ينطلق الاقتصاد و النمو العالمي من الأعماق التي كان قد انحدر إليها خلال عملية الإغلاق العظيم في شهر أبريل الماضي الناتجة عن تفشي فيروس كورونا المستجد، ولكن مع استمرار انتشار الجائحة، أبطأت العديد من البلدان إعادة فتح أبوابها وأعاد البعض عمليات الإغلاق الجزئي لحماية السكان المعرضين للإصابة.
جاء ذلك في آخر نسخة من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي كشف عنه صندوق النقد الدولي اليوم في إطار عقد الاجتماعات السنوية له ولمجلس محافظي البنك الدولي والمعروفة باسم “اجتماعات الخريف” لعام 2020 عبر الإنترنت في الفترة من 12 إلي18 أكتوبر الجاري.
وقال صندوق النقد في التقرير: “بينما كان الانتعاش في الصين أسرع من المتوقع، فإن صعود الاقتصاد العالمي طويلاً إلى مستويات ما قبل الوباء من النشاط لا يزال عرضة للنكسات”.
توقعات على المدى القريب
وتوقع صندوق النقد في أحدث نسخة من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، أن يبلغ معدل النمو العالمي – 4.4٪ في عام 2020، معتبراً ذلك انكماشا أقل حدة مما كان متوقعاً في يونيو الماضي.
ولفت إلى أن توقعات النمو العالمي للعام الجاري تعد أقل 0.8 نقطة مئوية فوق توقعاته الصادرة في يونيو الماضي.
وأشار إلي أنه تعكس تلك المراجعة نتائج أفضل مما كان متوقعاً للناتج العالمي الإجمالي في الربع الثاني من العام الجاري، ومعظمها في الاقتصادات المتقدمة، حيث بدأ النشاط في التحسن أسرع مما كان متوقعًا بعد تقليص عمليات الإغلاق في مايو ويونيو الماضيين، بالإضافة إلى مؤشرات على انتعاش أقوى في الربع الثالث.
وبحسب تقرير صندوق النقد ؛ من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي 5.2٪ في عام 2021 ، وهو أقل قليلاً مما كان عليه في تحديث تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن الصندوق في يونيو الماضي ، مما يعكس الوضع الأكثر اعتدالا للركود المتوقع لعام 2020 وبما يتفق مع توقعات التباعد الاجتماعي المستمر.
ويشير تقرير صندوق النقد أنه بعد الانكماش المتوقع عالمياً في عام 2020 والانتعاش في عام 2021 ، من المرجح أن يكون مستوى الناتج الإجمالي العالمي في العام المقبل متواضعًا بنسبة 0.6 % أعلى من عام 2019.
وتشير توقعات الصندوق إلى فجوات إنتاجية سلبية واسعة ومعدلات بطالة مرتفعة هذا العام والعام المقبل عبر كل من اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة.
وعلي صعيد التوقعات على المدى المتوسط، قال صندوق النقد إنه بعد الانتعاش المتوقع في عام 2021، من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي تدريجياً إلى حوالي 3.5 % في المدى المتوسط.
وبحسب تقرير صندوق النقد ؛ فإن هذا يعني تقدمًا محدودًا فقط نحو اللحاق بمسار النشاط الاقتصادي للفترة من 2020-2025 المتوقع قبل الوباء لكل من اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة والاقتصادات النامية.
واعتبر صندوق النقد أن ذلك يمثل انتكاسة شديدة للتحسن المتوقع في متوسط مستويات المعيشة في جميع مجموعات البلدان ، وسيعكس الوباء التقدم المحرز منذ التسعينيات في الحد من الفقر العالمي وسيزيد من عدم المساواة.
وبحسب أحدث تقارير الصندوق، فإن الأشخاص الذين يعتمدون على العمل اليومي بأجر وهم خارج شبكة الأمان الرسمية واجهوا خسائر مفاجئة في الدخل عندما فُرضت قيود على الحركة نتيجة وباء كورونا ، ومن بين هؤلاء ، كان العمال المهاجرون الذين يعيشون بعيدًا عن منازلهم أقل قدرة على اللجوء إلى شبكات الدعم التقليدية.
بالإضافة إلى ذلك ، فإن إغلاق المدارس أثناء الوباء يشكل تحديًا جديدًا كبيرًا يمكن أن يعوق تراكم رأس المال البشري بشدة .
ونوه التقرير أن التوقعات الضعيفة للنمو متوسط الأجل تأتي مع زيادة كبيرة متوقعة في رصيد الديون السيادية.
وتنطوي المراجعات النزولية للناتج العالمي المحتمل أيضًا على قاعدة ضريبية أصغر على المدى المتوسط مما كان متصورًا سابقًا ، مما يزيد من تعقيد صعوبات في خدمة التزامات الديون.
ويفترض التوقع الأساسي أن التباعد الاجتماعي سيستمر حتى عام 2021 ولكنه سيتلاشى لاحقًا بمرور الوقت مع اتساع نطاق تغطية اللقاح وتحسين العلاجات.
وتضمنت التوقعات أن ينكمش معدل نمو الاقتصادات المتقدمة إلي -5.8% في العام الجاري ، علي أن ينتعش إلي 3.9% في العام المقبل تتراجع إلي 1.9%في عام 2025.
بينما رجح صندوق النقد أن يسجل معدل نمو الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية نحو -3.3% في العام الجاري ترتفع في العام المقبل إلي 6% ، علي أن تصل في عام 2025 إلي 4.7%.