يرى خبراء مصرفيون إن القطاع المصرفى يسعى لتحجيم تداول ««الكاش»» فى السوق المصرية لتأثيره السلبى على البنوك والمواطنين.
وأوضح الخبراء أن تكلفة ««الكاش»» كبيرة جدًا على القطاع المصرفى مقارنة بالتعامل الرقمى بين المواطنين والمؤسسات، إضافة إلى أن التعامل بالنقد خارج القطاع المصرفى يعتبر أرضاً خصبة للأعمال غير المشروعة من غسيل الأموال وتجارة المخدرات والسلاح.
ويقوم البنك المركزى واتحاد بنوك مصر بتنفيذ حملة توعية ضخمة خلال الفترة الحالية لنشر ثقافة المدفوعات الإلكترونية بين العملاء.
وأكد طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، فى تصريحات تلفزيونية سابقة أن النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى والذى يصل إلى 540 مليار جنيه، يهدر نحو 50 مليار جنيه فوائد يمكن تحقيقها حال تداول هذه الأموال عبر الحسابات المصرفية.
وأكد المصرفيون على سعى البنك المركزى لمحاصرة ««الكاش»» عبر إطلاق العديد من المبادرات وإًصدار بعض القرارات والحوافز التى تجحم من النقد المتداول خارج القطاع المصرفى، عبر التحول الرقمى والشمول المالى.
أكد عامر، أن المركزى يسعى للتخلص من الأوراق النقدية فى السوق المصرية، وتفعيل منظومة التحول الرقمى، لافتًا إلى أن عددا من موظفى الجهاز المصرفى أُصيبوا بفيروس كورونا من خلال تداول «الكاش» خلال الجائحة.
وقال محافظ المركزى إن قانون البنوك الجديد سيفرض غرامات على المبيعات النقدية بهدف تقليل التعامل الورقى بين الأشخاص فى المعاملات اليومية.
ولا تزال التعاملات النقدية تسيطر على الاقتصاد المصرى بنسبة تصل الى %98 وفق البيانات والإحصائيات الرسمية.
البيه : التعامل النقدى أرض خصبة للتجارة غير المشروعة وغسل الأموال
من جانبه، قال محمد البيه الخبير المصرفى إن القطاع المصرفى فى السوق المصرية يواجه مشكلات «الكاش»، نتيجة لارتفاع تكلفة المعاملات النقدية على البنوك من توفير خزائن والأمن عليها إضافة للتعاقد مع شركات التأمين.
وأشار البيه إلى أن زيادة حجم «الكاش» المقدم من البنوك للبنك المركزى فى بعض الاحيان أدى إلى عدم قبول كافة الشحنات المقدمة من تلك البنوك وقبول فئات معينة من الأموال، على سبيل المثال ما فوق الـ 50 جنيه، هذا يدفع البنوك إلى ضخ تلك الأمول فى ماكينات الصراف الآلى إضافة إلى عمل تعاقدات مع محطات الوقود بهدف إعطاءها الأموال ذات الفئة القليلة.
وأكد على أن وجود «الكاش» تحت مظلة القطاع المصرفى يكون آمن على الأطراف الثلاث المواطن والحكومة والقطاع المصرفى، وهذا يساعد الدولة فى مواجهة عمليات الفساد وغسيل الأموال وكافة التجارات الغير مشروعة.
وأكد على أن السوق غير الرسمية للفساد والعمليات غير مشروعة تعتبر «الكاش» أرضاً خصبة لنموها فى السوق المحلية أو العالمية، فالتحول الرقمى يساعد الحكومة على مراقبة حركة الأموال.
وأشار إلى أنه مازالت نسبة التعامل على «الكاش» مرتفعة مقارنة بالدول المتقدمة التى تقل فيها المستويات عن %25 من التعاملات المالية بها، مشيرًا إلى أن النسب فى مصر تتخطى %70 بـ«الكاش».
