قال المهندس مالك على دنقلا نائب رئيس اتحاد المقاولين العرب وعضو جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، ورئيس اتحاد المقاولين السودانيين السابق، إن آخر تقرير لقطاع الشئون الاقتصادية بجامعة الدول العربية أفاد بأن كورونا وجهت ضربات مباشرة للاقتصاد العربى، أسفرت عن خسائر فادحة بلغت 1.2 تريليون دولار، يتراوح نصيب قطاع التشييد منها ما بين 4 إلى %6، أى ما قد يزيد على 70 مليار دولار، مع توقعات بفقدان 7.1 مليون عامل بالقطاع لوظائفهم.
وأضاف دنقلا فى تصريحات خاصة لـ»المال»، أن الوباء تسبب أيضا فى حدوث خسائر مالية جسيمة لقطاع التشييد سواء عربيا أو دوليا، حيث وصلت قيمتها فى دولة واحدة مثل بريطانيا إلى 29 مليار جنيه إسترلينى ، كما تراجعت أعمال النشاط العقارى فى معظم دول العالم منذ أن بدأت عمليات الإغلاق الحكومية وحظر التجول وتدابير التباعد الاجتماعى والتعليق المؤقت للحركة الجوية، حيث أوقفت العديد من الدول عمليات البناء.
وأشار، إلى أنه كان هناك عدد قليل جدا من حكومات الدول ومنها مصر التى سمحت بمواصلة أعمال البناء، مع وضع قواعد وإرشادات حول التباعد الاجتماعى، وارتداء الأقنعة، وبروتوكولات السلامة الأخرى.
«كورونا» ستعجل من وضع آليات جديدة فى العقود المستقبلية
وأفاد، أن فيروس كورونا وجه ضربة قاصمة للاقتصاد العالمى بصورة تفوق ما كان عليه الحال فى الكساد الكبير الذى أعقب الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث أجبر الوباء جميع دول العالم على الإغلاق التام وتقييد الحركة والتنقلات.
وأوضح دنقلا، أن توقف أعمال البناء والتشييد، ومشروعات البنية التحتية جراء تفشى الوباء فى جميع دول العالم، أثرا اقتصاديا بشكل سلبى غير مسبوق بل ومضاعف، حيث أن قطاع التشييد والبناء يعد واحدا من أهم القطاعات الاقتصادية الرئيسية، التى تدعم مخططات الدول التنموية، وترتبط به الكثير من القطاعات والصناعات الأخرى ، كما يسهم بشكل أساسى فى توفير الكثير من فرص العمل.
ولفت إلى أنه على الرغم من الأهمية الاقتصادية الكبيرة لقطاع البناء والتشييد، والتى دفعت كثير من دول العالم لإعادة التشغيل التدريجى أو الكلى للقطاع، والتعايش مع الأزمة، مع اتخاذ الضوابط والتدابير الاحترازية اللازمة وتحقيق التوازن بين إعادة التشغيل والحفاظ على صحة وسلامة العاملين، ورغم أن السماح باستئناف العمل بمواقع التشييد يبدو وكأنه أمر جيد، إلا أنه لا يرسم صورة كاملة لما وصلت إليه الصناعة حاليًا، موضحا أن التباطؤ الاقتصادى الناجم عن الوباء تسبب فى توقف المالكين والمطورين عن طرح مشروعات جديدة، تخوفا من الزيادة المستمرة فى أعداد المصابين بفيروس كورونا الجديد.
وتابع، أن شركات المقاولات تواجه تحديات كبرى من منظور التدفقات النقدية نتيجة رفض البنوك منحها قروضا لاستئناف أعمالها، بسبب ارتفاع نسبة المخاطرة، مما يجعل الشركات عرضة لضائقة مالية شديدة، وخاصة الشركات الصغيرة التى لا تملك احتياطات نقدية، وميزانيات قوية ، الأمر الذى قد يضطرها لإغلاق أبوابها بسبب الضغوط المالية الناتجة عن تفشى الوباء.
وتوقع نائب رئيس اتحاد المقاولين العرب، أن تشهد صناعة البناء والتشييد اختلافا كبيرا عما كانت عليه قبل جائحة كورونا، خاصة فى ظل انتظار توفير لقاح عالمى فعال لمعالجة الجائحة على نطاق واسع.
