تقلص الإقبال على بطاقات الائتمان الصادرة عن البنوك المحلية بشكل كبير خلال السنوات الثلاث الماضية، مع وجود بدائل قوية قدمتها ما يطلق عليها شركات ومنصات التمويل الإستهلاكى والتى ظهرت فى الفترة الأخيرة، مثل شركة فاليو التابعة للمجموعة المالية هيرميس وشركة أمان للتقسيط التابعة لمجموعة أمان هولدينج إحدى أذرع شركة راية القابضة.
ووفقا لإحصائيات البنك المركزى المصرى، هبطت أعداد البطاقات الائتمانية (الكريدت كارد) لتسجل نحو 3.573 مليون بطاقة بنهاية شهر يونيو 2020 بالمقارنة مع 5.858 مليون بطاقة فى الشهر ذاته من عام 2017، لتفقد بذلك ما يزيد عن 2.2 مليون بطاقة بنسبة تراجع %39 تقريبا.
وسجلت أعداد البطاقات أقل مستوياتها فى يونيو 2019 حيث بلغت 3.158 مليون بطاقة قبل أن ترتفع إلى 3.573 مليون فى يونيو 2020 عبر نجاح البنوك فى إضافة نحو 415.5 ألف بطاقة.
مصرفيون: ضوابط التجزئة وإنتشار شركات التمويل الإستهلاكى أضعف الإقبال على الكريديت كارد
ويرى مصرفيون وخبراء فى مجال التجزئة المصرفية وتمويل الأفراد أن تراجع عدد بطاقات الائتمان الصادرة عن البنوك المحلية فى السنوات الماضية يعود بشكل أساسى إلى تدهور الجدارة الائتمانية لعدد كبير من العملاء عقب تعويم سعر الصرف خاصة الحاصلين على قروض وبطاقات ائتمان بالعملة الأجنبية.
السبب الثانى والأهم من وجهة نظرهم يتمثل فى القرار الذى أصدره البنك المركزى عام 2016 بوضع سقف لإقراض العملاء الأفراد بنسبة لا تتجاوز %35 من إجمالى دخولهم مما قلص فرص تسويق البطاقات الائتمانية على العملاء الحاليين وما تطلبه من ضرورة البحث واجتذاب عملاء جدد.
وقال المصرفيون إن أحد العوامل الأكثر تأثيرا يكمن فى ظهور وإنتشار شركات ومنصات التمويل الإستهلاكى والتى اجتذبت جزءاً كبيراً من عملاء بطاقات الائتمان وذلك لسهولة إجراءتها اذ يمكن لأى عميل حصل على قرض سابق أو بطاقة ائتمان من أحد البنوك، أن يحصل على حد ائتمانى من هذه الشركات خلال دقائق.
بالإضافة إلى توسع هذه المنصات فى عقد شراكات مع عدد كبير من المتاجر لإتاحة التقسيط من خلالهم بأسعار وعروض مميزة ، الأمر الذى تفهمته البنوك وشرعت فى تنفيذه بقوة الفترة الأخيرة، وأدى ذلك على تحسن أعداد البطاقات المُصدرة العام الماضى بما يزيد عن 415.5 ألف بطاقة.
وقال أحد الخبراء إن البنوك أحجمت عن التوسع فى بطاقات الائتمان Credit Cards فى الوقت الذى بدأت التوسع بقوة فى بطاقات الخصم والمدفوعة مقدماً لسهولة وصولها لشرائح كبيرة من المجتمع، مشيرا إلى أن بطاقات الائتمان تخلق ضغوطاً مالية كبيرة على الافراد عبر تحملهم الفائدة،ً أن البنوك لا تمنح البطاقة إلا بعد الدراسة الائتمانية للعميل.
يذكر أن تقرير «We Are Social» حول تطورات استخدام الأدوات التكنولوجية على مستوى العالم، أشار إلى أن نسبة انتشار بطاقات الائتمان بين المصريين سجلت %3 خلال العام الماضي.
ناجى : وضع سقف للإقتراض بنسبة %35 من الدخل عام 2016 دفع عدد كبير من العملاء لعدم التجديد
ومن جهته قال وليد ناجى نائب رئيس البنك العقارى المصرى بالأردن أن تراجع عدد الحاملين للبطاقات الائتمانية، يرجع فى الأساس إلى الضوابط التى أصدرها البنك المركزى الخاصة بعدم تجاوز نسبة الأقساط الشهرية للائتمان %35 من الدخل للأفراد.
وأضاف أن هناك عددا كبيرا من العملاء حصلوا على قروض شخصية لارتفاع قيمتها مقارنة بالحد الذى تتيحه البطاقات.
وأصدر البنك المركزى المصرى، فى يناير 2016، تعليمات للبنوك تلزمها، بألا يتجاوز إجمالى أقساط القروض الممنوحة من البنوك إلى الأفراد لأغراض استهلاكية «البطاقات الائتمانية، القروض الشخصية، القروض بغرض شراء سيارات للاستخدام الشخصى» نسبة %35 من الدخل الشهرى للعميل، و%40 لقروض الإسكان.
وأوضح ناجى أن بطاقات الائتمان تخلق ضغوطاً مالية كبيرة على الأفراد عبر تحملهم الفائدة، مشيراً أن البنوك لا تمنح البطاقة إلا بعد الدراسة الائتمانية للعميل.
وأشار إلى أن عدم توافر قاعدة بيانات عن العملاء لدى البنوك تراجع بعد إتاحة الشركة المصرية للاستعلام الائتمانى بيانات تفصيلية وشمولية عن العملاء.