كما أكد على أن مبادرات البنك المركزى المصرى للشمول المالى لها دور كبير فى جذب فئات المجتمع المصرى للتعامل رسميًا مع القطاع المصرفى.
وأشار إلى أن التعامل بـ«الكاش» يؤثر على القطاعات الآخرى بشكل مباشر وغير مباشر ومن بينها حركة المواصلات والتكدس أمام البنوك .
كان البنك المركزى المصرى أطلق مبادرة جديدة لتنشيط السداد الإلكترونى للمدفوعات، وتقليل الاعتماد على النقود ««الكاش»»، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية التى يتخذها لمواجهة فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، بهدف تعظيم مساهمة القطاع المصرفى بشكل فعال فى خطة الدولة للتعامل مع التداعيات المحتملة للفيروس.
وأوضح المركزى أنه سيتم نشر وتنشيط نقاط البيع الإلكترونية المعروفة باسم «ماكينات الدفع الإلكترونى الـ «POS» من خلال البنوك الحاصلة على ترخيص القبول الإلكترونى عبر نقاط البيع الإلكترونية.
وأعلن البنك المركزى، أنه سيتحمل تكلفة نشر 100 ألف ماكينة دفع إلكترونى POS (نقطة بيع الكترونية) على أن يتم توزيعها جغرافيا فى كل المحافظات، وتفعيلها بدايةً من تاريخ المبادرة وحتى نهاية ديسمبر 2020، على أن تقوم البنوك القابلة للدفع بنشرها مع مراعاة التوزيع الجغرافى للتجار الجدد فى المحافظات وفقًا لتوزيع يقترحه البنك المركزى.
الخولي: تقليل ««الكاش»» يقلص معدلات التضخم ويزيد من فاعلية السياسة النقدية
وقال أحمد الخولى رئيس قطاع الخزانة السابق ببنك التعمير والإسكان، إن البنوك لا تفضل التعامل ب«الكاش» نظرًا لارتفاع تكاليفه المتمثلة فى التخزين والتوزيع، وأن تقديم البنوك لجميع الخدمات دون اللجوء إلى «الكاش» سيكون أفضل فى كل الأحوال للاقتصاد الوطنى.
وذكر الخولى أن خطوات البنك المركزى للشمول المالى والتوسع فى التكنولوجيا والمدفوعات المالية، تدعم خطط الدولة لتقليل تداول «الكاش» وضم الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى، بجانب منع الممارسات الخاطئة والتى ترتبط بعمليات غسل الأموال.
وأوضح أن الدولة المصرية تعمل حاليًا على تشجيع استخدام بطاقات الدفع الإلكترونى فى جميع الخدمات الحكومية، بجانب مبادرات انتشار خدمات الدفع الإلكترونى بالقطاع الخاص.
ويرى أن تقليل تداول «الكاش» فى السوق المصرية، سيدعم تراجع معدلات التضخم، ويزيد من قوة وفعالية السياسة النقدية.
واقترح الخولى، أن يتجه البنك المركزى المصرية لتغيير العملة المحلية؛ بهدف إجبار المواطنين على التعامل مع القطاع المصرفى، والحد من تداول «الكاش» خارج نطاق القطاع المصرفى، بالإضافة إلى القضاء على ظاهرة الاقتصاد غير الرسمى.
تامر مصطفي: التعامل الرقمى يدعم البنوك فى تحقيق الفرص البديلة للاستثمار
فيما يرى تامر مصطفى مدير قطاع مخاطر السوق ببنك التنمية الصناعية أن تكلفة «الكاش» على المواطن والبنوك كبيرة من شركات الأمن ونقل الأموال .
وأشار إلى أن التحول الرقمى يحقق للبنوك الفرصة البديلة للاستثمار فوجود «الكاش» فى خزائن البنوك يحقق لها الاستثمار فدائما تسعى البنوك إلى زيادة حركة تلك الأموال، وما يحقق ذالك هو رقمنة الدفع.