وتابع، أنه من المتوقع أن تقوم الحكومات بتعزيز الإنفاق على البنية التحتية، فى إطار خططها لإنعاش الاقتصاد القومى ودوران عجلة الإنتاج، كما ستتجه الدول الكبرى إلى مشروعات البنية التحتية غير التقليدية، ومنها مشروعات البنية التحتية التكنولوجية، ذلك الأمر الذى ينعكس بدوره على انخفاض تكاليف مواد البناء التقليدية.
تكنولوجيا البناء الحديثة ستلعب دوراً كبيراً فى مستقبل صناعة البناء
وأفاد بأن الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة فى عمليات التشييد المختلفة سيجعل صناعة البناء تتجه نحو التحول الرقمى، وتبنى تقنيات جديدة تمكنها من إنجاز المزيد من المهام عن بعد، ويتضمن ذلك «نمذجة» معلومات المبانى، ومنصات إدارة المشروعات.
وأضاف، أن تفشى كورونا ساهم بشكل كبير فى زيادة استخدام مثل هذه الحلول والتقنيات، وبالتالى سوف تستفيد صناعة البناء منها حتى بعد عودة الشركات إلى ظروف العمل الطبيعية.
وأشار، إلى أنه على الرغم من العدد المتزايد للشركات الناشئة فى مجال تكنولوجيا البناء على مدى السنوات القليلة الماضية ، ظل الاعتماد عليها فى صناعة البناء منخفضًا، لافتا إلى أنه بسبب فيروس كورونا تحول العديد من المقاولين إلى التكنولوجيا لمواصلة تقدم المشاريع.
وأضاف دنقلا، أن جائحة كورونا وما نتج عنها من خسائر غير متوقعة لشركات المقاولات جعلت هناك ضرورة لوضع آليات جديدة خاصة بعقود المقاولات، لافتا إلى أن العقود المستقبلية ستتضمن بندا ينص على أن هذا الوباء أو غيره من الأوبئة المستقبلية تندرج ضمن شروط القوة القاهرة للحد من المسؤولية الناجمة عن ظروف أو أحداث غير متوقعة خارجة عن سيطرة الأطراف المعنية والتى تؤدى إلى تأخير أو إلغاء مشاريع البناء.
على جانب آخر أوضح المهندس مالك دنقلا، أن الوباء تسبب فى انخفاض الطلب على أنواع معينة من المشاريع بشكل كبير، بينما شهد البعض الآخر نموا وزيادات فى الطلب.
وتابع، أن الطلب انخفض على أعمال بناء الفنادق والمسارح ودور السينما والأماكن الترفيهية ، والمطاعم وما إلى ذلك، كما سيقل الطلب على البنية التحتية التجارية، حيث سيواصل الأشخاص اعتمادهم على التسوق عبر الإنترنت.
زيادة الطلب على مشروعات المدن الذكية رغم الجائحة وانخفاض الترفيهيات
وأضاف، أنه فى المقابل ازدادت الاستثمارات فى مشروعات الاتصالات والمدن الذكية ومراكز البيانات لتسهيل العمل عن بعد.
وأشار، إلى أن أهم النتائج المستقبلية الايجابية التى سوف تترتب على تأثيرات وباء كورونا بالنسبة لقطاع التشييد هى أن الإتجاه الأكثر شيوعا فى المستقبل، سيكون نحو أعمال البناء خارج الموقع أو ما يسمى بـ«البناء الجاهز»، أى تصميم كل متطلبات المبانى فى المصانع، والساحات المغلقة من خلال العديد من التقنيات الحديثة الأمر الذى سوف يساعد على أن تكون أعمال البناء أكثر إنتاجية، وتزداد معها فرص العمل، فضلاً عن تقليل مدة إنجاز المشروعات وتقليل التكاليف، نتيجة الاستغناء عن نفقات الأعمال التى تتم بصورة تقليدية، كما ان البناء خارج الموقع سيساعد على تقليل الفاقد الناتج عن البناء عند مقارنته بالبناء فى الموقع.