قال يوشيفومى أومورا، الممثل الرئيسى لهيئة التعاون الدولى اليابانية فى مصر، إن التعاون بين الهيئة والحكومة المصرية قوى ومزدهر جدًا، مشيرًا إلى أن إجمالى محفظة التعاون المشتركة تصل إلى 9 مليارات دولار.
وأضاف يوشيفومى أومورا فى حوار مع «المال» أن مصر دولة عريقة وعظيمة تتمتع بأهمية جيوسياسية، نظرًا لأنها تربط منطقة الشرق الأوسط بأفريقيا وأوروبا، وبالنظر إلى ذلك، فإن استقرار مصر وتعزيز دورها التنموى والبناء فى المنطقة يعد أمرًا مهمًا لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة.
نُعد بعض المشروعات الجديدة فى قطــاع الصـحة لمناقشتها مع الحكــومة
وأكد أن مصر واليايان تتمتعان بصداقة طويلة الأمد تطورت أكثر بتولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الجمهورية، كما مهدت الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين الطريق لتوسيع محفظة التعاون فى السنوات الأخيرة، لتشمل العديد من المجالات المتعلقة بالأمن البشرى مثل الصحة والتعليم.
وأضاف يوشيفومى أومورا، أن التعليم جذب بشكل خاص اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتم تقديم التجربة اليابانية إلى مصر من خلال تأسيس المدارس المصرية اليابانية، ودعم المدارس الفنية، وكذلك تعزيز تنمية الموارد البشرية والعلوم والتكنولوجيا عبر إنشاء الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا.
وقال: “شرفنا جدًا بافتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى للحرم الجامعى الجديد للجامعة المصرية اليابانية فى 16 سبتمبر الماضى، والذى أشاد بما الجامعة فى البحث العلمى، وأعرب عن تقديره للتعاون ودعم “جايكا” للحكومة المصرية، إلى جانب تكريم اسم رئيس الوزراء السابق شينزو آبى، من خلال إطلاق اسمه على المرحلة الثالثة من الجامعة، والذى أشعرنا بالفخر”.
وأكد اعتزام مواصلة التعاون والعمل على دعم الجامعة، لتصبح مركزًا للتميز والبحث العلمى فى الشرق الأوسط وإفريقيا.
وقدم شكره وتقديره لمجهودات الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى، والدكتور أحمد الجوهرى رئيس الجامعة المصرية اليابانية، التى مكنتنا من تحقيق هذا النجاح.
وقال إن «جايكا» تدعم جهود التنمية فى مصر منذ السبعينيات، من خلال قروض والمنح ومشروعات التعاون الفنى، للإسهام فى تطوير البنية التحتية ونقل المعرفة الأساسية فى العديد من القطاعات.
وأضاف الممثل الرئيسى لهيئة التعاون الدولى اليابانية «جايكا» فى مصر، أن محفظة التعاون تتضمن العديد من المشروعات البارزة، مثل المتحف المصرى الكبير، وتحديث مطار برج العرب الدولى، ومحطتى الزعفرانة، وخليج الزيت لتوليد الطاقة من الرياح، ومحطة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية (فوتو فولتية) فى الغردقة، ومراكز التحكم فى الكهرباء بصعيد مصر، ومستشفى الأطفال بجامعة القاهرة (المعروفة بمستشفى أبو الريش الياباني).
وتابع أنه تسبب ظهور فيروس كورونا المستجد فى كثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية لجميع بلدان العالم؛ لذلك تعمل “جايكا” على مساعدة مصر فى التغلب على تلك التحديات.
وأشار إلى أنه يجرى التجهيز للعديد من البرامج والأنشطة ذات الصلة بهدف تحسين تقديم الخدمات الصحية فى المستشفيات المصرية.
أطلقنا مبادرة «مسابقة النينجا» لدعم الشركات الناشئة فى مختلف القطاعات
كما أطلقت مبادرة جديدة “مسابقة النينجا للشركات الناشئة” التى تقوم الهيئة من خلالها بدعم الشركات الناشئة فى مختلف القطاعات، مع التركيز على الشركات الناشئة فى المجالات المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا.
قوة العمل من العناصر الجاذبة فى السوق المحلية
مضيفًا أن غالبية سكان مصر من الشباب، لذلك تعتبر قوة العمل بها من العناصر الجاذبة للشركات اليابانية التى وسعت أعمالها محليًا، ولذلك سنظل حريصين على دعم مصر وتعزيز التعاون الثنائى بين البلدين.
