أكدت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزى الأوروبى، أنه سيتم توفير جميع وسائل الدعم المطلوبة لمواجهة وباء كورونا الذى أصاب ما يقرب من 10 ملايين شخص فى أنحاء القارة العجوز حتى الآن، وأنه سيتم تمديد برنامج طوارئ شراء السندات PEPP خلال اجتماع السياسات النقدية المقرر فى 10 ديسمبر القادم.
وترى لاجارد أن الإغلاقات الجديدة التى أعلنت عنها فرنسا وألمانيا وإيطاليا فى نهاية الأسبوع الماضى بسبب تفاقم انتشار العدوى، تحتم تمديد برنامج PEPP الذى يبلغ 1.35 تريليون يورو (1.6 تريليون دولار) والذى جرى الإعلان عنه فى مارس الماضى لمواجهة الوباء.
وذكرت وكالة رويترز أن البنك المركزى الأوروبى تعهد فى نهاية أكتوبر بتعزيز خطته للتحفيز الاقتصادى قبل نهاية العام، مع ارتفاع الوفيات بفيروس كورونا بين الأوروبين إلى ما يزيد عن 262 ألف ضحية، لتحسين التوقعات الاقتصادية لدول منطقة اليورو التى باتت تميل إلى التشاؤم.
وقال فابيو بانيتا، أحد أعضاء المجلس التنفيذى فى البنك المركزى الأوروبى، إنه يجب بذل أقصى الجهود لتحقيق التعافى لاقتصادات منطقة اليورو، لكنه لا يعرف ما هى التدابير الذى سيتفق عليها البنك، وحتى إذا كان يعرف فلن يصرح بها وسط تفاقم وباء كورونا فى كبرى الدول الأعضاء بالاتحاد مثل ألمانيا وفرنسا.
وتتوقع لاجارد أن يتفق صناع القرار فى البنك على منح المزيد من التدابير التحفيزية لدعم الاقتصاد المتعثر، لاسيما أن برنامج شراء السندات يستهدف أساساً شراء ديون الدول التى ساءت مالياتها العامة ومازالت تكافح لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، وتوفير ما يلزم لمواجهة الأزمة الصحية المميتة.
وأعلن البنك المركزى الأوروبى فى نهاية الأسبوع الإبقاء على سياسته بالغة التيسير دون تغيير، وتثبيت سعر إعادة التمويل الرئيسى عند الصفر، وعلى سعر فائدة الإيداع عند مستوى قياسى منخفض يبلغ سالب %0.5 وعزمه تقديم مزيد من الدعم فى ديسمبر المقبل لاقتصادات منطقة اليورو التى تعانى فى ظل موجة جديدة من الوباء.
وأبقى محافظو البنك المركزى الأوروبى على أسعار الفائدة عند أدنى مستوياتها التاريخية، وحافظوا على توفير قروضهم الرخيصة للغاية للبنوك بمعدلات فائدة منخفضة تصل إلى سالب 1% لمواجهة التطورات، وتوفير أوضاع تمويل مواتية لدعم التعافى الاقتصادى والتصدى لأى تداعيات سلبية للجائحة على مسار التضخم المتوقع.
ورغم أن منطقة اليورو حققت معدل نمو مرتفع قياسى بلغ %12.7 خلال الربع الثالث من العام الجارى، إلا أن العودة لتطبيق القيود والحظر بسبب تفاقم العدوى من الوباء ستطيح بهذا النمو المرتفع، لدرجة أن لاجارد قالت إن الانتعاش الاقتصادى يخسر زخمه بسرعة أكثر من المتوقع بعد تعاف جزئى خلال الصيف الماضى.
ومن المتوقع أن يستخدم محافظو البنك المركزى الأوروبى توقعات النمو والتضخم المعدلة خلال نوفمبر الجارى لإعادة ضبط أدوات البنك من أجل الابقاء على تدفق الائتمانات فى منطقة اليورو التى تضم 19 دولة، وأن يتواجد البنك بقوة خلال الموجة الثانية كما كان خلال الموجة الأولى.
وتأتى هذه التوقعات بتعهد المركزى الأوروبى بمزيد من التسهيلات النقدية بعد يوم من انضمام فرنسا وألمانيا إلى إيطاليا وأسبانيا فى فرض عمليات إغلاق جديدة لوقف موجة كوفيد-19 الثانية، والتى من المقرر أن تسبب المزيد من التراجع الاقتصادى للدول فى منطقة اليورو.
وكانت الموجة الأولى من فيروس كورونا قد دفعت البنك المركزى الأوروبى لطرح خطة شراء سندات بقيمة 1.35 تريليون يورو للحفاظ على تكاليف اقتراض منخفضة وتعزيز الاقتصاد فى منطقة اليورو، بينما شددت لاجارد مؤخراً على أن بحوزة البنك ما هو أكثر من مجرد برنامج PEPP، وأنه سيستغل جميع الأدوات التى يملكها بمرونة كاملة لتنفيذ الإجراءات الجديدة لمواجهة الموجة الثانية.
واشترى البنك المركزى الأوروبى بالفعل السندات بمستويات مرتفعة غير مسبوقة، فى إطار خطوات لتخفيف تداعيات الجائحة ما يمنح صناع السياسات الوقت للتخطيط لخطوتهم التالية مع مواصلة حث الحكومات فى منطقة اليورو على تفعيل أدوات الميزانية فى دعم الاقتصاد، علاوة على أنه أبقى على برنامج شراء الأصول كما كان قبل الوباء دون تغيير بمعدل 20 مليار يورو شهرياً، ومن المتوقع زيادة معدل هذا الشراء خلال الأسابيع المتبقية من هذا العام.
ومع ذلك أعلن البنك أن ربحية أكبر البنوك فى منطقة اليورو إنهارت فى الربع الثانى من العام بسبب كورونا، على الرغم من أن البنوك استطاعت الإبقاء على أرصدتها من القروض المتعثرة منخفضة، كما أن العائد على رأس المال فى النصف الأول من العام وسط ذروة الوباء بلغ %0.01 وسجل ما لا يقل عن 7 من 19 بلداً بمنطقة اليورو عائدات سلبية بالمقارنة مع عوائد %6.01 خلال نفس النصف من العام الماضى.