للمرة الأولى فى تاريخها.. القيمة السوقية للعملات الديجيتال تتجاوز تريليون دولار
مؤشر «بلومبرج للعملات المشفرة»يربح أكثر من %100 فى أقل من شهرين
قفز مؤشر بلومبرج «جالاكسى كريبتو BGCI» للعملات المشفرة بأكثر من %100 خلال العام الجارى لتصل القيمة السوقية للعملات الديجيتال إلى ما يزيد عن تريليون دولار للمرة الأولى فى تاريخها، بعد أن تجاوز سعر عملة البتكوين 57.5 ألف دولار فى بداية الأسبوع الجارى لتتصدر أشهر 10 عملات رقمية فى العالم، وبفارق كبير عن عملة «إيثيريم» الرقمية التى تحتل المرتبة الثانية بين أشهر العملات الرقمية العالمية فى الوقت الحالى.
وذكرت وكالة بلومبرج أن القيمة السوقية للبتكوين أشهر وأغلى عملة ديجيتال مع 4 عملات أخرى كسبت فى أقل من شهرين منذ بداية العام وحتى الآن أكثر من 450 مليار دولار لنتجاوز حاجز التريليون دولار وفقا لمؤشرBGCI، بعد أن بلغت حوالى 575 مليار دولار بنهاية العام الماضى.
ورغم تحذيرات المحللين بأنها ليست من أساسيات الاقتصاد صعدت عملة البتكوين إلى الذروة وحققت رقما قياسيا، وقفزت أكثر العملات المشفرة رواجا فى العالم إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق لتحقق مكسبا أسبوعيا بنسبة %11.
كما صعدت منذ بداية الشهر الجارى بنسبة %64 لتتفوق على مؤشرات الذهب والسلع والأسهم والسندات، بينما حققت عملة «إيثيريم» الالكترونية ربحا قدره %12 خلال الأسبوع الماضى لتتجاوز 2020 دولار لأول مرة فى تاريخها.
تيسلا تشعل استثمارات «الديجيتال»
يرجع المحللون أسباب ارتفاع أسعار العملات الديجيتال إلى تدفقات الاستثمارات الكبرى من المضاربين والشركات العالمية الكبرى مثل تيسلا للسيارات الكهربائية الفاخرة، والمؤسسات الاستثمارية، غير أن فريق المؤمنين بالعملات المشفرة يتصارع مع فريق المشككين فيها،حيث يرى الأول أنها بمثابة أصول لها القدرة على التحوط ضد مخاطر مالية منها التضخم، بينما بعتقد الفريق الآخر أنها مجرد مضاربة جنونية تعتمد على موجات التحفيزات النقدية والمالية التى تنفذها الدول المتقدمة ولاسيما الولايات المتحدة.
ويرى محللون آخرون أن تحديد قيمة سوقية للعملات المشفرة لا يمثل قيمة دقيقة لها لأنها ليست شركة، ولا حتى أصل من الأصول التقليدية التى تملكها شركات أو تدعمها حكومات، وهذا يعنى أن المستثمرين فيها يضعون أموالهم فى شبكة غامضة من هذه العملات السرية.
هووس المضاربة
قال شين أوليفر رئيس شركة «AMP كابيتال إنفيستورز» لاستراتيجيات الاستثمار فى مدينة سيدنى الأسترالية إن هناك مخاوف من ضياع فرصة الاستثمار فى العملات الديجيتال،وهناك مخاطر من تكبد خسائر ضخمة عند شرائها وإنه فى أوقات تدفق الأموال السهلة ظهر الاهتمام بها برغم تفاقم هذه المخاوف والمخاطر.
وازداد اهتمام الشركات والمؤسسات الاستثمارية الأمريكية هذا الشهر بالعملات المشفرة ومنها البتكوين و«الإيثير» و«الإيثيريوم» و«الدوجكوين» و«لايت كوين» لدرجة أن تيسلا خصصت 1.5 مليار دولار للاستثمار، وفيها بينما باعت مايكرو ستراتيجى للسوفتوير سندات قابلة للتحويل بقيمة أكثر من 900 مليون دولار لشراء هذه العملات.
