أصدرت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار صلاح هلال نائب رئيس مجلس الدولة بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من أحد أعضاء الجماعة المحظورة والذى يعمل أستاذ الصيانة والحاسب الاَلى بمعهد فنى صحى بالمنصورة وأيدت حكم أول درجة بخصم خمسة عشر يوما من راتبه لأنه كتب على السبورة ( نحن شعب وأنتم شعب) بالمداد الأحمر لا يتم مسحه وأجبر الطالبات بالوقوف نصف ساعة لقراءتها ومنعهن من محوها وطردهن من المدرج بعد اعتراضهن على تصرفاته.
وكانت المحكمة التأديبية قد أوقعت على الطاعن عقوبة خصم نصف شهر من راتبه بعد أن قدمته النيابة الإدارية للمحاكمة ثم صدر الحكم المطعون فيه, ولم تتمكن المحكمة الإدارية العليا من توقيع عقوبة أشد على الطاعن إعمالا لقاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه, ولأن النيابة الإدارية لم تقم بالطعن على الحكم حتى تستنهض المحكمة العليا ولايتها فى تقدير جزاء أشد يتناسب مع جُرمه الوظيفى.
وذكرت المحكمة، أن المخالفات المنسوبة إلى الطاعن المنتمى للجماعة المحظورة، ثابتة فى حقه ثبوتا يقينيا ممن سمعت شهادتهن من الطالبات، وهو ما يمثل خروجا من الطاعن عن الإطار المنهجى والتربوى للعملية التعليمية وعن غاياتها بقيامه بممارسة عمل سياسى داخل المعهد بإجبار الطالبات بالاستعداء على الدولة ونظامها ولا ريب أن مثل ما أتاه من سلوك يعد خلقا للأزمات داخل مرفق التعليم وإحداثا للفُرقة الاجتماعية بين الطالبات.
وقالت المحكمة، إن المبدأ السائد فى القانون الإدارى وعلم الإدارة العامة هو مبدأ الحياد الوظيفى أى فصل السياسة عن الإدارة بهدف تحييد الإدارة العامة وتأكيد طابعها التنفيذى وتجريدها من الطابع السياسي، بحسبان أن الوظيفة العامة هى الشريان الحيوى لتحقيق أهداف المجتمع والنهوض بمستواه فى كافة ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والموظفون العموميون يشكلون الطاقة الفعالة والقوة المحركة للإدارة فى مباشرة مختلف أنشطتها والقيام بواجباتها تحقيقاً للسياسة العامة للدولة.
ومهما بلغت دقة الجهات الإدارية فى إجراء سبل تسيير المرفق العام وتنظيمه وتزويده بالإمكانيات المادية اللازمة، فإن نجاحها يظل يقوم على مدى قدرة العاملين بها على أداء رسالتها والنهوض بمسئوليتها، فالموظف العام عقل الدولة المفكر وساعدها المنفذ, لذا وجب إبعاده عن العمل فى أتون السياسة والعمل الحزبى تحقيقا لمبدأ تحييد الموظف العام أو ما يعرف بمبدأ الحياد الوظيفى.
وذكرت المحكمة الإدارية العليا، أنه إذا كان الموظف العام شأنه شأن أى مواطن له حق ممارسة الحقوق والحريات التى كفلتها الدساتير والقوانين، لكن صفته كموظف عام ينتمى إلى الدولة ويمثلها فى الوقت نفسه تفرض عليه بعض القيود الخاصة بحظر ممارسة العمل السياسى أو الحزبى فى نطاق الوظيفة العامة, فلا يجوز تسييس الوظيفة العامة حتى تتحقق استمرارية المرفق العام، لأن الموظف يقدم خدمة عامة لكافة المواطنين دون تمييز فيما بينهم مما يجعل تكليفه بأداء الخدمات العامة للشعب مما يتعين رفض طعنه.
كتبت نجوى عبد العزيز