
طوى قطاع المقاولات
فترة خمول امتدت ما بين عزل الرئيسين مبارك ومرسى، وشهدت تراجعًا فى عدد
شركات المقاولات المسجلة فى جداول اتحاد المقاولين من 49 ألف شركة قبل قيام
ثورة 25 يناير، إلى 12 ألف شركة فقط حاليًا، أى بخروج نحو 37 ألف شركة،
وهو ما دفع «المال» لتقصى الحلول والإجراءات التى يجب اتباعها لإعادة
الشركات المسحوبة إلى الساحة مرة أخرى.
قال فوزى الرفاعى، عضو
مجلس إدارة الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، رئيس فرع المنصورة، إن
الحل الأمثل لإعادة الـ37 ألف شركة التى خرجت من سوق المقاولات خلال
الفترة من بدء ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، يتمثل فى زيادة حجم المشروعات
المطروحة أمام المقاولين سواء عن طريق زيادة المخصصات المالية لها أو فتح
مزيد من الأسواق الخارجية.
وأضاف أنه يجب على الاتحاد التنسيق مع
الدولة لإقناع المسئولين بضرورة طرح مزيد من مشروعات البنى التحتية
والأساسية على ساحة المقاولات، والوصول إلى الأسواق الخارجية الأمثل لعمل
المقاولين المصريين وتسهيل الإجراءات اللازمة لذلك.
وألمح إلي أنه
يجب على الدولة العزوف عن سياسة الإسناد المباشر التى تضر بيئة قطاع
المقاولات بصورة عامة بقضائها على المنافسة وإقصاء شريحة عريضة من شركات
المقاولات عن العمل فى هذه المشروعات، موضحًا أن قطاع المقاولات أصبح يمتلك
من الخبرات ما يمكنه من تنفيذ أى مشروعات بما لا يدع مجالاً للتشكيك فى
خبرات القطاع من قبل جهات الإسناد التى تطرح المشروعات وتسندها بالأمر
المباشر بحجة أن هذه المشروعات تحتاج إلى خبرات وتقنيات تكنولوجية غير
متوافرة إلا فى الشركة المسند إليها المشروع.
يذكر أن المادة الأولى
من قانون المزايدات والمناقصات 89 لسنة 1998 حظرت على الجهات الإدارية
إسناد أى من مشروعاتها عن طريق الأمر المباشر، ونصت على أن يكون التعاقد
على شراء المنقولات، أو على مقاولات الأعمال والنقل، أو على تلقى الخدمات
والدراسات الاستشارية والأعمال الفنية، عن طريق مناقصات عامة أو ممارسات
عامة، ومع ذلك يجوز استثناء وبقرار مسبب من السلطة المختصة، التعاقد بإحدى
الطرق مثل المناقصة المحدودة، أو المناقصة المحلية، أو الممارسة المحدودة،
أو الاتفاق المباشر، مع عدم إجازة تحويل المناقصة إلى ممارسة عامة أو
ممارسة محدودة، واستثنى القانون فى ذلك الحالات العاجلة والتى يكون لها بعد
أمن قومى.
وطالب الرفاعى وزارتى الدفاع والداخلية، بتقليل الاعتماد
على آلية الأمر المباشر فى طرح المشروعات قدر الإمكان، حتى يسمح لأكبر عدد
من شركات المقاولات بالمنافسة على مشروعات هاتين الجهتين، بدلاً من أن
تكون مقصورة على عدد محدود للغاية من الشركات.
فى هذا الإطار قال
أحد المسئولين باتحاد المقاولين، إن الاتحاد يبذل جهودًا كبيرة للحد من
انخفاض عدد الشركات المسجلة، ومحاولة إعادة باقى الشركات التى انسحبت من
جداول الاتحاد، وذلك من خلال عدم التسرع بشطب شركة المقاولات من جداول
الاتحاد فى حال عدم قيام الشركة بسداد الرسوم السنوية، وإتاحة فترة 5 سنوات
قبل اتخاذ قرار شطب الشركة من جداول الاتحاد.
وأضاف أنه حتى فى حال
وجود رسوم متأخرة على شركات المقاولات لصالح الاتحاد فإنه يلجأ إلى جدولة
هذه الديون، ومنح تيسيرات فى سدادها تتمثل فى سداد عام وتقسيط عام آخر على 3
سنوات، وذلك فى محاولة من الاتحاد للإبقاء على شركات مقيدة فى الاتحاد
بفئتها التصنيفية نفسها، حيث إنه فى حال شطب الشركة بعد مرور 5 سنوات فإنه
يتوجب على الشركة فى هذه الحال إذا أرادت العودة إلى جداول الاتحاد بدء
طريق التصنيف من البداية.
