أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن إنفاق الحكومة الفيدرالية قفز بأكثر من 47 % خلال السنة المالية المنتهية 30 سبتمبر الماضى ليتجاوز 6.5 تريليون دولار مسجلاً أعلى مستوى فى تاريخها بسبب وباء فيروس كورونا الذى انتشر فى الولايات المتحدة لتتصدر دول العالم فى عدد الإصابات والوفيات التى بلغت أكثر من 8 ملايين حالة وحوالى 214 ألف ضحية.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن إنفاق الحكومة الفيدرالية ارتفع إلى رقم قياسى هذا العام بسبب الإجراءات التحفيزية الى نفذتها لمواجهة تداعيات مرض كوفيد 19 ومنها توزيع قروض طارئة على الشركات الصغيرة وزيادة الإعانات المخصصة للعاطلين ومنح الأسر الأمريكية تدابير تحفيزية.
زيادة العجز فى الموازنة الأمريكية
وأكد المحللون فى وزارة الخزانة الأمريكية أن زيادة إنفاق الحكومة الفيدرالية أدى إلى ارتفاع العجز فى موازنة السنة المالية الماضية إلى أكثر من %16.1 من الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى صاعداً إلى أعلى مستوى منذ عام 1945 عندما قامت الحكومة بتمويل العمليات العسكرية الضخمة التى كانت تستهدف إنهاء الحرب العالمية الثانية.
وزاد إنفاق الحكومة الأمريكية لمكافحة وباء كورونا ودعم الاقتصاد الذى وقع فى هاوية الركود منذ مارس الماضى عندما تفشى مرض كوفيد 19 فى أنحاء الولايات المتحدة وتسبب فى هبوط إيرادات الحكومة الفيدرالية وسط إغلاق العديد من الشركات والمصانع وتوقف معظم الأنشطة الاقتصادية وتسريح ملايين العاملين ليصل عدد العاطلين إلى أكثر من 11 مليون شخص كما شهد 25 مليون موظف تدنى رواتبهم بسبب الوباء ويعيشون بفضل مساعدات حكومية.
وأوضحت وزارة الخزانة أن العجز فى الموازنة الأمريكية ارتفع %300 ليصل إلى أكثر من 3.1 تريليون دولار خلال السنة المالية التى انتهت الشهر الماضى بالمقارنة مع 984 مليار دولار خلال السنةالمالية السابقة وذلك مع تخصيص الحكومة التدابير المالية اللازمة للتصدى للوباء العالمى الذى جعل العديد من الدول المتقدمة ومنها الولايات المتحدة تغرق فى هاوية الركود منذ نهاية الربع الأول من العام الجارى.
وإذا كان إجمالى الإيرادات الحكومية تراجع %1 فقط خلال السنة المالية الماضية بالمقارنة بالسنة المالية السابقة لينزل إلى 3.4 تريليون دولار مع حدوث معظم الانخفاض منذ مارس عندما بدأ فيروس كورونا ينتشر فى أنحاء الولايات المتحدة فإن الديون الفيدرالية قفزت %25 لتتجاوز 21 تريليون دولار فى نهاية سبتمبر الماضى بالمقارنة مع 16.8 تريليون دولار فى بداية السنة المالية الماضية.
وجاء فى تقديرات اللجنة المسئولة عن الموازنة الفيدرالية أنه من المتوقع أن ترتفع ديون الحكومة الفيدرالية إلى 102 % كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى بعد أن اتجه صناع القانون لضخ تدابير مالية ضخمة لتخفيف صدمة الوباء لتتفوق الديون على حجم الاقتصاد الكلى خلال السنة المالية الماضية لأول مرة منذ حوالى 75 سنة.
وقام مجلس الاحتياطى الفيدرالى (البنك المركزى) أيضا بتخفيض أسعار الفائدة بالقرب من الصفر فى مارس الماضى مع تفشى فيروس كورونا لمساعدة الشركات والأفراد على الاقتراض بدون تكاليف، ومن المتوقع استمرار أسعار الفائدة المتدنية للعام القادم حيث لا يعرف أحد متى ينتهى هذا الوباء لدرجة أن جيروم باول رئيس المجلس حذر من تعاف ضعيف للاقتصاد ما لم تواصل الحكومة ضخ التدابير التحفيزية ومساعداتها المالية ولاسيما أنها يمكنها الاقتراض بأسعار فائدة رخيصة جدا.
ويتوقع مكتب ميزانية الكونجرس استمرار ارتفاع القروض الحكومية طوال الثلاثة عقود التالية لتصل جملة الديون الفيدرالية إلى %195 من الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى حلول عام 2050 مع زيادة مخصصات الضمان الاجتماع وتكاليف التأمين الطبى ضمن برنامجى ميديكيد وميديكير.
