ملأت الأشجار المتفحمة والتربة السوداء المحترقة الأفق بينما كان الدخان الأبيض يتصاعد في الهواء جراء حرائق الغابات التي اجتاحت مناطق في سوريا على مدار الـ 48 ساعة الماضية.
حرائق الغابات تلتهم المحاصيل
وأصيب المزارعون والأسر بالصدمة جراء الخسائر التي تكبدوها خلال اليومين الماضيين، حيث التهمت النيران محاصيلهم ووصلت إلى منازلهم في مناطق ريف محافظتي اللاذقية وطرطوس شمال غربي سوريا وكذلك في ريف محافظة حمص وسط البلاد.
وكانت الأكثر تضررا محاصيل الزيتون التي كان من المقرر جنيها من قبل المزارع في الشهر المقبل لاستخراج زيت الزيتون السوري الشهير.
وظل المزارعون ينتظرون لمدة عام كامل لجني ثمرة الزيتون لكن المحاصيل اشتعلت فيها النيران الشديدة التي أجبرت الناس أيضًا على ترك منازلهم في بعض القرى.
واندلع 156 والمناطق الزراعية منذ يوم الجمعة الماضي، ولقي أربعة أشخاص مصرعهم في الحرائق وأصيب أكثر من 80 آخرين بالاختناق.
وبذلت أطقم الإطفاء وأهالي المناطق المتضررة جهوداً جبارة لإخماد الحريق، وهي مهمة صعبة نظراً للطبيعة الجبلية الصعبة والوعرة لتلك المناطق.
وأعلنت السلطات المعنية الأحد، إطفاء حرائق الغابات بشكل نهائي.
لكن بالنسبة للمزارعين، لاتزال النار تلتهمهم من الداخل إلى الخارج بعد أن فقدوا محاصيلهم.
حرائق الغابات دمرت كل شئ
وقال أحمد محمد (48 عاما)، وهو مزارع من بلدة أم الطيور بريف اللاذقية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) ، إن الحريق دمر كل شيء في طريقه ووصل إلى منازل المواطنين الذين كانوا يسكبون دلاء الماء لإخماد النيران.
وتابع يقول، وهو يدير رأسه جانبا وهو في حالة صدمة، إن “كل شيء تضرر، كل شيء احترق حول البيوت وفي أماكن أخرى في أم الطيور، احترق كل شيء”.
وأضاف “هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها مثل هذه الكارثة .. بدأنا في صب الماء من الدلاء لإخماد النيران التي أتت على علف الحيوان من نخالة وتبن”.
من جانبه، قال كنعان دوبا، وهو مزارع آخر يبلغ من العمر (50 عامًا) من قرية سنبله في ريف اللاذقية، لـ ((شينخوا)) إن الحريق كان قويا لدرجة أنه لا شيء يمكن أن يوقف طريقه.
وبات الرجل يشعر بالأسف لأنه لم يعد قادرًا على الاستمتاع بظلال شجرته.
النيران قضت على الأشجار
وقال إن “النيران اجتاحت الأراضي الزراعية والغابات .. لا شيء يمكن أن يقف في وجهها ولا حتى الجرافات أو شيء آخر .. كانت الرياح قوية والنار لم تترك شيئا .. لم تبق هناك أشجار لتجلس في ظلالها”.
ووصف مدير دائرة الزراعة في اللاذقية منذر خيربيك لـ ((شينخوا))، ظروف العمل على إخماد الحريق بأنها كانت صعبة للغاية.
وأضاف “على مدار الـ 48 ساعة الماضية، كان العمل شاقًا ومجهدا وكان علينا أحيانًا التعامل مع 40 حريقًا دفعة واحدة”.
وأشار إلى أنهم تلقوا مساعدة من محافظات أخرى للتعامل مع الظروف التي كانت صعبة حيث كانت الرياح شمالية شرقية وجافة وكانت الطبيعة الجغرافية للمناطق صعبة أيضًا، مما جعل من الصعب على سيارات الإطفاء الوصول إلى النار.
ووسط تلك الظروف، وجه رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس، كافة الوزارات المعنية والجهات التابعة لها وفرق الإطفاء والدفاع المدني في كافة المحافظات بتقديم الدعم والمساعدة في إخماد الحرائق.
وجاءت الحرائق الجديدة بعد شهر من حرائق غابات أتت على 7000 دونم (7 كيلومترات مربعة) في ريف منطقة مصياف بمحافظة حماة.
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخوا بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.