خلصت النتائج الرئيسية للدراسة التي أصدرها صندوق النقد الدولي، اليوم، عن الإنفاق الاجتماعي لتحقيق النمو الاحتوائي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطي، في أنه بينما حققت بلدان المنطقة تقدمًا ملحوظًا في العقود الأخيرة، فهي لا تزال متأخرة عن البلدان المناظرة في العالم من حیث النتائج الاجتماعیة-الاقتصادية، كما أنها في مرتبة أقل من حیث مستويات الإنفاق الاجتماعي العام.
وقالت دراسة صندوق النقد إنه من الممكن أن يكون للإنفاق العام على التعلیم والصحة والحماية الاجتماعیة أثر ملموس على النتائج الاجتماعیة- الاقتصادية.
الإنفاق الاجتماعي
فعلى وجه الإجمال، تشیر استنتاجات الدراسة إلى أن زيادة الإنفاق الاجتماعي بنسبة 10% للفرد يمكن أن تسد حوالي 20- 65% من فجوة مؤشر التنمیة البشرية بین بلدان المنطقة ونظرائها على مستوى العالم.
وأضاف صندوق النقد أن هناك فجوة أكبر في النتائج بین بلدان المنطقة ونظرائها على مستوى العالم فيما يتعلق بفجوة الإنفاق، مما يشير إلى أن حجم الإنفاق الاجتماعي لیس وحده ما يحتاج إلى تعزيز بل كفاءة هذا الإنفاق أيضًا.
وتشیر استنتاجات دراسة صندوق النقد التجريبية إلى أن زيادة كفاءة الإنفاق في المنطقة لتصل إلى الحدود العالمیة من الممكن أن تزيل ثلث فجوة “مؤشر التنمیة البشرية” دون أي زيادة في المصروفات.
وترتبط كفاءة الإنفاق ارتباطًا وثیقًا بمؤشرات القدرات المؤسسية والحوكمة.
وأشار صندوق النقد إلى أنه بالرغم من أن هذه الدراسة تستخدم تعريف ” الإنفاق الاجتماعي” المتعارف علیه، فإن الأشكال الأخرى من الإنفاق على الصحة والتعلیم ودعم الدخل، لها أهمیتها أيضًا في تحدید النتائج الاجتماعیة.
وأشكال الإنفاق تلك تشمل المصروفات الخاصة التي تنفقها الأُسر في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطي، والنشاط الخیري، والمشروعات المموَّلة من المعونة الأجنبیة غیر المدرجة في المیزانیة.
وقد يكون هناك مكون اجتماعي أيضًا في جوانب أخرى من المیزانیة الحكومیة “بما في ذلك فاتورة الأجور وبعض أنواع الدعم”.
وقال صندوق النقد إنه مِن شأن تجاهل هذه المكونات أن یؤدي، نظريًّا، إلى انحراف الاستدلالات المتعلقة بكفاية الإنفاق الاجتماعي وكفاءته.
غیر أن البیانات المتسقة عن هذه الأنواع الأخرى من الإنفاق الاجتماعي بالمنطقة، غالبًا ما تكون غیر متاحة، وهناك صعوبة، خاصة في تحدید المكون الاجتماعي لفاتورة أجور القطاع العام والدعم على النحو الملائم.
وتشیر استنتاجات دراسة صندوق النقد إلى بعض المجالات الرئیسیة التي تتطلب تحركًا على صعید السیاسات؛ فبعض البلدان– ولا سیما التي یتسم الإنفاق الاجتماعي العام فیها بالانخفاض النسبي– قد تحتاج إلى التركيزعلى زيادة هذا الإنفاق.
حماية الاستدامة المالية
وأضافت الدراسة أنه لحماية الاستدامة المالیة، قد یتطلب الأمر عملیات إعادة توزيع للإنفاق في حدود اعتمادات المیزانیة القائمة و/ أو التوسع في هذه الاعتمادات عن طريق تعبئة الإیرادات، مثلما فعلت الكثیر من بلدان المنطقة في السنوات الأخیرة.
ونوهت الدراسة بأنه ينبغي أيضًا لكل البلدان تقريبًا أن تهدف إلى رفع كفاءة الإنفاق الاجتماعي– ولا سیما البلدان ذات القدرة المحدودة على توسیع الحیز المالي والبلدان التي تبعد كثيرًا عن حد الكفاءة.
