قفزت أسعار البترول خلال الفترة الماضية متخطية 69 دولارا للبرميل ،مدعومة بقرار السعودية باستمرار خفض الإنتاج حتى أبريل المقبل، وسط توقعات إيجابية بانعكاس ذلك على حركة التجارة العابرة بقناة السويس .
ومن ناحيته أكد الدكتور عبد التواب حجاج ، الخبير الاقتصادى ، والمستشار الاقتصادى السابق لهيئة قناة السويس ، أن أرتفاع البترول متخطيا 60 دولاراً، يزيد من الوفورات فى التكلفة والوقت للخطوط الملاحية مما يجعل من قناة السويس الخيار الاول خاصة للسفن القادمة من شمال غرب أوروبا والمتجهة الى آسيا، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار البترول لا يخلق طلبا جديدا وانما يساعد القناة على المحافظة على حصتها فى حركة عبور النفط .
وأوضح أن ناقلات البترول العملاقة لا تعبر قناة السويس بكامل حمولاتها حيث تخفف جزء منها عبر خط أنابيب «السوميد» وتعود فارغة ومع ارتفاع اسعار البترول سينعكس ذلك على «الناقلات الفارغة» التى ستفضل العودة عبر القناة
ويؤكد على كلامه المهندس وائل قدور ،خبير النقل البحرى ، والعضو السابق فى مجلس إدارة هيئة قناة السويس ، موضحا أنه كلما ارتفعت أسعار البترول كلما زادت تكاليف الطرق البديلة والمنافسة للقناة خاصة “راس الرجاء الصالح” مما يدفع السفن الى اختيار الطرق الاقل تكلفة وأقل استهلاكا للوقود وعلى رأسها قناة السويس ،وبالتالى فإن الزيادة فى أسعار البترول تصب فى مصلحة القناة، وتجعل تكلفة المرور من القناة أقل .
إيرادات حركة «الخام» تسجل 391.4 مليون دولار فى 2020.. وناقلات المشتقات تتزايد.. بسبب استثمارات البتروكيماويات
وكشفت إحصاءات هيئة قناة السويس عن عبور ناقلات البترول الخام فى قناة السويس خلال عام 2020 بلغ 1584 ناقلة محملة بنحو 116.9 مليون طن ، محققة إيرادات قدرها 391.4 مليون دولار ، مقابل عبور 1673 ناقلة محملة بنحو123.4 مليون طن محققة ايرادات بلغت 406.7 مليون دولار فى عام 2019.
وتمثل ايرادات حركة عبور البترول الخام نحو 6.9 % من اجمالى ايرادات قناة السويس السنوية .
وتشيرالاحصاءات إلى إرتفاع نسبة تجارة مشتقات البترول العابرة لقناة السويس إلى %14٫2 (منتجات يصعب نقلها عبر خطوط الأنابيب)حيث سجلت عبور 1388 ناقلة مشتقات بترول، محملة بنحو65.5 مليون طن ، محققة إيرادات بلغت 350 مليون دولار ، والتى تمثل %6.2 من اجمالى الايرادات فى مقابل تراجع نصيب البترول الخام إلى نحو %8٫8 فقط من حجم التجارة المارة بالقناة نظراً لتزايد الاستثمارات فى قطاع البتروكيماويات ونشاط تكرير البترول عالمياً.
ويذكر أن هيئة قناة السويس قررت منح تخفيض قدره %48 من رسوم العبور لناقلات البترول الخام العملاقة القادمة من شمال غرب أوروبا حتى ميناء جبل طارق»، والمتجهة إلى ميناء «بورت كلانج» وما شرقه من جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى للفترة من يناير حتى مايو 2021.
وفى السياق نفسه اوضحت الاحصاءات أن حركة تجارة البترول العابرة للقناة لن تواجه منافسة من خط الأنابيب ( إيلات –عسقلان) حال تشغيله حيث تمثل نسبة تجارة البترول لدولة الإمارات حوالى %0٫7 من إجمالى حركة تجارة البترول المارة بالقناة، فيما تمثل نسبة تجارة المملكة العربية السعودية المارة بقناة السويس من البترول الخام حوالى %4٫9 ، وتشكل تجارة الكويت نحو %1٫4 من إجمالى تجارة البترول المارة بالقناة.