الجنون يصيب المنصات الرقمية
إذا كان إيلون ماسك أغنى ملياردير فى العالم تقريبا، وصاحب تسلا خصص 1.5 مليار دولار للاستثمار فى البتكوين، إلا أن هذا المبلغ يمثل جزءاً صغيراً من السيولة المالية التى يملتكها ونسبة ضئيلة جدا من القيمة السوقية لشركته التى تبلغ قيمتها 750 مليار دولار، ليعد أكبرمبلغ تخصصه شركة من الشركات ال 500 المدرجة على مؤشر ستاندرد ان بورز 500 S&P، وإن كانت شركة «مايكروستراتيجى» استثمرت العام الماضى مليار دولار أو ما يعادل أكثر من ثلث قيمتها السوقية فى ذلك الوقت فى العملات الديجيتال.
ويعتقد كريج إيرلام خبير الأسواق المالية بشركة أواندا أوروبا ليميتيد أنه إذا ارتبطت التعاملات الأساسية للشركات ارتباطا وثيقا بالبتكوين وغيرها من العملات الديجيتال فستجد الأسواق نفسها فى وسط فقاعة ضخمة ستنفجر قبل أن يحسوا بها أصلا.
المشفرة تربح من كورونا
أكد شين أوليفر مدير الأصول العالمية فى بنك أوف أمريكا فى نشرة الشهر الجارى أن تعاملات المضاربين فى البتكوين باتت من أكثر التعاملات فى البورصات العالمية، لتنافس أسعار الدولار وأسهم شركات التكنولوجيا التى حققت مكاسب قياسية بسبب وباء كورونا.
وقال أوليفر إنه إذا ابتعد المضاربون والمستثمرون عن التعامل فى العملات الديجيتال،ولاسيما البتكوين بسبب اتجاه الحكومات لوضع قواعد تنظيمية مشددة أو ظهر أصل جديد انتقلت إليه الاستثمارات، قد يؤدى ذلك إلى عواقب وخيمة تساهم فى انهيار هذه العملات فجأة كما قفزت فجأة.
الأمريكيون يجهلون «الديجيتال»
اكتشف جون جيرزيما المدير التنفيذى لمؤسسة هاريس بول لاستطلاع الرأى أن واحد من كل 10 أمريكيين لم يسمع بالعملات المشفرة، ولايعرف البتكوين، ولا الإيثير، أو الإيثيريوم، أو اللايتكوين، أو الدوجكوين بناء على المسح الجديد الذى أجرته المؤسسة هذا الشهر،والذى نشرت نتائجه وكالة بلومبرج الأسبوع الماضى وأكدت أن أسعار البتكوين ارتفعت لأرقام قياسية لتتجاوز حاجز 54 ألف دولار لأول مرة.
وأظهر استطلاع الرأى الذى جرى خلال الفترة من 12 إلى 14 فبراير الحالى أن 50 %من المشاركين البالغ عددهم 2000 شخص قالوا إأنهم سمعوا فقط عن هذه العملات، بينما قال 16 %منهم فقط إنهم يعرفون جيدا العملات الديجيتال، وأكد 28 %على معرفة سطحية.
كما أصابت موجة المكاسب القياسية التى حققها البتكوين منذ العام الماضى حتى الآن المراقبين بالذهول، وجعلت النقاد يحسبون الساعات الباقية على انهيار العملات الديجيتال وانفجار فقاعتها المتضخمة لدرجة أن 4 %من المتعاملين فيهاعلى دراية كبيرة بها ويتوقعون وصول سعرها إلى الصفر، بينما يرى %8 منهم أنها ستقفز إلى 100 ألف دولار للعملة الواحدة من البتكوين.
أرقام قياسية
أكد المحللون أن الثقة عامل مهم فى التعامل مع العملات المشفرة حيث أبدى 43 %من المتعاملين فيها من خلال معرفة وخبرة شكوكهم فى شرعيتها كشكل من أشكال المدفوعات النقدية،بينما يعتقد 29 %منهم أنها ستختفى تمام فى غضون 10 سنوات، فى حين أن 34 %يؤكدون أنها ستصبح وسيلة سداد قياسية لجميع أنواع المدفوعات.
وأعلنت شركات عالمية مثل ماستركارد للبطاقات الائتمانية وتيسلا أنهما تخططان للبدء فى سداد مدفوعاتهما بالعملات الديجيتال، رغم أن %10 فقط من المتعاملين فيها هم الذين يستخدمونها فعلا فى دفع أثمان مشترياتهم بصفة منتظمة.
