لا مراء أن الدين حق.. فيما استخدامه سياسيًّا محض باطل، إذ لا يجتمع الثابت مع المتغير إلا وكانت العشوائية ثالثهما، حتى ولو عمّ الأرض الفساد.. عصيًّا عن الاجتثاث ما لم تنتقض لدرئه معالم التنوير أخذًا بأسباب العلم منهاجًا للإصلاح.. لربما يفتقد أحيانًا هياكله التنظيمية الهرمية.. التى تتوافر بالمقابل لدى جماعات الاستعمال السياسى للأديان، يحوطها الغموض والسرّية المحكمة، سرعان ما تثبُ على ريادة الانتفاضات التنويرية.. كى تصدرها، وعلى النحو الذى حدث- مثالًا- من تونس إلى سوريا، مرورًا بمصر وليبيا منذ2011 إلى أن يثبت فشل نهج الخلايا السرّية فى إدارة مفاصل العمل الحكومى الذى تفتقد أدواته العلمية والسياسية، يستوى فى ذلك عجز كل من «التوراتيون» فى إسرائيل خلال العامين الأخيرين، أو «الإنجيليون» من أتباع المسيحية- الصهيونية فى الولايات المتحدة 2017 – 2021 إلى التنظيم الدولى للإخوان المسلمين طوال العقد الأخير فى العالم العربى، ما أصبح يمثل ضربة قوية لأيديولوجيات الاستعمال السياسى للأديان، إلا أن يتحول إلى مرتبة التابع الذليل- بصفة ظرفية مؤقتة- لحساب مخططات خفية تروم الهيمنة العالمية.. بحيث يكون فيها الإرهاب الدينى الوجه الآخر للفساد المالي، وخصمًا من أسباب الاستنارة.. ومن مجمل الاعتبارات الأخلاقية بسيان، مما يعوق الجهود التقدمية لتفكيك الحركات «الظلامية»، خاصة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط التى تتعرض- بأقله- منذ الثمانينيات إلى التسابق بين قومياته الرئيسية، الفارسية والطورانية والعبرانية، لإحياء صراع مذهبى عربى- إسلامى بين السنة والشيعة عمره 1300 سنة، لولا أن تراجع زخمه إلى المواقع الخلفية نظرًا لبروز صراع آخر بين خصوم وأنصار الإسلام السياسى، أعقب وواكب انتفاضات الربيع العربى من 2011 إلى السودان والعراق ولبنان والجزائر حتى 2020وهو ما يلقى على الأممية التنويرية مسئولية اختراق المذهبية والطائفية العربية، وما إليها من عرقيات وقوميات.. إلخ، وبهدف تشكيل الوعى الإقليمى الحداثى خلال العقود المقبلة، حيث السجال الدائر بين إسلام الأنوار.. وبين ما يسمى التأسلم الظلامي، ما بين تحديث الفكر الدينى أو الإبقاء عليه فى إسار أسلمة الحداثة، وهما تياران كبيران متناقضان يجرى تطبيقهما على رسالات التوحيد؛ المسيحية واليهودية والإسلام، إما باستخدامهما لاهوتيًّا لأهداف سياسية تصارعية أو ضمن التوجه الواسع المتسامح للأديان السماوية الثلاثة، حيث تأسيس ما يسمى بيت «العائلة الإبراهيمية».. فى دولة الإمارات، كما فى توقيع وثيقة مكة المكرمة عن «الأخوة الإنسانية»، ذلك فى إطار معركة مفتوحة ضد اللاهوت الظلامى القديم للقرون الوسطى، ما يمكن القول إن بإمكانها تجاوز جماعات الإخوان المسلمين، وبقية جماعات الإسلام السياسى المخدوع بها من جانب الجماهير العربية كأنها هى الحل، فإذ بها بعد «العشرية السوداء» فى الجزائر خلال التسعينيات، وبعد عشر سنوات من الربيع العربى، لا يمكن أن يكون حلًّا إلا بصيغته التنويرية التى تفرضها النخبة الفوقية الرائدة فى إطار الحكم الرشيد العادل، وهى معركة ديمقراطية بين الماضى الذى بات باليًا غير مقبول.. وبين معطيات القرن الواحد والعشرين التى عليها أن تواكب حركة التاريخ حيث لا سلام عالميًّا.. دون السلام بين الأديان غير المسيّسة
شريف عطية
6:40 ص, الأحد, 28 فبراير 21
End of current post