كشف عدد من قيادات شركات التأمين عن الاستعداد حاليا لمواجهة تداعيات الموجة الثانية من جائحة كورونا بعدما اتخذت عددا كبيرا من الإجراءات الفنية التى تساهم فى الحفاظ على النمو المالى لها بالتبعية، مثل تأسيس لجان إدارة الأزمات وأخرى للاستثمار بالإضافة إلى التعامل الجيد عن بُعد والتعاقد مع شركات التحصيل الإلكترونى والتوسع فى البيع «أونلاين» ومحاولة استغلال أدوات التواصل الاجتماعى للإعلان عن المنتجات الجديدة ونشر الوعى للمواطنين.
ولم تنكر القيادات تداعيات الموجة الأولى للوباء على الشركات والتى أثرت على الإيرادات مما دفعها للإسراع فى الاستجابة للتحديات القائمة وإزالة الكثير منها وهو ما ساهم فى تكوين خبرة لابأس بها الآن للجاهزية لما هو قادم على الرغم من الاعتراف بصعوبته والذى سيؤثر بدوه على الأقساط وعوائد الاستثمار وأصول الشركات وكيفية التقييم فى حد ذاتها للمعايير المحاسبية.
صابر : تكوين خبرات جيدة يساهم فى التعامل مع الوباء
وقال مدحت صابر العضو المنتدب لشركة «أروب» للتأمين على الممتلكات إن التعامل من جانب شركات التأمين مع أزمة كورونا تغير إلى حد كبير من الموجة الأولى إلى استعدادات الموجة الثانية بسبب تكون خبرة لديهم وبدأت تترجم من شهرين فى عدة خطوات مهمة جدا أبرزها حصر جميع الجهات التى لها تأثير مباشر وسريع على إيرادات الشركة مثل البيع والتحصيل والاستثمار معتبرا أنها حلقة واحدة.
وأضاف أن البيع يعتمد على توجه الدولة بشكل عام خاصة إذا كانت ستتجه إلى تقييد الحركة سوف ينعكس ذلك سلبا على البيع مثل السياحة والفنادق على سبيل المثال وغيرها والعكس صحيح.
وأشار إلى أن شركات التأمين بدأت تتعامل بشكل فائق السرعة ضمن استعداداتها لمواجهة الموجة الثانية فى تجميع البيانات وتحليلها وتصنيفها وقياس مدى الخطر ونسبة تأثيره على قدرة الشركة فنيا وماليا.
وأوضح أن شركات التأمين نجحت بصورة غير متوقعة فى العمل والتعامل عن بُعد وذلك بعد الاختبار المفاجئ لفيروس كورونا خلال الموجة الأولى والذى دفع كافة مؤسسات التأمين فى مصر والمنطقة إلى الإسراع من التحول الرقمى والسباق حول التعاقد مع شركات التحصيل الإلكترونى للتيسير على العملاء من أى محافظة لتمكينهم من سداد أقساط وثائقهم التأمينية، علاوة على إطلاق غالبية الشركات لمنصاتها الإلكترونية.
وتابع أن شركات التأمين قامت بالتعاقد مع البنوك للاستفادة من خدماتها وعمل محافظ إلكترونية لسداد مستحقات الوسطاء فضلا عن سداد التعويضات لعملائها عن طريق التحويلات البنكية للحفاظ على سلامتهم ولضمان سير أعمالهم دون توقف.
ولفت إلى أن التأثير السلبى الذى حدث فى بداية الموجة الأولى من تفشى فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) بسبب غياب القوة البشرية سواء العاملين بالشركات أو المبيعات من خلال الوسطاء والمنتجين وعدم القدرة على الاحتكاك المباشر بشكل كلى لن يحدث فى الموجة الثانية لاتخاذ الشركات الكثير من الإجراءات للحفاظ على معدل نمو المبيعات من الانخفاض الكبير.
واعترف بأن الموجة الأولى أثرت على إيرادات الشركات بسبب الإغلاق والخوف من العدوى وقلصت من تحرك الكثيرين لقضاء احتياجاتهم ومنها التأمين وهو ما نبه الشركات إلى تحديات تقييم الوضع بشكل كامل لعدم انتهائه كليا وهو ما سيدفع الجميع إلى الحصر والإفصاح عن حجم السيولة والمخاطر والالتزامات بصورة أكبر مما سبق لاتخاذ اللازم تجاهها.
أبو العزم: تسخير الرقمنة والتواصل الاجتماعى لخدمة العملاء
من ناحيته، قال مصطفى أبو العزم القائم بأعمال العضو المنتدب بـ«الجمعية المصرية للتأمين التعاونى» إن شركات التأمين على أهبة الاستعداد للموجة الثانية من فيروس كورونا من خلال تعلمها كيفية إدارة الأزمة وبسرعة معا نظرا لأن الإدارة السليمة للوقت فى مثل هذه الظروف تعد الجزء الأكبر من حل المشكلة.
وأضاف أنه بالرغم من عدم القدرة على حصر التداعيات السلبية لفيروس كورونا خلال الفترة المقبلة فإن التعامل سيكون أكثر حنكة مما سبق بكثير وذلك على خلفية اتخاذ شركات التأمين العديد من الإجراءات الفردية لكل شركة على حدة، بخلاف تدخل الرقابة المالية بإرشاداتها وقراراتها والاتحاد المصرى للتأمين من خلال دوره البارز خاصة فى الآونة الأخيرة.