وأوضح أن البنوك لا تسعى إلى القضاء على «الكاش»، بل تعمل على تقليل استخدامه فى السوق المحلية، حتى يتم استخدامه فى أضيق الأحوال، فحتى فى الدول المتقدمة لا يوجد لديهم تحول %100 حتى الآن، فلا تريد القطاع المصرفى أن يسير المواطنون بمبالغ كبيرة.
وأضاف أن تكلفة «الكاش» كبيرة جدًا على البنوك، وأن هناك بنوكًا كبيرة فى السوق المحلية تلتزم طبيعة عملها توفر كاش بكميات كبيرة فى الأفرع، بجانب أن هناك بنوكاً لا تحتاج إلى توفر «الكاش»، مشيرًا إلى أن التعامل بـ«الكاش» بالدول المتقدمة يكون فى أضيق الحدود، نظرًا لتمتعهم بشمول مالى يتضمن جميع فئات المجتمع.
متولي: التكنولوجيا المالية الحل الأمثل للقضاء على التعامل النقدى
قال طارق متولى الخبير المصرفى ونائب رئيس بنك بلوم السابق، إن من أهم خطوات القضاء على تداول النقد، الإتجاه بقوة نحو خطط التحول الرقمى، لتحقيق أهداف الشمول المالى للدولة.
وأضاف أن خطط الشمول المالى والتعامل مع «الكاش»، لابد وأن تأخذ منحنى آخر من قبل البنوك، يستهدف التعامل مع التكنولوجيا بشكل أوسع، عبر ضخ استثمارات ضخمة فى البنية التكنولوجيا التحتية خلال السنوات المقبلة، تتيح للبنوك توفير منتجات مالية أكثر فعالية للعملاء من تداول النقد.
وذكر متولى أن البنوك الصغيرة العاملة فى السوق المصرية، ستواجه أزمة حقيقية فى تحقيق التطور التكنولوجى، وتوفير قنوات تكنولوجيا بديلة؛ نظرًا لحجم الاستثمار الكبير الذى تحتاجه البنية التحتية التكنولوجية، مشيرًا إلى أن تلك البنوك تحتاج إلى عملية دمج مع بعضها البعض، حتى تستطيع مواكبة تطورات قطاع التكنولوجيا المالية العالمى. وأوضح أن البنوك المصرية فى حاجة لأن تكون أسرع وأكثر تطورًا خلال السنوات القليلة المقبلة؛ خاصة فى ظل المنافسة الشرسة للشركات المالية غير المصرفية، والتى نمت بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
ويرى متولى أن اندماج البنوك الصغرى فى مصر يتيح لها التحول إلى كيانات كبيرة قادرة على مواكبة التغييرات والمنافسة فى محليًا وإقليميًا.
وقال متولى، إن «الكاش» له تكاليف على البنوك والاقتصاد المصرى، وأن التكنولوجيا المالية هى الحل الأمثل للقضاء عليه، مشيرًا إلى أنه فى البلدان المتقدمة، لا يوجد شخص يحتاج إلى الذهاب إلى بنك من أجل الحصول على خدماته أو إجراء معاملات، وأن جميع تلك الإجراءات تتم عن طريق التطبيقات التكنولوجية.
وأفاد بأن هدف التكنولوجيا والشمول المالى هو القضاء على المعاملات النقدية، وأن تطوير البنوك لخدماتها يجب أن يتضمن تسهيل المعاملات والقضاء على الإجراءات المعقدة.
وذكر متولى أن إلزام دفع وسداد فواتير الخدمات من خلال القطاع المصرفى، سيجبر المواطنين على التعامل مع البنوك، ما يقلل من تداول «الكاش» فى القطاع «إلا أن قراراً مثل ذلك لابد وأن تكون البنوك مستعدة له بشكل أكبر عبر الاستثمار فى البنية التكنولوجية».