وألمح المصدر إلى أنه ليس كل الشركات التى
انسحبت من جداول الاتحاد أغلقت أو أشهرت إفلاسها، وإنما هناك العديد من
الشركات التى جمدت النشاط لحين عودة معدلات طرح الأعمال لسابق عهدها قبل
ثورة 25 يناير، وتقوم هذه الشركات بالعمل فى بعض المشروعات الفردية لصالح
أشخاص أو جهات غير حكومية، وبمجرد عودة عجلة القطاع ستعود هذه الشركات
للتسجيل مرة أخرى فى جداول الاتحاد.
من جانبه قال المهندس محمد
لقمة، مدير عام شركة ديتليز للتجارة والمقاولات، عضو مجلس إدارة الاتحاد،
إن الاتحاد لا يمتلك الخيارات الكافية لإعادة الشركات المنسحبة من جداوله،
حيث إن أقصى ما يستطيع الاتحاد أن يقدمه هو تقديم تيسيرات فى رسوم الاشتراك
السنوية، ولا يقع الحل السحرى أيضًا فى يد وزير الإسكان أو وزارة بعينها،
وإنما يعد الحل الأوحد لعودة الشركات المنسحبة هو تكاتف الحكومة بجميع
وزاراتها ككل من أجل زيادة مخصصات مشروعات البنى التحتية والأساسية، حيث
يحتاج القطاع إلى ما يقرب من 12 مليار جنيه كمشروعات حتى تعود عجلة القطاع
للدوران مرة أخرى.
وأضاف أن السبب الرئيسى فى انسحاب هذه الشركات
ليس رسوم التسجيل فى الاتحاد، خاصة أن هذه الرسوم لا تتجاوز الـ3 آلاف جنيه
سنويًا، وهو رقم هزيل لغاية بالنسبة لشركة مقاولات.
وطالب الحكومة
أيضًا بالتحرك على صعيد آخر، وهو فتح الأسواق الخارجية أمام شركات
المقاولات المصرية من خلال إبرام بروتوكولات التعاون وتسهيل إجراءات العمل
واستخراج التأشيرات والإقامة، وما إلى ذلك من محفزات تحتاجها الشركات فى
الوقت الحالى أكثر من أى وقت مضى.
وقال المهندس محمد عفت، مدير عام
الشركة المصرية العربية للهندسة والتجارة والمقاولات «إيكو»، إن
الاستراتيجية الأمثل لعلاج انخفاض عدد الشركات العاملة بالقطاع خلال فترة
الثورة، هى تقصى أسباب هذا الانخفاض ووضع حلول واقعية وقابلة للتطبيق لهذه
الأسباب لوقف نزيف الشركات، ثم البدء فى وضع خطة ذات آجال محددة لعلاج
الوضع.
وأوضح أنه بالنظر إلى أسباب انسحاب العديد من شركات
المقاولات من السوق، سنجد أن انخفاض حجم الأعمال المطروح يتصدر هذه
الأسباب، وهو ما ولد منافسة قوية على المشروعات القليلة التى يتم طرحها،
أدت فى النهاية لوجود ظاهرة حرق أسعار لم تقو العديد من الشركات على الوقوف
أمامها، بل لم تستطع بعض الشركات التى فازت بهذه المشروعات عدم إكمال
تنفيذها وفقًا للبرامج الزمنية الموضوعة بسبب عدم وفاء العرض المالى الذى
وضع تحت ضغط المنافسة بمتطلبات المشروع.
وأضاف أن هناك أسبابًا أخرى
لاختفاء الشركات مثل عدم تمكنها من الحصول على مستحقاتها المتأخرة والتى
أدت لتراكم الديون لدى البنوك والجهات المانحة لعملية تمويل تنفيذ المشروع،
وهناك شركات أخرى فضلت الخروج إلى أسواق خارجية وتجميد العمل بالسوق
المصرية لحين عودة الأوضاع إلى طبيعتها.
وألمح إلى أن الحل الأمثل
يكمن فى يد الدولة من خلال زيادة حجم المشروعات المطروحة، وإجبار البنوك
المصرية على التعامل مع شركات المقاولات من خلال إعادة جدولة الديون
المتراكمة على شركات المقاولات المتعثرة، والتخلى عن الحذر والشروط
المتعجرفة فى تمويل شركات المقاولات ومنحها خطابات الضمان والاعتماد
المستندية.