واجبات إنسانية لنظام دولى مرتقب

واجبات إنسانية لنظام دولى مرتقب
شريف عطية

شريف عطية

11:41 ص, الثلاثاء, 23 فبراير 21

من مفارقات النظام الدولى المرتقب للحلول محل «الأحادية الأميركية»، وعلى خلاف ما سبق أن شهده العالم- على غراره – فى القرنين المنصرمين، أن يتوازى تشكيله المحتمل مع انحسار جيل الزعامات العالمية التى قادت الأنظمة السابقة، حيث باتت آخرها منذ التسعينيات من القرن الماضى.. فى حالة سيولة تعجز معها عن إدارة شئون العالم، إذ أدت إلى نشوب حرب باردة جديدة بين القوى الكبرى.. أشد حدة من سابقتها منذ العام 1947، وفى العودة من ثم إلى سباق التسلح الأكثر تدميراً.. فى ظل أزمة اقتصادية مالية تخيم على دول العالم منذ نهاية 2008، هزت العديد من المفاهيم الأيديولوجية المألوفة أو المستحدثة، قبل أن تدهم الجائحة الفيروسية منذ 2019 مختلف أرجاء الكوكب البشرى «سامى الحدود»، وسرعان ما تتحول قطرة متلألئة بالتفاؤل إلى بحر كبير من اليأس، خاصة لدى الدول الفقيرة، دفعت قادة مجموعة الدول السبع – من أميركا الشمالية وغرب أوروبا واليابان- فى 19 فبراير الحالى إلى التعهد بفتح «فصل جديد للتعاون الدولي».. يجعل العام 2021 نهجاً للتعددية، وفى بلورة التعافى الذى يعزز صحة وازدهار شعوبنا وكوكبنا، كذلك فى توجه صريح نحو «عالم متعدد»، قد يمثل- لو صلحت النوايا- انعطافة تاريخية لمسيرة النظام الدولى المرتقب، ربما يجرى البحث فى إطاره عن قادة وقيم عظيمة تقود البشرية فى سنوات أو عقود مقبلة، إذا لم يعقها الصراع غير الخفى بين الإمبرياليات الكبرى، فى مقدمتها التحالف (الإنكشاري) بين الولايات المتحدة والصهيونية الدولية فى مواجه الصين وروسيا كعدوتين ماثلتين للتحالف الغربي، بحسب تعبير الرئيس الأميركى الجديد.. الذى يعيد ترميم مشاركات تحالفات بلاده مع الأوروبيين، الموزعين بدورهم ما بين التشدد الألمانى نحو الوحدة الأوروبية، واشتراط فرنسا طرح قواعد للتوازن مع الولايات المتحدة.. التى من غير المعروف من ذا الذى يكسب أخيراً فى الصراع بينها وبين الصين، خاصة إذا عملت واشنطن على تضارب المصالح- كما السبعينيات- بين موسكو وبكين، لحساب انفراد الإمبريالية الأميركية بكلتاهما على حدة، الأمر الذى تتقاطع ملفاته الدولية مع الاستراتيجية الأوروبية، أمنيا ودفاعيا واقتصادياً، وهو ما يعبر من ناحية أخرى عن تباين رؤى تاريخية فى هذا الشأن بين واشنطن وبروكسل، بأقله منذ الغزو الأميركى للعراق وأفغانستان.. وبهدف استخدام أوروبا كتلة دفاعية أمنية فى مواجهة روسيا والصين، ومن إيران إلى سوريا وليبيا، ومن قبلهم مصر، ذلك برغم اختلاف الأولويات بين ضفتى الأطلنطى اللتين ليستا بالضرورة متطابقتين، خاصة بالنسبة للسياسة الأميركية فى شرق أوروبا، أو من حيث التزامها بتوجهات أجنحة أميركية داخلية تروم تدمير روسيا، ولو كان ذلك على حساب تدمير أوروبا معها، ناهيك عن محاولة استدراجها ضمن القيادة الأميركية للتحالف الرباعى المكون منها إلى جانب أستراليا واليابان والهند، للعمل ضد صعود الصين فى منطقة مجالها الحيوى، إلا أن بكين، ذات التاريخ اللا إمبريالى، ربما تتجاوز (الإنكشارية) الأمريكية الصهيونية من خلال مبادرة «الحزام والطريق» التى تعمل على ربط الإنسانية ببعضها البعض، وفى نشر الموضوعية البشرية التى تعانى من جفاء المعاملة والحروب المتتالية، الأمر الذى قد يمثل جوهر الحكمة للقيام بواجبات إنسانية لنظام دولى مرتقب.