وفى سياق متصل قررت الهيئة تقليل نسبة التخفيضات الممنوحة لسفن الحاويات القادمة من موانئ شمال غرب أوروبا (مضافاً إليها ميناء طنجة) حتى ميناء (Algeciras) ومتجــهة مباشرة إلى ميناء (Port Klang) وما شرقه من موانئ جنوب شرق أسيا والشرق الأقصى الى 6 بدلا من 17 % والتى أقرتها فى إبريل 2020.
يذكر أن إدارة قناة السويس أقرت نسب تخفيضات بلغت %6 ثم رفعتها الى %17 فى نهاية إبريل العام الماضى ، لجذب الخطوط الملاحية التى سلكت طرقا أخرى غير قناة السويس إنذاك ، وسط أزمة انتشار فيروس كورونا وتراجع أسعار البترول، والتى ألقت بظلالها على حركة التجارة العالمية وقناة السويس.
وقالت مصادر مطلعة لـ«المال» فب وقت سابق أن الرجوع الى نسبة التخفيضات الاولى لسفن الحاويات القادمة مدفوع بتحسن حركة التجارة العالمية فى ظل ارتفاع أسعار البترول والتى اقتربت من الـ70 دولار اللبرميل، مما يجعل من القناة الخيار الاول للخطوط بسبب توفير الوقت والتكاليف.
وأعلن الفريق أسامة ربيع رئيس قناة السويس يناير الماضى ، تثبيت رسوم العبور لجميع أنواع السفن العابرة للقناة على ما كانت عليه عام 2020، بالإضافة إلى تجديد كافة المنشورات الملاحية الخاصة بالحوافز والتخفيضات التى تم اعتمادها خلال العام الماضى لبعض فئات السفن، وذلك ضمن الجهود المبذولة للتعامل مع الظروف غير المواتية والتحديات غير المسبوقة التى فرضتها جائحة فيروس كورونا المُستجد “COVID_19”.
وأكد ربيع حرص الهيئة على اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير التى تقتضيها إدارة الأزمة الحالية وما تتطلبه من ضرورة حتمية للتعامل مع المتغيرات العالمية بمرونة تامة وإدراك لعلاقة التأثير والتأثر بين حركة التجارة المارة بالقناة والظروف غير المواتية التى يمر بها الاقتصاد العالمى وصناعة النقل البحرى.
ووجه رئيس الهيئة رسالة طمأنة بشأن مؤشرات أداء قناة السويس خلال عام 2020 ، مؤكداً أن نتائج العام تعد نموذجاً ناجحاً فى كيفية إدارة قناة السويس للأزمات حيث نجحت الهيئة فى الحفاظ على أعداد وحمولات السفن العابرة للقناة وفق المعدلات الطبيعية والإبقاء على حصيلة الإيرادات المحققة عند مستوى قريب من العائدات المُحققة خلال عام 2019 الأعلى إيراداً وحمولة على مدار تاريخ القناة.
وأكد أن ذلك يأتى بالرغم من الظروف المضطربة والتحديات غير المسبوقة التى شهدها العام فى ظل تراجع مؤشرات حركة التجارة العالمية بنسبة %10 وانكماش الاقتصاد العالمى بنسبة %4.4 علاوة على انخفاض أسعار النفط إثر تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد.
وقال ان السياسات التسويقية ولتسعيرية المرنة التى انتهجتها الهيئة نجحت فى جذب العديد من الخطوط والشركات الملاحية التى لم تكن تعبر القناة، وزيادة الحصة السوقية لقناة السويس على بعض الطرق التى لاتمثل لها القناة الاختيار الأول، وذلك بجذب 4087 سفينة محققة إيرادات قدرها 930 مليون دولار تمثل حوالى %16.6 من إجمالى حصيلة إيرادات قناة السويس خلال عام 2020.
ولفت ايضا الى أن الحوافز الممنوحة لسفن الحاويات استطاعت جذب العديد من الخطوط الملاحية خلال عام 2020 لتصل إجمالى سفن الحاويات التى عبرت القناة 4710 سفينة حاويات رغم انخفاض الطلب على البضائع المحواة عالمياً نتيجة لإجراءات الإغلاق والحظر الذى فرضته معظم دول العالم فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا، فيما عززت السياسات التسويقية الممنوحة لكل من حاملات السيارات والسفن السياحية من إعادة تنشيط الطلب على هذه الأنواع على الرغم من تراجع التجارة العالمية للسيارات بنسبة تزيد عن %60 وانخفاض حركة سفن الركاب والسفن السياحية عالمياً بنسبة تزيد عن %80 بسبب تداعيات أزمة كورونا.