وفيما يتعلق بالقروض والمنح الذى حصلت عليه مصر من اليابان منذ بداية التعاون حتى الآن، قال يوشيفومى أومورا، إن “جايكا” تقدم الدعم إلى مصر من خلال ثلاثة أنظمة للمساعدات، ووصل إجمالى محفظة التعاون إلى 9 مليارات دولار، تنقسم إلى 7 مليارات فى صورة قروض ميسرة، ومليارين على هيئة منح ومشروعات تعاون فنى.
وأضاف أن “جايكا” ثالث أكبر هيئة تمويل لمصر وفقًا لبيانات وزارة التعاون الدولى المصرية.
وأوضح أن حجم التمويل الموجه لصالح قطاع الكهرباء ومشروعات الطاقة المتجددة يصل إلى نحو 805 ملايين دولار، وإلى نحو 467 مليونًا لمشروعات قطاع النقل، و772 مليونًا للسياحة والآثار، و292 مليونًا للتعليم والتعليم العالى، و54 مليونًا للرى، و18.5 مليون للصحة فى صورة منح.
وأكد أن “جايكا” تستهدف تحقيق التنمية فى مصر من خلال مجالات ذات أولوية، الأول النمو الشامل والمستدام الذى يشمل قطاعات الكهرباء، والنقل والقطاع الخاص والسياحة والتراث الثقافى، أما المجال الثانى فهو الحد من الفقر ورفع مستوى المعيشة والتى تشمل قطاعى الرى والتنمية الريفية والخدمات الاجتماعية الأساسية.
وأضاف يوشيفومى أومورا، أن المجال الثالث هو تنمية الموارد البشرية التى تشمل قطاعات التعليم وتعزيز القطاع العام والتعاون بين بلدان الجنوب، كما يتم التركيز على دعم البنية التحتية والأمن البشرى، ونتبع نهجًا مدفوعًا بالطلب، ونحاول الاستجابة لاحتياجات الحكومة المصرية”.
وبخصوص البرامج الجديدة التى سيتم الإعلان عنها فى الفترة المقبلة فى مجالات الصحة والطاقة والكهرباء والنقل والري؛ قال إنه فيما يتعلق بقطاع (الري)؛ تمول جايكا مشروع إنشاء قناطر ديروط الجديدة لتحل محل قناطر ديروط التاريخية التى شيدت منذ أكثر من 100 عام.
وأضاف أنه يستهدف المشروع تحسين استخدام المياه ليكون أكثر فاعلية من الناحية الاقتصادية، ويتماشى مع الاستراتيجية القومية لمصر، كما تتابع “جايكا” إعداد مستندات الطرح الخاصة بالمقاول.
أما عن المشروعات المستقبلية، فتخطط “جايكا” لإدخال الرى الحديث من أجل استخدام أكثر فعالية للمياه فى الزراعة، وتخطط لتمويل الدراسات فى هذا الاتجاه مع الوزارات المعنية.
وأضاف يوشيفومى أومورا، أنه من أجل التخفيف من مخاطر نقص المياه، تمثل محطات التحلية أبرز التدابير المضادة لمعالجة هذه القضية، لكن لا تزال هناك أهمية لتوفير المياه، ونظرًا لما يستهلكه قطاع الزراعة من 80٪ من موارد المياه لمصر، تحاول “جايكا” دعم ترشيد المياه من خلال إدخال أنظمة الرى الحديثة، وتجرى الهيئة حاليًا دراسة فنية مع الحكومة المصرية فى هذا الصدد.
وفى قطاع الصحة؛ قال إن “جايكا” تدعم هذا القطاع فى مصر منذ السبعينيات، وتمثل مستشفى الأطفال التخصصى بجامعة القاهرة أحد أهم رموز مساعدات اليابان لمصر الذى تم إنشاؤها وتوسعتها منذ الثمانينيات.
وأضاف: أنه تم تنفيذ سلسلة من مشروعات التعاون الفنى لبناء قدرات الطاقم الطبى للمستشفى، ولا يزال التعاون مستمرًا حتى تاريخه، من أجل إنشاء مبنى آخر للعيادات الخارجية ليلبى مستوى الطلب المتزايد على الخدمات الطبية.
وأكد يوشيفومى أومورا، أن «جايكا» أطلقت، بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان، مشروع “تحسين الجودة والسلامة بالمستشفيات المصرية” عام 2019، ويستهدف المشروع 50 مستشفى فى جميع أنحاء مصر، ويعمل على تحسين جودة الخدمات الصحية بالمستشفيات، من خلال تطبيق نظام الكايزن اليابانى والأنشطة الأخرى.