ولذلك طالبت مايا ماكجينياس رئيسة اللجنة المسئولة عن الموازنة الفيدرالية الأسبوع الماضى أعضاء الحزبين الديموقراطى والجمهورى بالجلوس معا والاتفاق حول كيفية اتخاذ القرارات الصعبة اللازمة لتوفير مخصصات الضمان الاجتماعى والتأمين الطبى للأمريكيين والحد من تراكم تلال الديون الفيدرالية التى ستخرج عن السيطرة حتى عندما تنتهى الأزمة الصحية الحالية ويتعافى الاقتصاد.
لكن جيروم باول وغيره من المسئولين فى مجلس الاحتياطى الفيدرالى يرون أن الوقت الحالى ليس مناسبا للقلق حول العجز فى الموازنة لأن معدل البطالة مرتف حيث إنع ووباء كورونا لتحطيم العديد من الشركات إلا أن العجز فى الموازنة قد يكون من المخاطر المحتملة على الأجل الطويل لأنه سيبعد استثمارات القطاع الخاص ولكن فى الحالات التى سيواصل العجز ارتفاعه فإنه قد يؤدى لارتفاع معدل التضخم وبالتالى خفض قيمة الدولار الأمريكى أقوى عملة فى احتياطى العملات العالمية.
إرتفاع الديون الأمريكية لأعلى من الناتج المحلى الإجمالي
وخصصت وزارة الخزانة ضمن التدابير التحفيزية 275 مليار دولار هذا العام إعانات إضافية للعاطلين بعد انتهاء برنامج الإعانات الطارئة بسبب الوباء فى يونيو الماضى والبالغ قيمته 600 مليار دولار بالمقارنة مع 196 مليار دولار فقط خلال السنة الماضية لترتفع قيمة العجز فى الموازنة لرقم قياسى هذا العام بالرغم من أن الحكومة الفيدرالية تواجه عجزا منذ عام 2002 حتى الآن بالمقارنة مع فائض 127 مليار دولار فى عام 2001 ولم تشهد مثله منذ ذلك الحين.
وطالب وكيل وزارة الخزانة الأمريكية للشؤون الدولية برنت مكينتوش الدول الأعضاء بصندوق النقد والبنك الدوليين الإبقاء على سياسات الدعم لاقتصاداتهم لضمان قوة التعافى من جائحة فيروس كورونا كما أنه يأمل فى أن يتمكن وزير الخزانة ستيفن منوتشين ورئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى من التوصل إلى اتفاق بشأن حزمة مساعدات أمريكية جديدة ترتبط بفيروس كورونا.
ومع ذلك فقد ارتفعت معنويات المستهلكين الأمريكيين خلا الشهر الجارى حتى الآن إلى ذروة سبعة أشهر مع زيادة فى التوقعات بتحسن الآفاق الاقتصادية فى المستقبل والتى ستغير اتجاه تقييمات الأوضاع الحالية وفقا لمسح المستهلكين بجامعة ميشيجان والذى أكد على أن القراءة الأولية لمؤشره فى أكتوبر الحالى ارتفعت إلى 81.2 من قراءة نهائية عند80.4 فى سبتمبر الماضى وهذه أعلى قراءة منذ مارس عندما تفاقم وباء كورونا
وقدم البيت الأبيض عرضا تحفيزيا بمبلغ 1.8 تريليون دولار من أجل خطة إنعاش اقتصادى جديدة بأمل التوصل إلى اتفاق مع الديموقراطيين قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية وبعد مفاوضات استمرت أكثر من شهرين لتوفير المساعدات التى تنتظرها الأسر والشركات التى تواجه صعوبات مالية بسبب تفشى الوباء.
وتأمل إدارة ترامب بإقناع الديموقراطيين الذين يريدون تدابير تحفيزية بحوالى 2.2 تريليون دولار بينما قالت رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى إنها تأمل فى التوصل بسرعة إلى اتفاق فى المفاوضات مع وزير الخزانة ستيفن منوتشين.
ويتوافق الجمهوريون والديموقراطيون على بعض القضايا ومنها منح شيكات جديدة للأسر وقروض للشركات الصغيرة الأكثر تضرراً ومساعدات لشركات الطيران غير أن الجمهوريين يعارضون خطة دعم للإدارات المحلية وخصوصاً للولايات الأكثر تضرراً جراء الوباء والتى يسيطر الديموقراطيون على عدد كبيرمنها.