ورث الرئيس الأمريكي جو بايدن أزمة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد أربعة أعوام احتل خلالها ملف الصراع مقعدا خلفيا على الساحة الدولية بفعل سياسات إدارة سلفه دونالد ترامب.
ويرى الفلسطينيون بأن إدارة بايدن أمام فرصة لإعادة تقييم سياسة واشنطن وتغيير الواقع الفلسطيني من خلال التأكيد على حل الدولتين وإلغاء القرارات السياسية والمالية التي اتخذها ترامب بشأن قضيتهم.
تغيير يطرأ على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
واعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر 2017 ثم أطلق في يناير 2020 خطة سلام مثيرة للجدل معروفة إعلاميا باسم “صفقة القرن”، في وقت رفض الفلسطينيون بشدة أي تعاطي مع الخطة وأعلنوا مقاطعة واشنطن بسبب ما اعتبروه تعديا كبيرا على الحد الأدنى من حقوقهم.
مقابل ذلك طرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس مبادرة لكسر الأمر الواقع لتراجع القضية الفلسطينية عبر الدعوة لانعقاد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة متعددة الأطراف لكنها لم تجد أي آليات فعلية لتنفيذها على أرض الواقع وسط معارضة أمريكية وإسرائيلية.
التغيير الأمريكي طفيف
يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض أن “الحزب الديمقراطي الذي ينتمي له بايدن يختلف عن الحزب الجمهوري في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي باعتبارهم أكثر قدرة على التحدث بلغة عالمية ومحاولة إدارة الأزمة وليست مواجهتها”.
ويقول عوض لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن تولي بايدن مقاليد الحكم في البيت الأبيض “سيصاحبه تغييرا ملحوظا على السياسية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية ومنطقة الشرق الأوسط.
ويضيف أن بايدن “لن يستمر بخطة السلام التي طرحها سلفه ترامب المعروفة (صفقة القرن) ولن يبني عليها كونه يؤمن وإعادة العلاقة مع السلطة الفلسطينية وتقديم حوافز اقتصادية لها من أجل تخفيض التوتر مع إسرائيل”.
ويشير عوض، إلى أن فترة رئاسة بايدن قد تشهد “عودة لمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تحت مظلة دولية ترعى عملية التفاوض بمشاركة أمريكية”.
وأعلن القائم بأعمال المبعوث الأمريكي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز في أول إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي مساء أمس (الثلاثاء)، أن إدارة بايدن تسعى لتجديد العلاقة مع فلسطين واتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة فتح الممثلية والبعثات التي أغلقتها الإدارة الماضية.
وأضاف ” لا يمكن فرض السلام على أي من الطرفين والجهود الأمريكية الدبلوماسية وأي تحرك يجب أن يكون بمشاركة الطرفين، وضرورة الحفاظ على حل الدولتين والامتناع عن أي خطوات أحادية مثل ضم الأراضي.
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في نهاية مارس العام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.
قدوم بايدن دفن صفقة ترامب لحل الصراع
يرى المحلل السياسي الفلسطيني من رام الله رجب أبو سرية، أن “قدوم إدارة بايدن دفن نهائيا صفقة ترامب ووضع حدا نهائياً لما كان يحلم به رئيس الوزراء الإسرائيلي ببنيامين نتنياهو من إعلان ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية.
ويقول أبو سرية لـ ((شينخوا))، إن “إدارة بايدن تعارض أي إجراءات أحادية الجانب وتوسيع المستوطنات لكنها لا ترى أن العودة للمفاوضات برعايتها بين الجانبين أمر فوري، أو بشكل سريع”.
ويشير أبو سرية، إلى أن إسرائيل “ستضغط على إدارة بايدن من أجل التقليل من العودة عما رأته إنجازات تحققت في عهد ترامب وتجاوز الملف الفلسطيني ومطالبتها برعاية التحالف الأمني الجديد الإسرائيلي/العربي ضد إيران”.
تواصل تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل
خلال فترة رئاستها عملت إدارة ترامب على إحداث اختراق “تاريخي” وغير مسبوق في مسار العلاقات بين إسرائيل والدول العربية ما أثار مخاوف الفلسطينيين من أن يؤثر التحول الحاصل سلبا على قضيتهم.
وتمثل الاختراق بإعلان أربع دول عربية، هي الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب، إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل بوساطة الولايات المتحدة الأمريكية.
ويقول المحلل السياسي من غزة طلال عوكل، إن الإدارة الأمريكية الجديدة “ستواصل تعزيز الانفتاح العربي مع إسرائيل بغض النظر عن تأثيره السلبي على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
ويضيف عوكل لـ ((شينخوا))، أن “إحداث إدارة بايدن تقدما في العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل يعطي انطباعا بوجود تقدم في عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي”.
ويتابع أن بايدن ” يعود للسياسة التقليدية التي سارت عليها الإدارات الديمقراطية، فالدولة الفلسطينية ليست مؤشرا على توازن السياسة الأمريكية أو الحرص على مصالح وحقوق الفلسطينيين أو على الالتزام بقرارات الأمم المتحدة وإنما لأن ذلك هو ما يخدم المصلحة الإسرائيلية ويطيل عمرها”.
صفقة ترامب أيدت الاستيطان
وشكل طرح ترامب “صفقة القرن” إعطاء ضوء أخضر لإسرائيل من أجل مواصلة بناء الاستيطان في المناطق المتنازع عليها، بالإضافة إلى مطالبة الفلسطينيين بتقديم تنازلات بما فيها التخلي عن القدس الشرقية عاصمة دولتهم المستقبلية.
ويرى أستاذ قسم الدراسات السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية جوناثان رينهولد أن “خطة ترامب منحت إسرائيل تأييدا لبناء الاستيطان أكثر من أي خطط وضعتها الإدارات الأمريكية السابقة”.
وقال رينهولد لوكالة أنباء ((شينخوا)) “إذا استمر التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تصادم الحكومة الإسرائيلية مع البيت الأبيض”.
من جهته يعتبر رئيس المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية نمرود غورين، أن ” فترة حكم إدارة ترامب تضاءلت فيها فرص تحقيق السلام بسبب الخطوات التي اتخذتها ضد حل الدولتين وإضعاف القيادة الفلسطينية”.
ويقول غورين لـ ((شينخوا)) إن على “الإدارة الأمريكية الجديدة التأكيد على أنها تولي أهمية لحل النزاع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والالتزام بحل الدولتين”.
إجراء انتخابات في فلسطين وإسرائيل
ويعيش كل من الإسرائيليين والفلسطينيين في خضم عدم استقرار سياسي داخلي يجعل السلام أو حتى المحادثات غير مجدية.
ومن المقرر إجراء انتخابات برلمانية في إسرائيل في مارس المقبل، ومن غير المعروف ما إذا كان نتنياهو سيبقى في منصبه حيث تهيمن الأحزاب اليمينية على الخريطة السياسية مما يجعل التنازلات للفلسطينيين أمرا مستبعدا.
كما سيتوجه الفلسطينيون إلى صناديق الاقتراع في مايو المقبل، وليس من الواضح ما إذا كانت المفاوضات مع إسرائيل ستكون خيارا في حالة وصول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للسلطة.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.