وصعد سعر البتكوين من 4900 دولار خلال الربيع الماضى إلى أكثر من 57 ألف دولار حاليا بزيادة تقترب من 12 ضعفاً مما أدى إلى تزايد اهتمام المحللين والمستثمرين فى وول ستريت، وبدأوا يتعاملون مع البتكوين كأصل من الأصول الموجودة فى محافظهم الاستثمارية حتى ولو بطريقة غير مباشرة برغم أن البتكوين خسرت حوالى %50 من قيمتها فى عام الوباء مما يعنى أنها تتعرض لتقلبات حادة من حين لآخر.
«JP مورجان» يتوقع وصولها الى 146 ألف دولار
توقع بنك JP مورجان الأمريكى أن يتخطى سعر عملة البتكوين أكثر من 146 ألف دولار عندما تصبح من أصول الملاذات الآمنة لتنافس الذهب بعد أن ازداد اهتمام المستثمرين بها العام الماضى باعتبارها وسيلة تحوط ضد التضخم وبديلا للدولار، الذى هبطت قيمته فى ذلك العام الذى شهد خروج 7 مليارات دولار من استثمارات الذهب وتدفق أكثر من 3 مليارات دولار على صندوق جريسكيل للبتكوين.
هل تخترق البتكوين 100 ألف دولار
صعدت البتكوين إلى 42 ألف دولار فى 8 يناير الماضى بينما كسبت حوالى %1000 منذ المستوى المنخفض الذى هوت إليه مارس الماضى عندما انتشر وباء فيروس كورونا بالعالم وحتى 20 يناير الماضى لتتجه لمستويات قياسية غير أن هناك تحذيرات من حركة تصحيح بعد تجاوزها 57 ألف دولار.
ويتجه المستثمرون والمتعاملون للعملات المشفرة لاحتمالات تحقيق مكسب سريع فى عالم يشهد انخفاضا شديدا للعوائد وأسعار فائدة سلبية لانتشار مرض كوفيد 19 برغم توزيع الأمصال على عدد كبير من دول العالم، وعندما تزداد التعاملات فى بتكوين سيرتفع سعرها إلى 146 ألف دولار، إذا رآها المستثمرون أصل من الأصول الاستثمارية الآمنة والجاذبة لدرجة أن هناك محللون يتوقع أن يدفع «هوس المضاربة الحالى» بسعر بتكوين إلى ما بين 50 و100 ألف دولارفى أقرب وقت.
مغامرة أم مخاطرة
تفوقت فقاعة العملات الديجيتال على جميع الفقاعات التى ظهرت منذ أواخر سبعينات القرن الماضى حتى الآن مع ارتفاع فقاحة البتكوين بأكثر من %1000 بينما زادت فقاعة الذهب بحوالى 400 %عام 1978 ثم انهارت إلى %100 فى عام 1983.
كما صعدت فقاعة الشركات اليابانية إلى أقل من %100 عام 1988 لتنزل إلى الصفر عام 1991، وكذلك فقاعة الشركات التايلاندية التى تقدمت فى عام 1994لتقترب من %200 لتنهار إلى الصفر فى عام 1997.
وتمتد لتلحق بفقاعة شركات التكنولوحيا التى بلغت قمة أرباحها عام 2000 وبلغت أكثر من %300 انخفضت بعدها للصفر قبيل عام 2003 لتبدأ بعدها بقليل فقاعة العقارات الأمريكية التى وصلت إلى حوالى %200 وانهارت فى عام 2008 لتسبب الأزمة المالية العالمية.
وتفوقت أيضا فقاعة البتكوين على فقاعة الشركات الصينية التى تضخمت بنسبة %450 عام 2006 لتنزل إلى حوالى %90 فى عام 2009 وزادت فقاعة شركات التكنولوجيا الحيوية أو البيوتيك بنسبة أقل توقفت عند %100 عام 2013، وانخفضت بعدها إلى حوالى %30 وأخيرا ارتفعت فقاعات كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية المعروفة (فيسبوك وأبل وأمازون ونيتفليكس وجوجل) بأكثر من %200 منذ عام 2019 وتواصل صعودها الآن بوتيرة بطيئة على عكس العملات الديجيتال التى تقفز قيمتها بسرعة هائلة.