تحسین استهداف الحماية الاجتماعیة
وقد یتطلب رفع الكفاءة تحسین استهداف الحماية الاجتماعیة مع ضمان أن المستفیدین المستهدفین لا یتم استبعادهم على سبیل الخطأ)، وسد الفجوات القائمة (وذلك مثلًا بإزالة الفجوات بین الجنسین في الحصول على التعلیم)، وتشجیع الشمول المالي، مما يمكن أن يسهل دفع المزايا لمستحقیها وتضییق الخناق على الفساد، وربما الأهم من ذلك كله– وإن كان محفوفًا بأكبر التحديات أيضًا هو تقوية المؤسسات وتحسین الشفافیة والمساءلة.
ووفق صندوق النقد، من الممكن أن تبني المنطقة على استجابتها المبدئیة للجائحة؛ فقد تمكنت معظم بلدان الشرق الأوسط وآسیا الوسطى من التحرك بسرعة لتعبئة الموارد من أجل إتاحة مصروفات إضافیة للرعاية الصحیة والحماية الاجتماعیة في مواجهة أزمة كوفيد- 19.
ورغم أن الأزمة لا تزال مستمرة فإن التجربة حتى الآن تتیح بالفعل دروسًا فی كيفية إعادة ترتیب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بما في ذلك عن طريق زيادة استخدام التكنولوجيا الرقمية في المنطقة.
وقال صندوق النقد إن حكومات المنطقة أعلنت زيادات كبيرة في الإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية بهدف التخفيف من تأثير COVID-19.
واعتبارًا من يونيو 2020، بلغ متوسط الإجراءات المالية 2.6% من إجمالي الناتج المحلي، بما في ذلك 0.6% من الناتج المحلي في قطاع الصحة.
وقال صندوق النقد إنه في حالة الإنفاق الصحي بالمنطقة، يعد انخفاض معدلات الإصابة بسبب إجراءات الاحتواء الناجحة.
ومع ذلك اعتبر الصندوق أن الإنفاق الصحي الإضافي لإيران لمكافحة الأزمة، الذي سجل 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي، هو من بين أعلى المعدلات في العالم، مما يعكس ارتفاع معدل الإصابة هناك.
علاوة على ذلك، قامت بعض البلدان في المنطقة بتوسيع الحماية الاجتماعية للفئات التي لم تتم تغطيتها سابقًا خلال الأزمة، من خلال التأمين الاجتماعي والمزايا المموَّلة من الضرائب.
لكن صندوق النقد أكد أنه ستكون هناك حاجة إلى بذل جهود إضافية للحفاظ على هذه التدابير وتحويل تدابير الطوارئ إلى تدابير مستدامة من عناصر نظام الحماية الاجتماعية الوطني.
يجب استهداف حكومات المنطقة بشكل استباقي الفئات الضعيفة
وقال صندوق النقد إنه لمنع تدهور المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطي، يجب أن تستهدف استجابات الحكومات لـCOVID-19 بشكل استباقي الفئات الضعيفة، بما في ذلك النساء والعاملون في القطاع غير الرسمي واللاجئين.
وأضافت دراسة صندوق النقد أنه بالنظر إلى الأثر غير المتكافئ للأزمة على المرأة، هناك خطر كبير يتمثل في أن عدم المساواة بين الجنسين سوف تتسع، وأن التقدم المحرز على مدى العقدين الماضيين سينعكس.
وأشارت دراسة صندوق النقد إلى أنه بشكل مشجع استهدفت مصر وموريتانيا وباكستان تقديم الدعم المالي للنساء المستضعفات من خلال خطط المساعدة الاجتماعية الأوسع، بينما أعطت الجزائر الأولوية للإجازة الاستثنائية للنساء الحوامل والنساء اللائي يربين أطفالًا.
ولفتت الدراسة إلى أنه لم يكن هناك تركيز كافٍ بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطي على اللاجئين في مبادرات الاستجابة للوباء في معظم البلدان.
وقالت إن اللاجئين في العديد من دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى غير مؤهلين للحصول على برامج المساعدة الاجتماعية الوطنية.
وأضافت الدراسة أنه تحاول المؤسسات متعددة الأطراف مثل البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي حشد التمويل لسد بعض الفجوات، مشيرة إلى أن الأحكام الخاصة للدعم الموجَّه على الصعيدين الوطني والدولي ، ضرورية.