وأشار إلى أن الهيئة تأمل أن يسهم هذا المشروع فى نظام التأمين الصحى الشامل الجارى تطبيقه حاليًا فى مصر، عبر تحسين جودة الخدمات بالمستشفيات الحكومية وتيسير اعتمادها لتنضم إلى دورة نظام الدفع بنظام التأمين الصحى الشامل.
واستطرد قائلًا إن للمشروع أهمية كبيرة فى ظل ظروف جائحة كورونا التى يمر بها العالم، ويركز على مكافحة العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية والوقاية منها.
وتابع يوشيفومى أومورا أنه يجرى حاليًا إعداد بعض المشروعات الجديدة فى قطاع الصحة ومناقشتها مع الحكومة المصرية، بما فى ذلك مشروع التعاون الفنى لتنمية القدرات فى تنفيذ سياسة التأمين الصحى الشامل، بناءً على طلب وزارة المالية المصرية لدعم تنفيذ نظام التأمين الصحى الشامل.
وانتقل للحديث عن مشروعات “جايكا” فى قطاع الطاقة، قائلًا إن متوسط الزيادة السنوية فى الطلب على الكهرباء تبلغ نسبته 6٪ فى مصر، وقدمت الهيئة اليابانية دعمًا ماليًا هائلًا ومساعدات فنية، وفرصًا تدريبية للمساعدة فى تطوير قطاع الكهرباء الذى هو حجر الزاوية لتحقيق النمو الاقتصادى والازدهار لمصر.
وأضاف الممثل الرئيسى لهيئة التعاون الدولى اليابانية “جايكا” فى مصر، أن معظم الدعم الذى قدمته “جايكا” مؤخراً يركز على الطاقة المتجددة، بما فى ذلك طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتعزيز كفاءة الإمداد والنقل والتوزيع، من خلال إعادة تأهيل محطات الطاقة الحالية والمحطات الفرعية، ومراكز التحكم وإعادة تأهيل شبكات التوزيع.
وتعمل الهيئة على دعم إصلاح قطاع الكهرباء ومشاركة القطاع الخاص، وتعزيز كفاءة الطاقة عبر المساعدات الفنية، إضافة إلى توفير فرص عظيمة للتدريب فى الخارج لتنمية قدرات المسئولين بالحكومة المصرية.
وعن المشروعات المستقبلية، فقال إنه تجرى حاليًا صياغة برنامج لدعم الإصلاحات فى قطاع الطاقة لضمان الاستدامة والتجهيز لمشاركة القطاع الخاص، وتشجيع الطاقة الخضراء وكفاءة الطاقة، إلى جانب مشروع تعاون فنى «لبناء القدرات فى مجال كفاءة الطاقة والحفاظ عليها».
وأكد يوشيفومى أومورا، أن الهدف من مشروع بناء القدرات فى مجال كفاءة الطاقة والحفاظ عليها، تعزيز القدرات المؤسسية للحكومة المصرية وتحقيق المزيد من كفاءة الطاقة من جانب الطلب، فضلًا عن القيام بدراسة لتقييم الوضع الحالى من كفاءة الطاقة والاحتياجات الراهنة وصياغة المساعدات المستقبلية فى كفاءة الطاقة فى مصر، بناءً على الاحتياجات المصرية، وتحديد فرص التعاون المستقبلى المحتمل عبر التمويل الميسر والتعاون الفنى.
وقال إنه تم الاتفاق بين البلدين على بذل جهود مشتركة للحد من المخلفات البحرية التى تؤثر على البيئة، خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى اليابان الصيف الماضى.
وأوضح يوشيفومى أومورا، أن “جايكا” نفذت دراسة لاستقصاء الوضع الحالى والطرق الممكنة لتقليل استهلاك الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وإدخال بدائل صديقة للبيئة عن طريق التكنولوجيا اليابانية فى هذا الصدد، والعمل على تضافر الجهود مع المؤسسات الدولية والمحلية فى هذا المجال.
وأضاف أنه قد تم الانتهاء من المرحلة الأولى من الدراسة وتقديم التقرير إلى وزارة البيئة المصرية، وكذلك الانتهاء من ورقة الاستراتيجية لتكون أساس العمل فى المرحلة التالية من الدراسة التى ستبدأ قريبًا.
وحول تقييمه لتأثير فيروس كورونا على تنفيذ المشروعات على أرض الواقع؛ فقال إنه على الرغم من تباطؤ بعض الأنشطة الجارية خلال ذروة انتشار الفيروس فى مصر وفرض حظر التجوال، فقد زادت وتيرة التنفيذ تدريجيًا، وعادت إلى طبيعتها مع انخفاض عدد الحالات المصابة.
