يبقى التساؤل عن إيران معلقًا منذ خمسينيات القرن الماضى إلى ثمانينياته، حول سعى الغرب الحثيث لإعادة الشاه إلى عرشه بعد ثورة «د.مصدق» 1953، وعن تقاعسه عن الشى نفسه خلال ثورة «الملالى» 1979.. إلى أن قضى نحبه لاجئًا لمصر 1981، وهل لهذا التناقض الغربى علاقة مجازية بتعديل توازن القوى الإقليمية فى أعقاب الصلح الدراماتيكى بين مصر وإسرائيل 1979، لئلا تعاود الأخيرة – ربما – عصيان صناعها الغربيين.. من بعد تحييد الموقف العسكرى المصرى 1975 وتدمير البنية العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية فى لبنان 1982، قبل أن يبرز كبديل لها على الفور «حزب الله» مالئاً الفراغ الناشئ فى مقاومة إسرائيل بعد طرد المنظمة من لبنان دون أن تلقى أدنى مساعدة لبقائها، سواء من جانب سوريا أو إيران اللتين سارعتا إلى تشكيل «حزب الله».. حيث التف حوله «المحرومون» وليتصدر منذ ذلك التاريخ (إلغاء اتفاق مايو 1983بين لبنان وإسرائيل).. قيادة المقاومة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلى للجنوب اللبنانى.. خسرت نحو 800 قتيل من 1982 – 2000، دعت إسرائيل للاستجابة لمطالب الرأى العام فى الانسحاب «أحادى الجانب» عشية القرن الجديد، ما أعلى من مركز «حزب الله» محليا وعربيا، قبل أن تشن إسرائيل الحرب عليه صيف 2006 فى العام التالى لخروج الجيش السورى من لبنان، وبلا غالب ولا مغلوب بينهما، حيث فرض المجتمع الدولى فى أعقابها قيوداً صارمة على تحركات الحزب فى الجنوب اللبنانى، ليتفرغ من ثم إلى الداخل السياسى – معززًا بقوة تسليحه التى ضمنت له مركزًا محوريا فى الإستراتيجية الدفاعية، انعكست على وضعيته كدولة فوق الدولة، سواء فى لحظة انقضاضه المسلح على بيروت فى العام 2008، أو بالتدخل فى الحرب الأهلية السورية 2012، وفى إسكات القوى المعارضة فى بلد يتكون من 18طائفة، بما فيها ردود الفعل عن الطوائف المسيحية المعارضة لمساعى الشارع الشيعى إفشال المبادرة الفرنسية الأخيرة للإصلاح اللبنانى، ما يعنى إضعاف لبنان إلى الحد غير القادر على أداء مقاومة ناجحة لإسرائيل، بالتوازى مع شلّ الحياة السياسية اللبنانية، بدعوى تحرير فلسطين.. التى يجيء رئيس حكومتها فى غزة، وغيره، لزيارة غير مفهومة أو مبررة إلى بيروت «المدمرة»، الخالية من أى مقاومة، إلا من السطوة التى يمارسها «حزب الله» على السلطة اللبنانية البائسة وعلى مؤسسات الدولة وأجهزتها كافة، وإلا أن تكون الزيارة لإحياء ذكريات لبنانية أليمة مرتبطة بدور الفصائل الفلسطينية بالحرب الأهلية بين 1982-1975.. تاريخ خروجها من لبنان إثر اجتياح بيروت من جانب إسرائيل التى تلوح بإمكانية تكرار المحاولة لتطويع «حزب الله» (المسلح) هذه المرة، مع تصاعد النغمة الداخلية عليه بحيث بات معزولاً محاصراً أكثر من أى وقت مضى، إذ لن يدفع الثمن حينئذ إلا لبنان واللبنانيون، ولجهة الغزل الإيرانى – التركى ذى الدلالة الإقليمية فى ادعاء تبنّي القضية الفلسطينية.. عبر محاربتهما إسرائيل، ورغم كونهما أول دولتين إسلاميتين تعترفان بها، إذ لا حرب هناك غير الحرب على لبنان وشعبه.. أداتها – كمخلب القط – «حزب الله» الذى تحول من خير المقاومة 1982 إلى الغرور المستطير لأمد غير منظور.
شريف عطية
5:32 ص, الخميس, 17 سبتمبر 20
End of current post