تشهد بين الحين والآخر تفشى ظاهرة تحول عدد من الموزعين والتجار إلى وكلاء معتمدين، عبر تقديم ماركات صينية جديدة أو إعادة طرح علامة تجارية ظهرت فى وقت سابق، ولم تلقَ نجاحًا فى السوق المحلية، فى محاولة للبحث عن بدائل أخرى لزيادة معدلات الربحية، مع تعدد صالات العرض، ومراكز خدمات ما بعد البيع والصيانة التابعة له.
وعلى مدار السنوات الخمس الماضية شهدت السوق العديد من التجارب المعقدة بين الموزعين والتجار الراغبين فى التحول إلى وكلاء، والسيارات الصينية، والتى حكم على أغلبها بالتوقف المبكر، وعدم القدرة على الاستمرار.
وكان من بين تلك التجارب عدد من العلامات التجارية فى مقدمتها كومودو، وهايما، ودوماى، وغيرها من السيارات الصينية التى غادرت السوق سريعًا، لتترك المستهلك فى حيرة حول مستقبل سياراته، سواء فى حالة إعادة البيع كسيارة مستعملة، أو توفير خدمات ما بعد البيع والصيانة.
وعدد خبراء السوق أسباب لجوء التجار والموزعين إلى السيارات الصينية فى التحول إلى وكلاء، والتى من بينها صعوبة تحقيق هامش ربح كبير من توزيع السيارات، أو الحصول على كميات مناسبة من الوكيل الرسمى للعلامة التجارية التى يتولى الموزع عمليات بيعها، إضافة إلى رغبة الموزع فى توسيع نشاطه، خاصة فى ظل التوسع الجغرافى لصالات عرضه، أو مراكز الصيانة التابعة له.
فى البداية، قال عمر حسن سليمان، رئيس مجلس إدارة شركة الأمل لتجميع وتصنيع السيارات، منتج كل من السيارات الصينية بى واى دى، وكينج لونج، إضافة إلى العلامة الروسية لادا، إن الموزع لماركة أو ماركات سيارات يجد فى الوقت الحالى صعوبة كبيرة فى تحقيق مستهدفاته من المبيعات، وتحقيق الأرباح اللازمة لاستمراره فى السوق.
وأشار إلى أن جائجة كورونا تسببت فى تراجع مبيعات سوق السيارات، الأمر الذى انعكس على كل كيانات السوق بصفة عامة، والموزعين والتجار بصفة خاصة فى تحقيق الحدود الدنيا من الأرباح لتغطية مصاريف التشغيل اليومية، ودفع مستحقات العاملين من الأجور والمرتبات.
تدنى مستويات الإيرادات
وبيَّن أنه مع تدنى مستويات الإيرادات يلجأ الموزعون إلى التوكيلات لزيادة فرص نمو الأرباح، عبر الاستفادة من عمليات بيع الموديلات، وتقديم خدمات ما بعد البيع، والتى فى الغالب تكون العلامات تابعة لفئة السيارات الصينية.
وأوضح سليمان أن السيارات الصينية تعد البديل الوحيد فى السوق المصرية الخاضع لفكرة التجربة، خاصة أن السيارات الأوروبية، والكورية، واليابانية لديها تاريخ فى السوق المحلية، وأن رغبة الشركات الأم فى تغيير وكيلها فى مصر فى الغالب لا تتم إلا فى حالات استثنائية مثل سكودا وبيجو وسيتروين.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال عام 2016 لجأت شركة سكودا العالمية إلى تغيير وكيلها فى مصر من شركة أرتوك التابعة لرجل الأعمال شفيق جبر، إلى كيان ايجيبت للتجارة والاستثمار، التابعة لرجل الأعمال كريم نجار.
وفى عام 2017، أعلنت الشركة العربية للاستثمارات والتنمية القابضة للاستثمارات – الكيان الأم لشركة القاهرة للتنمية وصناعة السيارات Capital وكيل بيجو – عن تلقيها خطابًا من بيجو العالمية يفيد بعدم وجود نية لديها، للاستمرار فى العلاقة التعاقدية الحصرية القائمة بينهما منذ سنوات فى قطاع السيارات، لتستحوذ مجموعة المنصور للسيارات على وكالة بيجو فيما بعد.