عبدالعال: الظروف الحالية دفعت البنوك للتحفظ عند التصريح بحدود ائتمانية جديدة
وقال محمد عبدالعال الخبير المصرفى إنه بعد قرار البنك المركزى بالتعويم على الجنيه المصرى فى عام 2016، أحجمت البنوك عن التوسع القوى فى بطاقات الائتمان Credit Cards فى الوقت الذى بدأت التوسع بقوة فى بطاقات الخصم والمدفوعة مقدماً لسهولة وصولها لشرائح كبيرة من المجتمع.
وأضاف أن بطاقات الخصم شهدت قفزات هائلة خلال الفترة الماضية خاصة بعد اتجاه البنوك لمنح البطاقات عند فتح أى حساب، علاوة على أن الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة ساهمت فى زيادة الحاجة إلى البطاقات للحصول على أموال فى أى وقت يحتاج إليه العميل دون الحاجة إلى الذهاب للفروع.
يأتى ذلك تزامًا مع سماح البنك المركزى للبنوك بإصدار البطاقات المدفوعة مقدمًا بالعلامة الوطنية «ميزة»، وقيام البنوك بإصدار أكثر من 3.2 مليون بطاقة خلال هذه الفترة.
وتعتبر «ميزة» هى بطاقة المدفوعات الحكومية الأولى، ويسعى البنك المركزى لإصدار نحو 20 مليون بطاقة خلال 3 سنوات ما بين مدفوعة مقدمًا وخصم وائتمان.
ولفت إلى أن إجراءات بطاقات الائتمان تختلف من بنك لآخر تبعاً للسياسة الائتمانية، وأن منح حدود ائتمانية للبطاقات لا تتم بسهولة خاصة فى ظل التحفظ فى منح الائتمان الذى يخيم على معظم البنوك، موضحاً أن هناك دراسات ائتمانية للعميل وقياساً لمخاطر السداد المتعلقة به.
وأكد أن منح العميل بطاقة ائتمانية يعتبر أخطر جزء فى الائتمان الشخصى لأنه عادة ما تكون بداية تعامل العميل مع منتج ائتمانى على أن تتطور العلاقة بعد ذلك وتتحول فى شكل قروض شخصية، الأمر الذى يتطلب معه دقة الدراسة لتقليل نسب التعثر وتشجيع العملاء على توطيد علاقتهم مع البنك عبر الحصول على منتجات ائتمانية أخرى.
وأوضح عبد العال أن البطاقات الائتمانية وسيلة للدفع تساعد العملاء على شراء احتياجات ضرورية فى حالة عدم توافر سيولة نقدية حالية له، مما يسهل إتمام الأفراد معاملاتهم المالية.
وتوقع عبدالعال حدوث طفرة فى بطاقات الائتمان، وزيادة شريحة العملاء، وذلك بعد قرار البنك المركزى مؤخراً بزيادة الحد الائتمانى فى القطاع المصرفى.
وقال المركزى فى خطاب موجه للبنوك، نشره على موقعه فى وقت سابق، إنه قرر تعديل نسبة إجمالى أقساط القروض لأغراض استهلاكية (القروض الشخصية والبطاقات الائتمانية والقروض بغرض شراء سيارات للاستخدام الشخصي)، ليصبح حدها الأقصى %50 بدلا من %35 من مجموع الدخل الشهري.
ويأتى قرار المركزى ضمن عدة إجراءات ومبادرات ينفذها من أجل ضخ المزيد من الأموال فى السوق المصرى بهدف تنشيط الاستثمار والاستهلاك، وهو ما ينعكس على النشاط الاقتصادى، والنمو، والبطالة، وتوافر السلع، والأسعار.
وطرح البنك المركزى مؤخرا مبادرات تهدف إلى تنشيط الاقتصاد إحداهما بقيمة 100 مليار جنيه لدعم القطاع الصناعى، وأخرى لدعم 50 مليار جنيه للتمويل العقارى لمتوسطى الدخل، وثالثة لتسوية ديون المتعثرين من الشخصيات الاعتبارية.
قال مجدى عبدالغفار الخبير المصرفى إن تراجع عدد الحاملين للبطاقات الائتمانية، يرجع فى الأساس إلى الضوابط التى أصدرها البنك المركزى الخاصة بعدم تجاوز نسبة الأقساط الشهرية للائتمان تمثل %35 من الدخل للأفراد.
وأشار إلى إن تراجع عدد البطاقات الائتمانية من إجمالى بطاقات الدفع يرجع بشكل كبير إلى توسع السوق فى إصدار بطاقات الخصم، مضيفاً إلى أن العملاء يحصلون على بطاقة خصم بمجرد فتح الحساب، فضلاً عن أن العميل الواحد قد يمتلك أكثر من بطاقة خصم.
وأضاف أن التوسع فى شركات التمويل الاستهلاكى منها سهولة وأمان وفاليو وغيرها من الشركات وتعزيز دورها فى التحول الرقمى وإصدار المدفوعات الإلكترونية، وسهولة الحصول على منتجاتها، ينافس حصة القطاع المصرفى، مما يجعلها تستنزف حصة البنوك فى قطاع التجزئة المصرفية.
متولى: التوسع فى شركات التمويل الاستهلاكى مثل سهولة وأمان وفاليو أشعل المنافسة مع المصارف
وقال طارق متولى النائب السابق لرئيس بنك بلوم إن تعاظم دور شركات التمويل الاستهلاكى فى السوق المصرية، إضافة إلى سهولة حصول العميل على المنتج مقارنة باجراءات القطاع المصرفى من الاستعلام الائتمانى دفع بعض العملاء للتوجه إلى التعامل مع تلك الشركات.