أكد خبراء مصريون أن زيارة الوفد الأمني المصري رفيع المستوى إلى طرابلس، يؤكد انفتاح القاهرة الكامل على، للوصول إلى حل (ليبي – ليبي) للأزمة.
الوفد الأمني المصري يزور طرابلس
وأجرى وفد مصري رفيع المستوى برئاسة وكيل جهاز المخابرات أيمن بديع، (الأحد)، زيارة مهمة إلى العاصمة الليبية طرابلس لأول مرة منذ عام 2014، التقى خلالها مع عدد من المسؤولين في حكومة الوفاق الوطني الليبية، ومنهم وزير الداخلية فتحي باشاغا ومدير المخابرات عماد الطرابلسي، وأحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي إلى جانب عدد آخر من مسئولي الغرب الليبي.
وبحث سامح شكري وزير الخارجية المصري (الإثنين)، هاتفيا مع محمد سيالة وزير الخارجية بحكومة الوفاق الوطني المدعومة دوليا، الملف الليبي وسبل دعم الاستقرار.
وأثنى شكري على استقبال الوفد المصري في العاصمة طرابلس”، مؤكدا “استمرار التعاون بين الجانبين وأن تكون الزيارة خطوة جدية في هذا الاتجاه”، وذلك بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية محمد القبلاوي، في بيان تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه.
وتناولت زيارة الوفد الأمني المصري بحث سبل التعاون بين البلدين، وإعادة العلاقات الدبلوماسية لطبيعتها، في زيارة هي الأولى منذ 6 أعوام إلى العاصمة الليبية.
وأُغلق مقر السفارة المصرية في طرابلس في العام 2014.
حيادية الدور المصري
وأكد أحمد عليبة رئيس وحدة التسلح بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن الزيارة تعكس المنظور المصري للتعامل مع القضية الليبية بشكل عام، وتؤكد أن القاهرة لا تتعامل مع الملف الليبي بالقطعة أو أنها تنحاز لطرف على حساب أطراف أخري، وإنما تؤكد انفتاح مصر على كافة الأطراف والقوى الليبية المختلفة، في الشرق والغرب وحتى الجنوب الليبي.
وأضاف عليبة لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الزيارة تؤكد العنوان الاستراتيجي الذي تطرحه القاهرة بأن حل الأزمة هو حل (ليبي – ليبي)، وأن دورها هو مساعدة كافة الأطراف على تجاوز مرحلة الأزمة.
وأوضح أن هذا التوجه يتسق مع المبادرة المصرية لتسوية الأزمة الليبية المتمثلة في إعلان القاهرة، والخطوات اللاحقة لدعم هذا المسار، ومنها استضافة مصر للمسارات الفرعية للتسوية (الدستوري، الاقتصادي والعسكري).
وأشار إلى أن جدول أعمال الزيارة التي اشتملت على لقاءات مع أغلب قادة حكومة الوفاق، سياسيين وعسكريين، يعكس استمرار خطوات القاهرة في الانفتاح على حكومة الوفاق.
ولفت إلى أنه سبق وأن استضافت القاهرة عددا من تلك الشخصيات كوزير داخلية الوفاق فتحي باشأغا، ووفود أمنية وعسكرية.
فتح السفارة في طرابلس
واستطرد قائلا، “هذه اللقاءات تشكل نقلة نوعية على أكثر من مستوي، مع تطرقها إلى استئناف فتح القاهرة لسفاراتها في طرابلس، وهي خطوة شديدة الأهمية تعكس التحسن النسبي في البيئة السياسية والأمنية في طرابلس من جهة، ومن جهة أخري الانفتاح المقابل من الوفاق على القاهرة وإدراكهم لمحورية دورها في دعم الاستقرار الليبي.
ونوه إلى أن توقيت الزيارة يعكس سعي القاهرة إلى تثبيت ما تحقق من إنجاز كتحديد موعد الانتخابات ودفع هذا المسار من خلال المساعدة في تجاوز العقبات القائمة، خاصة وأن القاهرة أصبحت الطرف الخارجي الأكثر انفتاحا على كافة القوي الليبية من دون استثناء.
ولفت عليبة إلى أن الدور المصري في الأزمة الليبية يتمتع أيضا بقبول دولي بالنظر لمصداقية مساعيها في تهيئة الأجواء لاستعادة الاستقرار.