كما لجأت مجموعة بيجو – ستروين الفرنسية إلى تغيير وكيلها فى مصر من مجموعة عز العرب للسيارات، إلى مجموعة القصراوى، بنهاية عام 2019.
وعدد رئيس مجلس إدارة شر كة الأمل لتجميع وتصنيع السيارات أسباب عدم قدرة الموزعين فى الاستمرار كوكلاء لـ«السيارات الصينية» والتى من بينها لجوء الشركة الأم إلى رفع أسعار الموديلات على الوكيل المحلى، إضافة إلى التغيير المستمر فى شكل الموديلات وأسمائها.
فشل السيارات الصينية مسئولية الوكيل
كما حمل سليمان على الوكيل فى مصر مسئوليه فشل استمرار السيارات الصينية التى تولى عمليات بيع موديلات وتوفير خدمات ما بعد الييع لها، نتيجة رفع الأسعار، وتبنى سياسة تسويقية تقوم على الربح السريع على حساب العميل، وتوفير قطع الغيار الأصليه له.
وتابع: فى بعض حالات فشل استمرار السيارات الصينية من قبل الموزعين كان السبب الحقيقى هو تقديم فواتير غير سليمة لمصلحة الجمارك، الأمر الذى دفع الأخيرة إلى تطبيق الأسعار الاسترشادية عليها منذ نهاية 2018، ما تسبب فى وقف استيراد العديد من العلامات التجارية الصينية، التى كانت قد توافرت فى وقت سابق فى السوق المحلية.
وقال إن الفترة الماضية أجرت شركة الأمل لتجميع وتصنيع السيارات مفاوضات مع إحدى الشركات المتخصصة فى صناعة السيارات الصينية ببكين، فى فئة المركبات التجارية بهدف بدء عملياتها فى السوق المحلية.
وأشار سليمان إلى أن المفاوضات جرت خلال الفترة الماضية إلى أن الفشل كان مصير المفاوضات، بسبب اصرار الجانب الصينى على البيع بسعر غير قادر على التنافس فى السوق المحلية.
وأكد أن نجاح السيارات الصينية فى مصر يتطلب فى المقام الأول توفير موديلات بسعر تنافسى، علاوة عن تمتع السيارة بجودة عالية فى الخامات المكونه لها، إضافة إلى انتشار صالات العرض، ومراكز خدمات ما بعد البيع والصيانة فى كل أنحاء الجمهورية.
وفى سياق متصل، قال علاء السبع، رئيس مجلس إدارة السبع أوتوموتيف، الموزع المعتمد لسيارات نيسان وبيجو وسيات وغيرها من العلامات التجارية، إنه على الرغم من تعدد ماركات السيارات الصينية في مصر، فإن إجمالى العلامات التى تتمتع بالاستقرار محدود للغاية.
وأشار السبع إلى أن العلامتين بى واى دى وشيرى تعدان من العلامات التجارية الصينية المستقرة التى تتمتع بثبات مكانتها فى السوق، نظرًا لاعتماده على التجميع المحلى، الأمر الذى مكانها من الاستحواذ على حصة سوقية ملائمة من إجمالى مبيعات سوق السيارات.
وأضاف إن بى واى دى تمكنت خلال العام الماضى من إتمام صفقة توريد 15 أتوبيسا تعمل بالكهرباء لصالح هيئة النقل العام بمحافظة الإسكندرية، وتعد الأولى من نوعها فى مصر، ما يشير إلى قوة العلامة بين الشركة الصينية الأم، ووكليها فى مصر.
السيارات الصينية لم تتمكن من تحقيق نجاحات الكورية
وعدد أسباب عدم قدرة السيارات الصينية رغم تنوعها وتعدد علامتها التجارية من تحقيق النجاح الذى حققته السيارات الكورية فى مصر، التى ظهرت للمرة الأولى فى السوق المحلية منتصف سبعينيات القون الماضى.