وأضاف يوشيفومى أومورا، أنه فى جميع الأوقات، ظللنا على اتصال وثيق مع نظرائنا المصريين لنكون قادرين على الاستجابة لاحتياجاتهم خلال هذا الوقت الصعب، فى بعض الأحيان من خلال صياغة برامج مساعدة جديدة.
وأشار إلى أن الهيئة تسعى إلى رجوع الخبراء والموظفين اليابانيين تدريجيًا الى مصر عقب استئناف الرحلات الجوية التجارية فى يوليو الماضى.
وأكد أن هناك حاجة إلى استمرار مكافحة فيروس كورونا جنبًا إلى جانب، مع استمرار تنفيذ أنشطتنا المعتادة، وكشفت الفترة السابقة كفاءة وملاءمة التواصل عن بُعد، وأصبح العمل عن بُعد الآن أمرًا طبيعيًا.
وقال يوشيفومى أومورا، إن جائحة كورونا أثرت اقتصاديًا واجتماعيًا بشكل خاص على الفئات المستضعفة، ما أعاد إلى أذهاننا أهمية أهداف التنمية المستدامة وعدم ترك أى شخص خلف الركب، وهى فرصة جيدة لمراجعة أهدافنا وأنشطتنا.
وبخصوص آخر مستجدات أنشطة برنامج متطوعين “جايكا” فى مصر الآن، قال إنه بالرغم من اضطرار عودة متطوعى الهيئة إلى اليابان فى مارس الماضى بسبب جائحة فيروس كورونا، لكنهم استمروا فى التواصل مع زملائهم وأصدقائهم المصريين، آملين فى المزيد من التحسن للوضع فى مصر واليابان ليتمكنوا من العودة إلى مصر واستئناف نشاطاتهم.
وأضاف أن المتطوعين يواصلون العمل مع نظرائهم المصريين عبر الإنترنت، وقد شارك أحد المتطوعين الذين استضافه مركز كايزن بوزارة التجارة والصناعة فى سلسلة من الندوات عبر الإنترنت مع نظرائه المصريين، بحضور ما يقرب من 50 شركة مصرية صغيرة ومتوسطة.
وأشار يوشيفومى أومورا، إلى أن هناك مجموعة من المتطوعين يشاركون فى مجال التعليم فى مرحلة الطفولة المبكرة، الذين اعتادوا العمل مع الأطفال فى مصر، عبر تقديم بعض الأفكار عن أنشطة الأطفال التى يمكن القيام بها فى المنزل خلال جائحة كورونا باللغة العربية على صفحة “فيسبوك”، آملين أن تصل أفكارهم إلى كل أسرة فى مصر.
وفيما يتعلق بالمناقشات مع الحكومة لتوفير التمويل لمشروعات كفاءة الطاقة؛ قال إنه يتم حاليًا البدء فى تنفيذ مشروع تعاون فنى فى هذا المجال، وكذلك دراسة الاحتياجات المالية للجانب المصرى، بهدف تخصيص التمويل اللازم فى المستقبل لتحقيق التنمية، والبناء على الخبرات والتجربة اليابانية.
من ناحية أخرى، قال إن الهيئة تقوم بتمويل إنشاء المتحف المصرى الكبير عبر قرضين للمساعدة الإنمائية الرسمية يبلغ إجماليهما 800 مليون دولار أمريكى.
وأضاف، إنه قد تم الانتهاء من أكثر من %90 من الأعمال الإنشائية، ومن المقرر أن يتم افتتاحه خلال العام المقبل، طبقًا للموعد الذى ستعلنه الحكومة المصرية.
وتابع أن «جايكا» تقدم التعاون الفنى للمتحف الكبير، بإجمالى ممنوح يبلغ حتى الآن ما يقرب من 30 مليون دولار.
وقال يوشيفومى أومورا، الممثل الرئيسى لهيئة التعاون الدولى اليابانية «جايكا» فى مصر، إن من ضمن مشروعات التعاون الفنى الاشتراك فى حفظ وترميم وتغليف ونقل القطع الأثرية من خلال التعاون بين الخبراء المصريين واليابانيين فى مركز الترميم، وتشمل القطع الأثرية أسرة الملك توت عنخ امون ومركباته وقفازاته وجواربه وقطعًا من ملابسه، كما تم تقديم الدعم الفنى لمركز الترميم منذ أكثر من 10 سنوات.