وأعرب عن اعتقاده بحدوث انطلاقة نوعية لترجمة الانفتاح المصري الشامل على الساحة الليبية، وتوظيف هامش هذا الانفتاح مع الوفاق كجزء من العلاقة مع مختلف القوي الفاعلة في المشهد الليبي، وانعكاس ذلك على الملف الليبي بشكل عام.
جهود تسوية النزاع في ليبيا
من جانبه، أكد العميد سمير راغب رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، أن زيارة الوفد المصري للعاصمة الليبية طرابلس، تأتي ضمن الجهود المصرية، لتسوية الصراع في ليبيا، من خلال مقاربة تتماشى مع القرارات الأممية والدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها اتفاق الصخيرات، ومؤتمر برلين، وما ترتب عليه من ثلاثة مسارات، عسكرية وسياسية واقتصادية، والرؤية المصرية- الليبية للتسوية السلمية للأزمة من خلال مبادرة “إعلان القاهرة”.
وقال راغب لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الزيارة حملت عددا من الأولويات من بينها إجراءات بناء الثقة مع مصر كراعي من جانب وبين أطراف الصراع الليبي من جانب أخر، ووقف إطلاق النار وكافة الأعمال العدائية، وخروج كافة الفاعلين الأجانب من الدول ومن غير الدول، وما يتطلب ذلك من تنسيق بخصوص أعمال الرقابة والتحقق والضامنين الإقليميين والدوليين.
وأوضح أن تسوية الصراع تعتمد على قدرة الطرف الوسيط أو الراعي للمفاوضات على التواصل والتأثير على أطراف الصراع بكافة مستوياته، وهى الصراع على ليبيا بمستواه الإقليمي والدولي والصراع داخل ليبيا، بأبعاده المناطقية والسياسية والأيديولوجية.
وقف التدخلات الأجنبية
ونوه راغب إلى أنه نظرا لتعثر إجراء تفاهم مع أطراف إقليمية فاعلة في الصراع الليبي، يصبح الخيار المتاح هو التفاعل مع الفواعل بالداخل الليبي بكافة أطيافه وبناء ثقة مع القاهرة كمنصة للتفاوض، تقف على مسافة واحدة من الجميع فيما يتعلق بتحقيق خيارات الشعب الليبي، في استعادة الدولة الوطنية المدنية الحديثة، بعيد عن التدخلات الأجنبية، مع التفاعل مع المجتمع الدولي للضغط على الأطراف الإقليمية والدولية المتداخلة في الشأن الليبي، من خلال قوة التأثير المصري على الفاعلين المحليين في المشهد الليبي وفي مقدمتها تفعيل مبادرة إعلان القاهرة كاتفاق إطاري وخارطة طريق متوافق عليها من أطراف الصراع.
ولفت إلى أن الزيارة تأتي في إطار الجهود المصرية لتقريب وجهات النظر بين رئيس المجلس الرئاسي السيد فايز السراج وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، للوصول لتسوية تحقق الجمع بين الاعتراف الدولي بحكومة الوفاق والشرعية المتمثلة في مجلس النواب، وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية.
عدم الإخلال بمبادئ مصر الرئيسية
وشدد على أن مبادرة “إعلان القاهرة”، أدت إلى تحول مصر لمنصة للحوار والتفاوض الذي يتطلب أن تنفتح على الجميع وتستقبل كافة الفاعلين في المشهد السياسي والعسكري والنخب الحاكمة، بصرف النظر عن الانتماء المناطقي أو الأيديولوجي، أو حتى موقف مصر من الصراع و أطرافه، ودون إخلال بمبادئ مصر الرئيسية ورؤيتها للتسوية السلمية للصراع في ليبيا من خلال انتقال سياسي سلمي عبر حوار (ليبي- ليبي)، يشمل الجميع و يحقق تطلعات الشعب الليبي، ووحدة و سلامة و تكامل التراب الوطني الليبي، دون إقصاء لأحد أو تدخل لعناصر خارجية.
ونوه إلى أن انفتاح القاهرة على كافة الفاعلين في المشهد يوفر فضاء للتحرك شرقا وغربا، ويزيد من عوامل بناء الثقة بين الفرقاء الليبيين من ناحية ومع القاهرة من ناحية أخرى.
وتعاني ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011 من فوضى أمنية وصراع على السلطة، ويدور الصراع في الوقت الحالي في هذا البلد الغني بالنفط، بين حكومة الوفاق في العاصمة طرابلس، وحكومة في شرق البلاد تحظى بدعم البرلمان و “الجيش الوطني”، الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.