(ملعونون هم الذين يقلقون راحة الملك، من سوف یکسر ختم هذه المقبرة سوف يقابل موت بواسطة مرض لا يستطيع أى طبيب أن يُشخصه، بالنسبة للذين يدخلون مقبرتى هذه “نُجساء” وسوف يحاكمون وتكون لهم نهاية وسوف أهجم على رقبتهم كطائر وأبث رُعبى فيه)، نصوص لعنات استخدامها المصرى القديم لتهديد وتخويف كل من يحاول الاقتراب من مقبرته.
لعنة الفراعنة، عبارة تتردد على مسامعنا من حين لآخر ولكنها عادت إلى الساحة مرة أخرى وبقوة خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب الأحداث المؤسفة والمتتالية التى شهدتها مصر من بينها، حادث مما أسفر عنه وقوع ضحايا ومصابين، وجنوح سفينة في مجري ، وحريق بالقرب من محطة الزقازيق بالشرقية، وغيرها من الأحداث.
وهو ما دفع البعض ومن بينهم رواد وسائل التواصل الإجتماعى، إلى الاعتقاد بأن “لعنة الفراعنة” وراء تلك الأحداث الأخيرة، خاصة وأنها تزامنت مع الإعلان عن موعد نقل موكب المواومياوات الملكية من مكان عرضها الحالى بالمتحف المصرى بالتحرير إلى مكان عرضها الدائم بمتحف الحضارة يوم 3 أبريل المقبل.
مقبرة توت عنخ آمون
بدأت تترسخ في الأذهان أسطورة لعنة الفراعنة عندما تم افتتاح مقبرة توت عنخ آمون، حيث كشف العلماء عن مصادفات غامضة بعد اكتشاف المقبرة وخاصة الوفاة الأكثر شهرة للورد كارنارفون، الذي مول بعثة عالم الآثار الإنجليزي والخبير في عالم المصريات هوارد كارتر.
وتوفي كارنارفون بعد ستة أشهر فقط من اكتشاف المقبرة من لدغة بعوضة مصابة أثناء وجوده على نهر النيل، وكان الروائي ماري كوريلي حذره قبل أسبوعين من عواقب فتح قبر مختوم في رسالة نشرت في صحيفة “التايمز”، ( وفقا لموقع روسيا اليوم).
وأشارت روسيا اليوم، إلى أن آرون إمبر، عالم المصريات المقرب من كارنارفون، توفي في عام 1926 في حريق بمنزله، وعلى الرغم من وجود الكثير من الوقت للهروب، اندفع إلى اللهب لاستعادة مخطوطة كتاب كان يعمل عليه بعنوان كتاب الموتى المصري، وغيرها من الأحداث.
ولكن علماء الآثار، أكدوا أن لعنة الفراعنة غير حقيقة، مؤكدين أن العديد من الزائرين للمقبرة أو ساعدوا في اكتشافها عاشوا حياة طويلة.
وكانت مقبرة توت عنخ آمون أو الفرعون الذهبى اكتشفت في 4 نوفمبر لعام 1922، من قبل عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر والذي لاحظ عندما كان يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدي إلى قبر الملك رمسيس الرابع في وادي الملوك، وجود قبو كبير واستمر بالتنقيب الدقيق إلى أن دخل إلى الغرفة التي تضم ضريح توت عنخ أمون.
وقد أحدث هذا الاكتشاف ضجة إعلامية واسعة النطاق في العالم، نظراً للتوصل إلى مومياء الفرعون الصغير كاملة المحتويات، وبكامل زينتها من قلائد وخواتم والتاج والعصي وكلها من الذهب الخالص والأبنوس.
وفي السادس عشر من فبراير عام 1923 كان العالم البريطاني هوارد كارتر أول إنسان منذ أكثر من 3000 سنة يطأ قدمه أرض الغرفة التي تحوي تابوت توت عنخ أمون.
حواس: لا يوجد ما يسمى بـ لعنة الفراعنة
وقال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، إنه لا يوجد شيء يسمى بـ لعنة الفراعنة، والحوادث التي شهدتها مصر خلال الأيام الأخيرة لا علاقة لها باللعنة.
وأضاف حواس، في بيان له، أن وفاة بعض العلماء بعد فتح المقابر الأثرية في الماضي كان بسبب وجود جراثيم سامة في الغرفة الموجود بها المومياوات، مرجعاً ذلك إلى أن المومياء محنطة منذ أكثر من 3000 عام، متابعاً أنه بعد ذلك تم التعامل بشكل جيد خلال فتح المقابر.
