من المرجح أن يؤدي تصويت العرب في الانتخابات الإسرائيلية التي تبدأ الثلاثاء إلى تغيير الخريطة السياسية في إسرائيل.
ويتوجه الإسرائيليون الثلاثاء إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الإسرائيلية العامة التي تخوضها إسرائيل لرابع مرة في غضون عامين، على أمل أن تخرج البلاد من حالة الشلل السياسي بعد ثلاث جولات انتخابية سابقة لم تسفر عن نتائج حاسمة.
تغيير الخريطة السياسية في إسرائيل
ووفقا لاستطلاعات الرأي السابقة، فإن 20 في المائة من سكان إسرائيل يصوتون عادة للقوائم العربية.
وشهدت الانتخابات الأخيرة التي أجريت قبل عام فوز القائمة المشتركة، والتي تمثل الأحزاب العربية في إسرائيل، بـ 15 مقعدا في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) المؤلف من 120 مقعدا، وهو أكبر عدد من المقاعد حصلت عليه الأحزاب العربية في تاريخها.
وعلى الرغم من أن ذلك جعلها ثالث أكبر حزب في الكنيست، إلا أنه من المرجح أن يؤدي الانقسام الأخير بين مكونات القائمة المشتركة إلى خسارتها عددا من المقاعد خلال الانتخابات المقبلة.
وكان منصور عباس زعيم القائمة العربية الموحدة (إحدى مكونات القائمة المشتركة سابقا) انفصل قبل أسابيع عن القائمة المشتركة، قائلا إنه غير ملتزم تجاه الكتلة المعارضة لرئيس الوزراء زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو.
وعادة لا يوصي الممثلون العرب الذين يتمركزون في الكتلة اليسارية للخريطة السياسية الإسرائيلية بأي مرشح لتشكيل الحكومة.
العنف ضد العرب
وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة، أن عباس سيتجاوز نسبة الحسم، ويحصل على أربعة مقاعد في البرلمان الإسرائيلي الأمر الذي من الممكن أن يقلب الموازين لأي من الجانبين كتلة اليمين أو اليسار.
وأظهر استطلاع رأي حديث أجراه باحثون في جامعة تل أبيب، أن ما يقرب من نصف السكان العرب يؤيدون دخول ممثليهم في حكومة ائتلافية، مشيرا إلى أن القضية الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للعرب في إسرائيل هي العنف المتزايد داخل مجتمعاتهم.
ويعتقد أن انفصال عباس عن القائمة المشتركة قد أثر على هذا الشعور، حيث يبدو المواطنون العرب في إسرائيل أقل انشغالا بحقوق الفلسطينيين ويريدون رؤية تحسن في حياتهم.
وقال آريك رودنيتسكي مدير مشروع برنامج كونراد أديناور للتعاون اليهودي العربي في مركز موشيه ديان لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه “في هذه الانتخابات، هناك أكثر من صوت عربي واحد (في الإشارة إلى وجود قائمتين للعرب)”.
فيما اعتبر عفيف أبو مخ المحلل السياسي والكاتب في موقع المونيتور الأمريكي أنه “من الخطأ التاريخي التعامل مع تصويت العرب ككتلة واحدة، وهو واضح بشكل خاص في هذه الحملة الانتخابية”.
حزب عربي مستقل
وأضاف أبو مخ لـ ((شينخوا)) “سيكون هذا حدثا تاريخيا حين يدخل حزب عربي إلى الكنيست بشكل مستقل وليس كجزء من قائمة موحدة”.
ومن شأن هذا الأمر أن يعكس اعتقادا متزايدا لدى السكان العرب في إسرائيل بأن الطريقة الوحيدة لتحسين ورفع مكانتهم في المجتمع الإسرائيلي هو الجلوس في حكومة أو على الأقل الاقتراب من مواقع القوة والنفوذ.
وأعطى ظهور عباس كمرشح مستقل العرب متنفسا بديلا لتصويتهم التقليدي، حيث أن نهجه الأكثر واقعية لديه القدرة على جذب عدد كبير من الناخبين.
ويقول رودنيتسكي إن “القضية الفلسطينية والعلاقات مع الدول العربية الأخرى تهم نسبة صغيرة فقط من السكان العرب، إنهم مهتمون أكثر بالقضايا المتعلقة بحياتهم اليومية”.
وحاول نتنياهو خلال حملة هذا العام كسب أصوات العرب، ولكنه في الماضي حذر من إقبال كبير على التصويت في المراكز السكانية العربية.
التعامل مع العرب بريبة
ولعدة سنوات، عامل نتنياهو العرب في إسرائيل وممثليهم بريبة، ووصفهم بأنهم “مؤيدون للإرهاب”، لكنه خلال هذه الحملة الانتخابية، بحث بجدية إمكانية الحصول على أصوات العرب.
وبصفته رئيس وزراء الأطول خدمة في إسرائيل، ظل نتنياهو في السلطة لأكثر من عقد، ولكنه الآن فقط عندما أيقن أن التصويت العربي من الممكن أن يخدم مصالحه الشخصية حاول التودد إليهم.
وفي بداية الشهر الحالي، أقرت الحكومة الإسرائيلية ميزانية لـ”محاربة الجريمة في المجتمعات العربية”، ولكن الوقت قد يكون متأخرا.
وقال أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة خلال الحملة الانتخابية للقائمة المشتركة قبل أسبوعين، إن “الكل يريد أصواتنا، لأن اليمين يدرك أنه لا يمكن أن يكون معنا، ولا يسار الوسط يمكن أن يكون بدوننا”.
ورأى أبو مخ أن “الحقبة التي ظل يعامل فيها العرب بإسرائيل كملاذ أخير قد انتهت”، مضيفا “من خلال عدم الالتزام بأي كتلة يحاول حزب عباس رفع مكانة الجمهور العربي وتغيير قواعد اللعبة”.
وبغض النظر عما إذا كان الممثلون العرب سيرغبون في دعم تحالف أو الانضمام إليه، فلا يزال من الصعب رؤية الأحزاب الكبيرة تعتمد على الدعم العربي، حيث لا يزال يعتقد أن هذا بمثابة عقار يصعب أخذه بالنسبة للعديد من السياسيين الإسرائيليين اليهود.
انخفاض نسبة إقبال الناخبين
ومن المتوقع أن تنخفض نسبة إقبال الناخبين خلال الانتخابات المقبلة، ويرجع ذلك بسبب إجهاد الناخبين من ثلاثة انتخابات سابقة فشلت في حل الفوضى السياسية، بالإضافة إلى الإرهاق بسبب الأزمة الصحية التي تمر بها إسرائيل منذ أكثر من سنة.
وبالنسبة للسكان العرب الذين لديهم تاريخيا إقبال منخفض للناخبين، فإن هذا قد يغير تمثيلهم بشكل كبير.
وفي الوقت الذي خفف فيه نتنياهو من حدة لهجته ضد السكان العرب ويحاول تهدئتهم، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل الإقبال بشكل أكبر.
وقال أبو مخ “لا نرى رغبة ملحة في الإطاحة بنتنياهو هذه المرة لأن العرب لا يرون فرقا حقيقيا بين المرشحين”.
وقد يلعب التصويت العربي دورا كبيرا في تغيير الخريطة السياسية عندما يكون هناك حزب عربي عضوا قويا في أي ائتلاف ولديه القدرة على التأثير في صنع القرار.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.