم أن الرسوم الجمركية المفروضة على مكونات السيارات تصل إلى %7.
صناعة السيارات فى مصر
وقال «سليمان» إن صناعة السيارات فى مصر ليست بالمستوى المنتظر فى ظل الموقع الجغرافى المتميز، ووجود طلب حقيقى على السيارات ومتزايد على جميع أنواع المركبات من ملاكى وأتوبيسات وشاحنات.
وأشار إلى أن هناك العديد من الاتفاقيات التى تساعد مصر فى إحراز تقدم حقيقى فى هذا المجال والتى من بينها اتفاقية أغادير بين كل من الأردن ومصر وتونس والمغرب، التى تنص على إعفاء الصادرات والواردات من كافة الرسوم الجمركية شريطة ألا تقل نسبة المكون المحلى للمنتجات الهندسية والصناعية مثل السيارات عن %40، وغيرها من الاتفاقيات الموقعة بين مصر والدول الأفريقية التى قد تسهم فى نمو حركة تجارة المركبات المحلية .
وأكد أن صناعة السيارات فى مصر لا تعمل بكامل طاقتها، كما أنها لا تكفى لتغطية الاحتياج المحلى حتى تستطيع المنافسة فى الخارج، مشيرا إلى أن التغلب على تلك العقبة يتمثل فى تقديم حوافر لتشجيع المصنعين المحليين والمستثمر الأجنبى لدخول هذه الصناعة، سواء بإلغاء الرسوم الجمركية أو ضريبة القيمة المضافة.
تجدر الإشارة إلى أن صناعة السيارات فى مصر بدأت منذ إعلان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تدشين شركة النصر للسيارات عام 1959، والتى استمرت فى الإنتاج حتى نهاية 2010، إلا أنها تعثرت بسبب تزايد مديونيتها.
ويتواجد حاليًا فى مصر ما يقرب من 20 شركة تعمل فى مجال تصنيع وسائل النقل بشتى أنواعها من سيارات ركوب، ومركبات تجارية، بالإضافة إلى 375 مؤسسة عاملة فى مجال الصناعات المغذية للسيارات.
صناعة السيارات فى المغرب
يعتبر عام 2007 هو عام انطلاق صناعة السيارات فى المغرب بعد أن تمكنت الحكومة من إبرام اتفاقية مع مجموعة «رينو» لبناء مصنع العلامة الفرنسية فى طنجة بطاقة إنتاجية تصل إلى 340 ألف سيارة، بتكلفة تصل إلى مليار يورو.
وانتهت «رينو» من تدشين الخط الأول فى فبراير 2012 والذى بلغت طاقته الإنتاجية 170 ألف سيارة، وافتتحت الخط الثانى فى أكتوبر 2013، بنفس الطاقة الإنتاجية.
ومع تزايد الطلب على موديلات «رينو» المنتجة فى المغرب اتجهت شركة «رينو» إلى رفع الطاقة الإنتاجية إلى 400 ألف سيارة سنويًا.
ويقوم مصنعو «رينو» على إنتاج موديلات رينو لودجى، ودوكر، ودوكر فان، ولوجان، وسانديرو، وستيب واى بهدف تصديرها للأسواق الأوروبية، والعربية، والأفريقية.
وفى عام 2015 أعلنت حكومة المغرب نجاحها فى جذب ثانى مصنع للسيارات ممثلًا فى مجموعة «بيجو – ستروين» المالكة لعلامات بيجو وسيتروين وأوبل وDS الفاخرة فى المنطقة الصناعية بالقنيطرة بتكلفة استثمارية تصل إلى 550 مليون يورو، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 200 ألف سيارة سنويًا.
وفى عام 2019 افتتحت مجموعة «بيجو ستروين» مصنعها الجديد فى المغرب بطاقة إنتاجية تصل إلى 100 ألف سيارة، على أن يتم مضاعفة الإنتاج هذا العام وفقًا لخطة الشركة الأم، ويقوم المصنع حاليًا على إنتاج بيجو 208.
وفى 2017 أعلنت السلطات المغربية عن توقيع اتفاقية مع شركة «بى واى دي” الصينية لإنشاء مصنع لإنتاج السيارات الكهربائية فى طنجة، ليكون الأول من نوعه فى المملكة.
ونصت الاتفاقية على إقامة 3 مصانع أخرى لاحقًا لإنتاج البطاريات، والشاحنات الكهربائية، بالإضافة إلى القطارات العاملة بالطاقة الكهربائية.
وتسعى المغرب هذا العام للإعلان عن جذب المصنع الرابع للسيارات ضمن خطتها الطموح والتى تستهدف الوصول بإنتاجها من السيارات إلى حاجز المليون، بما يؤهلها للمشاركة فى قائمة أكبر 15 دولة منتجة للسيارات فى العالم.
وتتوقع وحدة السيارات فى وكالة فيتش للتصنيف نمو صناعة المركبات فى المغرب بمعدل سنوى قدره %17.5 بين عامى 2020 و2025، مشيرة إلى أن عدد مصانع السيارات والصناعات المغذية بها تصل إلى 250 شركة تقريبًا، تقوم على توظيف 148 ألف وظيفة.
وبحسب البيانات الواردة فى تقرير البنك المركزى المغربى عن عام 2019، احتلت صناعة السيارات المركز الأول فى قائمة القطاعات الاقتصادية الأعلى من حيث الصادرات بنمو بلغ %6.6 لتصعد إلى 77 مليار درهم، مقارنة مع عام 2018، والتى بلغت 72.4 مليار درهم.
وقال المركزى المغربى إن صناعة السيارات فى المملكة تمكنت من تصدير ما يقرب من 367 ألف سيارة إلى 82 دولة فى العالم، مقابل 77 دولة فى عام 2018.
وبلغت صادرات السيارات الكاملة نهاية 2019 ما يقرب من 33.8 مليار درهم، مقارنة مع 2018 والتى سجلت 34.3 مليار درهم، بتراجع بلغ %1.3، ويعد هذا التراجع الأول من نوعه منذ افتتاح مصنع «رينو» فى طنجة عام 2012، ولم يفسر التقرير سبب التراجع.
أما صناعة أسلاك السيارات، فبلغت قيمة صادراتها فى 2019، ما يقرب من 32 مليار درهم، مقابل 29.4 مليار فى 2018، بنمو %8.9، أما مكونات السيارات الداخلية والكراسى فسجلت العام الماضى 4.8 مليار درهم، بنمو %14.2.