الشماع: فكر خزعبلى والنصوص هدفها التهديد
ومن جانبه، قال الدكتور بسام الشماع المؤرخ الأثرى وعالم المصريات، إنه لا توجد لعنة للفراعنة فهذا فكر خزعبلى، مؤكداً أنه علمياً وتاريخياً والأهم دينيا لا يوجد قوة فى الكون تتحكم فى مقدراتنا الإ الله.
وأضاف الشماع لـ”المال”، أن ربط الأحداث الأخيرة التى شهدناها بلعنة الفراعنة غير منطقي، لافتاً إلى أن المصرى القديم كان يكتب على المقابر نصوص تسمی بـ “نصوص اللعنات” وذلك بهدف التهديد والتخويف لكل من يحاول التعدى على المقابر وإخراج جثة المتوفى منها.
أبرز نصوص اللعنات
وتابع الشماع أنه من ضمن هذه النصوص التى وجدت كانت في مقبرة (خنتى كا خيتى بسقارة والتى تعود للأسرة السادسة)، حيث كتب على الواجهة: بالنسبة للذين يدخلون مقبرتى هذه نُجساء وسوف يُحاكمون .. وتكون لهم نهاية .. وسوف أهجم على رقبتهم كطائر وسوف أبُث رُعبى فيه.
وأشار إلى أنه كتب في مقبرة “عنخ تيفى” على الواجهة الآتى: أى شخص يفعل شراً أو سوءاً لهذا التابوت فربما حمن (معبود من معبودات مصر القديمة) لن تتقبل منه أى قرباناً تقدمه ولن يرثه أى وريث).
أما في مقبرة منتو إم حات فتم كتابة تحذير (لأى شخص يفعل شئ ضد مقبرة ” منتو إم حات ” سوف يكون بدون وريث من زوجته).
صالح: المصرى القديم لجأ لقوة الكلمة كنوع من السحر للتخويف
وقال الدكتور أحمد صالح مدير عام آثار أسوان سابقاً، إن أول من استخدم تعبير “لعنة المومياء” هي الكاتبة لويزا ماي الكوت في قصتها (مفقود في الهرم) عام 1869، متابعاً أن فكرة لعنة المومياء هي قائمة على فكرة “الشبح” فى الثقافة الشعبية المصرية وهي روح انسان ميت أصبحت قادرة على الظهور في مظهر مرئى للأحياء.
ونوه بأن المصرى القديم كان بيؤمن بهذه الفكرة وذلك يتضح في نصوص التخويف التى سجلها علي واجهات المقابر وخاصة في عصر الدولة القديمة، وكانت تهدف إلى اخافة وبث الرعب في أي انسان ينتهك المقبرة أو ينتهك الجسد المدفون.
وتابع أنه كان هناك تخوف من أن يتعرض الجسد للضياع وبالتالى تضيع فرصة الحساب في العالم الأخر على المصري القديم.
وأشار صالح إلى أن المصري القديم كان على علم أنه بعد موته لا يستطيع الدفاع عن مقبرته أو جسده وبالتالى لجأ لقوة الكلمة واستخدمها كنوع من السحر للتخويف، وهدد أي شخص يقترب من مقبرته بالأذي سواء من خلال التماسيح التي ستلتهمه أو لدغة الثعابين والعقارب.
اشعلنا النار في تابوتيهما
ولفت إلى أن المصريين القدماء في الأغلب كانوا لا يخافوا من تلك النصوص، بدليل لصوص المقابر في الأسرة العشرين دخلوا المقابر وسوقوا منها الغالى والنفيس، بل فعلوا الأسوء على الإطلاق ففي إحدي برديات سرقات المقابر اعترف عامل الأحجار “امون با نفر” بما فعله هو وزملائه اللصوص في مقبرة الملك “سوبك ام سا اف” وهو أحد ملوك الأسرة 17.
وقال صالح، إن اللص اعترف بأنهم دخلوا غرفات دفن الملك وزوجته الملكة وفتحوا التوابيت وسرقو منها سيف الملك وتمائمه وحليه الموجودة حول عنقه والتاج، وأخذوا الذهب المرصع الموجود على التوابيت، وختم اعترافه بهذه العبارة “واشعلنا النار في تابوتيهما”، وهذه العبارة تنم عن حقد طبقى بالإضافة إلى عدم خوفهم من نصوص اللعنات.