يواجه المسؤولون العسكريون الإسرائيليون خطر إصدار مذكرات توقيف في أوروبا بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي فتح تحقيق بشأن ارتكاب جرائم حرب إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
إصدار مذكرات توقيف
وصادقت يوم أمس (الجمعة) المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا بفتح تحقيق بشأن ارتكاب في الأراضي الفلسطينية، معتبرة فلسطين دولة في نظام روما الأساسي للمحكمة.
وقالت المحكمة الجنائية في بيان إنها قررت بالأغلبية بأن اختصاص المحكمة القضائي الإقليمي فيما يتعلق بالوضع في فلسطين يمتد إلى الأرضي الفلسطينية التي تسيطر عليها إسرائيل منذ عام 1967 وهي قطاع غزة والضفة الغربية وشرق مدينة القدس.
ومنذ انضمام السلطة الفلسطينية لاتفاقية روما عام 2014، كانت المحكمة الدولية تتداول فيما إذا كان لها حتى سلطة قضائية على إسرائيل لأنها ليست طرفا في المحكمة.
ويرى محللون سياسيون إسرائيليون أنه من السابق لأوانه الحديث عن إصدار مذكرات اعتقال وتوقيف، ولكن على الرغم من ذلك من المهم جدا عدم إغفال قرار محكمة الجنائية الدولية وتبعياته.
نتنياهو يدين قرار محكمة الجنائية الدولية
وأدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرار محكمة الجنائية الدولية قائلا “أثبتت المحكمة مرة أخرى أنها مؤسسة سياسية وليست هيئة قضائية”.
وأضاف نتنياهو في بيان أن المحكمة “تتجاهل جرائم الحرب الحقيقية وبدلا من ذلك تلاحق دولة إسرائيل وهي دولة ذات نظام ديمقراطي قوي تقدس حكم القانون وليست عضوا في المحكمة”.
وصرح يوفال شاني خبير القانون الدولي في الجامعة العبرية ونائب رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أنه بمجرد أن قررت بنسودا في ديسمبر 2019 أن هناك سببا لفتح تحقيق في جرائم حرب محتملة في الأراضي الإسرائيلية لم “تتعاون” إسرائيل بشكل مباشر مع الإجراء ولم تقدم بيان إدعاء.
وأضاف شاني في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) “بالرغم من ذلك قامت إسرائيل بنشاطات من وراء الكواليس لتشجيع الدول والأكاديميين على تقديم المرافعات أو الآراء إلى المحكمة”.
توجيه أوامر اعتقال
ووفقا لقرار محكمة الجنائية الدولية فأنها تمتلك سلطة مناقشة الأحداث التي وقعت في أراضي السلطة الفلسطينية، الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى توجيه لوائح اتهام وحتى أوامر اعتقال ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين وليس ضد دولة إسرائيل.
وقال شاني “عادة ما تركز مثل هذه القرارات على القادة أو الفاعلين العسكريين الذين تكون مسؤولياتهم بارزة بشكل خاص”، مضيفا “ومن المستبعد جدا أن تركز على الجنود بل أنها شبه مستحيلة”.
في عام 2019 قالت المدعية العامة في محكمة لاهاي بنسودا أنها تنوي فتح تحقيق شامل في جرائم حرب محتملة في الاراضي الفلسطينية، بما في ذلك حرب الجرف الصامد عام 2014 مع قطاع غزة، أو في المظاهرات التي جرت على السياج بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية.
وحول هذا قال المحلل السياسي الإسرائيلي أفيعاد جليكمان في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنه “إذا تم فتح تحقيق سيستهدف كبار المسؤولين في إسرائيل بما في ذلك رئيس الوزراء والوزراء وكبار الضباط السابقين والحاليين”.
وأضاف جليكمان “التوقيت ليس من قبيل الصدفة، حيث ضغط الرئيس ترامب على المحكمة لعدم فتح تحقيق ضد الولايات المتحدة الأمريكية أو حلفائها من خلال العقوبات التي فرضها والتهديد بمزيد من العقوبات”.
ضجة في الولايات المتحدة
لم تسبب هذه الخطوة ضجة في إسرائيل فقط، فقد عارضت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس قرار المحكمة الجنائية قائلا “نحن قلقون من احتمال أن تباشر المحكمة إجراءات ضد إسرائيل”.
ويرى شاني أن الولايات المتحدة الأمريكية في وضع مشابه لوضع إسرائيل، والمحكمة الدولية تفحص سلطتها لمناقشة الأعمال التي قامت بها في إسرائيل.
وتزعم كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أن المحكمة ليس لها اختصاص للنظر في قضيتهما على الإطلاق لأنهما ليسا أعضاء في معاهدة روما التي تستمد منها المحكمة اختصاصها.
وما يزيد من المخاوف الإسرائيلية هو تغيير الإدارة الأمريكية برحيل دونالد ترامب وتنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث كانت هناك آمال في أنه في ظل إدارة ترامب وبسبب الوضع المماثل للأمريكيين ستضغط الولايات المتحدة على المحكمة للامتناع عن التحقيق مع الدول غير الأعضاء، ولكن في الوقت الحالي يبدو الأمر أقل احتمالا.
توجيه لائحة اتهام ضد إسرائيل
ومن الأمور التي قد تمنع توجيه لائحة اتهام ضد إسرائيل “مبدأ التكامل” الذي تعمل بموجبه محكمة العدل الدولية، وينص على أن المحكمة ستمتنع عن التدخل في القضايا التي تحقق فيها الدولة المعنية نفسها بنشاط في القضايا.
ويقول شاني “يجب أن تدرس المحكمة في كل قضية ما إذا كان قد تم إجراء تحقيق داخل الدولة”، مضيفا أن بنسودا صرحت بأنها لم تكون رأيا بعد حول ما إذا كانت التحقيقات العسكرية في إسرائيل تفي بالمتطلبات التكميلية.
وفي هذا السياق تقول المحللة الإسرائيلية تمار ألموج أن “درع إسرائيل ضد محكمة لاهاي هو النظام القضائي الإسرائيلي”.
وأضافت ألموج في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن نطاق التحقيق في حال فتحه سيكون محدودا أكثر مما يطلبه الفلسطينيون وذلك في ضوء حقيقة أن لإسرائيل نظاما قانونيا يعتبر مستقلا وموثوقا به في العالم”.
وأوضحت “تميل الهيئات الدولية إلى عدم التحقيق في الأمور التي يتمتع المستشار القانوني والمحكمة فيها بسلطة مناقشتها، وهذا يقلل من نطاق التحقيق الذي كان من المتوقع أن يزداد في ظروف أخرى”.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.