ورصد «أبو العزم» الإجراءات الفنية التى اتخذتها شركات التأمين خلال الشهور الماضية بهدف الحفاظ على معدلات نموها، مثل التوسع فى البيع الإلكترونى، وتصميم منتجات تأمين متناهى الصغر وموافقة الرقابة المالية عليها بهدف سرعة الوصول إلى الفئات التى لاتصل إليها الخدمات التأمينية مما سيحمى نسبة أكبر من المواطنين ويرفع من مبيعات الشركات وبالتالى زيادة أقساطها.
وتابع أن هناك العديد من شركات التأمين أطلقت خدمة الموبايل أبليكيشن للتيسيرعلى العملاء الدخول ومعرفة التغطيات التأمينية المتوفرة لأنواع التأمين المختلفة، علاوة على طريقة تقديم طلب التأمين والموافقة عليه وتسعير المنتج وطرق سداد القسط التأمينى وهو نوع من التوسع الذى غزا السوق المحلية خلال الـ 6 شهور الأخيرة.
وكشف عن أن شركات التأمين معظمها استجاب لفكرة تغيير سيناريوهات التعامل مع المخاطر منذ بداية العام المالى الجديد من خلال عمل إدارة أزمات بالشركة ولجنة استثمار وبحث الوضع أولا بأول وتأثيره على الالتزامات المالية وحجم الأصول والتعامل السريع مع التحديات وإيجاد طرق جديدة للحفاظ على عائد الاستثمار من خلال الحفاظ أولا على حجم الأموال الداخلة للشركات، خاصة بعد وجود عملاء غير قادرين على السداد وظهور حالات تعويض لتأمين الائتمان فى بعض الشركات وهو وارد تكراره.
وأكد أن سوق التأمين حاليا تستعد بالكامل لإعادة النظر بخطط تعاملها مع المخاطر المالية الجديدة مثل مخاطر الأوبئة، علاوة على رفع مستوى متابعة إدارات المراجعة الداخلية وتعديل برامج عملها والقيام بمراجعات لاحقة ومتزامنة للآثار المالية التى ستخلفها أزمة كورونا مع القيام بإعداد تقاريرها المالية فى التوقيت المناسب وخصوصا عند وجود بنود اعتمدت للاستجابة لجهود مكافحة الفيروس.
سعيد: زيادة وعى المؤسسات جعل الاستجابة لتحديات الجائحة أسرع
من جانبه، قال خالد سعيد رئيس قطاع التطوير والإنتاج والفروع بشركة «طوكيو مارين» جنرال تكافل مصر إن الموجة الأولى من فيروس كورونا رفعت من مستوى وعى شركات التأمين نفسها فى التعامل مع تحديات الوباء على المستويين المالى والفنى فالأخير على سبيل المثال تجسد فى التعامل عن بُعد والإسراع بشكل مُلزم باستخدام التكنولوجيا من خلال تقديم الخدمة على أعلى مستوى للعميل من المنزل وتوسع الشركات فى البيع أونلاين لتفادى الانكماش والركود بصورة مؤثرة لدرجة كبيرة.
وأضاف أن السوق المصرية محظوظة بالاستجابة لكافة خطوات الشمول المالى قبل عامين والتى توجهت لها الدولة مما ساهم حاليا فى الوصول إلى فئات كان يصعب جدا خدمتها سابقا، علاوة على سهولة حصول الشركات على أقساطها بطرق كثيرة ومتعددة مثل السداد عبر شركات التحصيل الإلكترونى والتحويلات البنكية والخصم من حسابات العملاء.
وأكد على بروز دورى الرقابة المالية والاتحاد المصرى للتأمين منذ بداية أزمة كورونا وهو ماساعد الشركات حاليا على تجاوز الكثير من العقبات التى كانت أمامها الأيام الماضية من خلال الاطلاع على المستجدات العالمية والحصول على خبرات الأسواق الكبرى فى التعامل مع الأزمة.
ولفت إلى أن الاتحاد المصرى للتأمين من خلال أرائه الفنية ناشد الشركات بالعودة إلى الأساسيات فى التأمين «Back To basics» حتى لاتنحرف السوق عن مسارها الصحيح من خلال اتباع سيناريوهات زيادة الوعى بالمخاطر وكيفية الاستجابة لتحديات الوباء وتعديل أساليب التعامل مع المطالبات وتسويتها بكفاءة.
واعترف بأنه لا مجال للشك فى أن معدلات التحصيل تأثرت بتداعيات الموجة الأولى بتراجع الأقساط فترة الإغلاق تحديدا ولكن الدور الحقيقى للشركات ظهر فى دعمها ومساندتها لعملائها عبر قرارات الرقابة المالية بتأجيل سداد الأقساط وتغطية تكاليف العلاج الطبى للحالات المشتبه فى إصابتها بكورونا وغيرها.
وأكد أن موجة التشدد سوف تنتهى بعد استقرار الأوضاع المرتبكة حاليا من جانب معيدى التأمين وعلى شركات التأمين فى حال مواجهة زيادة كبيرة فى أسعار إعادة مخاطرها أن تعيد النظر فى أسعار الفروع ومعدلات خسائرها ومحاولة تقييم الوضع بشكل أكثر شفافية لتجاوز التحديات الناتجة عن الأزمة.
وأشار إلى أن قانون التأمين الجديد سوف يعيد رسم خريطة قطاع التأمين من خلال تعدد التأمينات الإلزامية وهو ما سيرفع من مستوى الثقافة التأمينية لدى الشركات وعملائها معا لذا لايوجد تخوف على القطاع لارتفاع مهاراته الفنية فى مواجهة التحديات التى يمكن أن تطرأ عليه سواء بالأزمات أو المستجدات.