وكان من أبرز تلك العوامل غياب استقرار العلامات الصينية فى السوق المحلية، نظرًا لاتباع الشركات الأم فى بكين إلى تغيير وكلائها فى مصر بصفة مستمرة، علاوة عن التغيير المستمر الذى يطرأ على التصميمات سواء لموديلات الجديدة، أو العلامة التجارية ذاتها.
وأضاف: أنه خلال فترة السبيعنيات كانت السيارات الكورية قد بلورت إنتاجها من السيارات فى 5 علامات تجارية فقط وهى هيونداى، وكيا، وسانج يونج، ودايو، وسامسونج، الأمر الذى أسهم فى اقتناصها لحصة سوقية ملائمة من إجمالى مبيعات سوق السيارات منذ طرحها للمرة الأولى.
وتابع: فى حين أن أعداد العلامات الصينية لا حصر له، خاصة وأن الصين تسعى لتربع صناعة السيارات فى العالم بصفتها السوق الأكبر من حيث الانتاج، وإجمالى المبيعات.
وبحسب بيانات رابطة مصنعى السيارات فى العالم OICA تربعت الصين على قمة دول العالم الأعلى مبيعًا للسيارات خلال 2019، بعد أن تمكنت من تصنيع 25.7 مليون سيارة، لتستحوذ على حصة تصل إلى 28% من إنتاج العالم من المركبات سواء الملاكى أو التجاري.
وأشار التقرير الذى نشر على الموقع الرسمى لـ OICA إلى أن مبيعات السيارات فى الصين خلال العام الماضى سجلت 25.8 مليون سيارة ما بين سيارات ركوب ومركبات تجارية، لتتمكن من اقتناص حصة سوقية تصل إلى 28.2% من إجمالى مبيعات السيارات فى العالم.
وفى سياق المتصل، بين علاء السبع أن السيارات الصينية تعرضت لعدة تحديات على مدار السنوات الماضية، علاوة على غياب الاستقرار والاستمرارية، والتى من بينها تطبيق الاسعار الاسترشادية من قبل سلطات الجمارك، علاوة المنافسة القوية مع السيارات الأوروبية، والتى باتت معافاه بالكامل من الرسوم الجمركية، مقابل فرض رسوم على السيارات الصينية المنشأ بنسبة تصل إلى 40%.
وأشار إلى ان تطبيق زيرو جمارك على السيارات الأوروبية حسم المنافسة بين الصينية والأوروبية لصالح الأخيرة، خاصة وأن اعفاءها من الرسوم الجمركية ساهم فى هبوط أسعارها بنسبة تتراوح ما بين 2.6%، وحتى 31.2%، وذلك مطلع يناير 2019.
نجاح السيارات الصينية مرهون ببيع 3000 سيارة سنويًا
وتطرق السبع إلى ظاهرة اعتماد الموزعين على السيارات الصينية فى التحول إلى وكلاء، والتى رهن نجاحها بمدى قدرة الوكيل على تسويق الوكيل 3000 سيارة سنويًا، حتى تتمكن من تحقيق عائد من استحواذه عليها، علاوة على القدرة التسويقية والتسعير العادل، واللذين يعتمدان بصورة أساسية على الشركة المستحوذة على العلامة التجارية.
وأكد أن أقرب مثال لذلك، كانت شركة المنصور للسيارات، التى تمكنت خلال العام الماضى من بدء عمليات سيارات إم جى فى مصر، والتى نجحت فى تسويق ما يزيد على 3000 سيارة خلال العام الأول من إطلاق العلامة التجارية، وتحقيق نجاحات فى السوق، الأمر دفعها لبحث سبل التجميع المحلى، والتطلع لتقديم موديلات كهربائية تماشيًا مع توجه الدولة فى هذا الصدد.
الجراف التفاعلى التالى يوضح تطور مبيعات السيارات الصينية في مصر، مقارنة بمبيعات السوق خلال الفترة من 2015 وحتى 2019:
كما يبين الجراف التفاعلى التالى حصة السيارات الصينية من إجمالى مبيعات سوق سيارات الركوب فى مصر خلال الفترة من 2015 وحتى 2019: