Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

المخدرون بالغرب (1- 2)

المخدرون بالغرب (1- 2)
شريف عطية

شريف عطية

7:56 ص, الأحد, 6 ديسمبر 20

شتان بين عهدين، وتفاصيلهما لنحو ثمانية عقود على مدى قرنين، بين الانتماء واللا انتماء، بين تبجيل المنتمى وإن اشتطَّ، وتدليل اللا منتمى وإن أفرط، بين مدرستين على طرفى نقيض- مصرية وغربية- فرقتهما السياسة والسلطة، ما بين صون أولاهما الاستقلال الوطني.. والحفاظ عليه، وبين استجابة الثانية لأحلام إمبراطورية تنحو للهيمنة على المقهورين، وإذ على هذا القياس من تفاوت الغايات العليا لتوجهين متعارضين من العسير التقاؤهما إلا قسراً، تستقبل الحركة الوطنية المصرية وهى فى أوج صعودها فى أربعينيات القرن الماضى، وبارتياح بالغ مشوب بالتحفظ، أنباء مقتل وزير المالية عن حزب الأغلبية على أيدى راديكاليين، ربما بإيعاز من القصر الملكى آنئذ، جزاء وصفه العلاقة مع الإنجليز بـ«الزواج الكاثوليكي» (لا انفصام بينهما)، ذلك قبل أن تتمكن مصر- أو تكاد- خلال النصف الأول من عقد الخمسينيات- وعبر عملية جراحية صعبة لكن غير دموية- التخلص من طبقة سياسية كاملة من المتعاونين ربما عن قسر مع سلطات الاحتلال الإنجليزى، ومن فى معيتهم من الأوليجاركيين، إلا أنه سرعان ما سعى من بين ظهرانيهم أعوان جدد صوب الإمبريالية الأميركية الصاعدة، حال الزخم الطاغي للنزعة الوطنية وقتئذ دون تسلل أذنابهم لما فوق سطح الأرض، إلا من بعد انقضاء تعقيدات سنوات التصدى 67 – 1973 مع الولايات المتحدة، ومن فى معيتها من وكلاء محليين وإقليميين، لصالحهم، ولنحو أربعة عقود تالية أعقبت استئناف العلاقات بين البلدين نوفمبر 1973، اتسمت باللا توازن بين طرفيها، لأسبابهما، ما أدى إلى تجاسر أحد السفراء السابقين فى واشنطن خلال العقد الأخير.. إلى استخدام نفس التعبير المشين لوزير المالية المغدور فى الأربعينيات، إذ وصف العلاقة المصرية- الأميركية بـ« الزواج الكاثوليكي» (لا انفصام بينهما)، لكن دون أن يمسه سوء أو تناله عقوبة.. باستثناء تقلده فيما بعد رئاسة الجهاز الدبلوماسى، لفترة انتقالية سبقت الانتخابات الرئاسية التعددية فى العام 2014.

إلى ذلك، ما بين الأربعينيات من القرن الماضى إلى العام 2014، مرورًا بالعقدين الخامس والسادس حتى العام 1974، مرت مياه غزيرة تحت جسور العلاقات بين مصر والغرب فى مجمله، ومع الولايات المتحدة بصفة خاصة. حيث انحصرت ما بين السلطة والسياسة لتحقيق الحلم الأميركى فى الشرق الأوسط، ومصر فى مركز الدائرة منه، وإذ بالدم المراق من قبل أن يجف على ضفتى قناة السويس، يتسلم المصابون بمرض الغرب أوراق التسويات العسكرية/ السياسية من المكلفين بها طوال سنوات التصدى، لكن دون مضامينها، سواء من حيث ندّية شموليتها العادلة أو من حيث حفظ التوازن الدقيق بين القوتين العظميين، وليتحول الاستشهاد من أجل المقهورين إلى أيديولوجيا وثقافة وغاية، ليس كمفاهيم مجردة فحسب.. إنما أيضًا من خلال شخصيات حقيقية.. يتوارثها الابن من واشنطن فى مطالع القرن الجديد.. عن الأب الدبلوماسي من القاهرة فى منتصف السبعينيات، عن أسلافهم فى الأربعينيات من دعاة الترويج للزواج الكاثوليكى مع الأنجلو ساكسون بالتوالى، ما أدى إلى انفراط حبَّات العقد الوطنى قبل أن تنعقد ثماره، ذلك برغم انقضاء ثورتين جرى السطو عليهما دون تحقيق أهدافهما بشكل أو آخر، إلى أن قيِّض لمصر عهد جديد فى 2014، قد يمثل ثورة ثالثة حال استوعب رجالاتها ممن تلقّوا دراساتهم العليا فى المعاهد الغربية، وتعرفوا على لغتهم، فيما لنا وما عليهم، بالتوازى مع المضي فى تنويع واتساع مجالات التعاون مع الشرق، ما سوف يجنب مصر أخطاء الماضى وهناته، وفى إطار من «الاحترام المتبادل»، مع الحرص على عدم الانزلاق مجددًا فى أحابيل يجرى التخطيط لها مع فترة رئاسية أميركية مقبلة.. من جانب المخدرين بالغرب.

يتبع

أميركا بين العودة للمثالية أو التخلى عن نظرية المؤامرة (2 – 2).